- المحامي علي ابوحبله
كانت وما زالت القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقد جاء قوله تعالى " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) وجاء في الحديث الشريف " قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِد: المَسْجِدِ الحَرَام، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالمَسْجِدِ الأَقْصَي. من هنا تنبع اهمية وقدسية القدس عند العرب والمسلمين في أنها جزء لا يتجزأ من العقيده الاسلاميه وأي تطاول عليها تطاول واعتداء عليها تطاول على العرب والمسلمين جميعها ، وبالتحليل فان القدس هي في قلب ومحور الصراع ، هي العاصمة الابديه للفلسطينيين ، ورغم التحذيرات الفلسطينيه والدوليه والاقليميه من تداعيات ومخاطر تدنيس حرمة المسجد الاقصى من غلاة المتطرفين اليهود ومسيرة الاعلام الا أن هناك اصرار على التحدي في تنظيم "مسيرة الأعلام" التي يفترض أن تنظم في القدس الأحد 29 مايو/أيار الجاري وتأخذ صخبا واهتماما استثنائيا هذا العام، إذ يخطط المستوطنون المتطرفون لإحياء يوم "توحيد القدس" باقتحام كبير للمسجد الأقصى وبمسيرة أعلام إسرائيلية ضخمة يعوضون من خلالها إخفاق مسيرة العام المنصرم التي فرقتها معركة سيف القدس.
ويُعدّ يوم "توحيد القدس" "عيدا وطنيا" لإحياء ذكرى استكمال سيطرة إسرائيل على مدينة القدس، واحتلال الجزء الشرقي منها، وعلى وجه الخصوص البلدة القديمة، وذلك خلال حرب يونيو/حزيران عام 1967.
وتعد "مسيرة رقصة الأعلام" الاحتفالية الأبرز في هذا اليوم، وتنطلق سنويا من مكان التجمع المتفق عليه غربي القدس بعد تجمع المشاركين الذين قد يبلغ عددهم نحو 30 ألف مشارك، وتمر من بابين من أبواب البلدة القديمة هما باب الخليل والجديد، ثم تصل إلى باب العامود، حيث تواجه المسيرة احتجاجات فلسطينية رغم كل الحواجز التي تنصبها الشرطة في محيطه.
ولتعويض ما لم يتحقق العام الماضي خلال هذه المناسبة صعدت جماعات الهيكل والمنظمات المتطرفة منذ أيام من تصريحاتها العدوانية تجاه المسجد الأقصى، وما زالت تحشد مزيدا من المؤيدين للمشاركة في تنفيذ اقتحامات بأعداد كبيرة للمسجد يتم خلالها رفع العلم الإسرائيلي وغناء النشيد القومي وأداء الصلوات الجماعية العلنية ثم المشاركة في مسيرة الأعلام عصرا.
ومن أكثر الدعوات تطرفا حتى الآن صدرت عن زعيم منظمة "لاهافا" المتطرفة بنتسي غوبشتاين الذي دعا لاعتبار اقتحام الأقصى بمناسبة "توحيد القدس" هو يوم البدء بهدم قبة الصخرة المشرفة، وأُرفقت دعوته هذه بتصميم يضم جرافة تنهش قبة المصلى الذهبية.
وتأتي الاحتفالات بيوم "توحيد القدس" هذا العام بعد أسابيع من احتدام معركة الأعلام في المدينة؛ خاصة بعد تكرر رفع العلم الفلسطيني مؤخرا سواء داخل المسجد الأقصى أو في جنازة الراحلة شيرين أبو عاقلة والشهيد وليد الشريف قبل أيام، في مشاهد دفعت بكثيرين للقول إن إسرائيل فقدت السيطرة على المدينة التي تدّعي أنها عاصمتها الموحدة.
ان ما يجري في القدس يمكن وصفه بصراع الإرادات حيث يتصدى الفلسطينيون بقوه وبساله منقطعة النظير لمناهضة تهويد القدس والصراع على السيادة عنصر أساس الصراع والأعلام أحد أهم رموز السيادة.
وكلما اقترب العلم الفلسطيني من المسجد الأقصى ومحيطه ومن مداخل البلدة القديمة يشعر الاحتلال بأنه فقد سيادته الوهمية على المدينة. وفي حال شعر أن الانفجار سيكون حتميا وكبيرا إذا مرّت مسيرة الأعلام من باب العامود والحي الإسلامي فإنه سيتراجع خاصة إذا اتسعت دائرة المواجهة كما العام الماضي، لتشمل الضفة الغربية وغزة والداخل الفلسطيني".
وقال المختص في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات إن المسيرة تأتي في توقيت مشحون جدا فلسطينيا وإسرائيليا، واليمين يريد إثبات نفسه بطريقة مختلفة فتعمد أتباعه خلال الساعات الأخيرة حرق العلم الفلسطيني في عدة تجمعات.
ووفق بشارات فإن السيناريوهات الأكثر قتامة تتمثل في أن "المتطرفين وضعوا سيناريو خياليا يتوقعون أن يتحقق يوما خلال مسيرة الأعلام وهو أن المشاركين سيندفعون بشكل جماعي عند أحد أبواب الأقصى ويقتحمونه بعد فقدان الشرطة السيطرة عليهم، وهناك ستنشب حربا دينية دامية سيتدخل بها قائد أركان الجيش".
و"لاهافا" وتعني بالعربية اللهب تعد -وفقا لما نشره المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"- إحدى أبرز المنظمات الصهيونية اليمينية المتطرفة التي تعمل وفقا لأجندات استيطانية قومية عنصرية ضد العرب.
وقد أسس المنظمة المتطرّف بنتسي غوفشتاين عام 1999 بهدف منع ظاهرة "زواج الفتيات اليهوديات من غير اليهود" ومحاربتها بشتى الطرق والوسائل، إلى جانب "محاربة انصهار اليهود في الديار المقدّسة"، وتعد إحدى أهم المنظمات اليمينية العنصرية التي تتبنّى خطاب الكراهية ضد العرب في المناطق المختلفة وبالتحديد في مدينة القدس.
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت يسعى إلى إعطاء نفسه فرصة جديدة لتمرير "مسيرة الأعلام" التي ينوي المستوطنين تنفيذها الأحد القادم ( 29 مايو/ أيار)، ورغم سخونة الأوضاع الأمنية التي قد تؤدي إلى اندلاع مواجهة جديدة على مختلف الجبهات، إلا أن "بينيت" يخطط لتقديم إنجاز لجمهوره الإسرائيلي؛ لتغطية فشله في تحقيق أهدافه خلال اقتحامات شهر رمضان الماضي، وفق ما يراه مراقبون. وهنا تبرز المعادل هالاهم هل تصمد حكومة بينت أمام تداعيات انفجار الاحداث اذا اصر بينت على تمرير مسيرة الاعلام وما هي تداعياتها على الامنيه على اسرائيل التي باتت تفقد من هيبتها وقوتها وقوة ردعها أمام صراع الإرادات حيث ينجح الفلسطينيون يوميا من نزع الشرعيه عن الاحتلال الصهيوني للقدس وفلسطين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت