" نتمنى أن تسلك إسرائيل طريقاً أكثر حكمة "
بعدما حذر مئات من أساتذة الحقوق في الجامعات الإسرائيلية من تبعات هدّامة على الاقتصاد الإسرائيلي نتيجة “الإصلاحات القضائية” التي يقودها وزير القضاء في حكومة الاحتلال ياريف لافين، وتثير ضجة واحتجاجات واسعة، قال 50 بروفيسوراً أمريكياً إن هذه “الإصلاحات” خطيرة وتمنوا أن تختار إسرائيل طريقاً أكثر حكمة.
في مذكرة مشتركة موجهة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أكد 50 أستاذاً جامعياً في الولايات المتحدة معارضتهم لـ خطة “نتنياهو- لافين” لتغيير النظام القضائي وتقليص صلاحياته لصالح السلطة التنفيذية. وعبّر هؤلاء عن خشيتهم من حجم وسرعة “الإصلاحات”، وبالتالي من انعكاساتها على سلطة القانون، معتبرين ذلك خطراً كبيراً. ومن بين الموقعين على المذكّرة البروفيسور آلان درشوبيتس، المقرب من نتنياهو، والذي يعارض بشدة مخطط تقليص صلاحيات محكمة العدل العليا من خلال ما يعرف بـ “فقرة الاستقواء”، أي تغليب قوة السلطتين التشريعية والتنفيذية (الكنيست والحكومة) على المحكمة العليا.
وعلى غرار باحثين ومراقبين إسرائيليين وأجانب كثر، حذّر درشوبيتس في شريط فيديو، قبل شهر، من تبعات المساس بمكانة المحكمة العليا في إسرائيل على صورتها في العالم كدولة ديموقراطية يسود فيها القانون، منبهاً إلى أن هذه المحكمة حمت الاحتلال من مقاضاته في محكمة الجنايات الدولية في قضايا كثيرة. وتابع محذراً: “بحال تم تمرير “فقرة الاستقواء” التي تضعف المحكمة العليا ستكون هذه غلطة رهيبة، وهذا خطأ مفزع أن يصبح السياسيون قادرين على تعيين قضاة المحكمة العليا، ويملون كيف تبت هذه في قضايا مختلفة. من هذه الناحية المحكمة العليا في إسرائيل جوهرة وقلب الديمقراطية فيها ومركز مناعتها ويحظر المساس بها.
وجاء في المذكرة المشتركة: “نحن أساتذة حقوق في الولايات المتحدة تهمهم إسرائيل كثيراً، نعارض بشدة محاولات الحكومة الحالية تغيير منظومة القضاء بشكل جذري”.
وقالوا إنهم قلقون جداً من مثل هذه المحاولات التي تشمل إصلاحات مقترحة تمنح الائتلاف الحاكم صلاحيات مطلقة في تعيين القضاة، وتحول دون استمرار المحكمة العليا إلغاء قوانين معينة، وتحد من قدرة القضاة على الاجتهاد والنقد القضائي الموجّه لقرارات السلطة التنفيذية، وتقلص صلاحيات المستشار القضائي للحكومة، وبقية المستشارين القضائيين في الوزارات. كما قال أساتذة القانون الأمريكيون إن بعضهم يؤمن إن محكمة العدل العليا الإسرائيلية تتمتع بقوة كبيرة، وأكثر من اللزوم، في أبعاد معينّة، وهم يؤيدون تخفيض هذه القوة، خاصة بما يتعلّق بالتشريع والقرارات التنفيذية، فيما يعتقد بعضنا الآخر أنه لا حاجة لتغيير “الوضع الراهن” القضائي”.
وتابع هؤلاء في مذكرتهم المشتركة: “دون علاقة لعدم التوافق بيننا، يخشى كافتنا جداً من سرعة ومن حجم الإصلاحات القضائية الجارية، ومن كونها تضعف بشكل مريع استقلالية السلطة القضائية، وتمس بالفصل بين السلطات وبسلطة القانون.
وفي معرض تعليل موقفهم، قال هؤلاء الأساتذة الأمريكيون إن وسائل الدفاع والكبح هذه ساهمت في ازدهار إسرائيل طيلة 75 عاماً وساعدتها في مواجهة تحديات أمنية، سياسية واجتماعية خطيرة.
وفي تلميح لوجود مصلحة شخصية لنتنياهو المتهم بتهم فساد، نوّه الأساتذة الأمريكيون في الولايات المتحدة، في هذه المذكّرة، إلى أن إضعاف استقلالية السلطة القضائية، والمساس بالفصل بين السلطات، ينطوي على تهديد كبير لحرية التعبير ولحقوق الإنسان والمواطن وللجهود القائمة لتقليص الفساد، مما سيثقل على إسرائيل بالبقاء مقابل هذه التهديدات مستقبلاً، وشدّدوا على أملهم بأن تختار إسرائيل طريقاً ذكية أكثر.
وفي سياق متصّل توجّه 100 سفير إسرائيلي في العالم لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بمذكرة مشتركة، عبرّوا فيها عن مخاوفهم من تبعات “الإصلاحات القضائية”، ومن فصل سلطات المؤسسة الأمنية على مكانة وصورة إسرائيل، مشددين على أن هذه الازدواجية تدفع المجتمع الدولي للاستنتاج بأن إسرائيل تقوم فعلاً بضمّ الضفة الغربية المحتلة. يشار إلى أن هؤلاء يتحدثون عن تعيين وزير المالية المستوطن باتسلئيل سموتريتش، المعروف بعنصريته السافرة، وبتوجهاته الدينية الغيبية، وزيراً إضافياً داخل وزارة الأمن التي يشغلها الوزير يوآف غالانت. وحسب اتفاقات الائتلاف الحاكم أسندت لسموتريتش مسؤولية عما يعرف بـ “الإدارة المدنية”، وعما يعرف بـ “منسق أعمال الحكومة في المناطق” (المناطق الفلسطينية المحتلة) ما دفع حتى بعض الأوساط الإسرائيلية لنعته بحاكم الضفة الغربية، أو وزير الضمّ.