كشفت صحيفة "الأخبار" اللبنانية عن اتّصالات مصرية مع حركة "حماس" لاستكمال مفاوضات تبادل الأسرى مع إسرائيل من حيث انتهت إليه.
وذكرت الصحيفة في تقرير لها، يوم الأربعاء، بأنه : لم تكد تمرّ ساعات على نشْر الجناح العسكري لحركة "حماس"، "كتائب القسام"، مقطعاً مصوَّراً جديداً للجندي الإسرائيلي الأسير لديها آبراهام منغستو، حتى توالت الاتّصالات عليها من قِبَل الوسيط المصري، الذي جدّد استعداده لاستكمال الجهود السابقة لإتمام صفقة تبادل بين الحركة ودولة الاحتلال، مؤكّداً أنه يَنتظر موقف الأخيرة من استئناف المفاوضات. "
وبحسب ما علمته "الأخبار" من مصادر "حمساوية"، فإن الحركة أكدت، أخيراً، خلال اتّصالات مع المصريين، جاهزيّتها لاستكمال مفاوضات التبادل من حيث انتهت إليه، بما يتيح تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة، والمتمثّلة في الإفراج عن الجنديَين منغستو وهشام السيد، إضافة إلى معلومات عن الجنديَين الآخرَين وهُما هدار غولدن وشاؤول أورون، مقابل إطلاق سراح الأسرى المحرَّرين بموجب صفقة "وفاء الأحرار" والمُعاد اعتقالهم، والأسيرات والأطفال والمرضى والشهداء والأسرى القدامى.
وفي المقابل، أبلغ المصريون، "حماس"، بأنهم بصدد معاودة الاتّصال مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة حول ملفّ الأسرى، وأنهم ينتظرون تعيين مسؤول جديد من قِبَلها عن هذا الملفّ خلَفاً ليارون بلوم. وكان بلوم، منسّق شؤون الأسرى والمفقودين، قدّم استقالته من منصبه في 31 تشرين الأوّل 2022، على خلفية "الفشل في إعادة الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حماس في قطاع غزة".
وتبرّر سلطات الاحتلال إحجامها عن تنفيذ صفقة التبادل بأنها لا تريد إطلاق أسرى فلسطينيين خطيرين ممّن تقول إن "أيديهم ملطّخة بالدماء"، وفق ما توضحه المصادر نفسها، مستدرِكةً بأن "الحكومة الإسرائيلية الجديدة باتت أمام اختبار حقيقي لصدق توجّهاتها في هذا الملفّ، على اعتبار أن تنفيذ الصفقة على مرحلتَين من شأنضه معالجة مخاوفها، من خلال قصْر المرحلة الأولى على الإفراج عن الأسرى "الأقلّ خطورة" مقابل إطلاق سراح منغستو والسيد، وإماطة اللثام عن معلومات حول غولدن وأورون".
وتَلفت المصادر إلى أنه "حتى الوقت الحالي، لا تزال حكومة الاحتلال تعرقل كلّ محاولة للتوصّل إلى صفقة تبادل، إذ تتراجع دائماً وتُوقف المفاوضات مع المصريين بعد كلّ تقدّم يتمّ إحرازه، وهي تحلم بأن يتمّ إنهاء هذا الملفّ من دون تقديم الثمن المناسب الذي يرضي الشعب الفلسطيني والأسرى"، مشيرة إلى أن "كلّ الادّعاءات الإسرائيلية بخصوص الجنود الأسرى تمّ تفنيدها، بما فيها تلك المتّصلة بمنغستو، والحديث عن أنه مختلّ عقلياً، إذ كشف الفيديو الذي نشرته "القسام" له أن الحقيقة معاكِسة للرواية التي دأب الجيش والحكومة على سوْقها خلال السنوات الماضية".
وتَصف ردود سلطات الاحتلال على الشريط الأحدث بأنها "تأتي في سياق الهروب من الاستحقاق المطلوب منها، وواجبها الأخلاقي أمام عائلات الجنود الأسرى وجنود الجيش الذين باتوا يخشون من وقوعهم في مصير مشابه وتخلّي الحكومة عنهم مستقبلاً". وكانت مصادر أمنية إسرائيلية أكدت أن المقطع المصوَّر لمنغستو يعود إليه بالفعل، فيما جزمت عائلة الأسير أن مَن ظهر فيه هو ابنها، على رغم تَغيّر ملامحه.
وسبق لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، يائير لابيد، أنْ دافع بأنه خلال فترة ولايته بذل جهوداً لإبرام صفقة تبادل مع "حماس"، وأن أوّل جلسة له كرئيس للوزراء تمحورت حول هذا الملفّ، مستدركاً بـ"(أنّنا) دائماً نصطدم بمعضلة أنه لا يجب تعريض أمن إسرائيل للخطر بإطلاق سراح أسرى خطيرين أيديهم ملطَّخة بدماء الإسرائيليين"، قائلاً: "هذا الأمر معقّد، والجميع تأذّى من صفقة شاليط التي عقدها نتنياهو".
وبحسب "هيئة البثّ الإسرائيلية العامّة" الناطقة بالعربية، فإن "حماس" تطالب، مقابل الإفراج عن منغستو، بأسرى حُكم عليهم بالسجن لسنوات، ومن بينهم حسن سلامة، قائد "القسام" في غزة سابقاً، والمسؤول عن هجومَين وقعا على "خطّ 18" عام 1996 وقُتل وأصيب خلالهما العشرات؛ وإبراهيم حامد، أحد قادة الكتائب في الضفة الغربية خلال الانتفاضة الثانية والمسؤول عن هجمات عدّة أيضاً؛ وعبدالله البرغوثي، مهندس العبوات الناسفة في "حماس" خلال فترة الانتفاضة الثانية، والذي حُكم عليه بالسجن لمدّة 67 عاماً في ما يمثّل أقصى حُكم أدين به فلسطيني في تاريخ إسرائيل؛ وعباس السيد، مخطّط الهجوم على فندق "بارك" في مدينة "نتانيا" عام 2002، والذي قُتل فيه 29 إسرائيلياً، وأدّى إلى بدء عملية "السور الواقي" في الضفة.