نماذج من انتحار الشعوب حديثا الفلسطينيون والإسرائيليون

بقلم: طلال الشريف

طلال الشريف
  • د. طلال الشريف

موجة/ عملية "Process"
 الهبل الانتحاري الجماعي للشعوب تجتاح بالفعل اسرائيل .

للشعوب تاريخيا نزوات انتحارية أقرب إلى الهبل منها للوعي.

أهم عناصر الهبل الجماعي الشعبي الانتحاري في عصرنا تأتي في الغالب نتيجة الاختيار الخاطئ  للحكام من قبل المحكومين أو الصراع على السلطة سواء على خلفية أرضية علمانية او سماوية دينية في الغالب.

في هذا القرن وأحدث نماذج الهبل الشعبي الانتحاري حدثت في فلسطين التاريخية بشقيها كان  أولها في منتصف العام 2006 الفلسطينيون، وثانيها الإسرائيليون في نهاية  العام 2022 م. وكلا العمليتين فعلا جرتا على خلفية دينية علمانية.

نتوقف قليلا هنا لنقتبس من ويكيبديا هذه الفقرة:
الانتحار الفردي هو الفعل الذي يتضمن تسبب الشخص عمدًا في قتل نفسه. يرتكب الانتحار غالبًا بسبب اليأس ، والذي كثيراً ما يُعزى إلى اضطراب نفسي مثل الإكتئاب  أو الهوس الاكتئابي  أو الفصام  أو إدمان الكحول  أو تعاطي المخدرات  وغالبًا ما تلعب عوامل الإجهاد مثل الصعوبات المالية  أو موت شخص عزيز أو المشكلات في العلاقات الشخصية  دورًا في ذلك. وقد أوردت بيانات لمنظمة الصحة العالمية  بأن 75% من حالات الانتحار تسجل ما بين متوسطي الدخل وسكان الدول الفقيرة، وتشمل الجهود المبذولة لمنع الانتحار تقييد الوصول إلى الأسلحة  النارية، وعلاج الأمراض النفسية وحظر استعمال المخدرات، فضلاً عن تحسين التنمية الاقتصادية.
نموذج مصغر أيضا من ويكيبديا :
جونز تاون أو مدينة جونز هو الاسم العامي لمشروع معبد الشعوب الزراعية ، مجموعة دولية كانت في الشمال الغربي لـغيانا  تكونت بواسطة طائفة دينية من الأمريكيين من أعضاء المعبد بقيادة شخص يدعى جيم جونز. أصبحت تلك المجموعة سيئة السمعة عالمياً في 18 نوفمبر 1978 إثر وفاة 913 شخص في المستعمرة من بينهم قتل أكثر من 200 طفل، جميعهم انتحروا من جراء التسمم بمادة السيانيد، بالإضافة إلى قتل خمس أشخاص آخرين بالقرب من مدرج هبوط للطائرات بجورج تاون عاصمة غيانا. اسم المستعمرة أصبح مرادفا للاحداث التي حدثت في ذلك الموقع.

نعود  لحديثنا عن انتحار الشعوب، الفلسطينيون والأسرائيليون :

كثير من الشعوب والجماعات الإنسانية القديمة كانت تمارس عادات وطقوس التدمير الذاتي وهبل السلوك والأفكار الغريبة التي تؤدي للتدمير الذاتي بالانتحارات الجماعية الكبرى أدت في تلك الايام إلى انقراضها ولان الافكار الغريبة أو حتى ما نسميه أحيانا بالإبداع أو الثورة أو الحروب الأهلية  هي وليدة العقل الواحد في الأصل تلتف حوله عقول وارادات جماعية تقتنع بفكرة معينة تصبح ثقافة سرعان ما تتحول كما نسميها اصطلاحا، خلاص، او، إنقاذ، أو، اصلاح، أو، انتحار، هي كلها تنبت من عقل شخص واحد مبادر تسمح مستويات الوعي المتدنية أو المتقدمة لها بانجاح فكرة شخص تتبع عناصر ما يسمى عملية التغيير، وهدف التغيير  دائما هو طريق ونتائج إيجابية،  لكن يمكن أيضا وصف عملية التغيير السلبية بنفس مراحل التغيير الايجابي "كعملية" Process  متشابهة الحركة لكن مختلفة النتائج.

في التغيير هناك مبادر أو رائد يتبعه أقلية مؤيدة مبكرة  تقتنع وتدعم الفكرة، ويتبعها أغلبية بعد وقت قصير، ومن ثم أغلبية متأخرة عندما ترى او تلمس بعض النتائج للفكرة، والعدد يكبر ، وتبقى دائما فئة معارضة للتغيير يصغر حجمها بمرور الوقت وتصبح الأقلية ولا تستطيع وقف الأغلبية الكبيرة التي انضمت لفكرة التغيير وحجمه وعدده ساء التغيير سلبي او أيجابي، وهنا تسير عملية التغيير الايجابي أو السلبي ويحدث فعلا التغيير ... في انتحار الشعوب وحروبها الاهلية أو أفكارها الخلاصية تظهر في الجماعات الدينية غالبا التي تسرع عملية الوصول للجنة أو السلطة.

حدثت عمليات الانتحار بالحروب الأهلية الحديثة جدا في محيطنا العربي في سوريا وليبيا واليمن ومازالت العملية وارتداداتها جارية حتى الساعة.

في فلسطين لان الجغرافيا والعرقية  فصلت كتلتين من السكان في العام  1948 الذي حدثت فيه النكبة باحتلال واستيطان وقدوم كم من الطائفة الصهيونية من كل دول العالم لتحتل الجزء الاكبر من أرض فلسطين التاريخية بالقوة سميت دولة اسرائيل.

 والكتلة السكانية الأخرى هي الفلسطينيون أصحاب فلسطين كلها التي هجرت للمنافي  وبقي منها من أقاموا في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس ومحاولات اقامة دولة فلسطين على 22% مما تبقى من الأرض ومازالت المساعي الدولية والعربية بما فيهم الفلسطينيون جارية ..

في تلك وهذه  الأثناء  أصيبت الكتلتان البشريتان في فلسطين بقسميها الفلسطيني والصهيوني بتحولات تكاد أن تكون عملية انتحارية، أي تدمير ذاتي،  جرت وتجري في حدثين، الأول في بداية العام 2006 عندما مارس الفلسطينيون الهبل الانتحاري في انتخابات تلك السنة وانتخبوا المتدينون المتطرفون "حماس" بأغلبية أدت إلى إنقسام وحرب أهلية في قطاع غزة وتلك عملية الانتحار مازالت جارية حتى اليوم، أضعفت قوتهم وساروا إلى الهلاك والضياع في كل شيء.

في اسرائيل أرادوا التقليد أو عكس الظاهرة على حالتهم أيضا بلا وعي في تجريب عملية الانتحار بعد الفلسطينيين بعشربن عام وبنفس الطريقة الانتخابية أن جنحوا للتطرف الديني وانتخبوا في نهاية العام 2022 اليمين واليمين الديني المتطرف بالاغلبية وسرعان ما دخلوا في عملية انتحار جماعي تتبلور صيغتها وتكبر حجم المتناقضات والتناقضات  والانقسامات والمظاهرات العنيفة وقتل الفلسطينيين وستؤدي تلك الحالة لحرب اهلية قريبا أي انتحار جماعي لشعب مشابه لانتحار الفلسطينيين الجاري منذ العام 2006  وها نحن نشهد ونشاهد "العملية "The proces" الإسرائيلية تتدرج.

ملاحظة:
هنا اود التويه بأن لا دور في انتحار الشعوب لمنظمة الصحة العالمية وجهود مبذولة لمنع الانتحار كما في انتحار الافراد كالدعوة لتقييد الوصول إلى الأسلحة  النارية، وعلاج الأمراض النفسية وحظر استعمال المخدرات، فضلاً عن تحسين التنمية الاقتصادية، بل في عملية انتحار الشعوب تتدخل قوى ودول بإشعال نار الانتحار الجماعي للشعوب بالانحياز ودعم جماعات او أحزاب على الأخرى  بالمال والضغط وحتى السلاح وحسب تفضيلها لحزب أو جماعة معينة حسب مصالحها، أي تلك التدخلات الخارجية  تسعر اشتعال الحالة في اسرائيل  بالضبط كما حدث للفلسطينيين والتدخلات الخارجية في الانقسام  بالمال والسلاح ،يحدث للإسرائيليين، لأن الأسباب كما ذكرنا أعلاه تختلف عن اسباب الانتحار  للأفراد وهي هنا انتحارات جماعية بسبب الصراع السياسي والسلطة  أو الأيديولوجي الديني والعلماني بالذات، ومن يحكم من، حسب الأفكار المعششة في العقول للرواد والقادة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت