انطوت أنباء الهدنة بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي، بعد أخطر قتال في القطاع الفلسطيني المضطرب منذ أكثر من عام بقليل، على مزيج من الارتياح والألم بالنسبة لكثير من أهل قطاع غزة.
فبينما كانت أُسر تنشر غسيلها على الجدران المدمرة وتنقب بين الأنقاض بحثا عن وثائق أو متاع يمكن العثور عليه، كان آخرون يوارون أحباءهم الثرى.
تقول نجوى أبو حمادة (45 عاما)، التي قُتل ابنها خليل البالغ من العمر 19 عاما عندما خرج إلى الشارع أمام منزلهم حيث تعرضت سيارة للقصف، "خليل طلع على الشارع زي كل الأولاد، سيارة انقصفت وهو استُشهد، كان واقف قريب منها.
"حياتي انتهت لما استُشهد، أنا وعدته انه عمره الفرح ما بيدخل قلبي".
وأنجبت نجوى ابنها الوحيد الراحل بعد 12 عاما من الزواج وخمس محاولات تلقيح صناعي فاشلة.
واستشهد 47 على الأقل، بينهم 15 طفلا، خلال عدوان إسرائيلي على قطاع غزة استمر 56 ساعة وبدأ يوم الجمعة عندما استهدفت ضربات جوية إسرائيلية قائدا كبيرا بحركة الجهاد الاسلامي. وقال مسؤولو الصحة في غزة إن أكثر من 360 شخصا أُصيبوا بجروح في غارات استمرت مطلع الأسبوع، بينهم 151 طفلا ومراهقا.
وقالت إسرائيل إنها شنت الضربات الجوية كعملية استباقية ضد هجوم وشيك لحركة الجهاد الإسلامي، المدعومة من إيران، استهدفت قادة الجهاد الإسلامي ومخازن الأسلحة وإنها بذلت كل ما في وسعها للحد من الخسائر في صفوف المدنيين.
وردا على ذلك، أطلقت حركة الجهاد الإسلامي أكثر من ألف صاروخ باتجاه إسرائيل، مما دفع سكان المناطق الجنوبية والوسطى فيها، بما في ذلك مدن كبرى مثل تل أبيب، إلى الفرار للملاجئ.
ومنع نظام القبة الحديدية للدفاع الجوي الإسرائيلي أي أضرار جسيمة أو خسائر بشرية على أراضي إسرائيل، ولم تتوفر مثل هذه الحماية لغزة المحاصرة، إذ يعيش زهاء 2.3 مليون نسمة على مساحة 365 كيلومترا مربعا.
وقال وسام نجم، الذي استشهد أربعة من أبناء أخوته يوم الأحد في مخيم جباليا للاجئين، وهو الأكبر ضمن ثماني مخيمات في غزة تضم فلسطينيين فرت عائلاتهم أو طُردوا من البلدات والقرى خلال حرب 1948 لقيام دولة إسرائيل، "سمعنا انفجار وفزعنا، طلعنا لقينا الأولاد أشلاء. طفل عمره أربع سنوات، لماذا يتم استهداف طفل عمره أربع سنوات؟".
وقال الجيش الإسرائيلي إنه يتحرى الحادث، الذي جاء غداة استشهاد أربعة أطفال في نفس المنطقة بما وصفته إسرائيل بأنه صاروخ للجهاد الإسلامي انحرف عن مساره وسقط على الأرض بعد وقت قصير من إطلاقه.
ويقول مسؤولون إسرائيليون إن حوالي 20 بالمئة من الصواريخ التي تم إطلاقها من غزة أخطأت أهدافها وتسببت في أضرار جسيمة وسقوط ضحايا في القطاع.
ورفضت كل من حركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس تلك الرواية وقالتا إن جميع الوفيات الفلسطينية نجمت عن ضربات إسرائيلية.
وقال مصعب البريم، المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي، "هذا جزء من الحرب النفسية الصهيونية التي يمارسونها ضد شعبنا بهدف خلق فجوة بين الشعب والمقاومة التي تحميهم".
وإلى جانب الخسائر البشرية، نزحت 40 أسرة على الأقل نتيجة القتال وأُصيبت نحو 650 وحدة سكنية بأضرار، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وبالنسبة لمعتصم شملخ (28 عاما)، فإن المنزل الذي كان يعيش فيه والذي تعرضت أجزاء منه لأضرار في حرب سابقة عام 2014 تم تدميره بالكامل الآن. وقال شملخ "إحنا الآن ما بعد الحرب، إحنا انقصفت دارنا، مين بده يعيد الركام هدا؟ وين نروح هلقيت؟".