حرب شرسة و"جيل جديد" ثائر.

بقلم: بكر أبو بكر

بكر أبوبكر.webp
  • بكر أبوبكر

 

تعيش فلسطين أجواء ثورة جديدة أو انتفاضة متدحرجة ساهم في قدح زنادها العمل الإرهابي الصهيوني اليومي المتواصل سواء من قبل الجيش الصهيوني (وحملته الجديدة المسماة كاسرالامواج) أومن ممارسات إرهابييه المستوطنين في كل مكان بالقدس ثم انتقالًا لأرجاء الضفة، ما كثف عوامل الرد والرغبة في المقاومة بأشكالها المتعددة، ومنها العنفية لدى الفلسطينيين وخاصة من قبل "الجيل الجديد" أو "التيار الثوري الشبابي" كما اصطلح على تسميتهم مركز دراسات الامن القومي الإسرائيلي، وهم والفلسطينيون عامة الذين يتعرضون لاعتداءات صهيونية في كل آن وكل ساعة لم تتوقف بل وأصبحت حسب الاحصائيات الأضخم منذ العام 2006.

وطبقاً لوسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن “أفيف كوفاخي” رئيس أركان جيش الاحتلال أعطى تعليماته المباشرة لقوات جيشه المُحتّل باستخدام أسلحتهم ضد الفلسطينيين في أي موقف ضروري!؟ لإنجاز مهمة قمّع وقتل الشعب الفلسطيني، وهو الأمر الذي تجسد عملياً بتصعيد العدوان الإسرائيلي مؤخراً في الضفة الغربية.

في حين تواصل قوات الاحتلال إحكام الحصار والتضييق على الفلسطينيين في كافة أنحاء البلاد وخاصة مدينة نابلس مؤخرا، من خلال إغلاق الحواجز العسكرية الرئيسية والفرعية ومنع حركة الفلسطينيين من داخل نابلس إلى خارجها، والى رام الله، وفي بيت لحم وقرب الخليل، وشن حملة اعتقالات واسعة بين صفوفهم.

جاء التصعيد الصهيوني الإرهابي على وقع تصريح منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالإنابة، "لوسيا إلمي"، بأن العام الحالي يعدّ الأكثر دموية في الأراضي الفلسطينية منذ 16 عاماً، نتيجة "الزيادة المقلقة في أعمال العنف، والقيود المفروضة على الحركة في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة" وأضافت في بيان أصدرته  أنه "مع استشهاد ما لا يقل عن 105 فلسطينيين، بينهم 26 طفلا على أيدي قوات الاحتلال، كان عام 2022 أكثر الأعوام دموية منذ عام 2006، في المتوسط ​​الشهري، للفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس المحتلة".

مساء الأربعاء 19/10/2022م قتل الصهاينة المطارد الفلسطيني منفذ عملية "حاجز شعفاط" قبل نحو 10 أيام عدي التميمي، بعدما أصاب حارس "أمن" إسرائيلي" إثر تنفيذ عملية اطلاق نار جديدة قرب مستوطنة "معاليه أدوميم" المقامة على أراضينا شرق مدينة القدس المحتلة. وما كان لهذه العملية الا أن تؤجج مشاعر منظمة "عرين الأسود" و"وكر الصقور" وتشكيل " الصلعان" (حلق الشباب في مخيم شعفاط رؤوسهم على الصفر تضامنًا مع عدي الأصلع، قبل استشهاده)، وتواصل عملية "كاسر الامواج" الصهيونية في مقابل كسر الجمود السياسي عبر المقاومة الشعبية.

وفيما أكدت الرئاسة الفلسطينية، "أن الحصار الذي تتعرض له محافظة نابلس منذ 10 أيام، واقتحام المدن والقرى والمخيمات، واستمرار اقتحامات المسجد الأقصى المبارك والحرم الإبراهيمي ومحاولة تغيير الوضع التاريخي فيهما، هو بمثابة إعلان حرب شاملة على الشعب الفلسطيني وقيادته"، فإن حملة رئيس الأركان الصهيوني ضد الضفة الغربية تقابل بالمقاومة بأشكال وأنماط مختلفة بدءًا من تواصل قطف الزيتون الى التظاهرات الى تحدي الحواجز وآلة القتل الصهيونية التي لا تتوقف.

والى ما سبق توعد "الجيل الجديد"-كما أسماهم وزير الحرب الصهيوني ذات- ممثلًا بتشكيل "عرين الأسود" في بيانه الاحتلال، وقال: "نقول لك يا عدي ونعدك ونقسم لك بالله العظيم أننا سنؤدي لك التحية العسكرية في صدورهم قبل بزوغ الفجر وهنا ونستنفر إخواننا المُقاتلين وأبناء شعبنا الليلة وغدا لتكن ليلة غضب وليكن غداً يوم غضب لأجل الله ولأجل عدي".

في تحليل نشره موقع "تايمز أوف إسرائيل" (20/10/2022م)، قال"إيمانويل فابيان"، مراسلهم العسكري، "إن الفصيل الفلسطيني الجديد (عرين الأسود) اكتسب شعبية مع سلسلة من عمليات إطلاق النار،وعبر التحلي بالذكاء على وسائل التواصل الاجتماعي في الوقت الذي تفرض "إسرائيل" عقوبات قاسية على مدينة نابلس"، وأشارت "تايمز أوف إسرائيل" الى التشكيل الذي برز منذ آب/ أغسطس أنه يتشكل"من قبل أعضاء في مجموعات إرهابية مختلفة بما في ذلك أشخاص كانوا ينتمون سابقًا إلى كتائب شهداء الأقصى، والجهاد الإسلامي الفلسطيني ومن بينهم آخرين".  

وأضاف الموقع الإسرائيلي أن حصيلة مداهمات الجيش الصهيوني الإرهابي: "اعتقال أكثر من 2000 شخص خلال غارات شبه ليلية على المدن والبلدات والقرى الفلسطينية، كما خلفت حوالي 100 قتيل فلسطيني، كثير منهم أثناء تنفيذ هجمات أو خلال اشتباكات مع قوات الأمن."

والى ذلك ونقلًا عن القناة السابعة الصهيونية فلقد عرض وزير الحرب الإسرائيلي "بيني جانتس" الأربعاء 19/10/2022م - أمام خبراء معهد دراسات الأمن القومي - التحديات الأمنية الرئيسية كما يراها قائلا: "بصفتي وزير الدفاع وكشخص كرس معظم سنواته لأمن "إسرائيل"، يجب أن أقول لكم إننا نواجه سنوات صعبة من حيث الأمن القومي، لم نكن نعرف مثلها منذ سنوات عديدة ربما منذ حرب يوم الغفران. مطلوب من الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن اتخاذ إجراءات يومية ضد خمس جبهات نشطة وأكثر في "إسرائيل"، في غزة على الحدود الشمالية مع سوريا ولبنان  وكذلك في البعد السيبراني (الفضاء الالكتروني). هذا إلى جانب العمليات التي تحدث خارج خطوط العدو، ومن الأفضل عدم الحديث عنها."

وبشأن التوترات في الضفة الغربية، قال "غانتس" وزير الحرب الصهيوني: "نشأ جيل جديد في السلطة الفلسطينية، لا ينتمي إلى أي منظمة. وحوالي ثلثي منفذي الاعتداءات في العام الماضي هم من الشباب الذين لم يكونوا قد ولدوا بعد في بداية الانتفاضة الثانية ولم تشهد الغالبية العظمى منهم الانتفاضة الأولى. لقد أضعفت "إسرائيل" السلطة الفلسطينية على مر السنين."

ووفق تحليل معهد الأمن القومي الإسرائيلي ومن على موقعه بالانجليزية يقول "إن نمو جماعة "عرين الأسود" المقاومة في الضفة الغربية واجتذابها للشباب الفلسطينيين والمسؤولة على ما يبدو عن غالبية عمليات إطلاق النار في الأسابيع الأخيرة هو إشارة أخرى ل"إسرائيل" بأنها لا تستطيع أن تطوي القضية الفلسطينية تحت البساط. فالنهج الإسرائيلي الذي يرتكز بالدرجة الأولى على الاستخدام المتزايد للقوة قد استنفد نفسه والمطلوب الآن جهود جديدة من أنواع متعددة إلى جانب الاستعدادات للسيناريوهات التي قد تنبع عن الوضع الجديد."

ويضيف معهد الامن القومي الإسرائيلي في دراسته المعنونة: عرين الأسود: دعوة للاستيقاظ من أجل مواجهة تحديات وشيكة، أن "جماعة عرين الأسود هي نوع من التيار الثوري الشبابي المناضل" و "تركز المجموعة في الوقت الحالي على الاشتباكات مع الجيش الإسرائيلي وسكان المستوطنات، لكنها قد تقدم لاحقًا معارضة واضحة لقيادة السلطة الفلسطينية". "كما تحظى الجماعة بدعم في صفوف فتح، لذلك، من الصعب القول بشكل لا لبس فيه أن المجموعة هي منظمة معزولة ستتفكك قريبًا".

 ويضيف مركز دراسات الامن القومي الإسرائيلي أنه: "بالنسبة لإسرائيل، من الملائم العمل مع السلطة الفلسطينية بصيغتها الحالية ويساعد التمايز السياسي الفلسطيني الداخلي على إدامة هذا النهج  إلى حد كبير لأن المسؤولية الرئيسية عن إدارة حياة السكان الفلسطينيين لا تقع على عاتق الإسرائيليين. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يمنح إسرائيل حرية العمليات العسكرية/ الأمنية في مناطق السلطة الفلسطينية. يؤيد معظم الجمهور الإسرائيلي وجهة النظرالقائلة بأنه لا يوجد شريك فلسطيني لبرنامج سياسي يعمل من أجل تسوية وأننا "سنعيش دائمًا بحد السيف". يعيش الجمهور الفلسطيني أيضًا شعورًا سائدًا بأنه لا يوجد مخرج ولا سبيل لضمان مستقبل وطني أفضل ولا قيادة ذات مصداقية، وهذا يخلق فراغا يولد مجموعات من الشباب الفلسطينيين المقاتلين القادرين على جذب شباب آخرين للانضمام إليهم."

لقد أصبح واضحًا ومن تقديرات الواقع الفلسطيني المتردي المعاش في ظل اعتداءات الاحتلال الصهيوني وشراسة حربه المدمرة ضد الحجر والشجر والبشر، ومن تقديرات الدارسين الإسرائيليين أنفسهم أن إغفال الحل السياسي مع فلسطين والفلسطينيين لن يولد الا مزيدًا من الشعور بالقهر والتمييز والعبودية، وانعدام الكرامة، والاحباط والغضب الذي يؤدي الى الثورة والاعتراض والمقاومة وأنه كلما كان اقتراب أكثر لحل القضية ستولد الشعور بامكانية الانفراج والأمل ما لم يصل اليه حتى الآن قادة اليمين الصهيوني الذين مازالوا يرتكبون كل الاعتداءات وكل أشكال العدوان التي مآلها الخسران والفشل الاكيد.  

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت