تفاصيل سحب مشروع القرار الفلسطيني حول الاستيطان في مجلس الأمن واستبداله ببيان رئاسي

مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال خلال مسيرة كفرقدوم الاسبوعية المناهضة للاستيطان.jpg

ذكرت تقارير صحيفة بأن مشروع القرار الفلسطيني في مجلس الأمن حول الاستيطان والذي كان من المقرر أن يُطرح للتصويت سحب تماما واستبدل ببيان رئاسي.

ونقلت صحيفة "القدس العربي" عن مصدر دبلوماسي رفيع (سفير إحدى الدول العربية- ليس فلسطين) قوله "إن مشروع القرار الفلسطيني سحب تماما واستبدل ببيان رئاسي."

والبيان الرئاسي يعتبر وثيقة رسمية لكنه دون مستوى القرار، ولا يصدر إلا بإجماع أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر ما يعطي فرصة للتخفيف من مضمونه ولغته كي يتم التوافق على النص.

وكشف مصدر دبلوماسي رفيع لصحيفة "العربي الجديد" في رام الله بأن القيادة الفلسطينية قررت سحب مشروع قرار حول الاستيطان كان من المقرر أن يُطرح للتصويت في مجلس الأمن، مساء الاثنين.

وعلّق المصدر حول القرار قائلًا: "نريد العنب، ولا نريد أن نقاتل الناطور". وأكد أن الولايات المتحدة الأميركية تولت المفاوضات مع الجانب الفلسطيني بالنيابة عن إسرائيل.

وتابع المصدر: "توصلت القيادة إلى تفاهمات مع الإدارة الأميركية لإنهاء الخطوات أحادية الجانب من الطرفين الفلسطيني والجانب الإسرائيلي".

وحول الخطوات الفلسطينية التي طالبت الإدارة القيادة الفلسطينية بوقفها، ذكر: "وقف تقديم مشروع قرار يدين الاستيطان في مجلس الأمن".

وتابع المتحدث: "المشروع الفلسطيني كان سيواجه بالفيتو الأميركي، لكن هناك شعور بالإحراج الكبير لدى المسؤولين الأميركيين بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، وثانيا بسبب الانتقادات المتلاحقة التي توجّهها الإدارة الأميركية للحكومة اليمينية الإٍسرائيلية حول ممارساتها، والتخوف من الظهور بصورة متناقضة عن تصريحاتها حال استخدمت الفيتو ورفضت مشروع قرار يدين الاستيطان الذي تعلن الإدارة رفضه علناً".

وحول الخطوات الإسرائيلية التي يجب وقفها في المقابل، قال: "وقف عمليات الهدم في جميع الضفة الغربية، وتحديدا القدس".

وفيما يخص الاستيطان، قال الدبلوماسي الرفيع: "اللجنة المسؤولة عن الاستيطان قررت قبل أيام بناء عشرة آلاف وحدة، ولن تجتمع قبل ثلاثة إلى أربعة أشهر، ما يعني أنه لن تكون هناك قرارات بناء وحدات استيطانية جديدة... إذا نظرنا للأمر جيدا هذا تضليل ليس أكثر، لكن ليس لدينا من نفعله".
 

وتابع المصدر: "لقد وصل القرار إلى مرحلة نهائية، ولدينا دعم من 11 دولة، وكان من المفروض أن يتم التصويت عليه مساء الاثنين في مجلس الأمن".
 
وأضاف المصدر الدبلوماسي الرفيع: "لدينا دعم من الصين وروسيا لتقديم مشروع القرار، لكن الإمارات التي من المفروض أن تقدم القرار بصفتها عضو مجلس الأمن عن المجموعة العربية كانت تناقش من اليوم الأول إمكانية عدم تقديمه، وفي الاتجاه الآخر كانت هناك ضغوط من الإدارة الأميركية، وتحديدا من وزير الخارجية أنتوني بلينكن على الرئيس محمود عباس لسحب مشروع القرار، والرضا بالتفاهمات التي تطرحها الإدارة الأميركية، وفي الوقت ذاته كانت بريطانيا تضع ملاحظاتها على المشروع بصياغات مضللة تحمل أكثر من معنى".

وبعد توزيع النسخة المعدلة لمشروع القرار الفلسطيني يوم الجمعة على أعضاء مجلس الأمن الدولي حول إدانة الاستيطان الإسرائيلي والمطالبة بوقفه فورا، ودخوله فترة الصمت التي لو انتهت دون كسرها سيكون مشروع القرار جاهزا للتصويت عليه الإثنين، وقبل انتهاء مهلة الصمت الساعة الساعة الثالثة من بعد ظهر السبت بتوقيت نيويورك، علمت “القدس العربي" من مصدرين دبلوماسيين رفيعين أن فترة الصمت كسرت من المملكة المتحدة ومن الإكوادور.

وهذا يعني أن النسخة المعدلة ستُدخل عليها تعديلات جديدة تخضع لمفاوضات مع الوفدين الإماراتي والفلسطيني أو قد تسحب نهائيا ويتم استبدال مشروع القرار ببيان رئاسي. ووجهت “القدس العربي" سؤالا للمصدرين الدبلوماسيين ما إذا سيكون هناك تصويت يوم الإثنين ولم تتلق جوابا لغاية الآن.

ويبدو أن التأجيل له علاقة بضغوطات أمريكية حيث تلقى كل من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مكالمة من وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، تتعلق بالخطوات التي سماها أحادية والتي لا تخدم المفاوضات من أجل حل الدولتين.

 وحسب بيان من المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، فقد أكد بلينكن للرئيس عباس التزام الولايات المتحدة بحل الدولتين عبر المفاوضات وأنه “يعارض أي سياسة تعرض هذا الحل للخطر". وقال برايس إن وزير الخارجية قد طلب من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي اتخاذ خطوات لإعادة الهدوء وأنه عارض أي خطوات أحادية من شأنها أن تزيد من التوتر. وقد أكد بلينكين في مكالمته لنتنياهو التزام الولايات المتحدة الصلب وغير القابل للمساومة بأمن إسرائيل.

وكان مصدر دبلوماسي رفيع المستوى قد صرح لـ"القدس العربي" أن وفد الولايات المتحدة غير راض عن مشروع القرار ومعترض على طرحه للتصويت واقترح بدلا من ذلك أن يصدر عن مجلس الأمن “بيان رئاسي" يأخذ بعين الاعتبار بعض النقاط التي احتوى عليها مشروع القرار ويصدر بإجماع أعضاء المجلس الخمسة عشر.

وتراجع في النسخة المعدلة مستوى اللغة وأقحمت فيها تعديلات مهمة منها البند الذي ينص على “اتخاذ خطوات فورية لمنع جميع أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك أعمال الإرهاب، وكذلك جميع أعمال الاستفزاز والتدمير، ويدعو إلى المحاسبة بهذا الصدد". كما يدعو النص المعدل “إلى الاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك حماية السكان المدنيين، ويكرر الحاجة إلى اتخاذ الخطوات المناسبة لضمان سلامة ورفاه المدنيين" وتتطابق هذه الفقرة في بدايتها مع الصيغة الأولى التي وزعت لكن شطبت من الصيغة الجديدة الإشارة إلى “المدنيين الفلسطينيين وحمايتهم". كما أضيفت في الصيغة الجديدة الجملة التالية على الفقرة وفيها يدعو المجلس كذلك إلى “احترام مبادئ التمييز والتناسب والحيطة، ويكرر التأكيد على الحاجة إلى اتخاذ الخطوات المناسبة لضمان سلامة ورفاه المدنيين، ولا سيما الأطفال، وحمايتهم".

ويؤكد مشروع القرار في فقراته الرئيسية تأكيد مجلس الأمن "من جديد على أن إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، ليست له أي شرعية قانونية ويشكل انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي وعقبة كبرى أمام تحقيق حل الدولتين وإحلال السلام العادل والدائم والشامل".

كما "يكرر مطالبته إسرائيل بالتوقف بشكل فوري وعلى نحو كامل عن جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وأن تحترم جميع التزاماتها بموجب القانون الدولي، في هذا الصدد احتراما كاملا".

وكان وزير الخارجية الأميركية قد أجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس محمود عباس، يوم السبت، ضمن محاولاته للضغط على عباس لمنع تقديم مشروع القرار.

ويدور في كواليس اللقاءات الفلسطينية الأميركية في الفترة الماضية حوارات حول سبل تبريد التوتر في الضفة الغربية والسيطرة على المقاومة المسلحة في جنين ونابلس، ومنع زيادة التوتر، لا سيما في القدس والمسجد الأقصى، وصولا لنزع فتيل أي مواجهة محتملة في شهر رمضان من شأنها أن تعيد حركة "حماس" إلى الواجهة كما جرى في مايو/ أيار 2021.

 

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - نيويورك