- بشرى حفيظ
دخلت الجزائر بثقلها في الملف الفلسطيني في مساع تهدف لتحقيق تقدم بملف المصالحة الفلسطينية، وذلك من خلال رعايتها مجموعة من اللقاءات بين فتح وحماس بدعوة من رئيسها عبد المجيد تبون، والتي أطلقها نهاية العام الماضي، خلال لقائه بنظيره الفلسطيني محمود عباس.
وتسعى الجزائر لجمع الفصائل الفلسطينية في العاصمة الجزائرية، قبيل انعقاد القمة العربية المقررة مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في محاولة جديدة لدفع اتفاق مصالحة للأمام.
محاولات جزائرية
وقبل أشهر، أطلقت الجزائر مساعي وساطة للمصالحة بين مختلف الفصائل الفلسطينية وانهاء حالة الانقسام ففي 15 يناير، وصل إلى الجزائر العاصمة وفد من حركة "فتح" بدعوة من الرئاسة الجزائرية في إطار مشاوراتها لاستضافة مؤتمر للفصائل الفلسطينية، ليلحق به بعد ذلك وفد من حركة "حماس" الفلسطينية في 18 يناير.
وأعربت حماس حينها عن تقديرها لـ"دور الجزائر في دعم القضية الفلسطينية واستضافتها للفصائل الفلسطينية وحرصها الشديد على إنجاز المصالحة وإنهاء حالة الانقسام".
وإضافة إلى فتح وحماس، وجهت الرئاسة الجزائرية أيضًا دعوات إلى "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، و"الجبهة الديمقراطية" و"القيادة العامة-الجبهة الشعبية".
وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إن اجتماعاً لمنظمة التحرير الفلسطينية تشارك فيه كل الفصائل سيعقد في الجزائر قبل القمة العربية، معتبراً، في حديث مع وسائل إعلام جزائرية، أن «الجزائر لديها كامل المصداقية» لتحقيق المصالحة الفلسطينية، كونها الدولة الوحيدة التي ليست لديها حسابات ضيقة في هذا الشأن.
وكشف رئيس الجمهورية بخصوص القضية الفلسطينية، عن سعي الجزائر لاحتضان اجتماع للفصائل الفلسطينية، قبل انعقاد القمة العربية في نوفمبر المقبل، مؤكدا أن الجزائر "لديها كامل المصداقية" لتحقيق هذه المصالحة ، كونها "الدولة الوحيدة التي ليست لديها حسابات ضيقة في هذا الشأن. وأضاف أنها تقف إلى جانب منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني"، مشددا على أنه "بدون وحدة وبدون توحيد الصفوف لن يتحقق استقلال دولة فلسطين". وأشار الرئيس تبون إلى الثقة التي تتمتع بها الجزائر لدى جميع الاطراف الفلسطينية بما فيها حركة "حماس"، مضيفا أن العمل جار "لتنظيم مؤتمر أو لقاء لمنظمة التحرير الفلسطينية بالجزائر وهذا قبل انعقاد القمة العربية بهدف اعادة المياه الى مجاريها".
وأكد الرئيس الجزائري على ضرورة إتمام ملف المصالحة، لتصبح حقيقة على الأرض، وتناول اللقاءات التي استضافتها بلاده في شهر يناير الماضي، والرؤى التي قدمت لإنهاء الانقسام، لافتا إلى أن بلاده تواصل الجهود اللازمة لإتمام الملف.
وعبّر عن أمله في أن يجري تجاوز كل ما يعيق المصالحة، لافتا إلى أن الفريق الجزائري المكلف بالمصالحة، يواصل العمل على وضع رؤية تلاقي قبولا فلسطينيا من الجميع، من أجل عقد المؤتمر الجامع للإعلان عن إنهاء الانقسام.
نجاح مشروط
مع فشل العديد من المحاولات السابقة لإنهاء الانقسام الفلسطيني يرى العديد من المحللين السياسيين في الشأن الفلسطيني أن المصالحة الفلسطينية التي تريد الجزائر تحقيقها لا تتحقق إلا مقابل شروط، وهو ما عبر عنه الباحث الجزائري المختص في الشؤون الدولية، الطاهر سهايلية، والذي قال أنه من الصعب التكهن بنجاح أو فشل هذه الجولة "لأننا لا نعرف من أين ستنطلق الجزائر في مباحثاتها مع هؤلاء، من الصفر أو من أين توقفت الفصائل في مباحثاتها بالقاهرة وموسكو"، معتقداً أن الجزائر لا تملك وصفة سحرية في هذه المهمة المعقدة لإنهاء الانقسام نهائياً، ولكنها ستحاول ترقيع البيت الفلسطيني وتقريب وجهات النظر بين الأطراف تحضيراً للقمة العربية.
ويرى الكاتب أن نجاح المبادرة الجزائرية لإنهاء الانقسام يبقى مرتبطاً بالعوائق التي ستواجهها الجزائر من خلال عوامل خارجية على غرار واشنطن التي ستمارس ضغوطاً كبيرة على حركة "فتح" خصوصاً.
وأوضح سهايلية، أن الفشل المسبق مرتبط بغياب الإرادة السياسية وعدم تقديم الأطراف لا سيما الفصيلين الكبيرين "فتح" و"حماس"، تنازلات ملموسة على أرض الواقع.
من جهة اخرى يرى الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني أنّ تجاوز العراقيل هو السبيل الوحيد لتحقيق المصالحة الفلسطينية تتحقق بشرط واحد فقط حيث قال: البيئة والمناخ العام غير داعمين للمصالحة حالياً، إلا إذا تجاوزت الإرادة الفلسطينية كل الصعوبات والعراقيل الموضوعة في طريق إنهاء الانقسام.
حماس لا تسعى للمصالحة
اتهم الناطق باسم حركة فتح، حسين حمايل، حركة حماس، باختلاق الذرائع والأعذار لإحباط الجهود الجزائرية، قائلاً: ”حماس ومع كل جولة مصالحة جديدة تختلق الذرائع وتشن هجوماً على القيادة الفلسطينية وحركة فتح“، لافتًا إلى أن ذلك أصبح بمثابة نهج معتمد من قبل قيادات حماس.
وقال حمايل، في حديث سابق مع ”إرم نيوز“: ”فتح لا يمكن أن تعلن فشل الجهود الجزائرية بهذا الملف؛ لكن الأمر مرتبط بقرار حماس وقبولها باستحقاقات إنهاء الانقسام“، فيما لم تعلن حماس عن فشل جهود الجزائر من عدمه.
من جهته أكد الكاتب والمحلل السياسي ماجد كيالي أن حركة حماس تتصرف كأنها سلطة حاكمة وليس حركة سياسية في قطاع غزة، مؤكدا أن جميع المبادرات السابقة لم تنجح في توحيد صفوف الفصائل الفلسطينية.
فيما اعتبر بعض المحللين أن اهتمام حركة حماس بالمصالحة الفلسطينية التي تسعى الجزائر لتحقيقها على أرض الواقع قليل جدا حيث اكتفت حركة حماس، خلال اللقاء الأخير الذي جمع اسماعيل هنية مع الرئيس الفلسطيني بذكر خبر قصير على موقعها الرسمي جاء فيه “الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يستقبل كلًا من الأخ المجاهد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والأخ الرئيس محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، في لقاء أخوي على هامش احتفالات ذكرى استقلال الجزائر” فيما لم تذكر التدوينه المنشورة أي تفصيل عن مشروع الجزائر نحو تحقيق المصالحة الفلسطينية.
بدوره اعتبر المستشار زيد الأيوبي، القيادي في حركة فتح أن ما تقوم به حماس بحق المواطن الغزي بالإضافة لمواقفها المرتبطة بالأجندة الإيرانية يجعلها غير ناضجة لفكرة المصالحة مع محيطها الفلسطيني وعمقها العربي حيث إن أهم أسس المصالحة معها هو التخلي عن ارتباطاتها الإقليمية حتى تستطيع أن تندمج في منظمة التحرير الفلسطينية.
ونوه الأيوبي إلى أن حركة فتح مستعدة لتقديم تنازلات كبيرة من أجل إجراء المصالحة مع حماس وتكوين حكومة وحدة وطنية وحل كل الملفات العالقة على أساس وطني يخدم مستقبل الشعب الفلسطيني وليس أي مصالح حزبية ضيقة.
فشل مسبق
بالرغم من الفتور الذي دام لسنوات بين فتح وحماس غير أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون نجح في جمع نظيره الفلسطيني محمود عباس ورئيس حركة حماس إسماعيل هنية، خلال اللقاء التاريخي على هامش احتفالات ستينية الاستقلال بالجزائر، مطلع شهر يوليو وذلك بعد سنوات طويلة، لم يجتمعا فيها حول طاولة واحدة غير أن هذا النجاح لا يعني بالضرورة النجاح في تحقيق المصالحة الفلسطينية حيث، يرى خبراء ومختصون في الشأن السياسي، أن الشروط التعجيزية التي تضعها الفصائل الفلسطينية وتحديداً حركة حماس لن تؤدي إلى إفشال الجهود الجزائرية فقط؛ وإنما لإفشال كل جهد عربي بملف المصالحة.
وهو ما عبر عنه المحلل السياسي، محسن أبو رمضان والذي قال أن ”حماس لا تريد القبول بشروط الرباعية الدولية وتعزز قوة موقفها من خلال مطالب بعض فصائل منظمة التحرير التي ترفض حضور اجتماع المجلس المركزي المقبل وتطالب بإعادة تأهيل منظمة التحرير“.
وأشار المحلل السياسي، إلى أن ”هناك عددا من المؤشرات التي تؤكد فشل الجهود الجزائرية بملف المصالحة“، مشدداً على أن اجتماعات الجزائر سبقتها حوارات فاشلة بين الفصائل الفلسطينية بشأن عقد اجتماع المجلس المركزي.
بدوره، قال المحلل السياسي، أحمد عوض، إن فرص نجاح الجهود الجزائرية بملف المصالحة ضئيل جداً، مشدداً على أن حالة الانقسام الفلسطيني تعدت حركتي فتح وحماس وتشمل في الوقت الحالي جميع الفصائل.
وفي السياق، يرى المحلل السياسي، رياض العيلة، أن ”نسبة التفاؤل في نجاح الجهود الجزائرية بملف المصالحة الفلسطينية محدودة جداً“، قائلاً: ”يمكن إحداث اختراق محدود بالملف لكن الأمر لا يزال مرهونا بشروط الفصائل“.
وإضافة إلى فتح وحماس، وجهت الرئاسة الجزائرية أيضًا دعوات إلى "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، و"الجبهة الديمقراطية" و"القيادة العامة-الجبهة الشعبية".
يذكر أن الجزائر خلال احتفالها بستينية الاستقلال نجحت بقيادة رئيسها عبد المجيد تبون في جمع الرئيس الفلسطيني ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في لقاء تاريخي بعد سنوات لم يجتمع فيها الطرفان على طاولة واحدة وهو ما اعتبره بعض المحللين تقدم ملحوض في ملف المصالحة الفلسطينية فيما اعتبره البعض الاخر مجرد مجاملة بين الطرفان
هذا وقد أعلن الرئيس الجزائري أن الجزائر ستحتضن لقاء يجمع كلّ الفصائل الفلسطينية قبل انعقاد القمة العربية في شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل وفي حوار مع وسائل إعلام محلية، أكّد تبون أن بلاده هي الأولى بلمّ الشّمل وبأي وساطة بين الدول العربية، مشيراً إلى أن الجزائر تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت