تقرير ليلة قاسية عاشها سكان نابلس

فلسطينيون يتفقدون آثار الدمار الذي لحق بمنزل قصفته قوات الاحتلال في حارة الياسمينة بالبلدة القديمة لمدينة نابلس 223.jpg

عاش سكان نابلس شمال الضفة الغربية ليلة هي الأصعب منذ أعوام جراء عملية عسكرية للجيش الإسرائيلي استهدفت مسلحين تابعين لمجموعة "عرين الأسود" في البلدة القديمة وسط المدينة أدت إلى استشهاد 5 فلسطينيين وإصابة 20 آخرين.

واستمرت العملية العسكرية على البلدة القديمة نحو 3 ساعات متواصلة وسط تبادل إطلاق نار كثيف ما بين القوات الإسرائيلية ومسلحين فلسطينيين، فيما سمع السكان أصوات انفجارات كبيرة ناتجة عن استخدام الجيش لصواريخ مضادة للدروع.

وقال سكان في نابلس لوكالة أنباء "شينخوا"  إنهم عاشوا "ليلة رعب حقيقية" دون أن يتمكنوا من مغادرة منازلهم أو حتى النظر من نوافذها ليعرفوا ما يجري حولهم، موضحين بأنهم استيقظوا على دمار هائل في غالبية المحلات التجارية وجدران أزقة الطرق المؤدية إلى المكان المستهدف.

ويصف المسن أبو الوليد الهموز -- من سكان حارة الياسمينة بالبلدة التي كانت مسرح الأحداث-- المشهد الليلة الماضية بينما يتفقد زجاج بيته المهشم بفعل أصوات الانفجارات بأنها كانت "صعبة وقاسية على جميع السكان في المنطقة وكنا في حالة خوف وقلق يرثى له".

ويقول الهموز الذي تناثر الزجاج في كل مكان داخل الطابق الثاني من بيته المكون من طابقين لوكالة أنباء "شينخوا" إن لحظة بدء العملية العسكرية الإسرائيلية "كنا نائمين داخل المنزل في هدوء وسكينة وفجأة استيقظنا على أصوات قنابل لم نشهدها منذ 20 عاما".

فلسطينيون يحملون الشهداء على أكتافهم خارج المستشفى في مدينة نابلس.jpg

وعلى مدار الساعات الثلاث التي استغرقتها العملية العسكرية جلس أفراد عائلة الهموز المكونة من 10 أشخاص بينهم نساء وأطفال على درج البيت كونه أكثر أمنا وبعيدا عن ثغرات قد يدخل منها طلقات نارية أو قنابل وسط حالة من الذعر الشديد الذي انتابهم كما يقول.

ولم يكن الحال أفضل لدى الشاب عبد الرازق الذي يقطن في بيت ملاصق للمسن الهموز الذي يقول إن "الموت كان يقترب منا في كل لحظة نتيجة شدة الانفجارات وتبادل إطلاق النار الذي لا يبعد عنا سوى بضع أمتار".

ويقول عبد الرازق بينما يقف على باب منزله الصغير يتفقد ما خلفته العملية العسكرية لـ "شينخوا" إن الجيش الإسرائيلي استهدف الحارة الضيقة "بأنواع مختلفة من الأسلحة من أجل تنفيذ مهمته وضرب أهدافه دون اهتمام بحجم الخسائر التي قد تحدث في صفوف المدنيين".

ويتابع عبد الرازق أن نابلس وبلدتها القديمة "استيقظتا على دمار كبير في البيوت والمحلات التجارية وتخريب شبكات الكهرباء والمياه وأيضا مآس بمقتل مجموعة من خيرة الشباب بمثابة أصدقاء وجيران".

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن استشهاد 5 شبان بنيران القوات الإسرائيلية خلال العملية، وهم حمدي قيم (30 عاما) و علي عنتر (26 عاما) وحمدي شرف (35 عاما) ووديع حوح (31 عاما) ومشعل بغدادي (27 عاما).

ووديع حوح قيادي بارز في مجموعة "عرين الأسود" التي تتهمها إسرائيل بالضلوع في هجمات ضدها، علما أن المجموعة تبنت في 11 أكتوبر الجاري هجوما أسفر عن مقتل جندي إسرائيلي قرب نابلس.

فلسطينيون يتفقدون آثار الدمار الذي لحق بمنزل قصفته قوات الاحتلال في حارة الياسمينة بالبلدة القديمة لمدينة نابلس 22.jpg

وأوضحت الوزارة في بيان أن 20 فلسطينيا أصيبوا خلال العملية العسكرية ويتلقون العلاج في مستشفيات المدينة الحكومية والخاصة، مشيرة إلى أن 4 منهم في حالة خطيرة.

وبحسب مصادر محلية وشهود عيان فإن العملية الإسرائيلية بدأت فور رصد عدد من عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية دخول قوات إسرائيلية إلى وسط نابلس ما أدى لوقوع تبادل لإطلاق النار بين الجانبين تخلله سماع دوي انفجارات قوية.

وذكر الشهود أن الجيش دفع بمزيد من القوات إلى البلدة القديمة وسط المدينة مع استمرار الاشتباكات لقرابة نحو 3 ساعات وسط تحليق لطائرات الاستطلاع، فيما اعتلى عدد من القناصة بعض المنازل القريبة.

فلسطينيون يشيعون جثامين شهداء نابلس - الفرنسية 6.jpg

من جهته قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي "إن قوة مشتركة للجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك) والوحدة الشرطية الخاصة نفذوا عملية مداهمة على شقة داخل البلدة القديمة في نابلس استخدمت كمختبر لصناعة العبوات الناسفة لنشطاء مركزيين في مجموعة عرين الأسود".

وذكر أدرعي في بيان أن القوات فجرت المختبر خلال النشاط العسكري، في المقابل قام عشرات من الفلسطينيين بإشعال الإطارات المطاطية وإلقاء الحجارة نحو القوات التي ردت مستهدفة مسلحين أطلقوا النار باتجاهها.

واتهم المجموعة بالمسؤولية عن "الاعتداء الذي أسفر عن مقتل جندي قبل نحو أسبوعين في نابلس وإرسال مخرب لتنفيذ عملية في تل أبيب، حيث تم إحباطها قبل أسابيع، بالإضافة لعملية زرع عبوة ناسفة في محطة للوقود في بلدة كدوميم قرب نابلس".

فلسطينيون يشيعون جثامين شهداء نابلس - الفرنسية 1.jpg

وتابع أدرعي أن المجموعة حاولت "تفجير عبوة ناسفة في بلدة "هاربرخا" وإلقاء قنبلة يدوية نحو قوات الجيش في مزرعة "غلعاد"، بالإضافة إلى تنفيذ سلسلة من عمليات إطلاق النار في منطقة مدينة نابلس وواصلت بالأيام الأخيرة سعيها لتجنيد وتخطيط وتنفيذ اعتداءات تخريبية أخرى.

ولاحقا شيع عشرات آلاف من الفلسطينيين في نابلس ومدن وقرى وبلدات مجاورة جثامين الشبان الخمسة في موكب جنائزي مهيب وسط أجواء من الحزن والغضب والإضراب الشامل الذي ساد المدينة وكافة مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة حدادا عليهم.

وانطلق موكب تشييع الجثامين الذين حملوا على الأكتاف من أمام مستشفى "رفيديا" ومن ثم أدى المشيعون الصلاة عليهم وسط نابلس قبل أن يتم دفنهم في المقبرة الشرقية بالمدينة.

ورفع المشيعون الأعلام الفلسطينية والرايات السوداء وشارك في التشييع عدد لافت من المسلحين الذين أطلقوا الرصاص في الهواء وقادة من الفصائل الفلسطينية في نابلس، فيما هدد ملثمون بالرد على مقتل الشبان الخمسة.

وقالت خالة وديع حوح التي كانت في مقدمة المشيعين، بينما كانت تبكي بحرقة تارة وتطلق الزغاريد تارة أخرى إن "وديع يتيم الأم وهو أحلى عريس وما فرحنا بحفل زفافه لكن فرحنا بشهادته"، مشيرة إلى أنه "طلب الاستشهاد ونالها ولحق بأمه".

وقوبلت العملية العسكرية بتنديد فلسطيني رسمي وشعبي واسع، فيما غصت مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و "توتير" بصور الشبان الخمسة وعبارات ترثيهم على شجاعتهم وبطولاتهم.

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية "المجد والخلود لأقمار فلسطين الذين ارتقوا في نابلس وقد حفروا أسماءهم في قلوب أبناء شعبهم بأنهم المعتصمين باليقين وبحتمية انتصار صاحب الأرض على المحتل، والعار لهذا الاحتلال الذي يمول انتخاباته بالدم الفلسطيني".

وحذر اشتية في بيان من ارتكاب الجيش الإسرائيلي "جرائم جديدة" بحق الفلسطينيين، داعيا الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية إلى التدخل العاجل لوقف "العدوان الذي تستخدم فيه قوات الاحتلال القذائف المضادة للدروع، والطائرات المسيرة في استهداف الآمنين في منازلهم".

لكن في المقابل هنأ رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد "أجهزة الأمن على نجاح العملية"، قائلا :"إن تصفية حوح، وآخرين تأتي نتيجة نشاط مشترك لأجهزة الأمن وهم ، جيش الدفاع وجهاز الأمن العام والوحدة الشرطية الخاصة".

وأضاف لابيد بحسب بيان صدر عن مكتبه أن إسرائيل "لن تتوانى ولو للحظة واحدة ولن تسمح بوجود تنظيمات إرهابية تعتدي على مواطنين إسرائيليين وعلى جنود جيش الدفاع". 

فلسطينيون يشيعون جثامين شهداء نابلس - الفرنسية.jpg


 

فلسطينيون يشيعون جثامين شهداء نابلس - الفرنسية 5.jpg


 

فلسطينيون يشيعون جثامين شهداء نابلس - الفرنسية 4.jpg


 

فلسطينيون يحملون الشهداء على أكتافهم خارج المستشفى في مدينة نابلس 3.jpg


 

فلسطينيون يتفقدون آثار الدمار الذي لحق بمنزل قصفته قوات الاحتلال في حارة الياسمينة بالبلدة القديمة لمدينة نابلس ث.jpg

فلسطينيون يحملون الشهداء على أكتافهم خارج المستشفى في مدينة نابلس 1.jpg


 

فلسطينيون يتفقدون آثار الدمار الذي لحق بمنزل قصفته قوات الاحتلال في حارة الياسمينة بالبلدة القديمة لمدينة نابلس 223.jpg


 

فلسطينيون يتفقدون آثار الدمار الذي لحق بمنزل قصفته قوات الاحتلال في حارة الياسمينة بالبلدة القديمة لمدينة نابلس 9.jpg

فلسطينيون يتفقدون آثار الدمار الذي لحق بمنزل قصفته قوات الاحتلال في حارة الياسمينة بالبلدة القديمة لمدينة نابلس 6.jpg


 

فلسطينيون يتفقدون آثار الدمار الذي لحق بمنزل قصفته قوات الاحتلال في حارة الياسمينة بالبلدة القديمة لمدينة نابلس 5.jpg

فلسطينيون يتفقدون آثار الدمار الذي لحق بمنزل قصفته قوات الاحتلال في حارة الياسمينة بالبلدة القديمة لمدينة نابلس 4.jpg


 

فلسطينيون يتفقدون آثار الدمار الذي لحق بمنزل قصفته قوات الاحتلال في حارة الياسمينة بالبلدة القديمة لمدينة نابلس 2.jpg

فلسطينيون يتجمعون حول سيارة محترقة بعد اقتحام جيش الاحتلال لمدينة نابلس.jpg


 

فلسطينيون يتجمعون حول سيارة محترقة بعد اقتحام جيش الاحتلال لمدينة نابلس 4.jpg

فلسطينيون يتجمعون حول سيارة محترقة بعد اقتحام جيش الاحتلال لمدينة نابلس 3.jpg


 

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - نابلس (شينخوا)