- زينب فياض
يواجه المحتوى الفلسطيني عبر موقع التواصل الاجتماعي وخاصة موقع "فيسبوك" حملة تقييد واجراءات خاصة والتي تهدد نشر ووجود المنشورات المتعلقة بالأخبار الفلسطينية في أي لحظة سواء عبر حذف المنشورات أو حذف الحسابات وتعطيلها وتقليل نسب الوصول للصفحات العامة التي تنقل المستجدات حول الرواية الفلسطينية .
وخلال السنوات الأخيرة اندفعت منصات التواصل الاجتماعي كعادتها وعلى رأسها “فيسبوك”، التي سبق وأن أبرمت اتفاقا مع حكومة الاحتلال لمراقبة المحتوى الفلسطيني، نحو حجب العديد من الصفحات الفلسطينية الإخبارية، فيما يتهدد صفحات أخرى خطر الحظر والإغلاق بشكل كامل، وأبرزها صفحة تلفزيون فلسطين الرسمي.
ويرجع الأمر، إلى قيام تلك الصفحات التي تعود لصحافيين ومؤسسات إعلامية معروفة ومشهورة، بسبب تغطيتها للأحداث الميدانية على الجارية في هذه الأيام، والتي ينفذ فيها جيش الاحتلال عمليات اغتيال وقتل وحشية، بالإضافة إلى عمليات توسيع الاستيطان، وهجوم الجماعات الاستيطانية المتطرفة على المزارعين خلال موسم حصاد الزيتون، وما تخللته تلك الهجمات من اعتداءات على متضامنين أجانب، من خلال طعنهم بآلات حادة، وضربهم، في مشاهد وثقتها كاميرات الهواتف النقالة، ونشرت على مواقع التواصل.
تقييد وحذف الصفحات
ويقول ناشطون على مواقع التواصل، جرى تقييد أو حذف حساباتهم مؤخرا، إن السبب كان بعد أن نشروا تدوينات تنعى الشهداء، أو تغطيتهم لاعتداءات المستوطنين، إضافة إلى تدوينات تنتقد الاحتلال وسياساته العنصرية.
وانتقد رئيس الوزراء الفلسطيني عمليات الحجب التي تتم، وكتب منشور على “فيسبوك” جاء فيه: “حول تقييد المحتوى الفلسطيني عبر فيسبوك، ندعو المنصة إلى مراجعة سياساتها، والانحياز إلى قيم الحق والعدل والحرية، وحق المتلقي بالمعلومة والصورة الحقيقية دون حذف أو إجحاف، أو تقييد؛ أو تمييز؛ وفق الأصول، والقواعد المهنية في صناعة الإعلام الحر”.
وفي هذا السياق، أكد مركز “صدى سوشال” المختص بالإعلام الرقمي ومتابعة الانتهاكات التي تقوم بها إدارات مواقع التواصل، أنه مع تصاعد الأحداث بالضفة الغربية والقدس المحتلة، وتزايد الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني، تزامن الأمر مع “تقييدات وحذف للمحتوى الفلسطيني على منصات التواصل الاجتماعي للتغطية على جرائم الاحتلال وإسكات الصوت الفلسطيني”.
ونقل المركز أيضا، عن اليوتيوبر والناشط المقدسي صالح زغاري، قوله إن المخابرات الإسرائيلية حققت معه بسبب منشورات على “فيسبوك”، لافتا إلى أن تلك المنشورات تم حذفها في اليوم التالي من قبل إدارة المنصة، مُشيرا إلى أن الاحتلال أخبره أنه حذف قناته على “يوتيوب” منذ شهر.
والشهر الماضي، وثّق المركز أكثر من 130 حالة انتهاكٍ للمحتوى الفلسطيني، منها 93 انتهاكا تمثلت في حذف الحسابات والصفحات بشكلٍ كامل عن القضاء الرقمي.
ميتا تخنق المحتوى الفلسطيني
أكدت دراسة أجرتها شركة استشارات مستقلة، أن تطبيقي "إنستغرام" و"فيسبوك" المملوكين لشركة "ميتا"، تحيزا ضد الفلسطينيين.
وأوضحت الدراسة الصادرة عن شركة "Business for Social Responsibility"، لصالح شركة "ميتا" أن تقييدات فيسبوك وإنستغرام، أضرت بحقوق الإنسان الأساسية للمستخدمين الفلسطينيين خلال الهجمات الإسرائيلية العنيفة على قطاع غزة.
ونبهت إلى أن إجراءات "ميتا" كان لها تأثير سلبي على المستخدمين الفلسطينيين في أعقاب الاحتجاجات، على الإخلاء القسري لعائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة، حين شنت الشرطة الإسرائيلية حملة قمع على المتظاهرين في إسرائيل والضفة الغربية، وشنت غارات جوية عسكرية على غزة أدت إلى قتل 256 فلسطينيا، من بينهم 66 طفلا، وفقًا للأمم المتحدة.
وأشارت إلى أن العديد من الفلسطينيين، الذين حاولوا توثيق العنف والاحتجاج باستخدام الموقعين تم إخفاء منشوراتهم تلقائيا دون الرجوع لهم.
من جهة اخرى نشر موقع "إنترسيبت" تقريرا انتقد فيه تحيز شركة "ميتا" المالكة لموقع "فيسبوك" ضد المحتوى الفلسطيني، في مقابل دعم المحتوى الأوكراني، وهو ما يمثل تمييزا واضحا وصريحا، بحسب الموقع.
وأشار معدا التقرير سام بيدل وأليس سبيري، إلى أن مستخدمي تطبيقات "فيسبوك" و"إنستغرام"، احتجوا على حذف ما نشروه من صور ومنشورات على المنصتين في أثناء وبعد الغارات الإسرائيلية في آب/أغسطس الماضي، على المناطق السكنية المكتظة في غزة، التي وثقت الموت والدمار الذي حل بالمكان نتيجة القصف.
بالمقابل، وفقا للتقرير، لا يواجه جميع مستخدمي منصات "ميتا" في أوكرانيا هذه المشكلات عند توثيق قصف أحيائهم، حيث أظهر جزء من الخطاب السياسي خلال حرب أوكرانيا، الذي لم يتم الإبلاغ عنه واطلع الموقع عليه، أظهر أن الشركة أصدرت تعليماتها للمشرفين مرارا وتكرارا بالابتعاد عن الإجراءات القياسية، ومعالجة الصور الرسومية المختلفة من الحرب الروسية الأوكرانية بلمسة خفيفة".
وأكد الموقع أن "ميتا" استجابت كما فعلت شركات أمريكية أخرى للغزو الروسي على أوكرانيا، من خلال سن مجموعة من السياسات الجديدة التي تهدف إلى توسيع وحماية خطاب الأوكرانيين عبر الإنترنت، والسماح على وجه التحديد لصورهم الرسومية للمدنيين الذين قتلوا على يد الجيش الروسي بالبقاء على منصتي فيسبوك وإنستغرام.
ولكن في الحالة الفلسطينية، لم يتم استخدام هذه السياسة المتعاونة والمتراخية على الإطلاق مع صور الفلسطينيين ضحايا "العنف الإسرائيلي"، كذلك لا تظهر هذه السياسة المتعاونة من فيسبوك مع أي شعب يعاني من معاناة أخرى.
هذا وقد وثق مركز شبابي في فلسطين، 425 انتهاكا للمحتوى الفلسطيني على شبكات التواصل الاجتماعي، خلال النصف الأول من عام 2022.
وقال مركز "صدى سوشال"، في بيان، اليوم السبت، إن أغلب الانتهاكات كانت عبر موقع "فيسبوك".
ورصد المركز 273 انتهاكا لفيسبوك بين حظر تام وتقييد، إضافة إلى حظر 60 رقم على تطبيق "واتساب"، تتبع شبكات إخبارية وصحفيين.
وأشار إلى أن "إنستغرام" قام بإيقاف وتقييد أكثر من 30 حساباً، وعلى تطبيق "تيك توك" رُصد 21 انتهاكاً، فيما سجلت 14 انتهاكا على تطبيق "يوتيوب"، و12 انتهاكا على تطبيق "تويتر".
وذكر أن ثلث الانتهاكات خلال النصف الأول من العام الجاري، استهدفت حسابات إعلامية وحسابات تعود لصحفيين وناشطين بواقع 140 انتهاكا.
وقامت إدارة (ميتا) خلال شهر أكتوبر الجاري بحملة ضد المحتوى الإخباري الفلسطيني، طالت عددًا كبيرًا من الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، إذ وثّق المركز أكثر من 990 انتهاكًا بحق المحتوى الفلسطيني منذ بداية العام الحالي، 49% منها كانت بحق الصحفيين والحسابات الإعلامية.
وأوضح المركز أن إدارة (ميتا) تتعمد تضييق الخناق على المحتوى الفلسطيني رضوخاً واستجابة لإدارة الاحتلال في طلباتها تحت حجج واهية، في محاولة لاغتيال صوت الصحافة الفلسطينية رقميًا، كما اغتال الاحتلال صوت الصحفية شيرين ابو عاقلة.
تجربة قناة الجزيرة
خلال الشهور الماضية واجهت صفحة الجزيرة فلسطين ضغوطاً متزايدة من إدارة فيسبوك، بسبب تغطيتها المواكبة للأحداث الجارية في فلسطين المحتلة، وكشف “انتهاكات” سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وفي ظل هذا التضييق انتقلت الجزيرة نحو تعزيز حضورها في منصات أخرى منافسة لفيسبوك، نتيجة “الضغوط” التي تحاول الشركة الأمريكية فرضها على الشبكة، على حد تأكيد مصادر عدة.
ومن أبرز المنافسين الذين تعول شبكة الجزيرة على التركيز عليهم بديلاً لشركة ميتا (فيسبوك)، تويتر ويوتيوب، وتلغرام، وتيك توك.
وبحسب المعلومات الأخيرة فإن مدراء شركة ميتا (أي فيسبوك) في مقرها الإقليمي في دبي، يحاولون فرض ضغوط على الناشرين لتغيير خطهم التحريري، بما يتوافق والرواية الإسرائيلية، وبما لا يفضح الانتهاكات الحاصلة.
ويتخفى مدراء فيسبوك تحت ستار كلمات اعتبرت “وهمية” وفضفاضة”، أو من قبيل أن المحتوى محل النقاش، يتعارض وقوانين الشركة، أو به إساءة، أو حتى يمجد “الإرهابيين”.
كما يرفض فيسبوك بحسب العديد من المصادر، أي محتوى يبرز نضال الشعب الفلسطيني، بما لا يتوافق والرواية الإسرائيلية.
وكان سياق الضغوط الذي تعرضت له صفحة الجزيرة فلسطين في فيسبوك، أن تغير سياستها التحريرية التي اعتمدتها قناة “الرأي والرأي الآخر”، منذ انطلاقها عام 1996 وبعد ربع قرن منذ تأسيسها.
ودعت الجزيرة جمهورها لمتابعتها على حساب تويتر، لمواكبة أحدث الأخبار والتغطيات الحية. وأشارت “رائدة الإعلام العربي” مثلما تصف نفسها، وفق الأرقام المقدمة، إلى أن الخطوة تأتي مع تعرض صفحة “الجزيرة – فلسطين” على فيسبوك لعقوبات تحول دون وصول منشوراتها للمتابعين.
واستعرضت الجزيرة فيديو يوضح تعرض صفحتها في فيسبوك للحظر والضغوط بسبب تغطيتها.
وشهدت الصفحة المحلية للجزيرة والمعنية بفلسطين، التي تم إنشاؤها حديثاً نمواً مضطرداً في عدد المتابعين. وتجاوز الرقم في نحو السنة المليون ونصف مليون متابع.
حملات رقمية
إلى ذلك اعتبر نشطاء فلسطينيون أن "الانحياز الإلكتروني" التي تعتمده هذه المؤسسات يهدف إلى حجب الحقائق، بما في ذلك التغاضي عن الجرائم التي يقترفها الجيش الإسرائيلي في حق الفلسطينيين، وتكميم الأصوات الداعمة للقضية في ظل صمت دولي مستمر وهو ما دفعهم لإطلاق مجموعة من الحملات الإلكترونية والتي تهدف إلى تحرير المحتوى الفلسطيني من القيود الإلكترونية عبر وسوم مثل #عدالة_رقمية #فيسبوك يقتل الحقيقة # فيسبوك يحجب القدس #فيسبوك يحجبنا.
ولطالما طالبت هذه الحملات بإعادة تقييم سياسات إدارة المحتوى، وتوفير واتخاذ إجراءات جوهرية لزيادة الشفافية حول ممارسات وسياسات إدارة المحتوى الفلسطيني، والاستثمار في موارد أكثر دقة للإشراف على المحتوى باللغتين العبرية والعربية، بالإضافة إلى ضرورة الاستمرار في إنشاء آليات لتوجيه أفضل للمحتوى العربي المحتمل انتهاكه بحسب اللهجة والمنطقة، وتقديم توضيح أكبر حول التزاماتها القانونية فيما يتعلق بالمنظمات والأفراد الخطرين.
وتأتي هذه الحملات من أجل الضغط على الشركة لتطبيق التوصيات ضمن جدول زمني واضح ومعلن، كما طالبت الحملات بتوفير شفافية كاملة بشأن الطلبات المقدمة من قبل كل من الحكومة الإسرائيلية ووحدة السايبر الإسرائيلية، بما في ذلك استجابة ميتا لهذه الطلبات، وتقديم توضيح أكبر حول التزاماتها القانونية فيما يتعلق بالمنظمات والأفراد الخطرين.
منصة باز البديل الأفضل للفلسطينيين
وفي ظل القيود التي تضعها مواقع التواصل الاجتماعي بدأ عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي ومنهم مشاهير بإنشاء حسابات لهم على منصة التواصل الاجتماعي العربية Baaz، هرباً من رقابة المنصات العالمية وتحيزها التي استهدفت أخيراً حسابات ومنشورات ناشطين وصحافيين فلسطينيين يكشفون جرائم الاحتلال الإسرائيلي.
منصة التواصل الاجتماعي "باز" هي المنصة العربية الوحيدة المتوفرة على الشبكة العنكبوتية، وهي استثمار لرجال أعمال عرب يتوزّعون بين الولايات المتحدة وتونس والأردن وقطر. تعرّف المنصة عن نفسها، عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، بأنها "من العرب إلى العرب"، وهي متاحة للتحميل عبر متجري تطبيقات "غوغل" و"آبل".
وطالب كثيرون بدعمها ليتاح لمصمميها تطويرها وتحديثها، لتكون قادرة على المنافسة وإيصال الصوت العربي وقضاياه بوضوح، بعيداً من نفوذ اللوبي الصهيوني في وسائل الإعلام الغربية وشركات التكنولوجيا.
وجاءت الاستجابات فورية لمغردين عرب بدأوا بإنشاء حسابات على "باز". وكتب المعلّق الرياضي الجزائري حفيظ دراجي: "أحبتي الكرام، بعد حملة فيسبوك وإنستغرام في محاربة المحتوى الفلسطيني بدعوى أنه ينتهك سياساتهم، أدعوكم لمتابعتي على حسابي الجديد في تطبيق باز، تطبيق عربي متميز يتيح لنا النشر بكل حرية، وبدون قيود بنفس الخصائص والمميزات التي تتوفر في فيسبوك".
وغردت القطرية مريم آل ثاني: "حياكم الله، أنا على منصة باز العربية حيث نواصل عرض الحقائق، التي تحاول المنصات الأخرى إخفاءها! لا للانتقائية والعنصرية، سنواصل فضح حقائق الكيان المحتل في كل وقت"
ويفسر هذا التغيير في نمط مواقع النشر والتواصل في رغبة الفلسطينيين بصفة خاصة والعرب بصفة عامة في التعبير عن آرائهم وافكارهم دون قيود مشروطة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت