- فاضل المناصفة
خط أسود الأطلس اسم بلادهم بحروف من ذهب في حظيرة الكبار بعد أن خاضوا مونديالا ستعمر نتائجهم المحققة فيه طويلا في تاريخ كرة القدم العربية، ذلك لأنهم أول منتخب عربي يخوض مباراة نصف نهائية من البطولة، ولا ننسى ان الذكاء الاصطناعي قد قزم منهم باكرا وقبل بداية العرس الكروي اذ نال المغرب نسبة 0.01% من نصيب التوقعات لنيله كأس العالم، ولكن الأداء البطولي لكتيبة الركراكي قادهم لنصف نهائي ضد خصم عنيد يلعب للدفاع عن لقبه، ومع الأسف كانت الغلبة في الأخير للديكة بنتيجة هدفين لصفر في مباراة قوية جعلت الفرنسيين يقضمون أظافرهم في بداية الشوط الثاني، بعد أن بدى الأسود أكثر عزيمة في العودة في نتيجة المباراة، ولكن الخبرة وقلة الحظ المباراة في نهاية المطاف لتمر فرنسا الى المباراة النهائية وليمر أسود الأطلس الى مباراة ترتيبية سيكفيهم شرف لعبها وان خسروا لا سمح الله .
استوقفتني تصريحات المدرب الركراكي الصغير بسيرته الذاتية والكبير بتواضعه وحبه للوطن حيث قال في حوار صحفي أن الأوروبيين يعتبرون العرب والأفارقة " جاهلون كرويا " أو أنهم غير قادرين على رفع التحدي ضد كبار المنتخبات في اللعبة وأنه يصعب تخيل مدرب افريقي أو عربي على رأس ناد عريق أوروبي وهي فكرة خاطئة وقد تجسد انجاز المغرب في كأس العالم ليؤكد بطلانها، اذ وبلاعبين غير معروفين على الساحة العالمية ومدرب محلي استطاع " العرب " ولا أقول المغرب بأن يخرجوا علية قوم اللعبة وأن يتصدروا المجموعة على حساب المنتخب البلجيكي القوي وأن يقيلوا لويس انريكي وأن يخرجوا رونالدوا من ميدان المباراة باكيا وأن يخيفوا الفرنسيين كل ذلك بلعب بسيط وبخطة تقليدية محكمة وبقلب يملأه حب الوطن والرغبة في إسعاد أمة كاملة تهتف لأهدافهم وترفع الأيادي الى السماء لطلب التوفيق .
لقد أكد المغاربة الذين لعبوا الأدوار الحاسمة باسم العرب والأفارقة جميعا بأن اللعب مع الكبار والفوز عليهم ومنافسة حامل اللقب على بطاقة النهائي أمر غير مستحيل خاصة اذا كانت الثقة موجودة في نفوس اللاعبين الذين قدموا كل مجهوداتهم لكسر القاعدة التي تتوقع نتائج مباريات العرب ضد خصوم اللعبة الكبار قبل بدايتها وخروجهم من الدور الأول أو الثمن النهائي كأقصى نتيجة ايجابية يمكن تحقيقها، كما فتحوا الباب واسعا لطموح المنتخبات العربية الأخرى التي وان شاركت في مونديال أمريكا 2026 فان مشاركتها ستكون مفعمة بروح الانجاز المغربي الذي تحقق في قطر، سيكون العرب في أكثر اصرارا وأكثر ايمانا بالنفس في الاستحقاقات الكروية القادمة وسيكون فوز السعودية على المرشح الأبرز لنيل اللقب عالقا في اذهان كل لاعب عربي سيشارك مستقبلا في هذه البطولة.
برهن أسود الأطلس هذه المرة للعالم جميعا بأن الكرة العربية بإمكانها ان تنافس على لقب لطالما بقي محصورا بين القارة العجوز وأمريكا اللاتينية وبرهن الركراكي أن الايمان بالإمكانيات أحد مقادير وصفة الفوز ضد من يتفوق عليك بلغة الأرقام و يتوفر على إمكانيات أعلى ولاعبين بقيمة سوقية خيالية وتاريخ كروي حافل بالإنجازات.
خسارة اليوم كانت بطعم الفوز ومشوار المغرب في مونديال قطر ربما سيذكره التاريخ طويلا وتتناقله شعوب العالم العربي جيلا بعد جيل، ولكننا نحلم بأن يكون هذا الانجاز المغربي فاتحة انجازات أخرى سيحققها العرب في لعبة الكبار ولما لا مشاهدة فريق عربي في مباراة نهائية أو حتى رفع اللقب، فالكرة العربية ولادة، والروح القوية التي يمتلكها اللاعب العربي قادرة على اسقاط أي منتخب كبير مهما كانت الفوارق في القيمة المالية أو التاريخية له وقد فعلها سابقا محاربوا الصحراء حيث لايزال التاريخ يذكرهم بعد أن كانت فضيحة ترتيب المباراة بين النمسا وألمانيا سببا في اقصائهم وسببا في تغيير قاعدة من قواعد البطولة .
نسجل كل الاحترام وكل التقدير لكتيبة أسود الأطلس التي جمعت العرب من المحيط الى الخليج أمام شاشة التلفاز لدعم منتخب رفع رأس العرب عاليا ووحد الشعوب التي فرقتها الحدود و الخلافات السياسية والعصبية القبلية و الندية الكروية فما أجمل أن ترى الجزائري وهو يشجع المغرب على الرغم من جفاء العلاقات الديبلوماسية بين البلدين وما أروع أن ترى الصحفيين المصريين بقميص المنتخب المغربي وكأن مصر هي المعنية ب نصف النهائي، وما أغلى ان ترى علم فلسطين يرفرف في ميدان المباراة بعد كل فوز يحققه المغاربة .
الى أن يأتي مونديال 2026 نتمنى للمغرب كل التوفيق في مباراته الترتيبية التي ستكون مباراة العرب جميعا
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت