اختتم اتحاد نضال العمّال الفلسطيني أعمال مؤتمره العام الذي انعقد يومي السبت والأحد في رام الله لكافة مندوبي المؤتمر من محافظات الضفة الفلسطينية بالتزامن مع القدس وقطاع غزة وساحتي لبنان وسوريا والساحات العربية والأوروبية وروسيا، والذي حمل شعار : (لنعزز نضالنا النقابي من أجل حقوق ومصالح العمّال ومن أجل تحقيق العدالة الاجتماعية ووحدة الحركة العمّالية).
وبحث المؤتمر العام العديد من القضايا المتعلقة بالحركة النقابية وواقع وظروف الطبقة العاملة ودورها النضالي الوطني والاجتماعي، وناقش المؤتمر بعمق كافة التقارير والوثائق المقدمة واجرى تعديلات جوهرية في اطار تحول كتلة نضال العمال الى اتحاد نضال العمّال الفلسطيني، حيث أقر المؤتمر الوثائق والتعديلات عليها والتي من شأنها الارتقاء بأوضاع الاتحاد وتكريس مكانته كرافد من روافد الحركة العمالية والنقابية الفلسطينية.
ومن أهم القرارات التي خرج بها المؤتمر، التأكيد على ديمومة النضال من أجل استكمال المشروع الوطني وتحقيق برنامج العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، والعمل مع قوى ومكونات شعبنا الوطنية والنقابية والجماهيرية من أجل مواجهة سياسات الاحتلال من نهب الأرض واقامة المستوطنات وتهويد القدس وهدم البيوت، والحصار والخنق الاقتصادي.
والدعوة لضرورة العمل من أجل تعزيز الوحدة الوطنية والحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية الممثل كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني واطار سياسي وجبهوي عريض وجامع، يحفظ وحدة شعبنا وينظم نضالاته داخل الوطن وخارجه، وما يتطلبه ذلك من ضرورة العمل على تفعيل دوائر ومؤسسات م.ت.ف وصون دورها القيادي كمرجعية وطنية عليا لشعبنا الفلسطيني، وتعزيز الاهتمام بالاتحادات الشعبية والنقابات المنضوية تحت اطار المنظمة.
وطالب المؤتمر بالمساهمة الفاعلة في عملية البناء وارساء قواعد المجتمع المدني على أسس الديمقراطية والمساواة والعدالة وصون الحريات العامة وحقوق الانسان وحرية التنظيم النقابي، واعتماد مبدأ الشفافية والمحاسبة داخل المؤسسات الوطنية، والعمل من أجل تفعيل واعادة بناء الاتحادات والمنظمات الشعبية الفلسطينية على أسس ديمقراطية للقيام بدورها الوطني والنقابي وتعزيز الوحدة الوطنية في اطارها واعتماد لغة الحوار والشراكة والتوافق أساساً لحل خلافاتها وبما يمكنها من القيام بدورها على أكمل وجه.
وأكد المؤتمر العام دعوته من أجل الدفاع عن حقوق ومصالح الطبقة العاملة وضمان حقوقها، عبر السعي لإقرار القوانين والتشريعات العمالية العادلة والعصرية بما فيها قانون الضمان الاجتماعي للارتقاء بأوضاع العمال ويحفظ حقوقهم، من خلال ضمان تنفيذ قانون الحد الأدنى للأجور بما يتناسب طرداً ومستوى غلاء المعيشة ومواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة، والعمل والتنسيق مع المؤسسات الأخرى ذات الصلة لتوفير ظروف العمل اللائق وشروط الصحة والسلامة المهنية للعمال في مواقع العمل وفي كافة المؤسسات الانتاجية المختلفة، وتوفير نظام التأمين الصحي الشامل للعمال وأسرهم ونظام التأمين ضد اصابات العمل وأمراض المهنة ونظام التقاعد والتعويض للعجز والشيخوخة والوفاة، وضمان حقوق المرأة العاملة ومساواتها بالرجل بالأجور والعمل وتوفير ظروف ومتطلبات عملها في كافة المناحي، وضمان حقوق العامل للعمل وفقاً لما ينص عليه قانون العمل حول ساعات العمل والاجازة السنوية مدفوعة الأجر، وتكريس الحق في تشكيل اللجان العمالية في موقع العمل والالتزام بعقد اتفاقيات العمل الجماعية.
وشدد المؤتمر على أهمية العمل من أجل المحافظة على حقوق العمال الفلسطينيين في (سوق العمل الاسرائيلي) بما فيها الالتزام بمعايير العمل الدولية والعمل على استعادة الأموال المقتطعة والمجمدة لدى حكومة الاحتلال والهستدروت، مع السعي المتواصل من أجل تحريم العمل في المستوطنات سواء للعمال أو للمقاولين الفلسطينيين باعتبار ذلك مساً بالحقوق الوطنية لشعبنا، مع المطالبة بضرورة خلق بدائل وايجاد فرص العمل البديلة لعمالنا.
وأكد المؤتمر على بعض القضايا الهامة المتعلقة بالدعوة للنضال من أجل حرية العمل والتنقل لعمال فلسطين في الدول العربية، ودعوة الجهات ذات العلاقة بتنظيم ايفاد العمال الفلسطينيين الى أسواق العمل العربية وضمان حقوقهم وفقاً لاتفاقيات العمل الدولية والعربي، ومواجهة ظاهرة البطالة من خلال وضع خطة وطنية اقتصادية تنموية تكون قادرة على خلق فرص عمل جديدة، وتشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي، وانشاء وتنظيم عمل الصندوق الوطني للتشغيل لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع تشكيل لجان استشارية ثلاثية من أطراف الانتاج الثلاث تضم ممثلي العمال وأصحاب العمل والجهات الحكومية ذات العلاقة بالتساوي، من أجل وضع السياسات التشغيلية ومواجهة البطالة، وتشجيع التدريب والتكوين المهني والتقني وفقاً لبرامج حديثة ومتطورة للمساهمة في الارتقاء بقدرات ومهارات العامل الفلسطيني وفي خلق وتطوير المهن غير التقليدية التي تواكب أحدث المنجزات العلمية والتكنولوجية وبما يعزز من دور ومكانة سوق العمل الفلسطيني، ومواصلة الجهود لإنجاز توحيد الحركة النقابية الفلسطينية بالعمل على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين كافة مكونات الحركة النقابية، وما يتطلبه ذلك من بناء المنظمات النقابية على أسس مهنية وديمقراطية، واعتماد مبدأ التمثيل النسبي الشامل كآلية انتخابية في كافة هيئات الاتحاد العام للنقابات وبما يؤدي الى سيادة مفهوم التمثيل النسبي كونه المدخل الوحيد لوحدة الاتحاد والأساس العملي لتعميق الديمقراطية والمشاركة الفاعلة، وضمان حق كافة الأطر والكتل النقابية بالتعبير عن رأيها بحرية في اطار المساواة وحق التعبير عن الرأي والرأي الآخر، والعمل على تفريغ قيادات الاتحاد والنقابات العمالية لمهامها النقابية وانهاء ظاهرة الازدواجية بين العمل في الاتحاد والوظيفة الحكومية، ووضع البرامج الخاصة في المجال النقابي التخصصي، وبما يلبي التطلعات والمطالب النقابية للأعضاء، والاهتمام بتهيئة واعداد الكوادر النقابية المتخصصة عبر تنظيم الدورات البنائية في كافة مجالات العمل النقابي وبما يؤدي الى زيادة الوعي السياسي والنقابي، واعتماد الكفاءة والخبرة النقابية لاختيار الكوادر الشابة من النساء والرجال.
ودعا المؤتمر لأهمية العمل على تعزيز أسس ومبادئ الثقافة العمالية من خلال برامج تأهيلية وثقافية للارتقاء بالوعي الوطني والديمقراطي والنقابي والحقوقي للعمال وتنمية قيم الحرية والعدالة الاجتماعية والروح الجماعية والنضال المطلبي المشترك ونبذ الفردية والأنانية، والسعي الدائم من أجل التطوير والارتقاء بدور المرأة العاملة في الحركة العمالية والنقابية والاهتمام بقضاياها التي تفرضها ظروفها الخاصة والعامة، والعمل على تطوير الحضور المميز للكادر النقابي النسوي على قاعدة المساواة وتكافؤ الفرص.
وعلى صعيد مهمات العمل المباشرة، أقر المؤتمر كافة التعديلات التي تضمنها البرنامج النقابي واللائحة الداخلية والتقرير العام المقدم للمؤتمر للعام ومشاريع القرارات والبيان الختامي، وانتخاب الهيئات القيادية للاتحاد، حيث انتخب المجلس الاداري للاتحاد، والمكتب التنفيذي للاتحاد، مع رفع مستوى تمثيل المرأة في الهيئتين الى نسبة 30% ورفع مستوى تمثيل الشباب العامل الى قرابة 74% من نسبة الهيئتين، الى جانب انتخاب النقابي جمال هماش أميناً لسر المجلس الاداري، وانتخاب النقابي محمـد علوش سكرتيراً عاماً لاتحاد نضال العمّال الفلسطيني، على أن يعقد المكتب التنفيذي اجتماعا له لانتخاب سكرتيره وتوزيع المهام على أعضاءه، حيث تمثل الهيئات الوطن والشتات.
وأقر المؤتمر العام تغيير اسم (كتلة نضال العمال) الاطار النقابي الذي عمل لعقود طويلة من النضال الى اتحاد نضال العمّال الفلسطيني، بعد مراجعة وتدقيق الوثائق البرنامجية ، واعتماد الشعار الجديد للاتحاد.
وكلف المؤتمر العام الهيئات المنتخبة باطلاق برنامج للفعاليات والدورات التدريبية واستهداف كافة كوادر وأعضاء الاتحاد بالتثقيف والتعبئة والبناء النقابي وصولاً الى خلق فرص تمكين لعدد من كادرات الاتحاد في كافة جوانب العمل النقابي وفي القيادة العمالية من خلال صقل الشخصية ومراكمة الخبرات والمهارات عبر الدورات التي سينظمها الاتحاد أو من خلال الدورات التي ستنظم مع الشركاء في المؤسسات ذات العلاقة.
وأكد المؤتمر الحفاظ على دورية وانتظام الاجتماعات لكافة الهيئات للحفاظ على متانة الحياة الداخلية للاتحاد، والتقيد بالرؤية وخطة العمل ومتابعة تنفيذها، والالتزام بالتقييم والمراجعة الجديدة في كل فترة والحفاظ على التطبيق الدقيق للائحة الداخلية والبرنامج النقابي للاتحاد، ووضع رؤية لتطوير العمل النقابي وفق أسس مهنية وقطاعية والعمل على استنهاض الأوضاع النقابية على هذا الأساس وبما يعزز من حضور الاتحاد وتمثيله في قيادة وعضوية كافة النقابات العمالية المنضوية في الاتحاد العام للنقابات وهذا يشمل ساحات الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، والانخراط في كافة هيئات وفعاليات الاتحاد العام للعمال وهذا يشمل كافة الفروع في ساحتي سوريا ولبنان والساحات العربية والساحات الأوروبية.
وتم التأكيد على العمل من أجل تطوير العلاقات الوطنية والثنائية للاتحاد مع الاتحادات والنقابات والفعاليات النقابية والانخراط الملموس في كافة النشاطات والفعاليات العمالية والنقابية، ووضع برنامج للفعاليات والنشاطات التي تبرز من مكانة وحضور الاتحاد وعلى كافة المستويات وفي جميع ساحات العمل، الى جانب العمل على تنمية وتطوير العلاقات العربية والدولية بما يعود بالفائدة على الاتحاد ومكانته كاطار نقابي يمثل جزء من الطبقة العاملة الفلسطينية وشريك أساسي في قيادة الحركة النقابية في فلسطين، مع تطوير الخطاب الاعلامي للاتحاد بما يعزز من اهتمامه بالقضايا المتعلقة بالعمال في جميع مجالات وقطاعات العمل والاهتمام بتبني القضايا والهموم المطلبية.
وكان اتحاد نضال العمّال الفلسطيني، قد افتتح مؤتمره العام في الوطن والشتات، بجلسة افتتاحية، بحضور وطني سياسي ونقابي حاشد ومؤثر، وحظيت الجلسة الافتتاحية بحضور رفيع المستوى من أعضاء من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والأمناء العامون لفصائل العمل الوطني، وممثلو القوى والأطر والاتحادات النقابية والمهنية وعدد من القيادات النقابية والعمالية رفيعة المستوى، الى جانب قيادة جبهة النضال الشعبي الفلسطيني وأعضاء المؤتمر.
ونظم المؤتمر بالمقر المركزي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني في مدينة البيرة، بالتزامن عبر نظام الفيديو كونفرنس بين القدس وقطاع غزة وساحتي سوريا ولبنان والساحات العربية والساحات الأوروبية وبحضور ضيوف يمثلون أحزاباً صديقة وأطر نقابية من تلك الساحات، حيث حضر المطران أنطونيوس حنانيا والرفيق انعام المصري عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري الموحد في مؤتمر دمشق، وحضر قادة وممثلو القوى والفصائل الفلسطينية والأحزاب التقدمية السورية، وفي مؤتمر بيروت حضر قادة القوى الوطنية الفلسطينية والأحزاب اللبنانية وممثلو الاتحادات العمالية، وفي بعض الساحات العربية والأوروبية شارك العديد الأصدقاء والمتضامنون، وفي مؤتمر قطاع غزة شارك حشد واسع من قيادات القوى والفصائل والنقابات العمالية والمهنية وممثلو المؤسسات.
ووردت للمؤتمر العشرات من برقيات التضامن والتهاني ورسائل الفيديو من القوى والأحزاب والنقابات والاتحادات الشيوعية والاشتراكية والتقدمية والوطنية من القارات الخمس، أعرب مرسلوها عن أمنياتهم بنجاح المؤتمر وبأن يشكل انعقاده خطوة مهمة على طريق وحدة وتعزيز دور الحركة النقابية والطبقة العاملة الفلسطينية.
واستهل المؤتمر بالنشيد الوطني الفلسطيني، أعقبه نشيد العمّال، ثم الوقوف دقيقة صمت اجلالاً واكباراً لأرواح شهداء شعبنا وشهداء الطبقة العاملة الفلسطينية.
وشهدت الجلسة الافتتاحية التي أدارها عضو المكتب السياسي للجبهة النقابي محمد علوش، العديد من الكلمات الدكتور نصري أبو جيش، وزير العمل، وكلمات لكل من شاهر سعد، الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، ألقاها بالإنابة عضو الأمانة العامة، خالد عبد الهادي، وعبد القادر عبد الله (أبو علي الكابولي)، الأمين العام للاتحاد العام لعمال فلسطين من لبنان، وكلمة الكتل العمالية والنقابية، ألقاها تيسير أبو خضرة، ممثل الكتلة العمالية التقدمية من غزة.
فيما اختتم الجلسة الدكتور أحمد مجدلاني، الأمين العام لجبهة النضال الشعبي بكلمة شاملة تناول فيها أوضاع الطبقة العاملة الفلسطينية والحركة النقابية، مؤكداً انحياز الجبهة للعمال والفقراء والفئات المهمشة والأكثر احتياجاً انسجاماً مع سياسة الجبهة ذات الرؤيا الاشتراكية التقدمية الديمقراطية ومخرجات مؤتمرها العام الأخير.
وشدد المتحدثون في الجلسة الافتتاحية على أهمية مؤتمر اتحاد نضال العمال الفلسطيني الذي ينعقد في ظروف بالغة الحساسية والتعقيد على مختلف الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية وعلى مستوى الحقوق والحريات النقابية ووحدتها، معربين عن الأمل في أن تسهم مخرجاته في تعزيز وحدة الحركة العمالية والنقابية كونها أحد الأطر الفاعلة فيها، وتعدديتها الفكرية وعلى صعيد تعزيز وحماية الحقوق والمكتسبات العمالية وحرية العمل النقابي.
وأكد المتحدثون أيضا على أهمية الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في تعزيز الصمود الوطني والنضال التحرري وعلى جدلية العلاقة بينهما وتداخل المهام، على طريق مواجهة واحباط مخططات الاحتلال انجاز المشروع الوطني الذي قدمت الطبقة العاملة التضحيات الجسام في سبيل إنجازه عل مدى عقود.
واغتنم المتحدثون فرصة انعقاد المؤتمر في أجواء الثامن من آذار (يوم المرأة العالمي)، لتهنئة المرأة الفلسطينية وخصوصاً المرأة العاملة، مستذكرين دورها وتضحياتها على الصعيدين التحرري والاجتماعي، وسط دعوات لإنهاء التمييز وتحقق المساواة بين الجنسين في المجتمع ومواقع العمل وعلى صعيد مراكز صنع القرار واتخاذه.
وأجمع المتحدثون أيضا على ضرورة انجاز شبكة الحماية الاجتماعية وعلى أهمية قانون الضمان الاجتماعي العصري في تحقيقها بشمولية وعدالة.
ودعا وزير العمل في كلمته في هذا الصدد المؤتمر الى مناقشة موضوع قانون الضمان الاجتماعي وقانون العمل النقابي وتعديلات قانون العمل، متعهداً بأخذ ملاحظات واقتراحات المؤتمر بعين الاعتبار عند صياغة مشاريع هذه القوانين، حيث استعرض انجازات وزارته على صعيد رفع الحد الأدنى للأجور ومحاكم العمل، وخلق بيئة عمل لائقة وضمان حقوق العمال وسعيها لتعديل المنظومة القانونية واستحداث التشريعات الناظمة وعصرنتها وتعزيز وحدة وفعالية الحركة النقابية والحفاظ على الحقوق والمكتسبات وادارة الحوار الوطني بين أقطاب الانتاج الثلاث بما يكفل حقوق العمال وطرح قضاياهم على المستوى الدولي والاقليمي.
وشّن وزير العمل هجوماً على محاولات الاحتلال السطو على حقوق ومدخرات العمال في الداخل وبما في ذلك عبر القرار الأخير المتعلق بتحويل تلك المدخرات الى شركات خاصة واعتبرها سرقة مفضوحة تقوم بها حكومة لصوص، مشدداً على أهمية دور الطبقة العاملة في حماية القضية الفلسطينية التي تتعرض لخطر وجودي في ظل حكومة اليمين والفاشية في اسرائيل ومخططاتها لتصفية القضية والحقوق الفلسطينية بالقتل والتهجير وتشريع قوانين عنصرية لم يشرع مثلها في زمن الابرتهايد.
وأشاد الأمين العام للاتحاد العام لعمال فلسطين في كلمته من لبنان، بدور (كتلة نضال العمال) في الحركة العمالية والنقابية الفلسطينية في الداخل والخارج وجهدها الوحدوي وسعيها من أجل ترسيخ حقوق العمال وتعزيز مكتسباتهم ودورهم في المجتمع والنقابات والاتحادات والدفاع عن حقوق العمال، مؤكداً أن وحدة الحركة النقابية ضرورية وهي مهمة لتحقيق الوحدة الوطنية برمتها وتعزيز الديمقراطية في المؤسسات والممارسة.
وأعرب أبو علي الكابولي عن أمله وثقته في أن تشكل مخرجات المؤتمر اسهامات جدية على الصعيد النقابي والطبقة العاملة الفلسطينية على مختلف الساحات والصعد والمنابر، وشدد على أن وحدة الحركة النقابية على اسس ديمقراطية وطنية هي الرافعة والضمانة لتعزيز الصمود والقدرة على مواجهة التحديات وافشال المؤتمرات والمخططات نظراً للدور الكبير الذي اطلعت فيه الطبقة العاملة وحركتها النقابية على الصعيد الوطني منذ الانتداب البريطاني ومواجهة موجات الهجرة الصهيونية الأولى .
وفي كلمة شاهر سعد، الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، والتي قدمها بالإنابة عنه عضو الأمانة العامة خالد عبد الهادي، شدّد على أهمية المؤتمر في تعزيز النضال الوطني والاجتماعي ككل وفي تعزيز اتحاد نضال العمال باعتباره واحداً من أعمدة وركائز الحركة النقابية والنقابات العمالية التي ظلت منذ تأسيسها طليعة للعمل الوطني والاجتماعي في فلسطين.
وقال ان الاتحاد العام للنقابات وكل الكتل المنضوية تحت اطار منظمة التحرير خاضت ولا تزال نضالاً مريراً في مختلف الملفات التي تواجه الطبقة العاملة والحركة النقابية وعلى الصعيد الوطني، شاكراً وزارة العمل على تعاونها في هذه الملفات، مطالباً بمزيد من الدعم والصمود وتعزيز المحاكم العمالية، مقدراً أن التحدي الأساسي اليوم هو توفير الحماية الاجتماعية والضغط على الاحتلال للتخفيف من معاناة عمالنا في الداخل.
وفي كلمة الكتل العمالية والنقابية، استعرض ممثل الكتلة العمالية التقدمية تيسير أبو خضرة الأوضاع البائسة للعمال في قطاع غزة جراء الحصار وممارسات الاحتلال الاسرائيلي وتضيقها على العمال خصوصاً عبر ما يسمى بالتصاريح الانسانية الى جانب سياسة حكومة الأمر الواقع غير المساعدة في هذا الصدد، واستذكر نضال وتضحيات الطبقة العاملة على صعيد التحرر الوطني وعلى صعيد النضال الاجتماعي لبناء الأسس لحياة ديمقراطية تسودها العدالة الاجتماعية والحريات.
وقال ان المؤتمر ينعقد في ظروف حساسة ودقيقة وغاية في الخطورة تتزايد فيها الاعتداءات ضمن خطط الضم والتهجير بشتى السبل وهي مخططات اتضحت معالمها، وفي المقابل مرحلة تتطلب أخذ المتغيرات الاقليمية والدولية ما يتطلب استراتيجية وطنية تقوم على انهاء الاحتلال وتوقف العمال بالاتفاقيات معه وتعزز الصمود والحقوق والكرامة وتعزز مكانة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، والمشاركة فيها على أساس برنامجها السياسي لتحقيق الأهداف الوطنية التحررية والاجتماعية وضمان الحقوق وفي مقدمتها الطبقة العاملة حيث أثبت عمال فلسطين أنهم الطليعة وحجر الزاوية في العملية النضالية برمتها، وشدّد على ضرورة ضمان الالتزام بتطبيق الحد الأدنى للأجور وتوفير بيئة عمل لائقة وتعديل القوانين بما يحفظها ويحميها ويكفلها.
واستهل الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، د. أحمد مجدلاني، كلمته بإطلاق اسم (اتحاد نضال العمال الفلسطيني) عوضاً عن (كتلة نضال العمال) الذراع النقابي العمالي للجبهة، وقال : أتحدث اليكم بصفي يسارياً تقدمياً اشتراكياً وديمقراطياً، وهذه الصفة الأحب لي حيث عملنا ونضالنا طويلاً لتكون عنواناً للجبهة وضمناها في برنامجها الاقتصادي والاجتماعي، وهذا ما عبّر عنه مؤتمرنا الأخير العام الماضي، عندما تبنى المؤتمر العام الثاني عشر وثيقة برنامجية نضالية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي تحدد انحيازنا الكامل الى الطبقة العاملة والفئات المهمشة في المجتمع الفلسطيني.
وذّكر مجدلاني بأن الحركة العمالية والنقابية الفلسطينية هي امتداد لهذا الإرث التاريخي المجيد منذ عشرينيات القرن الماضي ومن نضالاتها التي امتزجت معاً في مواجهة الهجرة الصهيونية والانتداب البريطاني والدفاع عن حقوق الطبقة العاملة التي تكونت مبكراً قبل أكثر من 100 عام والتي على أساسها تشكلت اللجان النقابية وفيما بعد الاتحاد العمالي والذي كان من أبرز قياداته الشهيد سامي طه والمناضل أميل توما بعده قبل تشتت الحركة النقابية جراء النكبة.
ورأى الأمين العام أنه مع قيام السلطة الوطنية نشأت مرحلة جديدة وبما في ذلك الطبقة العاملة الفلسطينية وحركتها النقابية حيث تداخلت مهام استكمال التحرر الوطني وبناء مقومات الدولة الديمقراطية مع النضال المطلبي الاجتماعي الذي يعزز الصمود، وتابع بأن الوضع الجديد يتطلب مجموعة من السياسات التي كان ينبغي على الحكومة اتخاذها لتحقيق الحرية والاستقلال والدولة الفلسطينية، مشدداً أن المسألة الأساس بالنسبة للجبهة كقوة تقدمية ديمقراطية اشتراكية أن الحريات النقابية هي الأساس والعنوان لضمان حرية التنظيم والتعبير والعمل ويجب أن تكون مكفولة في قانون العمل وأيضا في قانون التنظيم النقابي كامتداد للحريات الفكرية والسياسية والتنظيمية، مؤكداً أن التعددية ليست بديلاً عن الوحدة النقابية في اطار اتحادات النقابات ويجمعها اتحاد فدرالي جامع، داعياً الى تطبيق اتفاق أيار 2015 وبما يعبر عن سياسة اتحاد نضال العمال الفلسطيني.
وأكد د. مجدلاني أنه لا خيار دون تعزيز الحوار بين أطراف الانتاج الثلاث وتطويره لتحقيق السلم الأهلي والمجتمع ومعالجة مختلف القضايا بخصوص اتفاقيات العمل الجماعية وتحقيق بيئة عمل وظروف يستحقها العامل الفلسطيني، ودعا الى سرعة انجاز واقرار مشاريع قوانين المجلس الاقتصادي الاجتماعي، وقانون العمل النقابي، وتطوير قانون العمل الفلسطيني، مقدراً في هذا الصدد أن الخيار الأصوب والأقصر لتعزيز الصمود هو توفير شبكة الأمان الاجتماعي للطبقات الفقيرة والمهمشة للحفاظ على مقومات الصمود وذلك بإقرار قانون الضمان الاجتماعي الى جانب البرامج والسياسات الحكومية لحماية المجتمع من تداعيات الأزمات، مذكراً بتداعيات أزمة كورونا على فلسطين، حيث ارتفعت نسبة الفقر 114% مما يظهر هشاشة المجتمع الفلسطيني وانهيار الطبقة الوسطى الدنيا .
وختم د. مجدلاني كلمته بوقفة مطولة أمام مناسبة الثامن من آذار موجهاً التحية للمرأة الفلسطينية عموماً والمرأة العاملة الفلسطينية خاصة، وقال بأن الجبهة وتجسيداً لقرارات مؤتمرها الأخير عملت على تحقيق المساواة في أطر وأذرع الجبهة ضمن كوتا عالية التمثيل على مختلف الصعد القيادية ومراكز صنع القرار لمنع التمييز وتحقيق المساواة التامة.
ووجه المؤتمر العام تحية اجلال واكبار للقادة الذين مهدوا الطريق لانطلاقة كتلة نضال العمال والذين كان لهم دور ريادي في نضالات الحركة النقابية وعلى رأسهم القادة الراحلون الباقون فينا وفي مقدمتهم الرفيق الدكتور سمير غوشة الأمين العام السابق لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، والقادة الرفاق: نبيل قبلاني ويوسف وراد ومحمـد العاصي وعاطف السويركي والحاج محمـد كليبي وكافة المناضلات النقابيات والمناضلين النقابيين الذين أسهموا في تعزيز هذا المسار.
وفي ختام أعمال المؤتمر العام للاتحاد، وجه أعضاء المؤتمر التحية لشهداء شعبنا وشهداء الحركة العمالية، وأبرق بالتحية لأسيرات وأسرى الحرية في سجون ومعتقلات الاحتلال، وحيا جماهير شعبنا الثائرة في مواجهة سياسة القهر والغطرسة والارهاب التي يمارسها الاحتلال الاسرائيلي وقطعان المستوطنين الارهابيين، معاهداً شعبنا وطليعته العمالية على مواصلة النضال جنباً الى جنب في سبيل تحقيق أهداف وتطلعات شعبنا بالحرية والعودة واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
ووجه المؤتمر العام تحية للحركة النقابية والعمالية العربية والدولية والى كافة الاتحادات والمنظمات والقوى والأحزاب الذين عبروا عن مواقفهم التضامنية ودعمهم واسنادهم لعدالة القضية الفلسطينية ونضال شعبنا وطبقته العاملة.