- بقلم المحامي علي أبوحبله
منذ نكبة فلسطين والقضية الفلسطينية تعد أحد أهم المحاور السياسية للدول العربية والاسلاميهة بامتدادها الإقليمي والدولي.
وتعد القضية الفلسطينية القضية المركزية العربية والاسلاميه على مدار السنين الماضية ورغم أن "كامب ديفيد" أبعد العرب قليلا عن قضيتهم الأولى فلسطين وان النظام العربي بعقده لاتفاقات السلام مع "اسرائيل" بعد اتفاقية كامب ، وهرولة البعض من النظام العربي للتطبيع مع الصهاينة، وعقد الاتفاقيات معهم وعرفت ب"اتفاقيات أبراهام" ، هذه الاتفاقيات أبعدت العرب عن قضيتهم المركزية الأولى ، وحملت الفلسطينيون لهموم قضيتهم .
إلا أن القضية الفلسطينية بقيت من أولى اهتمامات الشارع العربي ، رغم انشغال النظام العربي بهمومه ومشاكله الداخلية وأصبحت الصراعات العربية هي محور الاهتمام للنظام العربي الذي ابتعد عن تحمل مسؤوليته تجاه القضية الفلسطينية .
وضع النظام العربي القضية الفلسطينية بيد الولايات المتحدة الامريكية التي استفردت بالملف الفلسطيني ودعمت مواقف الاحتلال الإسرائيلي على حساب القضية الفلسطينية والحق الفلسطيني التي أصبحت ورقة مساومه من قبل أمريكا تساوم عليها وفق مصالحها .
"مؤتمر مدريد" انعقد عقب تحرير الكويت، وضرب العراق ثم تبعته "اتفاقية اوسلو" عام 1993 تبعتها اتفاقية "وادي عربه" مع الأردن ، منذ عام 1993 "إسرائيل" وأمريكا تتحكم في ملف التسوية أو السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وكان دور مصر الوسيط بين الفلسطينيين والإسرائيليين هذا الدور كان بإشارات أمريكية و جميع الاتفاقات التي عقدت بين الفلسطينيين والإسرائيليين عقدت بالرعاية المصرية لم تحترمها "إسرائيل" ولم تحترم ما تعهدت على تنفيذه ولم يكن بمستطاع مصر إرغام حكومة ألاحتلال على تنفيذ أيا من اتفاقاتها منذ "كامب ديفيد" ولغاية اليوم .
القضية الفلسطينية تراوح مكانها وعملية السلام لم تتقدم خطوة للأمام بل على العكس تمكنت حكومة الاحتلال الإسرائيلي منذ أوسلو ولغاية اليوم من تنفيذ مخططها الاستيطاني الهادف لتقسيم الضفة الغربية الى معازل "كنتونات" و تهويد القدس والاستمرار بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية والعربية لصالح الاستيطان الذي لم يتوقف بالرغم مما اشتملت عليه كافة الاتفاقات بالتوقف عن التوسع الاستيطاني و البناء الاستيطاني لمستوطنات جديدة.
إن المرحلة الانتقالية لاتفاقية أوسلو التي كان من المفروض أن تنتهي بنهاية 1999 وتفضي لاستقلال دولة فلسطينيه (القائمة تحت الاحتلال) وعاصمتها القدس لم تتحقق
منذ أكثر ما يزيد على عشر سنوات توقفت عملية السلام، وعجزت أمريكا على إرغام "إسرائيل" عن التوقف عن البناء الاستيطاني والتوقف عن مصادرة الأراضي واستمرار الاعتقال السياسي واجتياح الأراضي الفلسطينية وإطلاق سراح الأسرى المعتقلين لدى سلطات الاحتلال وعجزت الامم المتحده على ارغام اسرائيل للانصياع لقرارات الشرعيه الدوليه وبالاخص القرار 2334
إن أمريكا بمشروعها المدمر "للشرق الأوسط الجديد" كان الهدف منه ضرب القضية الفلسطينية ومركزيتها للامة، وانتقاص للحقوق الوطنية الفلسطينية والتفاف على القضية الفلسطينية .
باستقراء التغيرات الدولية وتغير موازين ومستجدات الأحداث على اثر التقارب السعودي الإيراني الاخير شهر مارس 2023م والاتفاقيات ألموقعه بينهما والتي تؤشر لعودة العلاقات الدبلوماسية يطرح السؤال ؟؟؟
أين تقف القضية الفلسطينية؟
وماهي التغيرات التي من شانها أن تؤثر على القضية الفلسطينية أثر هذا الاتفاق ؟؟
وهل تعود القضية الفلسطينية لتتصدر أولى الأولويات لتصبح القضية المركزية عربيا وإسلاميا ؟
نرى أن أمريكا فقدت زمام سيطرتها على العالم ولم تعد القوه الأحاديه المتحكمة بهذا العالم ، خاصة في ظل التغيرات التي تحصل في العالم إثر الحرب الاوكرانيه الروسية وتصدر الصين لتصبح قوه يحسب حسابها في ظل عالم متعدد القوى
نجاح الصين في مواكبتها ورعايتها للاتفاق السعودي الإيراني يحدث أثرا كبيرا ودائما، وليس بعض التداعيات المؤقتة أو المرحلية.
على أن ذلك يطرح سؤالاً مهمًا ، وهو هل عودة العلاقات السعودية الإيرانية قد عجلت بقرار الضربة العسكرية القوية والمتوقعة من "إسرائيل" وأمريكا؟
خاصة وأن إيران الآن علي أعتاب إنتاج السلاح النووي، وأن الوقت ليس في صالح رافضي امتلاك إيران لهذا السلاح.
وأن احتمالات توجيه ضربة لإيران في القريب العاجل رغم كل مخاطرها وتداعياتها واردة، أخذاً في الاعتبار وجود حكومة يمينية متطرفة في "إسرائيل" وشعور أمريكا بالاستياء من هذه الخطوة التي تتعارض ومصالحها وتتناغم مع التوجهات الروسية الصينية في المنطقة.
وتدرك أمريكا وحليفتها الرئيسية التي لا غنى لها عنها"إسرائيل" في أن اتفاق إعادة العلاقات بين السعودية وإيران يعد اختراقًا إقليميًا كبيرًا يمكن أن يغير مسار الكثير من القضايا في الخليج واليمن ولبنان وسوريا وفلسطين حسب مسار تلك العلاقات وفعاليتها في حل الأزمات الإقليمية.
ومن التجليات الكبرى هو انتهاء نظام القطب الواحد المهيمن على العلاقات الدولية لصالح نظام دولي متعدد الأقطاب،.
وهو أيضا مؤشر على تعاظم قدرة السعودية على صياغة علاقاتها الدولية بدرجة من الاستقلالية عن التسلط الأمريكي، خاصة وأن الاتفاق يأتي في أعقاب موقف مستقل ينتصر للمصالح الوطنية السعودية والعربية .
"صحيح أن الولايات المتحدة رحبت علنا بالاتفاق رغم أنه يشير لتنامي الدور الدولي للصين على حساب هيمنة واشنطن ، لكنها يمكن أن تحاول فعل أي شئ لكنها في النهاية لا تملك القدرات في تحقيق ذلك" كما ذكر المعلقون
الموقف السعودي المستجد بشأن علاقاتها الدولية ، هو تحول تاريخي من شان ذلك أن يعيدنا لما كان يجب أن تكون عليه العلاقات العربية مع أمريكا والغرب ضمن المصالح المتبادلة بدون أي انتقاص للحقوق العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية .
المتغير المنتظر في التحالفات الاقليميه والدولية، وانعكاس المتغير في السياسة العربية ضمن إعادة التوازن الدولي والإقليمي سيعيد (او يجب أن يعيد) للقضية الفلسطينية أهميتها في محورية الصراع في المنطقة .
وفق هذه المتغيرات الكبيرة والهامة لا بد من إعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية عبر توحيد الرؤى الفلسطينية، والبرنامج الموحد، لاستعادة أهمية ومركزية القضية الفلسطينية.
إن هذا الأمر يتطلب من الفلسطينيين إعادة تحالفاتهم، واتصالاتهم العربية خاصة ومع الجميع، على ضوء ما تشهده المنطقة من تغيرات داهمة.
وان تلك التغيرات في موازين القوى يجب أن يتم تسخيرها واستثمارها في صالح القضية العربية الفلسطينية.
ولا بد من إعادة التوازن للملف الفلسطيني عربيًا وإقليميًا وعالميًا، وإنهاء محاولات الاستفراد الأمريكي والتعنت والتعسف الصهيوني بالملف الفلسطيني.
الرئاسة الفلسطينية، رحبت بالاتفاق السعودي الإيراني لاستئناف العلاقات بين البلدين ، وثمنت الرئاسة، الدور الصيني الإيجابي الذي أسهم في التوصل لهذا الاتفاق، آملة أن يؤدي ذلك إلى استقرار وتعزيز المناخ الإيجابي في المنطقة.
هذا الترحيب وحده لا يكفي!
1-إذ لا بد من مبادرة فلسطينية رسمية عاجلة لتشكيل وفد فلسطيني رفيع المستوى يقوم بزيارة كلا من السعودية وإيران للمباركة بهذا الاتفاق وكذلك الصين، وموضعة فلسطين حيث يجب أن تكون.
2-ولابد من استراتيجيه فلسطينية وحدوية متكاملة تعيد الفعالية الوطنية والحيوية للقضية، وتؤثر في التحالفات الاقليمية والعربية والدولية -كما أسلفنا- لمواجهة التعنت والتعسف والعدوان في السياسة الصهيونية لحكومة اليمين المتطرفة برئاسة نتنياهو .
3-علينا تمتين الموقف السعودي الشجاع، ضمن خياراته الاستقلالية الهامة، وتشجيع ذلك لدى العديد من دول الإقليم والعرب، إنه الموقف الشجاع الذي لطم وجه "نتنياهو" شخصيًا الذي كان يراهن على سقوط السعودية تحت أقدام ومخالب "اتفاقات ابراهام" الذيلية.
4-إن الخيارات السعودية الاستقلالية الهامة من جهة بعيدًا عن الهيمنة الامريكية، والاقترابية من الأمة مدعومة عربيا وإقليميا ودوليا هامة لمناوئتها للسياسة الامريكية الاستغلالية والديكتاتورية،ومعارضتها للسياسة الاسرائيلية العدوانية والعنصرية والإرهابية ما يمكننا أن نعيد البناء عليها وتقويتها بشكل جديد.
5- لا بد للفلسطينيين من العودة للالتفاف حول منظمة التحرير الفلسطينية بكافة الفصائل المتناحرة، وهذا هو الوقت المناسب لثبيت مركزية القضية لدى كل الأمة-التي غاب بعضها عن الوعي لفترة- في ظل الموقف السعودي-الإيراني-الصيني الشجاع، والا فماذا سنكسب إن فوتنا مثل هذخ الفرصة الذهبية؟
6-لا قيمة للأمة بدون فلسطين، ولا حول ولا قوة للامة دون أن يكون القلب أي فلسطين نابضًا وهذا ما يجب أن ننقله ونُسمعه للعرب كافة، ليأتي حُسن الاختيار للوقت الملائم والمناسب، وللشخصيات المناسبة والملائمة للتعبير عربيًا عن هذا الخطاب.
علينا المبادرة سريعًا وبخطوات وحدوية ثابتة لمواجهة الاحتلال الصهيوني ضمن فهمنا الواعي للمتغير الإقليمي والدولي، والذي يجب أن يعيد الدعم القوي للقضية الفلسطينية ويعيد لها أهميتها بكونها مفتاح الحرب ومفتاح السلام كما كان يردد الخالد ياسر عرفات وبأننا الرقم الصعب في معادلة الشرق الاوسط.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت