- لقمان الشيخ ، أستاذ لغة عربية وكاتب صحفي لبناني
حققت فلسطين انتصار جديد جاء باعتراف الأمم المتحدة مؤخرا بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بتصويت 168 دولة، مقابل 6 دول رفضت القرار، وامتنعت 8 دول عن التصويت، في واحدة من القرارات المهمة التي أضفت نوعا من الشرعية في الرؤية الموضوعية للوضع القائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في ظل ممارسات الفصل العنصري والاعتداء المتواصل على الشعب الفلسطيني من طرف الاحتلال.
وبالنظر إلى الجانب الإيجابي فإن هذا القرار يمثل أحد النجاحات الفلسطينية المتواصلة في المحافل الدولية، والقائمة على جهود دبلوماسية حثيثة تهدف إلى كسب الشرعية الدولية وإبراز القضية الفلسطينية على المستوى الدولي قدر الإمكان ،غير أن هذا النجاح الدبلوماسي بات من المهم مضاعفته بقرارات اخرى أكثر واقعية، فالاعتراف بحق تقرير المصير للفلسطينيين لا يعني شيء ما لم يتم تشكيله على أرض الواقع، أو على الأقل دعمه بجهود اخرى تسعى إلى أخد قرارات أممية أكثر فاعلية وأهمية، وخاصة قرار اللجنة الرابعة الخاص بالتوجه لمحكمة العدل الدولية للنظر في ماهية وجود الاحتلال واستمراره في ظل القانون الدولي كون ذلك يعتبر من المرتكزات الأساسية للتصدي للاحتلال وفضح جرائمه العنصرية على المستوى الدولي، وهو ما يتطلب من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية أن تبذل جهود اكبر تجاه الشعب الفلسطيني.
والحقيقة الأهم والتي لا يمكن انكارها أن هذا الاعتراف لا يشكل تطورا كبيرا ،فلا نستطيع إنكار حقيقة أن هناك المئات من القرارات الصادرة عن الجمعية عامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لصالح القضية الفلسطينية، إلا أنها غير نافذة! ولم تأتي بالجديد، فالأمم المتحدة أصدرت قرارات واضحة حول حق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم، حول الاستيطان، حول اللاجئين، حول القدس وحول الاعدامات والجرائم المتكررة، غير أن هذه القرارات لم تحرك ساكنا ولم تنفد على أرض الواقع، غير أن هذا لا ينفي أهميتها في وضع القضية الفلسطينية في إطارها الحقيقي دوليا، فنحن لا نقلل من قيمة القرارات الدولية المتخذة لصالح فلسطين، حتى ولو بقيت حبراً على ورق، لأنها تعكس الانتقال التدريجي من دعم المحتل إلى دعم فلسطين، وهي المتطلبات اللازمة للانتصار مهما طال الزمن وبعدت المسافة، وهنا يمكنني القول أن الدبلوماسية استطاعت اخد قرارات أممية مهمة باعتبارها أحد أدوات السياسة الخارجية للدفاع عن القضية الفلسطينية، ولكنها تحتاج للتخطيط والصبر لأن نتائجها لا تظهر على المستوى القريب. والأهم خلال الفترة القادمة هو السعي للحصول على تصويت يخص قرارات متعلقة بالنشاطات الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس وإرهاب المستوطنين، والأهم هو تنفيذها بشكل فوري وأن نتقدم بقرار للإفراج عن المعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال وقرار بالإفراج عن جثامين الشهداء كمطالب إنسانية بحتة.
والدبلوماسية على أهميتها هي أحد الادوات السياسية للدفاع عن القضية الفلسطينية خارجيا، وهذا لا يعني أنها الادارة الوحيدة، إذ لابد من العمل بالتوازي وتوظيف كافة الوسائل المتاحة خدمة للقضية الفلسطينية، وهنا ينبغي على كافة الدول والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية إدانة ممارسات دولة الاحتلال والفصل العنصري والخروج عن حالة الصمت وسياسة الكيل بمكيالين حيال حقوق الشعوب الفلسطيني، خاصة أن الاحتلال الاسرائيلي ماض في ارتكاب جرائمه العنصرية والمتعارف عليه أن الحكومة الفاشية لا تحترم المنظمات الانسانية ولا حتى منظمة الأمم المتحدة ولا أي من هيئاتها ولا حتى قراراتها، وهو ما يتيح فرصة لإزاحة الغطاء وتجريد الاحتلال الاسرائيلي من الديمقراطية التي يدعيها وفضح جرائم الفصل العنصري والأبارتهايد التي يقوم بها .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت