في الوقت الذي تواصل فيه 25 مستوطنة وعشرات البؤر الاستيطانية الأخرى، جاثمة فوق أراضي محافظة سلفيت؛ نهب وسرقة الأراضي الزراعية والرعوية والحرجية؛ يقوم المستوطنون وعلى نار هادئة ب"أسرلة" و"عبرنة" المواقع الأثرية، ونسبتها لتاريخهم المزيف والمصطنع، كما هو الحال في بقية مناطق الضفة الغربية المحتلة.
ويؤكد الباحث في شؤون الاستيطان د. خالد معالي أن "أسرلة" المواقع الأثرية في سلفيت وقراها؛ تتم بعدة أوجه ووسائل وطرق ماكرة من قبل الاحتلال والمستوطنين الذين يتفنون في اختراع واصطناع الأسماء والمسميات الجديدة، لتلك المواقع؛ بهدف إقناع الرأي العام والمجتمع الدولي بوجود تاريخي قديم لهم فوق الأرض الفلسطينية وبأحقيتهم فيها.
وعن تلك الأساليب والطرق قال معالي: المستوطنون يطلقون أسماء باللغة العبرية على مواقع أثرية قديمة بهدف الإيحاء أنها تتبع عصورهم الغابرة؛ فمن يدخل محافظة سلفيت يرى لافتات باللغة العبرية تشير لتلك المواقع مثل: مستوطنة "بروخين" بدل اسم بلدة بروقين، واسم "ليشم" بدل قرية "دير سمعان "الأثرية.
ولفت معالي أن جامعة مستوطنة "اريئيل" انضمت لتزيف المواقع الأثرية ووضعت لافتات باللغة العبرية حول برك حارس الأثرية بأنها منطقة بحوث تتبع لها، كما أن مقامات كفل حارس الإسلامية حولها المستوطنون كمقامات دينية لأنبيائهم، بعدما كان الفلسطينيون يقيمون مهرجان سنوي عندها، وكانت عبارة عن مصليات صغيرة فيها محاريب باتجاه الكعبة المشرفة ؛ يؤدون الصلوات فيها.
ودعا معالي إلى حماية المواقع الأثرية الفلسطينية التي تعاقبت عليها حضارات وإمبراطوريات عظيمة منها الآشورية والبيزنطية والرومانية والإسلامية والصليبية، مشيرا إلى أن الاستيطان يعمل عدا عن أسرلة وعبرنة المواقع الأثرية إلى عزل الآثار وتهويدها، وجزء منها يعمل على طمسه، خلف الجدار وداخل المستوطنات".
وأكد معالي أن حركة الاستيطان النشطة بسلفيت وأسرلة وعبرنة المواقع الأثرية ؛ الهدف منه محو أي أثر يتعلق بوجود الفلسطينيين فوق هذه الأرض منذ فجر التاريخ ، ويعمل الاستيطان بكل جهده على تهميش سلفيت تاريخيا، فيمنع عمليات الترميم الكاملة للآثار وأيضا ترويجها حتى في السياحة الداخلية، ويقوم عوضا عن ذلك بتسيير رحلات "لاسرائيلين " إلى مواقع سلفيت الأثرية تمهيدا لضمها لاحقا.
وأكد معالي على أهمية الحفاظ على المواقع التاريخية قرب وحول المستوطنات وذلك بتسيير رحلات بحثية وطلابية وجامعية لتلك المواقع، ووضع لافتات باللغة العربية للتعريف بها، وسرعة ترميمها حماية لها من المستوطنين.
ولفت معالي أن سلطات الاحتلال تمعن في خرق كافة الاتفاقيات التي تحافظ على الموروث الحضاري والثقافي أثناء النزاع المسلح مثل اتفاقية لاهاي عام 1954 والاتفاقيات الدولية عام 1972 التي تنص على عدم مساس المحتل بالتراث الثقافي للمناطق المسيطر عليها.