أصدرت سلطة النقد الفلسطينية والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بياناً صحفياً مشتركاً حول أداء الاقتصاد الفلسطينيي لعام 2022، والتنبؤات الاقتصادية لعام 2023، والذي يمثل استمراراً للجهود المشتركة للمؤسستين، علماً أن البيانات بالأسعار الثابتة، ولا تشمل ذلك الجزء من محافظة القدس الذي ضمه الاحتلال الإسرائيلي عنوة بعيد احتلاله للضفة الغربية عام 1967.
أداء الاقتصاد الفلسطيني خلال عام 2022
تعافي محدود في الاقتصاد الفلسطيني، مع اتجاهه نحو التباطؤ
نجح الاقتصاد الفلسطيني خلال العام 2022 في تحقيق نمو بنحو 3.6%، مقارنة مع نمو نسبته 7.0% خلال العام 2021، بالرغم من العديد من الأزمات المركبة التي عانى منها، وفي مقدمتها، التوقف شبه التام للدعم الخارجي المقدم لدولة فلسطين والمخصص لدعم الموازنة، واستمرار الاقتطاعات الإسرائيلية من العائدات الضريبية (المقاصة) على مدار العام، إضافة إلى تداعيات الأزمة الأوكرانية-الروسية. وجاء هذا النمو مدفوعاً بدرجة أساسية بتحسن الطلب الكلي، إذ ارتفع مستوى الإستهلاك الكلي بنسبة 7.0%، إلى جانب ارتفاع في مستوى الإستثمار الكلي بنسبة 15.3%.
ارتفاع القيمة المضافة لمعظم الإنشطة الإقتصادية
كما شهدت معظم الأنشطة الإقتصادية ارتفاعاً في قيمتها المضافة خلال العام 2022، إذ سجل نشاط الصناعة أعلى نسبة نمو بنحو 6.3%، تلاه نشاط الخدمات بنسبة 2.9%، ثم نشاط الانشاءات بنسبة 2.3%، فيما شهد نشاط الزراعة تراجعاً بنسبة 2.6%.
ارتفاع عدد العاملين، وإنخفاض معدل البطالة،
وكذلك شهد العام 2022 استمرار التعافي في سوق العمل، إذ ارتفع إجمالي عدد العاملين بنسبة 7.6% مقارنة مع عام 2021. وبالرغم من زيادة عدد العاملين، إلا أن التحسن النسبي في مستوى النشاط الاقتصادي قد أسهم في خفض معدل البطالة خلال العام 2022 إلى 25.7%، مقارنة مع 27.6% في العام 2021.
إرتفاع عجز الميزان التجاري وزيادة حجم التبادل التجاري مع العالم الخارجي
على صعيد حركة التجارة الخارجية لفلسطين، أشارت التقديرات الأولية إلى إرتفاع قيمة الصادرات بنسبة 7.3%، مقابل ارتفاع قيمة الواردات بنسبة 16.9%، مما تسبب في ارتفاع عجز الميزان التجاري بنسبة 21.7% مقارنة مع العام السابق.
ارتفاع أسعار المستهلك
انعكست الضغوط التضخمية وارتفاعات الأسعار عالمياً تدريجياً على مستوى الأسعار المحلية، خاصة وأن فلسطين تستورد معظم استهلاكها من السلع والخدمات من الخارج، مما تسبب في ارتفاع المستوى العام للأسعار على مدار العام 2022، وليبلغ معدل التضخم في فلسطين حوالي 3.8% مقارنة مع العام السابق. ويعتبر هذا المعدل الأعلى منذ نحو عشر سنوات.
توقع استمرار تباطؤ نمو النشاط الاقتصادي في العام 2023 للعام الثاني على التوالي
كما أصدرت كل من سلطة النقد والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني تقريرين حول التنبؤات الاقتصادية للعام 2023، والمتاحة على الموقع الالكتروني لكل منهما. تضمنت التنبؤ بأهم المؤشرات الرئيسة في الاقتصاد الفلسطيني خلال العام 2023، مستندة في ذلك على مجموعة من العوامل والافتراضات، التي تم تضمينها في السيناريو الأساس، والتي يتوقع أن ينعكس تأثيرها على أهم المؤشرات في مختلف القطاعات (القطاع الحقيقي، والقطاع المالي، والقطاع الخارجي). لا سيما في ظل استمرار موجة التضخم العالمية، والتشدد في الأوضاع النقدية، وتفاقم المشاكل المتعلقة بسلاسل التوريد، خاصة من السلع الأولية والأساسية، جراء استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وتشير نتائج هذه التنبؤات إلى استمرار التباطؤ في أداء الاقتصاد الفلسطيني للعام الثاني على التوالي، مدفوعاً بتزايد حالة عدم اليقين الناتجة عن الوضع المالي للحكومة، والارتفاع الملحوظ في مستويات الأسعار المحلية، وتراجع القوة الشرائية للدخل الفردي.
وبالاستناد إلى هذه الافتراضات، فإن التنبؤات تشير إلى إمكانية تحقيق الاقتصاد الفلسطيني لمعدل نمو يصل إلى حوالي 2.5% خلال العام 2023، مقارنة مع نمو قُدر بحوالي 3.6% خلال عام 2022، مدفوعاً بنمو الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري والصادرات، وتحسن القيمة المضافة لغالبية الأنشطة الاقتصادية.
ومن المتوقع أن يرافق هذا الأداء انخفاض طفيف في معدلات البطالة، إلى 25.5%، مقارنة مع 25.7% في العام 2022، مع بقاء مستوى الدخل الفردي دون تغير يذكر.
ونظراً لكون البيئة التي يعمل فيها الاقتصاد الفلسطيني تنطوي على قدر كبير من المخاطر وعدم اليقين، فقد تم تضمين هذه التنبؤات تحليلاً لمخاطر محتملة الحدوث بدرجات متفاوتة (السيناريو المتفائل، والسيناريو المتشائم)، والتي من المتوقع، في حال حدوثها، أن يكون لها تداعياتها الإيجابية أو السلبية على الأداء الاقتصادي في المدى القريب.