تحت رعاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن)، انطلقت فعاليات أعمال مؤتمر "وثائق الملكيات والوضع التاريخي للمسجد الأقصى المبارك"، في مقر جمعية الهلال الأحمر بمدينة البيرة.
ويتناول المؤتمر في جلساته، ملفي توثيق الأملاك العربية في القدس، والوضع التاريخي للمسجد الأقصى المبارك، بحضور شخصيات عربية، ومجموعة من المؤرخين والباحثين ورجال دين من فلسطين والخارج.
الرئيس أبومازن: لن نقبل بتغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم في الأقص
وقال الرئيس محمود عباس (أبومازن)، في كلمة ألقاها عبر الهاتف، أمام المؤتمر إن "كل الشواهد والوثائق التاريخية تؤكد هوية القدس والمسجد الأقصى وجميع المقدسات الإسلامية والمسيحية بعاصمتنا المقدسة."
وشدد أبومازن على أنه لن نسمح ولن نقبل بتغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم في الأقصى، مهما كانت الظروف.
وأضاف ان صراعنا مع الاحتلال صراع سياسي في أساسه وليس صراعا ضد ديانة بعينها، وأكد أن القدس ليست للبيع وسنسقط المؤامرات كافة التي تستهدف تصفية قضيتنا.
وأشار أبومازن إلى أن المؤتمر يكتسب أهمية كبيرة من موضوعه ومخرجاته ترسيخا للحق الفلسطيني الوطني والديني والقانوني والتاريخي.
وقال أبومازن: اليوم نحن نقف في ارضنا ومقدساتنا، ندافع عن حقنا الثابت مع احترامنا والتزامنا بالوضع التاريخي "الاستاتسكو" في المسجد الأقصى المبارك والقدس بكل مقدساتها.
وأضاف أبومازن: القدس وفلسطين ليستا للبيع، وقد اسقطنا كل المشاريع المشبوهة لتصفية القضية الفلسطينية وبالذات صفقة القرن، وسنظل على مواقفنا ونضالنا ومقاومتنا الشعبية حتى تقوم دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية العاصمة الأبدية لدولة فلسطين.
الرويضي: وثائق الملكيات توثق مرافق القدس ودور المنظمات الدولية وأهمية الدور الأردني
وقال مستشار ديوان الرئاسة الفلسطينية لشؤون القدس أحمد الرويضي، إن وثائق الملكيات التي توضح الوضع التاريخي للمسجد الأقصى توثق مرافق المدينة المقدسة، وموقعها الجغرافي ونظام الوقف الإسلامي والمسيحي، ودور المنظمات الدولية والأمم المتحددة، وقراراتها الخاصة بالقدس، وخاصة قراري اليونسكو في عامي 1981 و2015 في الحفاظ على التراث في المدينة المقدسة، والتركيز على الدور الأردني وأهميته في الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية من خلال الوصايا الهاشمية.
ولفت إلى أن لجنة القدس، عملت من خلال بحث شاركت فيه مجموعة من النخب الأكاديمية والمهنية المختصة والسياسية، على توثيق الحقبة التاريخية الممتدة من عام 1855 وحتى عام 2015، فيما تم استعراض بعض الوثائق التاريخية التي تشمل السجل والطابو العثماني، وسجلات محكمة القدس الشرعية، والاتفاقيات الدولية، وكذلك ما تضمنته فترة الانتداب البريطاني على فلسطين من مراسلات عسكرية، ودبلوماسية سرية، واتفاقيات وقرارات دولية.
وشدد الرويضي، على أن هذا العمل يعتبر من الأعمال المهمة لما يعرضه من جزء مهم ونادر مما تم جمعه من مستندات ومراسلات رسمية من الحقب السابقة، والتي مرت على القدس منذ العهد العثماني وحتى الآن بما فيها القرارات الدولية.
تيم : أي مساس بالقدس يدفع المنطقة بأسرها الى حالة من عدم الاستقرار
وقال مدير عام وحدة القدس في الرئاسة معتصم تيم إن عقد المؤتمر جاء في إطار توثيق الحق الثابت، والتأكيد على أن "محاولات كي الذاكرة لن تسقط حق شعبنا في أرضه، وحقيقة ثباته، وصموده على أرضه".
وأضاف تيم "ان الوثائق تتضمن مراسلات لم يفصح عنها رسميا، وشكلت سيفا في خاصرة قضيتنا، وعجزت عن مواجهة الادعاءات الإسرائيلية"، مشيدا بصمود المواطنين في مختلف أماكن تواجدهم، وأهالي القدس في مواجهة عمليات تهويد وأسرلة المدينة.
وأكد ان أي مساس بالمدينة يدفع المنطقة بأسرها الى حالة من عدم الاستقرار، وانه لن يمر أي قرار يستهدف التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك، وشعبنا الفلسطيني سيمنع أي محاولة للمساس به، وبالمقدسات في مدينة القدس.
ودعا تيم المجتمع الدولي الى تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وعدم الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار.
غيث: المؤتمر يأتي في وقت تتصاعد فيه الهجمة الإسرائيلية على مقدساتنا وحقوقنا الثابتة
وقال محافظ القدس عدنان غيث، إن هذا المؤتمر يأتي في وقت تتصاعد فيه الهجمة الإسرائيلية على مقدساتنا وحقوقنا الثابتة التي لا تسقط بالتقادم.
وأضاف: يأتي المؤتمر أيضاً في ظل استمرار اقتحامات المستوطنين وشرطة الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى، وذلك في أوضح صورة بربرية لآلة البطش الإسرائيلية، لكن يجب أن ننحني أيضا تقديرا للمرابطين والمرابطات الذين يدافعون عنه".
وأكد غيث، أن الوثائق التي عرضت تؤكد بما لا شك فيه أن المسجد الأقصى المبارك هو ملك خالص للمسلمين، في حين نثمن الوصاية الهاشمية عليه، التي ما زالت تقف إلى جانب شعبنا الفلسطيني، وقيادته في الدفاع عن القدس، ومقدساتها.
وتابع: "شعبنا الفلسطيني يستحق من أبناء أمتينا العربية والإسلامية الالتفاف حوله في هذه المعركة مع الاحتلال الغاشم، كما أن "الأوقاف الأردنية" تواصل إدارتها للمسجد الأقصى، من أجل الحفاظ على هويته العربية الاسلامية، رغم محاولات الالتفاف على دورها، واعتقال موظفيها وحراسها".
ودعا غيث إلى ضرورة تدريس المعلومات الواردة بالوثائق كمساقات ليس فقط لأبناء شعبنا، بل لأبناء الأمتين العربية والإسلامية.
وتخلل المؤتمر عرض فيلم وثائقي تناول مسألة الملكيات والوضع التاريخي للمسجد الأقصى المبارك، وسرد محطات تاريخية وعرض وثائق تتعلق بمرافق المدينة المقدسة، وموقعها الجغرافي ونظام الوقف الإسلامي والمسيحي، والوصاية الهاشمية، وقرارات المنظمات الدولية والأمم المتحدة الخاصة بالقدس.
الأمير الحسن بن طلال يحذر من تبعات السكوت عن انتهاكات إسرائيل الصارخة لحقوق الانسان
بدوره، قال الأمير الحسن بن طلال، رئيس منتدى الفكر العربي، رئيس مجلس أمناء مركز الحسن بن طلال للدراسات، "لا نجد مدينة في العالم يشترك في تقديسها أكثر من نصف سكان العالم كما هو الحال مع مدينة القدس، التي تحظى بمكانة استثنائية لدى أتباع الأديان".
وفي كلمته التي ألقاها نيابة عنه مستشاره محمد غوشة، أكد الأمير الحسن أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي في مرحلة ازدادت فيها دوامة العنف والاعتداءات التي تقترفها السلطات الإسرائيلية، وتصاعدت وتيرتها في الفترة الأخيرة، وتسعى السلطات الإسرائيلية من خلال هذه الممارسات إلى فرض أوضاع جديدة تؤدي إلى تغيير هوية القدس وديمغرافيتها العربية وطابعها العربي الإسلامي والمسيحي ووضعها القانوني، والمساس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية بشكل يهدد جديا هذه المقدسات وسلامتها.
وأضاف أن السكوت على هذه الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان والاستمرار فيها ستكون له تبعات جسيمة على أرض الواقع وتهديد السلم، وأن تحقيق الأمن والسلم الدوليين مرتبط ارتباطا وثيقا بالتزام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالقرارات الأممية، والتي تجرم أفعال الاستيطان والسيطرة على الأراضي بالقوة وتزييف الحقائق على الأرض. وضم الأراضي المحتلة ومصادرة الأملاك هو انتهاك خطير لميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف، كما أنه يتعارض مع قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة التي تعتبر أن الاستيلاء على الأراضي عن طريق الحرب أو القوة هو أمر غير مقبول.
وشدد على أن القضية الفلسطينية ستبقى القضية المركزية الأهم، وإن حل القضية الفلسطينية من خلال تجسيد حل الدولتين الذي تقوم بمقتضاه دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة على التراب الوطني الفلسطيني تمثل مصلحة فلسطينية ومصلحة دولية. والمطلوب إعادة الخطاب الفلسطيني والخطاب العربي ليصبح أكثر تأثيرا مع لغة المجتمع الدولي، فالرأي العام ومراكز صنع القرار الغربية ليست لديها صورة واضحة عن الجانب الإنساني والجانب القانوني للقضية الفلسطينية.
وتابع أن "القدس وأهلها يستحقون منا كل دعم واحتضان، وهم يحرسون أقدس مقدسات المسلمين، وقد شاهدت بنفسي الإعمار الهاشمي الثاني في العام 1964، وأديت مع أخي الحسين -رحمه الله- صلاة في رحاب المسجد الأقصى المبارك. إن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، تعود إلى تاريخ 26 أيار 1915 حين زار جدي الشريف الحسين بن علي -رحمه الله- مدينة القدس وصلى في المسجد الأقصى المبارك، وهو الذي دفن في المدرسة الخاتونية الكائنة في الرواق الغربي للمسجد الأقصى، وكانت جنازته في المسجد تاريخية وثقتها الصور الفوتوغرافية والصحافة العالمية".
وقال، عندما نتحدث عن المسجد الأقصى المبارك (الحرم القدسي الشريف)، فإننا نقصد ونعني كامل المساحة البالغة 144 مترا مربعا، المشتملة على المسجد الأقصى المسقوف وقبة الصخرة المشرفة والمصلى المرواني، وكل الساحات والمنشآت الأثرية والدينية والتاريخية داخل هذه المساحة، ومن منطلق شرف النهوض بواجب ومسؤولية الوصاية على المقدسات في القدس الشريف، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، في إطار الرعاية والوصاية التاريخية لها، فإن المساس بالقدس الشريف والاعتداء على مقدساتها الإسلامية والمسيحية خاصة المسجد الأقصى المبارك، لم ولن يكون مقبولا وسيواجه بجميع الوسائل الدبلوماسية والقانونية المتاحة، كذلك فإننا بحاجة إلى إبقاء القدس حاضرة في وجدان أبناء الأمة وتأكيد مكانتها الروحية بشكل يعزز حماية الأوقاف والدفاع عنها".
وأكد وجوب استنهاض همة وخبرة وإسهامات علماء الأمة، وشخصياتها الاعتبارية والفكرية وتجاربهم الغنية بتنوعها وشموليتها، حيث إن الدفاع عن القدس هو في الحقيقة دفاع عن النفس والكيان والهوية والشخصية الحضارية، فالتاريخ والتراث ركيزة لبناء حاضر من الازدهار والتميز والإبداع ننظر إليه من نافذة المستقبل لنصنع واقعا يليق بموقعنا الحضاري في العالم ويليق بالإنسان العربي في كل مكان.
وقال: "يمكننا أن نستحضر هنا أهمية الحديث عن أهمية الحديث عن الثقافات المشرقية التي تختزن في جنباتها روح الشرق ووحدة الضمير الإنساني والقيم البشرية الجامعة من مبدأ تعظيم الجوامع واحترام الفروق، فنحن جزء من حركة كونية واسعة ومنتشرة على امتداد العالم، تجمعها قضية القدس لب القضية الفلسطينية لما لها من مكانة رمزية إنسانية وروحية شديدة الالتصاق والتلاحم في المكانة الثقافية والتاريخية والأثرية.
وأضاف، أن "الكتب المقدسة تقف شاهدة على عدالة الله، ورفض العدوان والاستهانة بالأماكن المقدسة، وصلتنا بالقدس صلة روحية بالدرجة الأولى والرغبة بالعمل على خدمة الوجود الحضاري العربي في المدينة المقدسة بما يؤنس الأمل للإنسان المسلم العربي والمسيحي تحت الاحتلال، وان أردنا البقاء علينا أن نمتلك الإرادة كما علينا أن نمتلك الأفكار التي تمكننا من تعزيز القيم، إذا ما أردنا للسياسة أن تدار كما يجب أن تدار لفائدة الشعوب".
"التعاون الإسلامي": أهمية تضافر الجهود لتوثيق الأملاك الإسلامية والمسيحية في القدس
وقال سمير بكر ممثلا عن الأمين العام لمنظمة التعاون الاسلامي، إن المنظمة عقدت مؤخرا اجتماعا على المستوى الوزاري، والذي أكد السيادة الفلسطينية الكاملة على مدينة القدس ومقدساتها.
وأشار إلى أن الاجتماع رفض العدوان والتدنيس الإسرائيلي المتواصل بحق المدينة المقدسة، خاصة ما يتعرض له المسجد الأقصى المبارك.
ولفت بكر إلى أن ما تتعرض له القدس يتطلب جهودا مشتركة في توثيق الأملاك الإسلامية والمسيحية بالمدينة، حتى تصبح في متناول الباحثين، لما يشكله من حلقة من حلقات الدفاع عن مدينة القدس، ويساعد أيضا في الحفاظ على قضية القدس وما تتعرض له حية في ذاكرة كافة الشعوب.
وشدد على ضرورة دعم الجهود والمبادرات التي من شأنها الحفاظ على هوية وذاكرة مدينة القدس التاريخية، التي تصون مقدساتها الإسلامية والمسيحية.
وصفي الكيلاني: الوصاية الهاشمية والوثائق التاريخية تستند على مرتكزات
شكر المدير التنفيذي للصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى وصفي الكيلاني القائمين على المؤتمر الذي يسلط الضوء على وثائق حفظ التراث والملكيات للمدينة المقدسة في زمن نكران حق وتاريخ والمدينة، وسكانها الأصليين، من خلال عشرات الوثائق التي تلخص الوضع التاريخي للقدس.
وأكد الكيلاني، أن الوصاية الهاشمية على الأقصى منذ وثيقة عام 1924 ووثائق الإعمار الهاشمية المستمرة من حينه حتى يومنا هذا، جاءت تتويجا لسنوات الجهاد والكفاح الأول في الثورة العربية الكبرى.
وأضاف، أنه عند التحدث عن الوصاية الهاشمية والوثائق التاريخية نجد أنها تستند لمبادئ ووثائق قائمة على مرتكزات، وأهمها: أنها لم تكن عابرة، وأن العرب الفلسطينيين لم ينقطعوا عن القدس وفلسطين.
وأضاف: القدس كلها مباركة وحولها مبارك، والملوك الهاشميون قد مولوا وباشروا خمسة إعمارات هاشمية رئيسة امتدت دون انقطاع منذ عام 1924، ودماء آلاف شهداء الجيش العربي الأردني على عتبات القدس، إضافة إلى التوأمة والوحدة بين الشعبين الفلسطيني والأردني، وهو ما كان واضحاً بالبيعة الأولى للملك الشريف الحسين بن علي كما هو في اتفاق الوصاية الأخير عام 2013، حيث الوصاية للملك عبد الله بن الحسين.
وتابع أن الاعتراف الدولي بالوصاية الهاشمية منقطع النظير، بدءاً من منظمة التعاون الإسلامي، والجامعة العربية، مروراً بالأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وانتهاءً بالولايات المتحدة الأميركية، وغيرها، وفوقها الاستناد إلى الوثيقة الربانية.