- أشرف محمود صالح
للمرة الأولى منذ أن قامت سوريا بطرد حماس بسبب موقفها من ما يسمى بالربيع العربي , وجه علماء مسلمين رسالة لحماس من باب النصيحة مفادها أن سعي حماس للعودة الى أحضان النظام السوري فيه إثم كبير ومفاسد أكبر , ورغم أن الرسالة واضحة ولكنني لم أعلم نية العلماء ومقصدهم بكلمة مفاسد , فهل يقصدون أن المفاسد تعود الى المجازر التي يرتكبها بشار الأسد منذ إندلاع الثورة , أم يقصدون أن النظام السوري أصبح حزء من نظام حزب الله وإيران وبالتالي فالمفاسد تكون مفاسد شرعية بسبب أن الشيعة يكفرون أبو بكر وعمر وعثمان وكل من سار على دربهم , ويسبون عائشة زوجة النبي رضي الله عنهما جميعاً , فعلماء المسلمين لم يوضحو ذلك , ولكن ما علينا , فكل ما يهمنا أن الرسالة واضحة وصريحة وهي تنصح حماس بعدم الإقتراب من سوريا , وأن تهتم بالقضية الفلسطينية بدلاً من أن تهتم بالقضية السورية .
منذ أن فشل ما يسمى بالربيع والتي كانت تراهن عليه حماس كما غيرها من بعض الدول وبعض الأحزاب السياسية , توجهت حماس الى الإتجاه المعاكس وهو فتح علاقات مع الأنظمة العربية , وخاصة نظام السيسي بعد سقوط الإخوان , وقد وثقت حماس هذه العلاقات في وثيقتها الأخيرة 2017م , وكان أحد بنودها وأهمها إنشقاق حماس عن جماعة الإخوان المسلمين تنظيمياً , ومنذ ذلك الحين وحماس تحاول أن تحسن صورتها عربياً وإقليمياً ودولياً , وهذا طبيعي جداً كسلوك أي حزب سياسي يسعى الى تطوير نفسه من خلال ركوب الموجة والسير مع التيار , ولكن ما يخص سوريا شيئ مختلف , حيث أن حماس تكرس كل إهتمامها للعودة الى أحضان النظام السوري وتهتم بالنظام السوري بالدرجة الثانية بعد النظام المصري , والسبب في هذا الإهتمام الزائد هو أن النظام السوري يعتبر الآن جزء من المنظومة الشيعية والتي يسمونها حماس والجهاد الإسلامي بمحور المقاومة , فسعي حماس الزائد للعودة الى سوريا لا يتقصر أن حماس تسوق نفسها دوليا وتطرح نفسها كبديلة عن منظمة التحرير , ولكن يأتي من باب أن حماس تريد الحفاظ على التوازن في المعادلة التي تسميها محور المقاومة والممانعة , وهي تشمل كل الكتائب الشيعية والتي في الحقيقة تحارب السنة والأنظمة العربية .
حماس تمتلك ذكاء جيد في الحفاظ على قانون التوازنات والمعادلات , ومن باب هذا القانون تسعى حماس أن تحافظ على علاقتها مع الأنظمة العربية , وفي نفس الوقت تسعى للحفاظ على علاقتها مع القوى المعارضة للأنظمة العربية , وبالطبع تطلق على هذه القوى مسمى محور المقاومة , ويزيد إهتمامها في سوريا على قدر ما يزيد إهتمام القطب الشيعي بسوريا , وترى أن رضا سوريا هو رضا إيران وحزب الله , ولكن السؤال هو سوريا ستقبل عودة حماس إليها بعدما تخلت عنها في بداية الثورة ؟ أعتقد أن الإجابة قد تحددها حسابات النظام السوري أكثر من قوة تأثير الوسيط , فمهما كان الوسيط مؤثراً في إقناع سوريا فلم يكن أقوى من حسابات سوريا بما يخص مصلحتها من عودة حماس لأحضانها , ومن وجهة نظري أن سوريا لم تقبل بسهولة عودة حماس اليها بسبب بسيط وهو أن سوريا حسمت موقفها ووضعها السياسي منذ الثورة , ولم تعد تراهن على قوى أضعف بكثير من حزب الله وايران وروسيا والصين .
أشرف محمود صالح – فلسـطين – غـزة
كاتب وإعلامي ومختص بالشأن السياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت