الحرية والعلاج الفوري للأسيرة إسراء الجعابيص

بقلم: علي ابو هلال

صورة اسراء جعابيص.jpg
  • المحامي علي أبو هلال:

 

مرة أخرى تؤكد المحكمة العليا الإسرائيلية كما هي المحاكم الإسرائيلية بشكل عام، أنها محاكم غير مستقلة وغير نزيهة، ولا تتوافر فيها معايير المحاكم العادلة، بل تؤكد أنها جزءا من نظام الاحتلال وأداة لممارسة سياساته العدوانية والعنصرية، ولرغبات ومطالب اليمين الإسرائيلي المتطرف لتحقيق أهدافه وسياساته المعادية لشعبنا ولأبسط الحقوق والقيم الإنسانية.

وتحت هذا الضغط العنصري  صادقت المحكمة العليا الإسرائيلية يوم الخميس الماضي 26/5/2022، على قرار مصلحة السجون والمعتقلات الإسرائيلية بمنع إجراء عملية جراحية في الأنف، للأسيرة إسراء جعابيص، خلافا للتوصيات الطبّية التي أكدت أنها ضرورية للأسيرة ومن متطلبات الحياة، كما رفضت المحكمة المركزية التماساً قدمته جمعية أطباء لحقوق الإنسان، التي تمثل الأسيرة، في حين رفضت المحكمة العليا الرد بالإيجاب على الاستئناف الذي قدمته الجمعية ضد القرار خلافاً لتوصيات الأطباء، وذلك رغم توصية الأطباء على أن هذا العلاج يعدّ علاجا طبيا ضروريا لها. وأوصى أطباء جعابيص بإجراء سلسلة من العمليات في يدها وأنفها.

وقال ناجي عباس، من جمعية أطباء لحقوق الإنسان أن "العملية المذكورة موجودة في إطار التأمين الصحية، ولكن مصلحة السجون في هذه الحالة، كما هو الحال في حالات أخرى، تقوم بحرمان الأسرى من العلاجات الطبية الضرورية التي يوصي بها أطباء مختصون.

يذكر أن الأسيرة إسراء جعابيص  (35 عاماً) من قرية جبل المكبر جنوب القدس المحتلة، وحكم عليها بالسجن لمدة 11 عاماً، بتهمة ألصقت بها ولم يمكنها وضعها الصحي من دفعها وهي محاولة قتل شرطي، وذلك بعد أن انفجرت وبحادث عرضي أسطوانة غاز كانت تقلها بسيارتها على بعد خمسمئة متر من حاجز عسكري زعيم شرق مدينة القدس المحتلة أطلقت قوات الاحتلال المتمركزة على الحاجز نيران بنادقها تجاه مركبة إسراء، مما أدى إلى انفجار أسطوانة الغاز، ومع الانفجار تلاشت أصابع إسراء بفعل حروق التهمت 50% من جسدها في 11 /تشرين الأول 2015 عندما كانت في طريقها إلى مدينة القدس قادمة من مدينة أريحا.

سلطات الاحتلال التي نقلت إسراء حينها إلى مستشفى "هداسا عين كارم" لم تستكمل علاجها ونقلتها إلى المعتقل، وهي اليوم بحاجة ماسة إلى أكثر من ثماني عمليات جراحية لتستطيع العودة إلى ممارسة ولو كان جزءا من حياتها بشكل شبه طبيعي، ومن ذلك عملية لفصل ما تبقى من أصابع يديها الذائبة والملتصقة ببعضها البعض، فقد ذابت عقد الأصابع ولم تبق إلا عقدة واحدة في كل من أصابعها الثلاثة المتبقية، وعملية أخرى لزراعة جلد ليغطي العظام المكشوفة.

أما الأذنان فالتصقتا بعد أن ذابتا بفعل الحروق في الرأس، في حين لم تعد تقوى على رفع يديها إلى الأعلى بشكل كامل نتيجة التصاق الإبطين أيضا، كما أتت النيران على وجهها لدرجة أن طفلها الوحيد لم يستطع التعرف عليها في زيارته الأولى بعد نحو عام ونصف من اعتقالها. إسراء بحاجة أيضا إلى عمليات تصحيح للجلد في محيط عينها اليمنى وفي الأنف الذي أصبح غائرا، وذات الأمر بالنسبة للشفاه.

ووفق أطباء بلا حدود تعاني الأسيرة جعابيص من حروق يجعل جلدها دائم السخونة المصاحبة لآلام شديدة، مما يجعلها لا تقوى على وضع جميع أنواع الأقمشة أو الأغطية على جسدها. وفي سجنها تعاني إسراء شتى أنواع الإهمال لدرجة أن إدارة السجن رفضت أن تغير البدلة الخاصة بعلاج الحروق وشد الجلد التي أحضرت لإسراء إلى واحدة أكبر تطابق مقاس جسدها المحترق.

حاولت عائلة إسراء وعن طريق مؤسسات إنسانية دولية أن تحصل على موافقة لإدخال طبيب لمعالجة ابنتها على نفقتها الخاصة، لكن مصلحة السجون الإسرائيلية رفضت طلب العائلة. وفي شهر أيلول / سبتمبر الماضي أطلق نشطاء وأسرى محررون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة إلكترونية تحت هاشتاغ أنقذوا إسراء جعابيص، وذلك للمطالبة بالإفراج عن الأسيرة إسراء، واعتبرت الحملة أنه "من المُغضب والمُعيب ألا تكون قضية الأسيرة جعابيص وحاجتها للتدخل الطبي على سلم الأولويات الوطنية ومؤسسات حقوق الإنسان، خاصة وأنها بحاجة ماسة إلى أكثر من ثماني عمليات جراحية لتستطيع العودة إلى ممارسة حياتها بشكل شبه طبيعي". وأشارت الحملة إلى أن الأسيرة اسراء "لم تعد تقوى على رفع يديها إلى الأعلى بشكل كامل نتيجة التصاق الإبطين، وهي بحاجة إلى عمليات تصحيح للجلد في محيط عينها اليمنى وفي الأنف الذي أصبح غائرا، وذات الأمر بالنسبة للشفاه".

لا تزال الأسيرة اسراء الجعابيص بحاجة لحملة وطنية واقليمية ودولية شاملة للإفراج عنها، وتأمين العلاج لها وهذه هي أبسط الحقوق الإنسانية التي تتطلع لها، في ظل سياسة الإهمال الطبي التي تمارسه إدارات سجون الاحتلال بحقها وبحق الأسرى، خاصة بعد رفض المحاكم الإسرائيلية وحكومة الاحتلال الافراج عنها وتامين العلاج لها.

*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت