- د. هاني العقاد
اراد الرئيس الأمريكي جو بايدن ان يثبت الشراكة الاستراتيجية الامريكية العربية الإسرائيلية لتفعيل التعاون المعلوماتي والأمني والعسكري بالإضافة الي الاستثمار المشترك في كافة المجالات ويبقي النجاح امام مجال فاحص خلال الفترة القادمة, الرابح الأول من هذه الجولة هي دولة الاحتلال وكان يبدوا واضحا ان إدارة بايدن تعمل كوكيل سياسي لدولة الاحتلال. ما كسبه بايدن هنا في هذه الزيارة فقط الحصول علي النفط والغاز العربي لإنقاذ واشنطن من تداعيات الحرب في أوكرانيا ودعم أوكرانيا غير المحدود , لإعادة صياغة التحالفات الاستراتيجية مع العرب خلال هذه الزيارة ستقود واشنطن منظومة الدفاع المشترك تكون فيها إسرائيل عضو هام ومركزي ,اما مال العرب فكان العرب في حاجة الي تصريح امريكي لدفع تبرعات للفلسطينيين سواء كان للمستشفيات في القدس او وكالة الغوث الدولية . استطاع بايدن ان يرسم خارطة طريق بين السعودية واسرائيل تهدف لإدماج السعودية مستقبلا في اتفاقات ابرهام الخطيرة . ان خطوة نقل جزيرتي صنافير وتيران للسيادة السعودية لصالح مشروع " نيوم" الاستراتيجي الاقتصادي السياحي التكنولوجي الكبير هي الخطوة الاولي في هذا الاتجاه، لكن لم يستطع بايدن وكما ترغب إسرائيل ان يحشد ضد ايران وكان العرب يميلوا الي تبريد الأجواء بينهم وبين ايران وبالتالي اوصوا بحل ازمة النووي الإيراني دبلوماسيا وليس عن طريق أي عمل عسكري كما ترغب دولة الاحتلال ,ما حذا بهم تعزيز اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية وإبقاء الخليج العربي خاليا من هذه الأسلحة.
علي المستوي السياسي استطاع بايدن ان يوكل مهمة تهيئة الفلسطينيين لاندماجهم في اتفاقات ابرهام وبالتالي تجسيد الحل الامني الاقتصادي الي الاردن التي وقعت ادارة بايدن معها مذكرة تفاهم بحوالي مليار نضف المليار دولار بهدف تحسن الواقع الاقتصادي والامن الغذائي، لم يأتي هذا الدعم الأمريكي بالمجان او دون مقابل للأردن او لعيون الأردن وانما لأدراك إدارة بايدن ان الأردن يمكن ان يلعب دور محوري مع الفلسطينيين في ملف الصراع وبالتالي أصبح امام الاردن ومصر مهمة كبيرة وهي اقناع الفلسطينيين بالقبول بالتحسينات الاقتصادية التي تقدمها إسرائيل مع استمرار التعاون الأمني أولا تهيئة لبناء الثقة التي تريدها الولايات المتحدة الامريكية بين الطرفين , ومن ثم اقناع الفلسطينيين بأهمية قبول الاندماج في التحالفات التي تقودها الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة وهنا تكون واشنطن قد ازالت احد اهم الإشكالات في طريق صناعة شرق أوسط جديد قائم علي تحالفات عسكرية وامنية كبيرة , هذا الاندماج من شانه ان يحسن القدرة الامريكية لحل الصراع من البوابة العربية وبإرادة الفلسطينيين كما ترغب دولة الاحتلال وليس رغما عنهم من خلال مفاوضات فلسطينية اسرائيلية وبربح خالص للإسرائيليين. لعل كل ما قاله بايدن عن حل الصراع على أساس حل الدولتين يأتي من باب جذب الفلسطينيين الي الخطة الامريكية العربية في هذا الإطار ليس أكثر وهنا نلاحظ حضور مؤكد للقضية الفلسطينية في قمة جدة والبيان الختامي تطرق الي هذا الموضوع في البند الرابع.
لعل ما حققه بايدن لدولة الاحتلال أكثر بكثير مما حققه لأمريكا ودفع بثقل الولايات المتحدة الامريكية ليعتمد العرب دولة الاحتلال كمزود أساس للتكنولوجيا الجوية من خلال منظومة الليزر التي تسقط كل كطائرة معادية، ويكون هدفها حماية المواقع الاستراتيجية من أي تهديدات في السعودية والمضايق البحرية بالخليج العربي لضمان تنقل بحري امريكي إسرائيلي دون أي تهديدات إيرانية. سعي بايدن عبر هذه الجولة لدمج كل من مصر والأردن في اتفاق ابرهام باعتبارهم دول مركزية في المنطقة مطلوب اندماجهم في كل خارطة التحالفات الامريكية الإسرائيلية العربية الجديدة لان دولة الاحتلال تريد من الولايات المتحدة الأمريكية تحديث كل من اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل سبتمبر 1978واتفاقية وادي عربه مع الأردن تموز عام 1994. وهذا ما دفع بالولايات المتحدة التأكيد على الولاية الهاشمية الأردنية في المناطق المقدسة وعدم اجراء اي تغيير للواقع التاريخي الاسمي في المسجد الاقصى. دولة الاحتلال الرابح الأول من جولة بايدن للشرق الأوسط، فقد ضمنت ممرا ملاحيا هاما دون أي إشكاليات عبر ممر تيران وهذا ما يمكنها من الوصول الي البحر الأحمر وبحماية منظومة الدفاع المشترك ما يسهل التجارة البحرية بين دولة الاحتلال ودول الخليج العربي ودول شرق اسيا. استطاع بايدن خلال هذه الجولة أيضا ان يرسم خارطة تبادل تجاري ابرمت العديد من الاتفاقيات والتفاهمات التجارية ومشاريع الاستثمار بمليارات الدولارات بين أمريكا ودولة الاحتلال والدول العربية التسع واهمها دول الخليج العربي وبالذات بيع هذه الدول أسلحة إسرائيلية أمريكية تعمل بالتكنولوجيا بالإضافة الي الأسلحة الدفاعية المتنوعة.
ربحت دولة الاحتلال وثيقة جديدة لتشريع احتلالها للقدس تحت مسمى " اعلان القدس" الذي يعتبر من أخطر الوثائق بعد اعلان ترمب 2017 لان الوثيقة تتعهد لإسرائيل ببقاء القدس عاصمة موحدة لكيانهم ,وتتعهد بالدفاع المشترك عن امن إسرائيل وابقائها في حالة تفوق عسكري وأمني غير مسبوق حتى امام الدول العربية التسع التي تلتحق اليوم باتفاق ابراهام الكارثي ويتعهد هذا الإعلان لدولة الاحتلال بعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي باي شكل كان. استطاع بايدن ان يعبد الطرق المهمة لإدماج إسرائيل بالعالم العربي امنيا واقتصاديا وسياسيا واذا نجح هذا المسار فان دولة الاحتلال تحقق تمدد كبير في المنطقة العربية تستطع من خلال ذلك التقدم علي كل الأصعدة سياسيا وامنيا واقتصاديا وهي لم تكن تحلم بهذا لولا الدور الخطير الذي لعبته الإدارة الامريكية الحالية والسابقة ولولا التهديد الإيراني للمنطقة بما يجعلنا نري ان الدور الإيراني ومجموعات الحوثي في المنطقة دور يخدم المصالح الامريكية الإسرائيلية أكثر من أي وقت مضي ولولا هذا الدور المشبوه لما استطاعت أمريكا الدخول الي المنطقة وعقد مثل هذه التحالفات التي تساهم في انخراط دولة الاحتلال في العمق العربي دون ان تنهي الاحتلال ودون ان تقر بحقوق الشعب الفلسطيني.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت