- بقلم/أ.محمد حسن أحمد
تتعدد الحروب وفقًا لأهدافها باستخدام أساليب مبتكرة لتحقيق ما يصبو إليه قادتها السياسيون وهذا متعارف عليه لدى خبراء الاستراتيجية، و في ظل ما تعيشه القارة الأوروبية من حالة الجفاف غير المسبوقة والتي تضرب دولاً كثيرة حول العالم نتيجة التغير المناخي ومانتج عنه انحسار في الأمطار، بعد أن تحولت القارة العجوز إلى كرة من اللهب سجلت درجات حرارة قياسية أدت إلى تراجع منسوب المياه في الأنهار الكبرى وتحويل المساحات الخضراء إلى أراضٍ جرداء ، وكما في الصين والتي تشمل قطاع الطاقة الذي يعدّ الأكبر في العالم حيث لا يزال 90% من إمدادات الكهرباء بحاجة إلى موارد مائية كبيرة، سواء التي تُنتج من الفحم أو محطات الطاقة النووية، ففي كلمة للدبلوماسي السابق تشارلي بارتون، فإن "بإمكان الصين طباعة النقود لكنها لن تستطيع طباعة المياه"وذلك بإلاشارة إلى المرحلة القادمة بما تحمله من صراعات امتدادا للصراع الممتد منذ عقود ومازال إلى الآن على البترول والذي شكل مساحة كبيرة من معادلات وأحداث في المنطقة ليأتي الصراع على المياه أشد شراسة فالمياه أهم من البترول فهي سر الحياة، قال المولى عزوجل: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) ، نعم لولا الماء لما كان على وجه الأرض حياة، وإن الإدراك لأهمية المياه سيحدد طبيعة الصراع في المرحلة القادمة والذي سيؤثر على الأمة العربية خاصة .
وفي كلمة لوزير الدفاع الأمريكي الأسبق روبرت مكنمارا " فهناك الكثير من الجوانب غير العسكرية المرتبطة ارتباطا وثيقا بمسألة الأمن القومي ومنها مسألة الأمن الغذائي والاقتصادي، ومسألة المياه على رأس تلك الجوانب" فنجحت أمريكا في تحقيق أكبر قدر من النفوذ على السيطرة على مصادر المياه في ظل الصراع الممتد في العالم، وكما أن (إسرائيل) تسعى لزيادة نفوذها في القرن الأفريقي في ظل التدخلات وما تفتعله إثيوبيا من أزمات عنوانها سد النهضة بدعم صهيو أمريكي لن تجد ضالتها ، فمصر قادرة بإذن الله أن تفشل كيد أعداء الأمة العربية وقلبها النابض مصر ضد المتربصين والغزاة، والكل يدرك أن كيان الاحتلال هو مخلب الاستعمار والمطامع التي يريدها للحصول على أكبر كمية من المياه ، وفي ذات السياق أعلن ديفد بن غوريون عام 1955 أن "اليهود يخوضون مع العرب معركة المياه، وعلى نتيجة هذه المعركة يتوقف مصير إسرائيل، وإذا لم ننجح في هذه المعركة فإننا لن نبقى في فلسطين"، بذلك لننظر إلى حدود هذا المحتل طبقًا إلى الخريطة المعلقة على الكنيست من النيل إلى الفرات ويقصد بها من ماء إلى ماء،فإن (إسرائيل ) يوجد لديها مخزون من المياه وتريد أن تؤمن المزيد للأزمة القادمة وتحصل عليها من سرقة الآبار الفلسطينية والعربية بوسائلها وبالعقل الصهيوني النازي .
تكهنات كثيرة قد تزداد في تشكيل توازنات القوى والصراع الأزلي الموجود علي ساحات الدول عظمى وصغرى ، فالصراع الذي تصدره الإدارة الأمريكية لدول العالم يأتي في إطار الاستحواذ على مقدرات الشعوب وموارد بلادهم ، ولا ننسى أن كيان الاحتلال الإسرائيلي هو مخلب استعماري ليس بعيدا عن محاور الاستعمار وأطماعه .
وفي الشأن الفلسطيني سيظل الشعب الفلسطيني صامدًا على أرضه ، ولم يغادر وطنه في الوقت الذي تغادر الإدارات الأمريكية، وهذا يحتم على أمتنا وقيادتنا أن يدركوا جوهر الصراع الممتد بين الأمة العربية والإسلامية من جهة، وقوى الاستعمار وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وكيان الاحتلال الإسرائيلي وحلفائها، من جهة أخرى ولابد أن نتذكر ما قاله ابن خلدون في مقدمته أن العرب لا يحصل لهم الملك والقوة والمنعة إلا بصبغتهم الدينية، وبوحدتهم والتمسك بدينهم الذي تحاربه قوى الاستعمار، خاصة أن عناصر القوة تزخر بها الأمة العربية والاسلامية على صعيد الموارد البشرية والإمكانيات والثروات التي تؤهل أمة العرب أن تكون قوة عظمى، ولكن هذا يتطلب أن نتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت