أصدر مفتش عام الشرطة الإسرائيلية، يعقوب شبتاي، أمرا لقادة الجهاز بمنع رفع العلم الفلسطيني في "الأماكن العامة"، وذلك بعد تلقيه أوامر مباشرة من وزير الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية، إيتمار بن غفير.
وذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية عبر موقعها الإلكتروني، مساء الأحد، بأن قرار بن غفير جاء على خلفية رفع العلم الفلسطيني في الاحتفالات التي نظمت في بلدة عارة بأراضي عام 48، نهاية الأسبوع الماضي، احتفالا بتحرر عميد الأسير الفلسطينيين، كريم يونس، بعد قضائه 40 عاما في السجون الإسرائيلية.
وبحسب القناة 12 العبرية، فإن بن غفير، الذي تولى وزارة الأمن الداخلي بسلطات موسعة مُنح بموجبها القدرة على توجيه تعليمات مباشرة للمفتش العام للشرطة وتحديد أولويات الجهاز وسياساته، استدعى شبتاي لـ"جلسة استيضاح" في مكتبه، في أعقاب إقامة مراسم الاحتفال بتحرر الأسير كريم يونس، خلافا للأوامر التي أصدرها.
ويملك المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، سلطة منع رفع الأعلام الفلسطينية، بموجب اللوائح الشرطية، إذا ما استخدم العلم "للتحريض على الإخلال بالأمن"، بحسب ما أفادت "هآرتس"، ومع ذلك، فقد تُرك اتخاذ قرار في هذا الشأن لتقدير قادة المناطق في الشرطة الإسرائيلية.
وكان المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية قد أصدر وجهة نظر قانونية بشأن رفع العلم الفلسطيني بمناسبتين مختلفتين في عامي 2006 و2014، واعتبر أن قرار منع رفع العلم الفلسطيني يجب أن يُطبق فقط في حالة وجود "مستوى عالٍ من احتمال حدوث انتهاك خطير للسلم العام".
وفي ظل منح قادة المناطق في الشرطة الإسرائيلية سلطة تقديرية بشأن السماح برفع العلم الفلسطيني، يبرز التباين في تطبيق هذا الحظر بين المناطق المختلفة؛ إذ تحرص شرطة الاحتلال في القدس على منع رفع العلم الفلسطيني في الأحياء المقدسية تحت أي ظرف من الظروف، ويلجأ عناصر الشرطة لاستخدام العنف المفرط في سبيل ذلك، في حين تسمح الشرطة برفع العلم الفلسطيني في مظاهرات ينظمها ناشطون يساريون إسرائيليون في تل أبيب، على سبيل المثال.
ولفتت "هآرتس" إلى أن بن غفير أوعز لشبتاي، خلال محادثات أجريت بينهما خلال الأسبوع الماضي، بـ"البدء بتطبيق منع رفع العلم الفلسطيني عموما"، وفي ردها على تقرير "هآرتس" قالت الشرطة إن "مسألة منع رفع الأعلام تعتمد على طبيعة العلم، وظروف رفعه والأعمال التي تصاحب ذلك. كل هذه الأمور تحدد مسألة انتهاك السلامة العامة، إلى جانب احتمال وجود جريمة جنائية مصاحبة للواقعة، بما في ذلك دعم منظمة إرهابية".
وأضافت الشرطة أنه "بناء على ذلك، يتم اتخاذ القرار بشأن موقف الشرطة في الحدث ذي الصلة، أحيانًا بالتشاور مع جهات أمنية أخرى"؛ ولفتت "هآرتس" إلى أن الشرطة كانت تعتزم اقتحام مراسم استقبال الأسير كريم يونس، واعتقال أشخاص بشبهة "التحريض وانتهاك قانون الإرهاب"، ونقلت الصحيفة عن مصدر في الشرطة، قوله إن النيابة العامة أكدت أن فعاليات استقبال الأسير المحرر في عارة "لا تعد مخالفة للقانون".
وكان بن غفير قد أصدر أوامر لجهاز الشرطة بمنع أقارب الأسير المحرر يونس، وعائلته، من نصب خيمة في ساحة منزل العائلة، لاستقبال المهنئين بتحرر ابنها من الأسر، ومنع احتفالات العائلة التي انتظرت أكثر من 40 عاما لملاقاة كريم الذي أمضى أربعة عقود في السجون الإسرائيلية.
ووفقا للقناة 12، اعتبر بن غفير أن الشرطة نجحت بالسيطرة على الحدث جزئيا في اليوم الأول، في حين امتدت الاحتفالات على مدار أربعة أيام، منذ تحرر الأسير يونس، يوم الخميس الماضي. ويزعم ين غفير أن الاحتفالات تجرى بـ"أجواء تحريضية يرافقها التلويح المتواصل بالأعلام الفلسطينية"، الأمر الذي أثار استياءه، وفقا للتقارير.
واعتبر بن غفير، بحسب ما نقلت القناة 12 عن مقربيه، أنه تلقى "إجابات غير مقبولة من الشرطة" بشأن الاحتفالات بتحرر الأسير يونس ورفع العلم الفلسطيني خلال الفعاليات التي نظمت خلال مراسم الاحتفالات، رغم إصداره أوامر مباشرة في هذا الصدد.
ووفقا للتقارير فإن الشرطة أوضحت لبن غفير أن خيمة الاستقبال نصبت "في منطقة خاصة" بملكية عائلة الأسير يونس، ثم أوضحت له أن النيابة العامة والمستشار القضائي للشرطة، أكدوا أن الجهاز غير مخول باقتحام المنطقة لتفكيك الخيمة وفض الاحتفالات بالقوة، لأن هناك "مشاكل قانونية" تترتب على ذلك.
وبعد استدعائه إلى مكتبه، أوعز بن غفير، للمفتش العام للشرطة، شبتاي، بإجراء تحقيق داخلي في الشرطة، حول الاحتفالات التي نظمت في بلدة عارة، لاستقبال عميد الأسرى الفلسطينيين، بعد تحرره من الأسر، يومي الخميس والجمعة الماضيين.
ومن المقرر أن يجري شبتاي تحقيقا داخليا في الشرطة وعرض نتائجه على بن غفير لـ"التأكد من أن مثل هذه الأحداث لن تتكرر في المستقبل"؛ وقال الأخير إن "هذه الاحتفالات هي احتفالات تحريض ودعم صريح للإرهاب ولا يمكن تصور أن مثل هذه الأحداث تقام داخل منزلنا (في إشارة إلى مناطق الـ48)"، بحسب ما ورد في بيان صدر عن مكتبه.