- بقلم: وسام زغبر
■تشير التقارير الإحصائية الرسمية إلى أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب (479) انتهاكاً وجريمةً بحق الصحفيين الفلسطينيين منذ مطلع العام الجاري 2022، فيما ارتكبت الأجهزة الأمنية في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة ما مجموعه (29) انتهاكاً، فيما ارتكبت مواقع التواصل الاجتماعي مئات الانتهاكات بحق المحتوى الفلسطيني.
الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصحفيين الفلسطينيين مستمرة ولم ولن تتوقف طالما استمر انفلات مجرمي الاحتلال من العقاب، حيث أشارت آخر التقارير إصابة صحفيين بنيران الاحتلال وهما الزميلان نضال اشتية (الذي فقد بصره بعينه المُصابة برصاص الاحتلال في وقت سابق) وعبد الله البحش أثناء تغطيتهما للمواجهات قرب حاجز حوارة جنوبي نابلس.
وتتزامن هذه التقارير والأحداث الميدانية مع اليوم العالمي للتضامن مع الصحفي الفلسطيني الذي صادف السادس والعشرون من أيلول (سبتمبر) وفق ما أقره الاتحاد الدولي للصحفيين إثر أحداث هبة النفق عام 1996، حين تعرض الصحفيون لاعتداءات شتى والتي ما زالت فصولها متواصلة في ظروف بالغة التعقيد.
وحسب الإحصائيات والتقديرات، أن أشكال الانتهاكات تتنوع ما بين الاحتجاز والمنع من التغطية والتي كان لها النصيب الأكبر من حيث عدد الحالات التي سجلت بواقع 175 حالة، والقتل المتعمد والاعتقال والاستهداف بالرصاص، حيث اخترقت 35 رصاصة أجساد الصحفيين، إضافة إلى المنع من السفر والتنقل والعرض على المحاكم والاستدعاءات والاعتداء بالضرب وغيرها من الانتهاكات التي تهدف إلى منع وإعاقة عمل الصحفيين.
حيث أظهرت الاحصائيات ارتفاع حالات الاعتداءات من قبل المستوطنين على الصحفيين الفلسطينيين بشكل مُلفت وبحماية من جيش الاحتلال، حيث مثلت نسبة الصحفيات المتعرضات للانتهاكات 14%، كما أن حالات القتل استهدفت صحفيتين بشكل متعمد هن، شيرين أبو عاقلة وغفران وراسنة.
فيما ذكرت تقارير أنه منذ عام 2000 وحتى 2013، عام انضمام فلسطين للمعاهدات الدولية ومن بينها محكمة الجنايات الدولية، استشهد 50 صحفياً فلسطينياً برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، في جرائم حرب ممنهجة وثقتها نقابة الصحفيين في سجلاتها، ولكن للأسف لا تنطبق عليهم الشروط القانونية لتقديم ملفاتهم لمحكمة الجنايات ومحاكمة مرتكبيها كونهم استشهدوا قبل عام 2013، أي قبل انضمام فلسطين للجنايات الدولية.
في حين سلمت نقابة الصحفيين الفلسطينيين والاتحاد الدولي للصحفيين وبالتعاون مع محامين دوليين، الشكوى القانونية المتعلقة بقضية الشهيدة الصحفية شيرين أبو عاقلة في 20 أيلول (سبتمبر) 2022 والتي اغتيلت بدم بارد برصاص قناص إسرائيلي في 11 أيار (مايو) 2022 والمصابين علي سمودي وشذى حنايشة، في مخيم جنين شمال الضفة الفلسطينية، إلى محكمة الجنايات الدولية وإحالتها للمدعي العام للمحكمة كريم خان للشروع في إجراء تحقيق دولي جنائي، كما جرى في تسليم الشكوى في ملف الصحفيين ياسر مرتجى وأحمد أبو حسين، والمصابين معاذ عمارنة ونضال اشتية، في 25 نيسان (إبريل) 2022.
ويواصل الاحتلال اعتقال 17 صحفياً في سجونه، سبعة منهم معتقلون إدارياً (الصحفية بشرى الطويل، والصحفيون عمر أبو الرب وعامر أبو عرفه وفيصل الرفاعي ومحمد نمر عصيدة ورجائي حمد ونضال أبو عكر) دون أي مسوغ قانوني في مخالفة لكافة المواثيق والأعراف و الاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية جنيف.
ولم تقتصر الانتهاكات والجرائم على الاحتلال وحده، بل تزامنت مع انتهاكات شركة «ميتا» المالكة لموقعي «فيسبوك» و«انستغرام» في محاربة وتقييد المحتوى الفلسطيني الذي يتضمن نشر الرواية الفلسطينية وفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة. حيث أفادت دراسة لشركة الاستشارات المستقلة (بي آر إس) أجريت لصالح شركة «ميتا» أن الشركة لعبت دوراً سلبياً على حقوق المستخدمين الفلسطينيين في حرية التعبير والتجمع والمشاركة السياسية خلال شهر أيار (مايو) 2021، ما انعكس على قدرتهم في مشاركة المعلومات ورؤيتهم حول تجاربهم فور حدوثها، والتي بينت أن العديد من الفلسطينيين الذين حاولوا توثيق جرائم الاحتلال وانتهاكاته باستخدام الموقعين تم اخفاء منشوراتهم تلقائيًا دون الرجوع لهم.
تلك الوقائع والاحصائيات والمعلومات المخيفة، في الوقت الذي يحيي العالم يوم التضامن مع الصحفي الفلسطيني، هي مناسبة للفت الأنظار تجاه ما يتعرض له الصحفيون الفلسطينيون، حراس الحقيقة من جرائم وانتهاكات إسرائيلية، تُعيق عملهم المهني والذي بلغ عدد الشهداء منهم أكثر من 50 صحفياً فلسطينياً منذ العام 2000 فيما يقبع في سجون الاحتلال نحو (17) صحفياً بينهم (7) صحفيين يواجهون سياسة الاعتقال الإداري... وهي أيضاً مناسبة لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2222) المتعلق بحماية الصحفيين الفلسطينيين ووضع حد للانتهاكات والجرائم ضدهم بمحاسبة مرتكبيها وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، والعمل على الإفراج عن الصحفيين في سجون الاحتلال.
إن التضامن الفعلي مع الصحفي الفلسطيني، بوقف الجرائم والانتهاكات بحقه، وفتح المجال أمام تطوير صحافة الكفاح الوطني وتحريرها من كل القيود، والتي يمكن أن تروي للعالم قصص كفاح شعبنا من أجل الحرية والعودة وتقرير المصير. حقاً، سيبقى الصحفي الفلسطيني، الشاهد والشهيد على جرائم الاحتلال ونقل معاناة شعبنا ونضاله إلى العالم. ■
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت