وثيقة لم الشمل الفلسطيني التي وقعت في الجزائر تتطلب ارادة سياسية للتنفيذ

بقلم: علي ابوحبله

الفصائل الفلسطينية توقع "إعلان الجزائر" لإنهاء الانقسام برعاية الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في الجزائر
  • بقلم المحامي علي ابوحبله

"تجسيدا للمبادرة السامية التي أعلن عنها السيد عبد المجيد تبون, رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية, بعد التشاور والتنسيق مع الرئيس محمود عباس, رئيس دولة فلسطين ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية, خلال زيارته إلى الجزائر, في الفترة من 05 إلى 07 ديسمبر 2021, وتحت الرعاية  السامية  للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون, جرت بالجزائر, في الفترة الممتدة من شهر يناير إلى شهر سبتمبر من سنة 2022, محادثات مع ممثلي مختلف القوى والفصائل السياسية للشعب الفلسطيني وعدد من الشخصيات الوطنية الفلسطينية المستقلة.

وتأتي المبادرة الجزائرية انطلاقا من القناعة الراسخة أن الوضع الراهن الذي تمر به القضية الفلسطينية جراء استمرار الاحتلال الإسرائيلي وترسيخ الاستيطان وتهويد القدس ومحاولات فرض التقسيم ألزماني والمكاني للمسجد الأقصى وتضاؤل فرص امكانية حل الدولتين وفي ظل  الاعتداءات المتكررة على الشعب وانسداد أفق مسار التسوية وانغلاق  في مسار السلام بالشرق الأوسط, مع ما تشكله السياسات الاسرائيليه من خطر يتهدد القضية الفلسطينية, فضلا عما آلت إليه القضية الفلسطينية على الساحتين العربية والدولية في ظل استغلال الانقسام داخل البيت الفلسطيني وما ترتب عنه من آثار سلبية على الجهود الرامية لاستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

 عقد مؤتمر لم الشمل الفلسطيني بحضور أمناء ومسئولي  الفصائل الفلسطينية وتم  التوقيع على "إعلان الجزائر" تحت مسمى وثيقة لم الشمل الفلسطيني ، وذلك انطلاقا من المسؤولية الوطنية والتاريخية التي تقتضي إعلاء المصلحة العليا للشعب الفلسطيني وقد لقيت مبادرة دولة الجزائر الشقيق ترحيب الكل الفلسطيني وتفاعل الجميع من المبادرة الجزائرية على ضوء التفاعل الإيجابي والانخراط الجاد من قبل كافة القوى والفصائل الفلسطينية مثمنين جهود الجزائر, لاسيما وأن اللقاء الأخوي الذي جمع بين الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية -حماس- السيد إسماعيل هنية, بالجزائر, يوم 05 يوليو 2022, بمناسبة مشاركتهما في الاحتفالات المخلدة للذكرى الستين لاسترجاع الجزائر استقلالها الوطني, وقد تركزت المحادثات بالأساس حول سبل تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية عبر إنهاء الانقسام ولم شمل مختلف القوى الفلسطينية

 

 

وحقيقة القول أنه لم يعد أمام الفلسطينيين من خيار لمواجهة مستجدات المرحلة ألراهنه سوى التغلب على الانقسام الفلسطيني وتحقيق الوحدة الوطنية ، وبعد يومين من المناقشات التي تمت برعاية جزائرية، وقعت الفصائل الفلسطينية الخميس، على الاتفاق، في القاعة نفسها التي شهدت إعلان الرئيس الراحل ياسر عرفات قيام دولة فلسطين، في قصر الأمم في منطقة سطا والي في الضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية، في نوفمبر/تشرين الثاني 1988.

وتعد عملية المصالحة وإنهاء الانقسام والوحدة الوطنية الفلسطينية مهمة ضرورية في هذه المرحلة المفصلية التي تمر فيها القضية الفلسطينية ووحدة الميدان تسبق وحدة القوى والفصائل الفلسطينية في مواجهة الاحتلال ، وباتفاق الجزائر  ومخرجات الحوار أصبح الطريق سالكا وممهدا لتطبيق اتفاق الجزائر الذي يعد امتداد  لاتفاق القاهرة وإعلان الدوحة واتفاق مكه  ، ومخرجات حوار الجزائر وما تتضمنه من بنود تم التوافق عليها وتغطي كافة القضايا المحورية  ، وهي التأكيد على أهمية الوحدة الفلسطينية كأساس للصمود والتصدي ومقاومة الاحتلال لتحقيق الأهداف المشروعة للشعب الفلسطيني، واعتماد لغة الحوار والتشاور، في حل الخلافات على الساحة الفلسطينية، في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

واتخاذ الخطوات العملية لإنهاء الانقسام فورا، بهدف تحقيق المصالحة الوطنية وتكريس مبدأ الشراكة السياسية مع مختلف القوة الوطنية الفلسطينية، بما في ذلك الانتخابات، وبما يسمح بمشاركة واسعة في الاستحقاقات السياسية القادمة.

وقد تكللت  حوارات مؤتمر الجزائر بالنجاح، بفضل الله تعالى ثم بفضل الجهود المخلصة لممثلي الفصائل الفلسطينية، في ظل الرعاية الجزائرية  الساميه ، حيث تم الاتفاق على المبادئ التالية:

1. التأكيد على أهمية الوحدة الوطنية كأساس للصمود والتصدي ومقاومة الاحتلال لتحقيق الأهداف المشروعة للشعب الفلسطيني واعتماد لغة الحوار والتشاور لحل الخلافات على الساحة الفلسطينية بهدف انضمام الكل الوطني إلى منظمة التحرير الفلسطيني الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

2. تكريس مبدأ الشراكة السياسية بين مختلف ا لقوى الوطنية الفلسطينية، بما في ذلك عن طريق الانتخابات وبما يسمح بمشاركة واسعة في الاستحقاقات الوطنية القادمة في الوطن والشتات.

3. اتخاذ الخطوات العملية لتحقيق المصالحة الوطنية عبر إنهاء الانقسام.

4. تعزيز وتطوير دور منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها بمشاركة جميع الفصائل الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بجميع مكوّناته ولا بديل عنها.

5. يتم انتخاب المجلس الوطني الفلسطيني في الداخل والخارج حيث ما أمكن، بنظام التمثيل النسبي الكامل وفق الصيغة المتفق عليها والقوانين المعتمدة بمشاركة جميع القوى الفلسطينية خلال مدة أقصاها عام واحد من تاريخ التوقيع على هذا الإعلان.

وتعرب الجزائر، بهذه المناسبة، عن استعدادها لاحتضان انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني الجديد والذي لقي شكر وتقدير جميع الفصائل المشاركة في هذا المؤتمر.

6. الإسراع بإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، وفق القوانين المعتمدة في مدة أقصاها عام من تاريخ التوقيع على هذا الإعلان.

7. توحيد المؤسسات الوطنية الفلسطينية وتجنيد الطاقات والموارد المتاحة، الضرورية لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار ودعم البنية التحتية والاجتماعية للشعب الفلسطيني بما يدعم صموده في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

8. تفعيل آلية الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية لمتابعة إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية والشراكة السياسية الوطنية.

9. يتولى فريق عمل جزائري - عربي الإشراف والمتابعة لتنفيذ بنود هذا الاتفاق بالتعاون مع الجانب الفلسطيني وتدير الجزائر عمل الفريق.

إن مخرجات حوار الجزائر والتوقيع وثيقة لم الشمل الفلسطيني  يمكن البناء عليها للمضي قدما بخطوات عمليه لاتمام المصالحة وإنهاء الانقسام لكن الخشية إن يكون مصيرها مصير الاتفاقات السابقة ، حيث أن اتفاق الشاطئ وميلاد حكومة الوفاق أسست لمرحله كان يبنى عليها لتحقيق الوحدة الوطنية وتوحيد المؤسسات لكنها اصطدمت بعقبات حالت دون توحيد الجغرافية الفلسطينية واستعادة وحدة المؤسسات الفلسطينية .

الانتخابات أصبحت استحقاق دستوري بحسب القانون الأساس الفلسطيني وهي أمرا ملحا وضروريا لتجاوز الأزمات التي عليها الوضع الفلسطيني الداخلي وتمهد لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني ، وذلك ليصبح بمقدور القيادة الفلسطينية بإستراتجيتها الموحدة بوحدة شعبها وبموقف موحد لكافة القوى والفصائل الفلسطينية من مواجهة المستجدات والتغيرات في الوضع الإقليمي والدولي ، واستمرارية الانقسام تجسيد عملي لفصل قطاع غزه عن الضفة الغربية .

هذا الانقسام بهذا الوضع يريح الإسرائيليين ويجعلهم في حل من التزاماتهم ويعقد في مسار العملية السلمية ويؤدي بالفلسطينيين والقضية الفلسطينية إلى طريق مجهول تؤدي لتصفية القضية الفلسطينية وإنهاء قضية اللاجئين واستمرار معاناة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي

إن مخرجات حوار الجزائر وما تم التوافق عليه من بنود وضعت فتح وحماس أمام مسؤوليتهما التاريخية لإنهاء الانقسام والشروع فورا للتوصل إلى توافق بين كافة الفصائل الفلسطينية على حكومة  وحده وطنيه تلتزم ببرنامجها السياسي ببنود ما خلص اليه حوار الجزائر والتقيد بجدول زمني ينهي الانقسام الفلسطيني واستعادة الوحدة الجغرافية للوطن الفلسطيني ،وهذا يتطلب أراده سياسة دون  التلكؤ الذي أصبح خدمة لأهداف وأجندات لا تخدم القضية الفلسطينية ، ان الارتكان لهذه الجهة أو تلك أو المراهنات على تغيرات تحسن من شروط التفاوض أصبحت لا تفي بالغرض المطلوب وأصبحت مضرتها أكثر من منفعتها لان الذي يجري في عالمنا العربي والدولي والإقليمي  لم يعد في صالح القضية الفلسطينية ولم تعد القضية الفلسطينية أولى القضايا في الاهتمام العربي ، هناك من يتهرب من موضوع المصالحة وهناك من يضع فيتو على عملية المصالحة وكل ذلك لخدمة أجندات أصبحت جميعها مكشوفة وواضحة ولا تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية .

 إن المماطلة و التهرب من إتمام المصالحة وفق بنود ما تم التوصل اليه والتوافق عليه  في الجزائر لم يعد يصب في مصلحة القضية الفلسطينية ، آن الأوان للصحوة الفلسطينية الحقيقية والخروج من كابوس الانقسام الذي أرهق الفلسطينيون وأوصلهم إلى ما  هم عليه من وضع أصبحوا لا يحسدوا عليه .

أمام هذا الواقع لم يعد من خيار أمام الفلسطينيين إلا الخروج من مأزق الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية ، أصبح الجميع أمام المسؤولية التاريخية في جمع الشمل الفلسطيني وأصبح الجميع أمام المساءلة التاريخية لإتمام عملية المصالحة لم يعد هناك من وقت للمراوغة أو التلكؤ في إتمام عملية المصالحة خاصة وان أية محاولات للتهرب من تحقيق وإتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية تصب في خدمة المشروع الأمريكي الصهيوني الهادف إلى تكريس الانقسام وتمرير صفقة القرن وسياسة الكونتونات وتكريس لللامركزيه لحكم الهيئات المحليه ، لم يعد هناك متسع من الوقت للمماطلة والتسويف لإنهاء الانقسام

إن ضمان التوافق الوطني والشراكة  السياسية وعدم إلغاء الآخر وفق القانون الأساس الفلسطيني الذي نص على التعددية  السياسية  وهو ما تضمنته وثيقة الجزائر وثيقة لم الشمل الفلسطيني   وللبناء على ما تحقق يتطلب الشروع بتشكيل حكومة وحدة وطنية ببرنامج سياسي مرجعيتها وثيقة الجزائر  وتحديد جدول زمني يحدد إجراء انتخابات المجلس الوطني والانتخابات  الرئاسية والتشريعية ، ويجب أن توضع في سياق برنامج وخطة التحرير و التحرر من الاحتلال، وإجراء انتخابات المجلس الوطني  تعتبر مهمه لجهة تفعيل مؤسسات منظمة التحرير وبمشاركة الجميع وفق التمثيل النسبي  حيثما أمكن ذلك، واختيار أعضاء المجلس الوطني في الأماكن التي يتعذر إجراء الانتخابات فيها على أسس ومعايير موضوعية يتفق عليها، مع الحرص على ضمان حرية الانتخابات ونزاهتها واحترام نتائجها، وإجرائها على جميع المستويات المحلية والعامة وفي كل القطاعات.

تشكل وثيقة لم الشمل العربي نافذة أمل جديدة بعد إخفاقات لقاءات المصالحة السابقة وتتمثل في

 * 1-اتفاق مكة 8 فبراير 2007.

*2-الورقةالمصرية 15سبتمبر 2009 .

*3-اتفاق القاهرة 20 ديسمبر 2011.

*4-اعلان الدوحة 6 فبراير 2012

*5-اتفاق الشاطئ 23 ابريل 2014

*6-اتفاق القاهرة 12 أكتوبر 2017.

*7-لقاء روسيا 11-13 فبراير 2019.

*8-اجتماع بيروت 3 سبتمبر 2020 .

*9-اتفاق اسطنبول 24 سبتمبر 2020.

*10-اتفاق الجزائر 12 أكتوبر 2022

 وكانت جميعها تفتقد لآلية تنفيذ ، نأمل أن تضمن وثيقة الجزائر آلية تنفيذ برعاية  الجزائر وجامعة الدول العربية وأن تنال ثقة واعتماد القمة العربية   ضمن جهود إعادة الاهميه والزخم للقضية الفلسطينية

 مبادرة الجزائر وثيقة لم الشمل العربي   يتطلب تنفيذها رزمة واحدة و يجب الاتفاق على تحديد جدول زمني  للتنفيذ بشكل متزامن ومتوازٍ ، على أن تُشكّل لجنة وطنية فلسطينيه ومظله عربيه والضامن الجزائر  ، لتقوم بالإشراف على متابعة بنود ما تضمنته  وثيقة لم الشمل الفلسطيني وما خلصت إليه وتم التوافق على بنودها ، وتحميل المسؤولية للطرف أو الأطراف التي تمنع أو تعرقل تنفيذها. كما يتطلب تحقيقها توفر إرادة سياسة  وقرار وطني مستقل بعيدا عن أي ضغوط أو أجندات خاصة ، وبوادر حسن نوايا تتمثل في الافراج عن كافة المعتقلين السياسيين ووقف الاعتقالات لاسباب ودواعي سياسيه ووقف التحريض الإعلامي ضمن إعادة التصويب لإعلام وطني هادف مع ما يستتبع ذلك من توحيد للخطاب السياسي وتصويب لأولوية الصراع مع الاحتلال ونختم بالقول مقولة " نيلسون مانديلا "المستحيل يبقى مستحيلًا إلى أن يقوم أحد بتحقيقه

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت