- بقلم: المحامي علي ابوحبله
ضمن ما يتم طرحه وتداوله على مستوى الندوات السياسية وندوات الفكر على مستوى التنظيمات والفصائل الفلسطينية ومراكز مؤسسات المجتمع المدني " الانجوز " ومؤسسات فكريه حول المقاومة والمفاوضات وهذا الطرح فيه الكثير من التحليلات السياسية وكذالك الكثير من الاجتهادات .
المجتمع الفلسطيني مل كل هذه الأطروحات ومل هذا الفكر والطرح السياسي لافتقاده للمصداقية لان مثل هذه الأطروحات ليست الا لتسويق هذا الطرح وذاك وفق مصلحيه انيه وخصوصية هي بحقيقتها بعيده كل البعد عن ما يتطلع إليه الشعب الفلسطيني وما يسعى لتحقيقه طيلة عشرات السنين من عمر ثورته الفلسطينية وتمسكه بالمقاومة كخيار استراتيجي حتى تحقيق ونيل أهدافه بالحرية وحق تقرير مصيره وأقامه دولته المستقلة وعاصمتها القدس .
ولا نغالي القول أن الشعب الفلسطيني هو الآن بغاية الإحباط مما وصل إليه من طريق مسدود وانعدام أي أفق سياسي ، الانغلاق في الفكر السياسي والانقسام الفلسطيني وهذا التمحور والتخندق بين القوى والفصائل الفلسطينية أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم .
باستعراض الأوضاع الفلسطينية والأطروحات السياسية وحمى الحرب الاعلاميه بين القوى والفصائل الفلسطينية وما يطرح من فكر وأفكار تتساوق مع مخططات ابعد ما تكون عن تطلعات الغالبيه من أبناء شعبنا الفلسطيني
المفاوضات التي اعتبرها البعض هي اقصر الطرق للوصول للحق الفلسطيني لم توصلنا إلى ذلك الحق للأسف بل المفاوضات العبثية استغلت من اجل استكمال المشروع الصهيوني الاستيطاني وضم القدس والتوسع في الاستيطان والاستيلاء على الأراضي وهدم البيوت وحرمان الشعب الفلسطيني من أبسط حقوق
وحيث الاختلاف في المواقف والرؤى ما بين المفاوضات والمقاومة لا بد من العودة إلى التاريخ ومسلسل توالي الأحداث وصولا إلى ما يجب أن يكون عليه الموقف الفلسطيني ولنبدأ من تاريخ الانتداب البريطاني على فلسطين ولنعود إلى نص المادة السادسة من قانون صك الانتداب البريطاني والتي جاء فيها ( يجب وضع البلاد تحت أزمه سياسيه واقتصاديه واجتماعيه وأخلاقيه خانقه لتكريس إقامة الوطن الإسرائيلي فوق فلسطين ) من هنا بدأت مؤامرة تهويد فلسطين ومن هنا بدأت ملامح إقامة إسرائيل على ارض فلسطين ونحن نستعرض التاريخ الفلسطيني ونستعرض الخلافات الفلسطينية التي أنهت المقاومة الفلسطينية في الثلاثينات والأربعينات والتي ابتدأ ت بالوحدة وانتهت بالخلافات ولنا في المجلسيين والمعارضين كأكبر مثال على ذالك حيت تحولت المقاومة إلى ما أصبح يسمى نشا شيبي وحسيني ووصل الحال إلى ما وصل حيث استقر الأمر باليهود وبتملكهم لفلسطين إلى ان انتهت حكومة عموم فلسطين بقرار عربي وبرفض المساعدة العربية لهذه الحكومة والتي أدت في النهاية إلى ضم قطاع غزه تحت الاداره المصرية وضم الضفة الغربية الى المملكة الاردنيه الهاشمية
وها هو التاريخ يعيد نفسه بهذا الشرخ وهذا الانقسام الذي تشهده الساحة الفلسطينية ودعونا نعود إلى تاريخ خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت والانشقاقات التي تمت في حركة فتح ثم تلك الانشقاقات التي تمت في بعض التنظيمات الفلسطينية وجميعها أدت الى إصدار وثيقة الاستقلال في مؤتمر الجزائر عام 1988
وهذه أدت بنا وصولا إلى مفاوضات مع الاحتلال والى اتفاق اوسلوا
ظن البعض أن اوسلوا سيحقق الهدف والغاية الفلسطينية بعد عملية الالتفاف على مدريد حيث وجد الأردن أن مصلحته تقتضي عقد اتفاق وادي عربه ودخلت سوريا بمفاوضات انتهت بخلافات ودخل الفلسطينيون نفق اوسلوا
تم إنشاء أول سلطه وطنيه فلسطينيه بعد نكبة فلسطين عام 1948 وتم بعد ذالك مسلسل الاتفاقات التي تفرعت عن اوسلوا التي ابتدأت بغزه أريحا أولا ثم تفرعت باتفاقات القاهرة الامنيه والتنسيق الأمني إلى إعادة الانتشار وصولا إلى طريق مسدود بعد معركة النفق اثر الحفريات تحت المسجد الأقصى وتدخل المرحوم الملك حسين وتمخض عن ذلك اتفاق واي ريفير
وبعد ذالك واي بلانتيشين إلى كامب ديفيد إلى طابا إلى تقرير ميتشل وصولا اليوم إلى ما أصبح يعرف بخارطة الطريق وما تفرع عنها مؤتمر انابوليس
وصولا الى ما أصبح يعرف بصفقه القرن ولو تمكنت إدارة ترمب من تمريره لأنهت الحق التاريخي للشعب الفلسطيني بأرض وطنه فلسطين علما أن أمريكا ترمب كانت لا تتعامل مع إسرائيل ككيان قائم على حساب حقوق الغير بقدر ما تعتبره ولاية امريكيه يجب تقديم الدعم لها لتصبح لها اليد الطولي للإرهاب الأمريكي في المنطقة
باستعراض تلك المحطات هذه نجد أن الفلسطينيون وقعوا في فخ الصراع الإقليمي وفي مواجهة الموقف العربي المتخاذل والمطبع مع إسرائيل والموقف الأمريكي الداعم لإسرائيل وخطورة قرار ترمب الاعتراف في القدس عاصمة إسرائيل ونقل السفارة الامريكيه للقدس
هذه المواقف جميعها جعلت الفلسطينيين فعلا في متاهة كبيره وأمام حقيقة ما وصل إليه العرب من خذلان وحالة الانقسام والتشرذم في المواقف الفلسطينية بنتيجة الانقسام ، هذا الوضع المتردي أعاد القضية الفلسطينية وأعاد التفكير الفلسطيني للماضي والتاريخ ، تاريخ الخلافات والتمحور والتخندق بدءا من ثورة 36 والى يومنا هذا ، حيث وجدت إسرائيل ضالتها اليوم في هذا الخلاف ونحن نجسد الوضع السياسي ونكيفه على ارض الواقع نجد أننا دخلنا إلى مفترق طريق منذ اوسلوا ولغاية الآن من خلال :-
أولا:- أن القبول بأمر واقع الاستيطان في الضفة الغربية وقضايا القدس والاستيطان وحق العودة للمرحلة النهائية من المفاوضات أعطى إسرائيل الضوء الأخضر لتجسيد فرض أمر واقع على الأرض والذي تجسد بأمر مصادرة الأراضي وتوسيع الاستيطان وتهويد القدس وصولا إلى قرار ترمب اعتبار القدس عاصمة الكيان الصهيوني ونقل السفارة الامريكيه للقدس . مما حال ولغاية الآن من قدرة بايدن تنفيذ وعوده بفتح قنصليه امريكيه في القدس
إسرائيل اتخذت من وسائل محاصرتها للفلسطينيين وإقامة الحواجز وفرض أمر واقع لمحاولات التقسيم ألزماني والمكاني للمسجد الأقصى وكذالك من قضية المعتقلين والانقسام الحاصل بين الفلسطينيين ومحاصره غزه وسيله من وسائل تهربها من الاستحقاقات المطلوبة لعملية السلام وجنوحها إلى التفاوض على تلك التي اتخذتها ذريعة في إجراءاتها التعسفية والغير قانونيه كما وان فرض الأمر الواقع للجدار العنصري وتهويد القدس والانقضاض على الاتفاقات فيما يخص المسجد الاقصى ما جعلها تتمتع بميزة فرض أجندتها على هذا الواقع الجغرافي والديموغرافي للاستيطان الغير شرعي
ثانيا:- ان قبولنا بخارطة الطريق كأساس للتفاوض بعد أن تم نسخ جميع الاتفاقات ولنقل تجاوزها وضعنا أمام معادلة الأمن الإسرائيلي وبتجاوز الأمن الفلسطيني ووضعنا في زاوية أن المقاومة إرهاب ما جعل السلطة الوطنية الفلسطينية تحت عبئ الضغط الأمريكي والإسرائيلي تحت مسمى محاربة الإرهاب وتحقيق الأمن للإسرائيليين ما اضاف عبئ جديد على السلطة الوطنية والمفاوض الفلسطيني وهذا جميعها أوصلت للمراد والمبتغى والمسعى الأمريكي الإسرائيلي لمحاولات فرض الحلول المجتزئه
رابعا:- دخول لعملية التفاوض وبدون برنامج محدد ما جعل إسرائيل تتمتع بميزة فرض أجندتها في عملية التفاوض والدخول إلى مؤتمر انابوليس ورفض اسرائيل ومساندة امريكا لاسرائيل في موقفها الرافض للتوصل لوثيقة إطار محدده بجدول زمني للمفاوضات وتحديد شروط التفاوض منح إسرائيل وبعد انابوليس حرية ألمناوره والاستمرار في إجراءاتها التهويديه لأجزاء كبيره من الأراضي الفلسطينية المحتلة
خامسا:- ان محاولة امريكا من خلال مبعوث الرباعية الدولية توني بلير مقايضة السياسة بالاقتصاد ومقايضة الحقوق بالمال أمر تم رفضه وتعود النغمة من جديد لفرض مقايضه الحقوق بالاقتصاد والإصرار. الأمريكي الإسرائيلي وفق ما يروج له من تصريحات لمسئولين إسرائيليين من حكومة بينت لابيد وهو استنساخ للقرارات والمواقف السابقة وجميعها تتطلب من الفلسطينيين الإذعان لشروط العملية السلمية المتمثلة. بمقايضه الحقوق الوطنية الفلسطينية بتحسين شروط المعيشة ورفض إسرائيل الانسحاب التام والكامل من كافة الأراضي التي احتلتها في الرابع من حزيران عام 67
سادسا:- هذا الموقف الأمريكي من عملية التفاوض وإصراره من خلال تصريحات سابقه لوزيره الخارجية الامريكيه السابقة رايس والتي تقضي بتحسين الحياة للفلسطينيين و تكررت فيها المواقف من قبل وزير الخارجيه الامريكي بومبيو ومن بعده جون كيري وبلينكن وزير الخارجيه في ادارة بايدن الامر الذي على الجانب الفلسطيني رفضه. ومقاومته ورفض مقايضة حقوقه الاساسيه بمثل هذه التصريحات التي. باتت مخطط صهيو امريكي يعبر عن نفسه بمخطط ومضمون روح صفقه القرن وتهدف الى فصل القدس والاستيطان عن المفاوضات ضمن سياسة فرض أمر واقع
من هنا وعلى ضوء كل ذالك والى ما وصلت اليه القضيه الفلسطينيه من مخاطر تتهددها ومن استمرار للعدوان والقتل واستباحة الأرض والدم الفلسطيني فلا بد من موقف فلسطيني موقف جاد وملتزم تجاه الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية وتتمثل في :-
اولا:- ضرورة انهاء هذا الخلاف والانقسام الفلسطيني وبضرورة توحيد الوطن بكل ما يعني التوحيد من كلمه وبوقف كل الحملات المغرضة وتغيير لهجة الخطاب الفلسطيني لتصب في قناة الوحدة الوطنية الفلسطينية وضرورة التوقف عن سياسة المناكفات والردح الإعلامي
ثانيا:- ضرورة الاتفاق بين كافه القوى والفصائل الفلسطينية على برنامج سياسي شامل يضمن عملية الإصلاح الداخلي وترتيب البيت الفلسطيني وفق معيار المصلحة الوطنية وليست المصلحة الفصائليه أو الحزبية وبناء المؤسسات التي انتمائها لكل الوطن وليس لهذا الفصيل او ذاك على ضوء ما حصل من انقسام
ثالثا:- العودة بالحوار الوطني والبناء على ما تحقق في الجزائر وإعادة بناء منظمة التحرير وفقق اسس تعيد للمنظمة أهميتها وحيويتها وبعيدا عن محاولات الهيمنه والتفرد في القرارات والتعيينات وضرورة مشاركة الجميع فيها وفق معيار المصلحة الوطنية وحجم التمثيل
رابعا:- لا بد من رفض كل تلك المحاولات التي تصف المقاومة بالإرهاب والإصرار على حق الشعب الفلسطيني بمقاومة الإرهاب بكل الوسائل والسبل طالما بقي الاحتلال جاثم على صدورنا وأرضنا .
خامسا:- لا بد وبعد كل ذالك من وضع الإستراتجية الفلسطينية هذه ألاستراتجيه التي تضع المصالح الوطنية الفلسطينية في سلم أولوياتها وتضع خطه وطنيه لكيفية مواجهة مخطط تصفيه القضية الفلسطينية.وفي مقدمتها إفشال كل المخططات الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية ورفض التفاوض على بنود هدفها مقايضه الحقوق الوطنيه الفلسطينيه بشروط تحسين الحياة المعيشية وتحسين الاقتصاد وفق الشروط للمحتل والذي يرغب بالإبقاء على هيمنته على مقدرات شعبنا الفلسطيني
الوحدة الوطنية مطلب الكل الفلسطيني ودقة ومفصلية المرحلة تتطلب من كل القوى والفصائل الفلسطينية الترفع لمستوى المسئولية وتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام وبات مطلوب من الجميع إنجاح حوارات الجزائر لما تقتضيه وتتطلبه مفصلية المرحلة ومواجهة الخطر الذي يتهدد القضية الفلسطينية ويتهدد القدس والمسجد الأقصى
أن فشل المحاولات السابقة في بناء وتحقيق الوحدة الوطنية يجب ان لا تكون تلك المسببات العائق في إنجاح حوارات الجزائر والحافز هو تجاوز المعيقات
إذا ماتجلّدت فتح وحماس بالمثابرة، فإن لديهما فرصة للخروج من الطريق المسدود الذي علق به الفلسطينيون لسنوات. فمن شأن جعل الوحدة الوطنية أولوية كبرى وحقيقية أن يساعدهما على استعادة جزء كبير من شرعيتهما المحلية، وإنهاء انقسام السلطة الفلسطينية المنهك إلى حكومتين متنافستين في الضفة الغربية وقطاع غزة. فنجاح الحوار هو مفتاح استعادة صدقيه عملية صنع القرار الفلسطيني في عملية السلام المحتضرة مع إسرائيل، بهدف تحدّي احتكار الولايات المتحدة المشوب بالعيوب للوساطة الدبلوماسية وتمكين دور أوروبي أكثر حزماً في دعم الموقف الفلسطيني وإقناع الدول العربية المتشكّكة بزيادة دعمها السياسي للسلطة الفلسطينية وتشكيل غطاء سياسي لتجاوز المعضله التي تعاني منها المنظومه السياسيه من خلال الشروع الفوري لترتيب البيت الفلسطيني
ومع أن العقبات والمخاوف التي عليها الوضع الفلسطيني تبدو معقده ويخشى من فراغ سياسي في حال شغور منصب الرئاسه في ظل غياب المجلس التشريعي وغياب الشرعية القانونية لمن يملئ الفراغ لحين إجراء انتخابات تم تأجيلها بسبب القدس ، فإن القضايا العالقة بين فتح وحماس ليست عصيّة على الحل ويمكن حلها اذا توفرت النوايا والاراده الوطنية .
ويتعيّن على فتح وحماس أن تعملا بجدّ لتضييق الفجوة بينهما ، ويجب أن تكونا على استعداد لتقديم تنازلات كبيرة بشأن المصالح الأساسية والأجندات الإيديولوجية إذا ما أرادتا تحقيق الأهداف الوطنية والتغلب على عقدة الانقسام وجسر الخلافات
يجب على حماس أن تفكّر بما هو أبعد من المدى القصير. فهي لم تنجح في تخطّي الصعوبات في غزة إلا عبر إدارة الأزمات بصورة مستمرة، وذلك باستخدام التهديد بالهجمات الصاروخية لتثبيت الشروط العسكرية والاقتصادية لتعايش ضمني مع إسرائيل، والاعتماد على تفاهم هشّ مع السلطة الفلسطينية المنافسة في الضفة الغربية بهدف الحفاظ على تدفّق التحويلات المالية من الجهات الأجنبية المانحة. هذه الترتيبات معرّضة لانهيارات دورية، وتسمح لحماس وحكومتها بمجرّد الاستمرار ضمن مفهوم ادارة الصراع الذي تسعى حكومة الاحتلال من خلاله لتكريس الانقسام والفصل الجغرافي بين الضفة الغربيه وغزه ضمن استراتجيه اسرائيليه لاستدامة فلسطنة الصراع
على فتح وحماس ومعهم كل القوى والفصائل ان يدركوا جميعا المخاطر التي تهدد الجميع وخطر ما يتهدد القضية الفلسطينية ، يجب على فتح وحماس تحقيق الوحدة الوطنية لتصبح واقعاً ملموساً بكل وسيلة ممكنة. أولاً، ويجب أن يكونا على استعداد لتقديم تنازلات متبادلة ذات مغزى بشأن المناصب الوزارية لتشكيل حكومة وحدة وطنيه موثوقة سياسياً ومهنياً. ويجب أن تُخضِعا إدارة الأمور المالية والخدمات العامة للشفافية الكاملة والمساءلة المشتركة، حتى في القطاعات التي لايمكن إدماجها فوراً مثل الأمن.
والواقع أن إنجاز الوحدة هو الطريق الوحيد لانقاذ الوضع الفلسطيني من الانهيار ، مهما كلّف الأمر وذلك لضرورة انقاذ ما يمكن انقاذه وقبل فوات الاوان
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت