- فاضل المناصفة
لم تترك البطالة في فلسطين بيتا إلا ودخلته، ولم تعد الشهادات العليا كافية للحصول على وظيفة في الاختصاص، لتعمق من جراح شبابنا الذي يحلم بتذكرة سفر من غير عودة بعد أن سدت كل الأبواب في وجه 372 ألف عاطل عن العمل في الضفة والقطاع وهو رقم مرتفع قياسا بالعدد الإجمالي للسكان في الداخل الفلسطيني.
إذا كنت فلسطينياً فأمامك حلين لا ثالث لها: اما اللجوء الي عالم البسطات والتجارة الحرة أو التقديم على تصاريح العمل في دولة الاحتلال ولربما كان الحل الثاني الأكثر يذر مداخيل أعلى نظرا لارتفاع أجر العمال هناك ولكن هذا الحل مرتبط بالأوضاع الأمنية وبسياسات حكومة بينيت التي تقوم باستغلال ملف البطالة في فلسطين لأغراض سياسية.
لقد ألقى الوضع الاقتصادي الصعب في فلسطين بضلاله على أحوال الناس المعيشية وأصبحت الوظائف بالكاد تغطي المصاريف الشهرية خاصة مع موجة الغلاء العالمية التي جعلت المعاناة تتضاعف والأوضاع تزداد سوءا خاصة مع تراجع الدعم المالي الدولي للسلطة، اما عن غزة فحدث ولا حرج : لقد أصبحت البطالة قدرا لا مفر منه لكل خريجي الجامعات في ظل حصار جائر وغياب الحلول من قبل حكومة حماس التي أصبحت مجبرة على خفض التصعيد لاستمرار تدفق تصاريح العمل لعلها تجد مخرجا من المأزق الذي وضعت فيه 317 ألف شاب وشابة عاطلين عن العمل في القطاع خاصة وأن العديد من المصانع الصغيرة في غزة أغلقت بسبب إفلاسها وغياب الدعم الحكومي لها من أجل الاستمرار.
منذ 3 أشهر تم الاتفاق بين وزارة العمل الفلسطينية ونظيرتها الليبية لاستقطاب 10 آلاف عامل فلسطيني من الكفاءات الوطنية لسد عجز ليبيا في اليد العاملة، ولكن لا نعلم لهذه اللحظة أين وصل الاتفاق وكم عدد الفلسطينيين الذين سافروا إلى طرابلس ولربما جمد هذا الإتفاق خاصة مع الانسداد السياسي في ليبيا والمشاكل التي تتخبط فيها حكومة الدبيبة، ولكن وحتى وإن توفرت مناصب العمل إلا أنها غير محفزة للفلسطينيين في التقديم عليها نظرا لأن سوق العمل الليبي يوفر فرص عمل بأجور ضعيفة مقارنة بالأجر القاعدي في فلسطين وهو ما يجعل المهمة صعبة لإقناع الفلسطينيين بالسفر.
أزمة البطالة في فلسطين ليست كمثلها من الدول العربية الأخرى فهي مشكلة لها بعد سياسي وملف يساوم عليه الإحتلال الذي يتفنن في حصاره الاقتصادي الذي ساهم بشكل كبير في تعثر العديد من الصناعات التحويلية في فلسطين مما أدى إلى خروج العديد من المصانع عن نشاطها، كما أن سياسة العصى والجزرة التي يستعملها الإحتلال ترهن مصير آلاف العاطلين عن العمل في الضفة وغزة بالتطورات الأمنية التي تحصل، وبهذا فإن الإحتلال يضمن دائما أن تبقى الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين بين يديه يتصرف بها متى ما يشاء وحسب ما تفتضيه الضرورة الأمنية، ولقد نجح الإحتلال في لوي ذراع حماس بهذا الملف التي ترفض التنسيق في كل شيء باستثناء تصاريح العمل وهي مكرهة على ذلك.
وفي ظل غياب الحلول والبدائل يجد الشباب الفلسطيني نفسه مرهونا اما بمغادرة البلد والبحث عن فرصة للعيش في مكان آخر او التطبيع الاقتصادي مع دولة الإحتلال، بعد أن تقطعت بهم السبل وازداد الوضع الاقتصادي لفلسطين تعقيدا.
يزداد الوضع سوءا في قطاع غزة خاصة مع تضييق الحكومة مؤخراً على اصحاب البسطات الذين تقطعت بهم السبل في إيجاد فرصة عمل.
لقد لخصت الطوابير التي شهدتها الغرف التجارية في غزة الصيف الماضي للحصول على تصاريح العمل في دولة الاحتلال كل شيء وأكدت أنه عوض أن يتم صرف المال في بناء ما تهدمه المواجهات العسكرية ينبغي أن يتم صرفه في بناء مصانع واقتصاد يعفينا من ترك شبابنا في الاصطفاف في طوابير طويلة وانتظار فرصة عمل لدى '' العدو '‘، فالمقاومة ينبغي ان تأخذ في الحسبان أنه مثلما لأبناء القيادة الحق في العمل والعيش الكريم ينبغي ايضا لسكان غزة الحصول على حياة كريمة بعيدة عن مساومات الإحتلال.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت