- رشيد شاهين
بدون مقدمات او كثير من الضجيج وبعيدا عن أعين عملاء الاحتلال وعسسه واستخباراته وكل ما يمتلكه من تكنولوجيا تراقب حتى انفاس الفلسطينيين وخلجاتهم، خرجت مجموعة من الشباب المقاوم لتعلن عن "تشكيل" أطلقت عليه اسم عرين الأسود.
لم يمض كثير وقت على اعلان هذا التشكيل حتى حاز على تأييد الجماهير الفلسطينية، الامر الذي يعكس تعطشها لمثل هذا التشكيل، او الفصيل المقاوم لكل ما هو قائم ومناهض للاحتلال، كما ويعكس هذا التأييد العارم البغض لكل ما له علاقة بسياسات سلطة أوسلو المعلنة وغير المعلنة.
لقد كان الإعلان عن العرين مفاجأة غير سارة لكل الأطر والفصائل في الساحة الفلسطينية، هذه الفصائل التي فقدت مبرر وجودها حيث انها لم تعد قادرة على اقناع الناس بضرورتها وذلك انها تخلت تماما عن دورها الكفاحي سواء كان ذلك في السياسة او الفعل النضالي الحقيقي.
خلال الأسابيع الماضية كان عرين الأسود الشغل الشاغل لكافة المستويات السياسية والأمنية سواء في سلطة أوسلو او في دولة الاحتلال، ذلك انه لقي استجابة جماهيرية واسعة تجلت بأبهى صورها في التفاعل الشديد مع دعوات العرين للإضرابات او خلال التشييع للشهداء الذين ارتقوا وهم في مواجهة مع قوات الاحتلال.
لقد أشاع العرين أجواء وحدوية غير مسبوقة في الشارع الفلسطيني منذ حدث الانقسام بين جناحي الوطن، وهو الامر الذي لم يعجب أصحاب ذلك الانقسام بغض النظر عما يقال في وسائل الاعلام من كلام براق واحاديث منمقة تشيد بالعرين.
وحيث ان العرين بدأ يأخذ كل هذا الصدى والتضامن فانه اصبح هدفا لجميع الجهات المتضررة من وجوده وفي المقدمة دولة الاحتلال التي تعهد قادتها على جميع المستويات بالقضاء على هذه "الظاهرة".
في واقع الامر فان محاولات التشكيك بالعرين وافراده قد ابتدأت بشكل مبكر وأسرع مما هو متوقع، حيث صارت بعض الجهات وخاصة تلك المرتبطة بسلطة أوسلو تحاول الترويج "بهدوء حتى اللحظة" عن ارتباطات للعرين وترديد أسطوانة باهتة عن اجندات له مرتبطة بهذه الجهة او تلك، لا بل تجرأ البعض على محاولات الإساءة للعرين وإشاعة انه تشكيل مخترق يهدف الى القضاء على كل المقاومين في مدن الشمال.
دولة الاحتلال بدورها اخذت على عاتقها انهاء العرين من خلال عمليات الاغتيال الغادرة والهجمات المكثفة، لا بل لقد جندت كل امكانياتها من اجل القضاء على العرين، وهي قد تحقق نجاحا هنا او تقدما هناك، الا انها على المدى الاستراتيجي تدرك ان ما نجح العرين بترسيخه في الذهنية الفلسطينية لا يمكن محوه أو نسيانه بسهولة، فقد ثبت بالوجه القاطع ان العرين صار حقيقة ثابتة ستتكرر وتتمدد على مساحة الأرض المحتلة بأكملها.
بيت لحم
الأربعاء 26-10-2022
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت