أعلنت قيادة العمليات المشتركة العراقية حظر التجوال الشامل في جميع المحافظات اعتبارا من الساعة 7 مساء اليوم.
وتتلاحق التطورات في العراق بعد إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يوم الاثنين اعتزاله العمل السياسي، حيث أخرجت القوات الأمنية بالقوة أنصاره من داخل القصر الحكومي والساحات المحيطة به في المنطقة الخضراء.
وقال مراسل قناة "الجزيرة" سامر يوسف في بغداد إن قوات الأمن أطلقت النار بشكل كثيف داخل المنطقة الخضراء في بغداد، وأستطاعت السيطرة على القصر بعد طرد المتظاهرين منه.
وأضاف يوسف أن قوات الأمن أوقفت طاقم الجزيرة لعدة دقائق وهشمت الكاميرا الخاصة بهم قبل أن تقوم بطردهم من محيط القصر الحكومي.
وقبل ذلك بساعة، فرقت القوات العراقية بقنابل الغاز المدمع وخراطيم المياه، أنصار التيار الصدري الذين حاولوا اقتحام مقر الإقامة الرئاسي.
وأغلقت القوات الأمنية العراقية جسري الجمهورية والسنك وسط بغداد والطريق المؤدي إلى مبنى التلفزيون الحكومي.
ودعت قيادة العمليات المشتركة العراقية المواطنين للتعاون التام مع الأجهزة الأمنية كافة والالتزام بحظر التجوال والابتعاد عن الشائعات المغرضة.
وأضافت في بيان أن القوات الأمنية تؤكد مسؤوليتها عن حماية المؤسسات الحكومية والبعثات الدولية، وأضافت أنها تقوم بواجبها في حماية الأمن والاستقرار.
وأِشارت إلى أن القوات الأمنية التزمت أعلى درجات ضبط النفس لمنع التصادم أو إراقة الدم العراقي.
وأفادت وكالة الأنباء العراقية أن قائد عمليات بغداد أصدر توجيها بتعزيز الحماية للدوائر الحكومية والمصارف (البنوك).
وفي وقت سابق، أعلن الجيش العراقي حظر التجوال الشامل في بغداد، اعتبارا من الساعة 2:30 ظهر الاثنين (بالتوقيت المحلي)، بعد اقتحام أنصار الصدر القصر الجمهوري، وهو مبنى رسمي مخصص للمناسبات، ويختلف عن القصر الرئاسي الذي يعد المقر الرسمي لرئيس الجمهورية.
وقامت قوات الأمن بإجلاء موظفي مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية على إثر اقتحام المبنيين من أنصار الصدر.
حالة الإنذار قصوى
كما قرر رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي تعليق جلسات مجلس الوزراء إلى إشعار آخر بسبب دخول متظاهرين لمقر المجلس، وأعلن حالة الانذار القصوى في بغداد لكل القوات الأمنية.
ودعا الكاظمي في بيان المتظاهرين للانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء والالتزام بتعليمات القوات الأمنية، كما طالب مقتدى الصدر للمساعدة في دعوة المتظاهرين للانسحاب من المؤسسات الحكومية.
وقال رئيس الوزراء العراقي إن تجاوز المتظاهرين على مؤسسات الدولة يعد عملا مدانا وخارجا عن السياقات القانونية، منتقدا ما أسماه تمادي الخلاف السياسي ليصل إلى لحظة الإضرار بكل مؤسسات الدولة.
من جانبه دعا حيدر العبادي رئيس الوزراء السابق ورئيس ائتلاف النصر العراقي إلى التهدئة وضبط النفس وعدم الانجرار خلف الفتن التي أقبلت.
وطالب العبادي العراقيين إلى التكاتف ومنع التجاوزات على الحقوق الخاصة والعامة.
اعتزال الصدر
وتفجرت الأزمة عندما أعلن مقتدى الصدر صباح الاثنين اعتزاله الحياة السياسية نهائيا وإغلاق المؤسسات التابعة له.
إذ قال الصدر في بيان نشره عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر، إنه سيغلق "كافة المؤسسات إلا المرقد الشريف والمتحف الشريف وهيئة تراث آل الصدر الكرام".
وتابع "الكل في حلّ مني.. وإن مت أو قُتلت فأسألكم الفاتحة والدعاء".
كما جاء في البيان على لسان مقتدى الصدر "لم أدّع يوما العصمة أو الاجتهاد ولا حتى القيادة، إنما أنا آمر بالمعروف وناه عن المنكر، ولله عاقبة الأمور.. وما أردت إلا أن أقوّم الاعوجاج الذي كان السبب الأكبر فيه هو القوى السياسية الشيعية بوصفها الأغلبية، وما أردت إلا أن أقرّبهم إلى شعبهم وأن يشعروا بمعاناته".
ويأتي ذلك في حين يرابط أتباع الصدر -للأسبوع الخامس على التوالي- أمام مقر البرلمان العراقي في المنطقة الخضراء الحكومية وخارجها، للمطالبة بحل البرلمان العراقي.
اقتحام القصر الجمهوري
وفي وقت، اقتحم بعض أتباع مقتدى الصدر -اليوم الاثنين- المنطقة الخضراء الحكومية (وسط بغداد) وحاصروا مبنى الحكومة العراقية، في ظل إجراءات أمنية مشددة.
وأفاد مصدر في الرئاسة العراقية بأن عشرات المتظاهرين اقتحموا القصر الجمهوري داخل المنطقة الخضراء، وهو ما أظهرته بعض مقاطع الفيديو المتداولة على مواقع التواصل.
وجاء ذلك بعدما أسقط بعض أنصار التيار الصدري كتلا خرسانية من جدار حماية البرلمان العراقي عقب تمكنهم من اختراقه.
وأكدت قيادة العمليات المشتركة أن القوات الأمنية تؤكد مسؤوليتها عن حماية المؤسسات الحكومية والبعثات الدولية.
وفي المقابل، يتجمع جمهور الإطار التنسيقي الشيعي عند البوابة الجنوبية للمنطقة الخضراء، في حركة اعتصام تطالب بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة واستئناف عمل البرلمان العراقي.
دعوات للحوار
وجددت الرئاسات العراقية الثلاث -في وقت سابق اليوم الاثنين- دعمها دعوة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي لعقد جولة جديدة من الحوار الوطني الأسبوع الحالي لبحث ومناقشة الأفكار والمبادرات التي تخص حل الأزمة الحالية، وبحضور التيار الصدري.
وذكر بيان لرئاسة الجمهورية أن الرئيس العراقي برهم صالح عقد اجتماعا اليوم، بحضور الكاظمي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، لبحث المستجدات على الساحة الوطنية.
وأكد المجتمعون أن "الحفاظ على الأمن والاستقرار والمسار الديمقراطي والدستوري في العراق واجب جميع العراقيين، كما هو واجب مؤسسات الدولة والقوى السياسية الوطنية، وأن الحوار البنّاء هو الطريق السليم لإنهاء كل الخلافات الحالية، حفاظا على مقدرات البلاد".
كما شددوا على التقدير العالي لمبادرات الإصلاح على كل المستويات وتطوير عمل المؤسسات المختلفة ومحاربة الفساد، وضرورة أن يأخذ الحوار الوطني مداه لمناقشة كل ما من شأنه ترجمة تطلعات الشعب إلى واقع فعلي.
وكان زعيم التيار الصدري اقترح -السبت الماضي- أن تتخلى "جميع الأحزاب" عن المناصب الحكومية التي تشغلها، للسماح بحل الأزمة السياسية في العراق.
وقال الوزير الصدري صالح محمد العراقي -في تغريدة وقتها، نقلا عن زعيم التيار- إن "هناك ما هو أهم من حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة"، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء العراقية (واع).
وأضاف أن "الأهم عدم إشراك جميع الأحزاب والشخصيات التي شاركت في العملية السياسية منذ الاحتلال الأميركي عام 2003 وإلى يومنا، بما فيها التيار الصدري".
وفي وقت سابق من أغسطس/آب الجاري، أطلق الكاظمي "حوارا وطنيا" لمحاولة إخراج العراق من المأزق، لكن ممثلي التيار الصدري وزعيمهم قاطعوا هذه المبادرة، واعتبروا أنها لم "تسفر إلا عن بعض النقاط التي لا تسمن ولا تغني من جوع".