دوافع التقارب بين "إسرائيل" والمغرب

بقلم: علي ابوحبله

إسرائيل - المغرب.jpg
  • المحامي علي ابوحبله

يزور رئيس أركان جيش الاحتلال الصهيوني ، أفيف كوخافي، المغرب، الاثنين المقبل حسب ما أعلن الناطق بلسان جيش الاحتلال ، كوخافي  ، وقال مصدر إسرائيلي إن "كوخافي سيزور المغرب لتطوير التعاون العسكري بين البلدين خلال الأسبوع المُقبل".وكان قد قال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، يوم أمس الجمعة، إن "كوخافي سيزور الأسبوع القادم دولة عربية لم يسبق أن زارها رئيس لأركان الجيش الإسرائيلي"، دون أن يسمي البلد المقصود "لاعتبارات أمنية".

وتأتي هذه الزيارة لكوخافي بعد عقد جلسة أمنية مع الرئيس الأميركي، جو بايدن، بمشاركة كبار المسئولين في أجهزة الأمن الإسرائيلية، وذلك في جولته في منطقة منظومات الدفاع الجوية المتعددة الطبقات لاعتراض الصواريخ، التي نشرتها وزارة الأمن في المطار استعدادا للزيارة  

زيارات متكررة لمسئولين إسرائيليين للمغرب تهدف إلى تعميق التمدد الإسرائيلي الأمني في شمالي أفريقيا، وتأتي زيارة رئيس أركان جيش الاحتلال للمغرب  كوخافي للمغرب ، بعد أيام على مشاركة مراقبين عسكريين إسرائيليين في مناورة عسكرية في المغرب، وصفها السفير الإسرائيلي لدى الرباط، دافيد غوفرين، بأنها خطوة لتعزيز العلاقات الأمنية بين الطرفين.

ولا تُعَدّ هذه المناورة الوجه الأول للتعاون بين المغرب و"إسرائيل"، بعد توقيع اتفاقية التطبيع بين الجانبين في عام 2020، بل مرّ عامان حافلان بأشكال من التعاون، عسكرياً واقتصادياً، وفي مجالات أخرى أيضاً ، وتثير زيارة رئيس الأركان الإسرائيلي للمغرب التساؤل بشأن هدف "إسرائيل" من التمدّد في العمق المغربي، وفتح أبواب الشراكة كافةً. ومخاطر هذا التمدد على دول شمال إفريقيا وتحذر أوساط عربيه من مخاطر وتداعيات التعاون العسكري بين إسرائيل والمغرب  

بحسب مركز "موشيه دايان للأبحاث الشرق الأوسطية والأفريقية"، فإنَّ التطبيع في الفكر الإسرائيلي هو "عقيدة تمدّد"، تقوم به "إسرائيل" في المنطقة عن قناعة مطلقة، ولها أطماع كبيرة من وراء ذلك ، ويشكّل المغرب، بالنسبة إلى "إسرائيل"، بوابة لاختراق دول المغرب العربي، وتثبيتاً لحضورها في تلك المساحة من الوطن العربي، بعد أن مرّرت صفقات في بقاع متعددة داخله، عبر الإمارات والبحرين والسودان، وفق مركز "موشيه دايان".

التمادي المغربي في علاقاته مع إسرائيل في التطبيع الاقتصادي والأمني يحول  النظامَ  المغربي ليصبح دوره وظيفي لخدمة الكيان الصهيوني ، تستخدمه لتحقيق أغراضها في المنطقة. وربما أول هذه الأغراض يتمثّل ببناء قواعد عسكريه إسرائيليه  في المغرب، ثم التغلغل أكثر في الدول المجاورة.

ويبقى الطموح الكبير، بالنسبة إلى " الكيان الصهيوني "، هو الوصول إلى منطقة غربي الصحراء، وجرّ دولها إلى التطبيع ، حتى يتسنى للكيان الصهيوني الاستفادة من مواردها الغنية، والتي تُعَدّ محل أطماع الدول الكبرى، وإقامة مشاريع اقتصادية واستثمارية، نظراً إلى عدد من الفرص التي يوفّرها قطاع الاستثمار هناك، وهو ما سيمكّن الكيان الصهيوني  من منافسة الدول الكبرى، كفرنسا والصين وروسيا والولايات المتحدة.

وحقيقة القول أن قادة  "الكيان الصهيوني " تحاول الاقتراب من حدود الجزائر وهذا من دوافع التقارب بين "إسرائيل" والمغرب لا تقتصر على الأخير، فالأمر مرتبط أيضاً بالجزائر، التي تعدّها "إسرائيل" خطراً على أمنها القومي.

ولطالما عبّرت الحكومة الإسرائيلية، عبر وسطاء أميركيين، عن قلقها الشديد من تزايد قوة البحرية الجزائرية، التي باتت تشكّل خطراً على "إسرائيل"، وخصوصاً مع تمسك الجزائر بالموقف المعادي ل"إسرائيل"، التي تحتاج إلى ضمان أمن تجارتها البحرية ، ويمرّ ما بين 60% و70% من إجمالي التجارة الخارجية الإسرائيلية، والمقدَّرة قيمتها بنحو 80 مليار دولار، عبر مضيق جبل طارق وممرات بحرية، لا تبعد عن بعض القواعد البحرية الجزائرية سوى نحو 100 ميل بحري.

 

وصدرت، في الآونة الأخيرة، عدة دراسات عن المؤسسات الإسرائيلية، وخصوصاً "معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي" (INSS) وغيره، تشير إلى متابعة حثيثة لما يجري في المغرب العربي، من أجل مراقبة الجزائر، إذ يعدّها الإسرائيليون الدولةَ المحورية في المغرب العربي. وهي، بتاريخها الثوري ومحاربتها للاستعمار الفرنسي تشكل عائق أمام  التغلغل الإسرائيلي في تلك المنطقة.

وأعرب رئيس حكومة الاحتلال، يائير لابيد، الذي كان وزيراً للخارجية الإسرائيلية سابقاً، عن "هواجس من الدور الذي تؤديه الجزائر في المنطقة، وتقاربها مع إيران، والحملة التي قادتها ضد قبول إسرائيل عضواً مراقباً في الاتحاد الأفريقي".

بناءً على ذلك، تسعى "إسرائيل" لاستنزاف الجزائر، عبر خلق صراعات جانبية، قد تصل إلى المواجهة العسكرية مع جارها المغرب، وتغذية التهديدات الأمنية الإقليمية للجزائر من منطقتي الساحل والجنوب، بينما يتمثّل المحور الآخر بمحاولة اختراق النظام السياسي الجزائري، وخصوصاً الجيش والأجهزة الأمنية، الأمر الذي يبدو صعباً في ظل تركيبة الأجهزة المدنية وأجهزة الدولة الجزائرية.

وتسعى إسرائيل من خلال تعاونها مع المغرب لإحداث توازن عسكري يمكن المغرب لان تكون ند للجزائر في حال نشوب صراع بين البلدين ، وسهّلت "إسرائيل" للمغرب حصوله على التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية، وأكّدت صحيفة "ليكسبريسيون" حينها أنّ ذلك سيرسّخ الحضور الإسرائيلي عند الحدود الغربية للجزائر.وقد أنشأت لهذا الغرض قاعدة عسكرية في منطقة إستراتيجية

فقد ذكرت تقارير صحافية متعددة، بينها تقرير لصحيفة "الإسبانيول"، المقربة من دوائر اتخاذ القرار في إسبانيا، أنّ المغرب وقّع مع "إسرائيل" على اتفاق لبناء قاعدةٍ عسكريةٍ في منطقة أَفْسو، جنوبي مدينة مليلية.

هذا النهج  التطبيعي والتعاون العسكري ، الَّذي يسير   فيه المغرب، بحسب الصحيفة، أصبح مصدر قلق لمدريد، التي لا تنظر بعين الارتياح إلى عملية التحديث العسكري، والتي تنفتح آفاقها في المغرب لمصلحة "إسرائيل". وزاد في هذا القلق ما ذكرته  بعض التقارير الصحافية، التي قالت إنّ المغرب في صدد نصب وسائل دفاعٍ جويّ إسرائيلية، تُدعى "باراك أم أكس"، قرب مدينتي سبتة ومليلية.

وبموجب الاتفاق الأمني والعسكري بين المغرب و"إسرائيل"، يمكن للرباط الحصول على معدات أمنية إسرائيلية عالية التقنية، بالإضافة إلى التعاون في التخطيط ألعملياتي، وفي مجالات البحث والتطوير في المجال التكنولوجي العسكري، والحصول على معدات إسرائيلية عالية التكنولوجيا بسهولة.

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، شمل الاتفاق المغربي الإسرائيلي صفقات أسلحة بمئات ملايين الدولارات، تلتزم من خلالها "إسرائيل" تزويدَ المغرب بأسلحة حربية متطوّرة. وتشمل ترسانة تلك الأسلحة طائرات من دون طيار، ورادارات شركة "إلتا" المتخصصة بالخدمات الدفاعية، إلى جانب نظام "سكاي لوكْ" المضاد للطائرات المُسيّرة، وتطوير مقاتلات "أف-5" الجوية المغربية وتحسينها.

وتسعى "إسرائيل" لفرض حضورها العسكري عبر إنشاء القواعد في هذه المنطقة المهمة استراتيجياً، ليس نتيجة دواعٍ أمنية فقط، بل بسبب دواعٍ تجارية أيضاً. ويُعَدّ موقع سبتة الجغرافي مهماً جداً من ناحية التجارة والحركة التجارية، نظراً إلى موقع المدينة الاستراتيجي في مضيق جبل طارق، الذي يصل مياه البحر الأبيض المتوسط بمياه المحيط الأطلسي، ويُعَدّ طريقاً تجارياً مهماً يربط أفريقيا بأوروبا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت