حماس أوقفت القتال .. هناك عمل آخر

بقلم: طلال الشريف

طلال الشريف.jpg
  • د. طلال الشريف

بداية الحديث لنضع الأمور ونوضحها في مكانها الحقيقي لعدم التوهان والتتويه وهو ما نكرره على الدوام.

خلافنا الأساسي مع رأسي الحكم وحزبين كبيرين مؤثرين في الوضع الفلسطيني فتح وحماس، هو كالتالي وببساطة سياسية شديدة مفهومة و سهلة والوصول للجمهور.

 إن نقطة الخلاف مع الحزبين ليس على برنامج أي منهما رغم التناقض بين البرنامجين، لكننا مع اي البرنامجين ينجح في تحقيق هدف الخلاص من الاحتلال وانجاز التحرر، ولو كان هذا المفهوم لغير الصالح العام لكان ما يسمى انتهازية سياسية في حالة أن المتحدث هو من حزب أو جسم سياسي منافس ينتهز الموقف، لكن والحالة عندي هي ليست حزبية، بل انا كاتب مل الأحزاب يحاول بكل الطرق الوصول لما يراكم انجازا لشعبنا..

نقطة الخلاف مع فتح وحماس لا تتعلق ببرنامجيهما المقاوم العسكري المقاطع او المقاوم الشعبي المفاوض، بل الخلاف يتعلق بسوء إدارة الشان الداخلي وما جرى من سلوكيات انقسام وديكتاتورية العلاقة مع الجمهور الفلسطيني وعدم تطوير النظام السياسي الفلسطيني لدمقرطة الحياة الفلسطينية لتحقيق أكبر منسوب للعدالة الاجتماعية وصيانة الحريات والحقوق... هذا خلافي مع فتح وحماس.

الفكر الوطني الحقيقي اليقظ والذكي هو من يلتقط بذكاء اللحظة السياسية في مراكمة مفاصل الإيجاب لهدف التحرر وانجاز الاستقلال، تلك العملية التراكمية التي لا يراها الهوجائيون الذي يريدون اشعال النار فقط دون معرفة ماذا ستحرق تلك النار، هل ستحرق أصابع المحتل أم ستحرق أصابعه فيقعد ملوما محسورا بعد رؤية الأثر الاهوج لما فعل.

 شعبنا معطاء مقاوم على الدوام ولكن شعبنا رغم أنه متقدم دائما على قياداته إلا أنه كم هلامي كاي شعب يحتاج قادة ومفكرين يرسمون له آلية تلتقط ما يفيد من جزيئات للمراكمة وليس كل جزيئ ينفع للبناء والمراكمة وهذا سر من أسرار نجاح أي امة أو أي ثورة لكن الترفيص وعلى النجدة هيا يا رجال ونعود بالخيبات والخسائر الفادحة فقد ولى زمن ذلك، وعلينا حساب كل حركة بدقة، وهل ستراكم لصالحنا ام ستضيع هباءا، وصراعنا مع الاحتلال ليس ثأرا عائليا، بل هو إدارة صراع معقدة لا تمت للثأر والمحبة والكره والإنتقام،   المعادلة في السياسة ، فكر خطط  إفعل راكم  وأدر الواقع بنجاح تحرز نتائج ايجابية،  هذه هي المعادلة حقا،  فمن يلتقط اللحظة ويحدد وقت إلتقاط جزيئ التراكم المطلوب؟ هذا لب مضمون المقال الذي نقول فيه لحماس ..

لطلما طالب الشيخ المؤسس بهدنة طويلة الأمد ، وانا بعد الملاحظ سأعتبر ان حماس دخلت في هدنة طويلة، إن كانت باتفاق او بغير اتفاق، فتلك قضية لم تعد تفيد مادامت علامات الهدنة الطويلة تتواصل ونراها واقعا.

لم ينشا اي تنظيم في التاريخ للقتال لاجل القتال وستاتي اللحظة السياسية للمراجعة وإعادة تقييم ما سبق والسير نحو آفاق جديدة، وهذه طبيعة الانسان والقائد المفكر والتنظيم الحي.

حماس يتوفر لها بيئة لاستخدام وسائل وادوات نضالية مقاومة اخرى ولا عيب في ذلك بشرط موضوعي جاد في ان تكتب رؤيتها الجديدة لمرحلة ما بعد هدنة القتال المسلح بعد ان خلطت الجهاد الأصغر بالحهاد الأكبر فترة من الزمن، وجربت ما لم يكن في أجندة الإخوان المسلمين من أنهم في أدبياتهم وركائز انطلاقهم هم في مرحلة الجهاد الأصغر المجتمعي، ولم يحن موعد الجهاد الأكبر لتخرج لقتال الأعداء الخارجيين خاصة أن جزء كبير كحركة فتح الكبيرة مازالت تحاول في برنامجها ولها رؤية يجب اعتبارها والا ستكون قوتنا نصف قوة لا تناسب الجهاد الأكبر، وهذا من المفترض هو منهج حماس، ولكن طبيعة الإحتلال فرضت في تصوري ذلك الخلط لدى حماس، لان الإحتلال  موجود داخل مجتمعنا ومختلط به حد التنفس ولكن على ما يبدو في حماس حان وقت المراجعة لديهم كما نرى، وذلك ليس عيبا.

ولأن الدم الفلسطين هو بٍركة واحدة فلنا ان نقول رأينا وتلك الأثمان المدفوعة من حماس هي من راسمال الشعب كله والشهداء هم شهداء الشعب كله رغم اختلافي ككاتب مع حماس ولا أريدها حاكما لشؤون الناس ، ولكن توجب ان اقول النصيحة لأن فيها فائدة لهم ولنا كشعب، ولكي لا تضيع الجهود سداً، أرى أن يتحرروا من كل الأجندات التي حددت مجالات نشاطهم ونظرتهم المستقبلية وان يبدأوا في التحرر نحو السعي لمناطق تناسوها أو منعت عنهم بسبب ممارستهم العمل المسلح المقاوم ماداموا اوقفوا القتال :

أولا: ان يسعوا لدول العالم المقاطع لهم لبحث فتح العلاقات المبنية على أنهم حزب سياسي يمارس النضال الشعبي ويلتزم به من الآن فصاعدا ويطلبون من تلك الدول الأعتراف بهم.

ثانيا : أن يقوموا بزيارات للمجالس التشريعية والتمثيلية والمؤسسات التمثيلية الدولية لشرح مواقفهم الجديدة لكسب التأييد والمناصرة من هذه المجالس وهذا مفيد لهم كحركة ولشعبنا وسينعكس إيجابا على الحالة الفلسطينية ككل.

ثالثا: التوجه للإنخراط في منظمة التحرير الفلسطينية على برنامجها رغم الصعوبات التي يواجهها لكنه أفضل من الإنقسام والقفز في الهواء وضياع الوقت كما حدث في السنوات السابقةدون نتائج  وممارسة المقاومة الشعبية ليمنح ذلك زخما جديدا وقويا للموقف الفلسطيني العام.

رابعا: التوجه نحو تطبيع العلاقة مع المواطنين في قطاع غزة وحل مشاكلهم وممارسة العدالة الاجتماعية والمساواة في الفرص والتوزيع لكل المقدرات بعد ان عانى هؤلاء المواطنين طويلا.


قد يقول قائل هل هذا وقت الإشتباك أم وقت المراجعة، أقول المراجعة مطلوبة في كل الأوقات لأنها قضية استراتيجية أما الاشتباك هو تكتيك يغيب ويعود، يخفت ويرتفع، ولا مانع من تواصلهما معا.

باعتقادي كل هذه الاقتراحات ستفتح المجال واسعا لإنهاء الانقسام وممارسة الانتخابات والحياة الحرة والديمقراطية وكسب احترام الجمهور الفلسطيني والرأي العام العربي والدولي وفتح صفحة جديدة للقضية الفلسطينية بوحدة القرار الفلسطيني ووحدة المؤسسة والنظام السياسي، وبعد ذلك كل شيء سيكون أفضل لشعبنا وقضيته واستراتيجياته وإدارة الاشتباك بضمانة أكيدة للمراكمة.

الصراع طويل ولن يحسم باشتباك هنا او هناك أو انتفاضة هنا او هناك بل بتواصل طويل النفس للتراكم وتسجيل النقاط، ولكن الذي لا ينتظر هي الوحدة وادارة شؤون الناس بعدالة ومساواة ليصمدوا رغم كل الخسائر.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت