هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، "تدخلات" وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، في ما يتعلق بخطة التعديلات على النظام القضائي، التي تثير جدلا كبيرا في إسرائيل يصل إلى حد الانقسام، واعتبرها تدخلًا "صارخًا وواضحًا وغير ضروري وغبياً"، بحسب ما نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت".
وكان نتنياهو يتحدث لأعضاء حزبه "الليكود" في جلسة خاصة، تم النقاش خلالها في ما إذا ما كان نتنياهو سيرد أمام وسائل الإعلام على انتقادات بلينكن، أو لا، لكنه فضل في النهاية عدم الرد.
وسبق أن لمح بلينكن إلى استياء واشنطن، من خطة التعديلات القضائية. وقال في إسرائيل، إن "العلاقات بين بلدينا متجذرة في المصالح والقيم المشتركة، وهذا يشمل دعمنا للمبادئ والمؤسسات الديمقراطية، والحفاظ على حقوق الإنسان ونظام قانوني متساوٍ للجميع، وحقوق الأقليات، وسيادة القانون، وحرية الاتصال والحفاظ على مجتمع مدني قوي في إسرائيل".
مضيفا: "إن التزام شعوب بلدينا بإسماع أصواتها وحماية حقوقها، هو أحد نقاط القوة الفريدة لديمقراطياتنا. وهناك قوة أخرى تتمثل في أن بناء توافق في الآراء بشأن مقترحات جديدة، هو الطريقة الأكثر فاعلية للتأكد من تبنيها ودوامها".
ويدفع الائتلاف الحكومي الذي يقوده نتنياهو، خطة لتعديل النظام القضائي كما قدمها وزير العدل ياريف ليفين، تقيد بشدة قدرة المحكمة العليا على إلغاء القوانين والقرارات الحكومية، مع "بند تجاوز" يمكّن الكنيست من "إعادة تشريع القوانين الملغاة" بأغلبية ضئيلة من الأصوات (61 صوتا)، ومنح الحكومة سيطرة كاملة على اختيار القضاة، ومنع المحكمة من استخدام اختبار "المعقولية" للحكم على التشريعات والقرارات الحكومية، والسماح للوزراء بتعيين مستشاريهم القانونيين، بدلا من الحصول على مستشارين يعملون تحت إشراف وزارة العدل، وهي خطة تعرضت لانتقادات شديدة في جميع القطاعات في إسرائيل، وقادت إلى مظاهرات غير مسبوقة ضد الحكومة انضم إليها مسؤولون وخبراء واقتصاديون وأكاديميون وقطاع التكنولوجيا الفائقة (الهايتك) الإسرائيلي وغيرهم.
وكان نتنياهو تحدث في الآونة الأخيرة مع كبار المسؤولين في شركات التصنيف الائتماني وبنوك الاستثمار، لإقناعهم بأنه "لا صحة للتحذيرات من أن خطة الإصلاحات في الجهاز القضائي قد تؤدي إلى تخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل وسحب استثمارات منها".
وذكرت "القناة 11" أن هذه المحادثات "غير مألوفة، لأنه على مدى سنوات، تقوم الطواقم المهنية في وزارة المالية وبنك إسرائيل بإدارة الاتصالات مع هذه الجهات من دون أي دور للسياسيين فيها". والولايات المتحدة ليست الوحيدة التي تدخلت في هذا الشأن، وكانت وسائل إعلام إسرائيلية وفرنسية قالت إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "حذر" نتنياهو أثناء لقائهما الخميس الماضي من أنه إذا لم تكن هناك تغييرات على خطط حكومته بعيدة المدى لإصلاح النظام القضائي، "ستستنتج باريس، أن إسرائيل خرجت عن المفهوم المشترك للديمقراطية".
وأكد صراحة أن خطة الإصلاح القضائي المقترحة "تهدد بكسر سلطة المحكمة العليا، القوة المضادة المؤسساتية الوحيدة في الحكومة". كما قال الرئيس الفرنسي إن الاقتراح "يفتح أزمة غير مسبوقة منذ نشأة إسرائيل عام 1948".
ورد نتنياهو بأن المحكمة العليا "أصبحت شديدة التطفل وأنها تضعف التنمية الاقتصادية"، وقال: "لقد انتقلت إسرائيل من دولة قانون إلى دولة محامين"، مضيفا أنه يريد "إعادة التوازن بين فروع الحكومة، القائم في الديمقراطيات الأخرى".
وأمام الضغوط الخارجية والداخلية الكبيرة يتوقع أن يتراجع الائتلاف إلى حلول وسط.وقال مصدر كبير فيه لقناة "كان" إنه "سيتم التوصل إلى تسوية، في ما يتعلق بخطة إصلاح الجهاز القضائي". موضحا أن الخطة ستخضع لتعديل، "وهناك مكان للحوار".