- لقمان الشيخ
استضافت القاهرة خلال الأيام القليلة الماضية، أعمال مؤتمر القدس تحت عنوان « صمود وتنمية»، في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، بمشاركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وسط تمثيل عربي وإقليمي ودولي رفيع المستوى، يأتي هذا الحشد العربي في وقت حساس وخطير وسط تصاعد وتيرة العنف والانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس، وارتفاع معدلات القتل والاعتقال بحق الفلسطينيين.
كان هدف المؤتمر الأول هو تسليط الضوء على معاناة أهل القدس، ودفاعهم عن حقهم في الحياة على أرضهم وإبراز صمودهم ، ومحاولة إظهار مزيد من الدعم العربي تجاه القضية الفلسطينية، في حين حاولت العديد من الدول العربية من خلال هذا المؤتمر إعطاء وجه اخر للدعم عبر إظهار الوحدة العربية تجاه فلسطين متمسكة بكون القدس هي قضيتها الأولى، وأن هذا ليس شعارا، وإنما من الثوابت الراسخة في العقيدة العربية، وهو ما ظهر في بيان .الجامعة العربية، الراعية لهذا المؤتمر والذي أكدت فيه أن دعم المقدسيين سياسيا واقتصاديا من خلال الاستثمارات، واجب على العرب، وعلى كل محبي وأنصار السلام في العالم.
وتعقيبا على عقد هذا يتم طرح تساءل جوهري، ماذا ستستفيد فلسطين من هذا المؤتمر؟
الإجابة عن هذا السؤال تتطلب تحليلا عميقا لأبرز تصريحين خلال المؤتمر وتقديم شرح لأسباب عقد هذه الفعالية والأفكار المطروحة فيها، والبداية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس والذي كان توجهه واضحا منذ البداية عبر المطالبة بدعم أكبر للتوجه نحو الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار يحمي حل الدولتين عبر منح دولة فلسطين العضوية الكاملة، والدعوة لعقد مؤتمر دولي، وكذلك الاتجاه نحو المحاكم والمنظمات الدولية، وصولا إلى حث المؤسسات والصناديق العربية لدعم القدس بالمشاريع التنموية، تبدو مطالب عقلانية تصب في صالح دعم القضية الفلسطينية دبلوماسيا وعبر وسائط دولية من شأنها تشكل فارقا خاصة إذا ما تم الضغط على المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الاحتلال والاحتشاد وراء فلسطين وتقديم مرافعاتها القانونية لمحكمة العدل الدولية، ورأيها في قانونية وجود الاحتلال الصهيوني على الأراضي الفلسطينية.
في حين كان يبدو تصريح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أقرب إلى تهدئة الأوضاع، من خلال التأكيد على ضرورة محافظة الحكومة الإسرائيلية العنصرية المتطرفة على «الوضع القائم» من خلال تكريس ثقافة السلام والتعايش التي لا طالما دعت إليها على أمل أن يؤدي هذا إلى إرساء سلام دائم في القدس، ويتبع هذا مع موجة التطبيع العربية مع تل أبيب، والتي تمثّل الخطوة السودانية النقلة الأحدث فيها، غير أن هذا التعايش الذي تطالب به بعض الدول لا يمكن أن يتحقق في ظل حكومة صهيونية فاشية بقيادة نتنياهو وبن غفير والتي تستهدف مخططاتها القدس، التي أصبحت تمثل بؤرة المواجهة الأولى، في ظل محاولة هذه الحكومة حسم قضيتها وعزلها عن دائرة الصراع كمقدمة لتحقيق مشروع الدولة القومية خالصة العرق اليهودي على الأرض الفلسطينية، وبالنظر إلى هذه الوضعية فلا يمكن تحقيق هذه المطالب، لتبقى بذلك مجرد شعارات يتم ترديدها كل مرة.
وإلى ذلك خرج المؤتمر بمجموعة من القرارات التي من شأنها أن ترتقي بالقضية الفلسطينية إلى مستوى آخر في حال ما إذا نفدت بصورتها الحقيقية، من جهة أخرى تكمن أهمية المؤتمر باعتباره أداة ضغط على دولة الاحتلال وتأكيدا على مشروعية القضية الفلسطينية حيث تضمّن المؤتمر شحنة معنوية مناهضة لتحييد القضية الفلسطينية في خطوات التطبيع الجديدة.
من جهة اخرى ولنكن واضحين ومنطقيين فان الدعم السياسي من دون دعم مالي لا يساوي شيئا بالنسية للفلسطينيين، فالوضع الحالي للسلطة شبيه بوضع الدولة المفلسة والمنهارة والتي لا يمكنها تأدية واجباتها بالشكل الصحيح، وهو ما يجعلها عرضة للانتقادات على المستوى المحلي ومن ثم تحميلها مسؤلية الفشل السياسي والاقتصادي، في جين فضل العرب ترك الدعم المالي وتعويضه بالدعم المعنوي، إذ كان من الممكن ان يكون الشق الاقتصادي أحد مخرجات البيان الختامي للمؤتمر وكان من الممكن ان يدرك العرب بأن خطورة الوضع المالي للسلطة يضعها تحت ضغوطات واملاءات خارجية مكرهة، خاصة في ظل تقلص الدعم المالي للسلطة الفلسطينية في السنوات الأخيرة إلى النصف على ما كانت عليه قبل سنة 2021.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت