رفع الجيش الإسرائيلي مستوى التأهب بعد فقدان السيطرة على الاحتجاجات التي خرجت بعدما أقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزير الجيش يوآف غالانت من منصبه.
وقال ضابط كبير في شرطة الاحتلال الإسرائيلي: فقدنا السيطرة في عدة أماكن حيث تجري المظاهرات ضد نتنياهو، وفق وسائل إعلام عبرية.
وأشار قائد الشرطة الإسرائيلية، إلى أن الشرطة تسمح بالحق الديمقراطي في الاحتجاج لكن لن تسمح بالاضطرابات العامة والإضرار برموز الحكومة.
وقدر مسؤولون في حزب الليكود أن نتنياهو قد يعلن وقف التعديلات القضائية.
وأعلن نتنياهو، مساء الأحد، إقالة وزير الجيش يوآف غالانت، وذلك في بيان صدر عن مكتب نتنياهو، في أعقاب الضغوطات التي مارسها غالانت خلال الأيام الماضية، لإقناع نتنياهو بتعليق التشريعات الرامية لإضعاف الجهاز القضائي، في محاولة للتوصل إلى تسوية مع المعارضة.
وأججت الخطوة التي أقدم عليها نتنياهو الاحتجاجات الرافضة لخطة إضعاف القضاء، إذ أعلنت الجامعات الإسرائيلية الإضراب المفتوح احتجاجا على مواصلة تشريعات إضعاف القضاء، كما قرر الاتحاد العام لنقابات العمال الإسرائيلية الانضمام إلى الاحتجاجات وسط توقعات بأن يتم الإعلان عن تعطيل الاقتصاد الإسرائيلي.
ويكون نتنياهو بذلك قد خضع لرغبة شركائه في الائتلاف وأعضاء الكنيست الجدد والقيادات الصاعدة في الليكود الذين يصرون على مواصلة التشريعات القضائية خلافا لتوصية الأجهزة الأمنية.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية "كان 11" بأن نتنياهو بحث إقالة غالانت مع وزير القضاء، ياريف ليفين، الذي اعتبر أن هذه الخطوة باتت ضرورية.
وفي خطوة استثنائية، قررت هيئة أركان الجيش الإسرائيلي عقد جلسة يوم الإثنين، لبحث التداعيات الأمنية لإقالة غالانت، علما بأن الأصوات تتعالى داخل قيادات الجيش للمطالبة بوقف تشريعات مخطط إضعاف القضاء، في ظل تداعياته السلبية على كفاءة الجيش الإسرائيلي.
وبحسب التقارير التي أوردتها وسائل الإعلام العبرية، فإن نتنياهو استدعى غالانت إلى مكتبه وأبلغه أنه "فقد ثقته به"، وذلك بعد أن جاهر غالانت في الآونة الأخيرة بمعارضته لخطة نتنياهو المثيرة للجدل لإضعاف الجهاز القضائي، والإعلان عن ذلك خلال تواجد نتنياهو في لندن، أمس، السبت.
وفي أعقاب إقالة غالانت، انتشر المتظاهرون في شوارع مدن مركزية في إسرائيل من بينها تل أبيب وحيفا وبئر السبع، وأغلق متظاهرون مسالك شارع أيالون في تل أبيب بعد أن تجمعوا في محيط مقر وزارة الجيش (الكرياه) وجابوا شوارع المدينة، للتعبير عن رفضهم للخطوة التي أقدم عليها نتنياهو.
وسرعان ما تجمع آلاف المتظاهرين حول منزل نتنياهو في القدس، وأشعلوا الإطارات المطاطية، فيما نصبت الشرطة الإسرائيلية حواجز لمنعهم من اقتحام المنزل، وسط تدفق متواصل للمتظاهرين إلى مراكز الاحتجاج في المدن الإسرائيلية، وعلى رأسها تل أبيب.
وبحسب التقارير العبرية، فإن عدد المتظاهرين في الشوراع الإسرائيلية، مساء الأحد، بلغ 500 ألف متظاهر، خرجوا تلقائيا دون تنسيق مسبق في أعقاب الإعلان عن إقالة غالانت، فيما اعتبر مسؤولون في الائتلاف أن نتنياهو ارتكب "خطأ إستراتيجيا" بإقدامه على إقالة غالانت.
وفيما أعلنت الشرطة الإسرائيلية أنها "تسمح بالحق الديمقراطي في الاحتجاج"، شددت على أنها "لن تسمح بالاضطرابات العامة والإضرار برموز الحكومة"، في حين أظهرت مقاطع مصورة أن عناصر الشرطة استخدموا خراطيم المياه لإبعاد متظاهرين اخترقوا الحواجز قرب منزل نتنياهو في القدس.
وقرر الجيش الإسرائيلي رفع حالة التأهب من تطورات أمنية في أعقاب "فقدان السيطرة" على المتظاهرين، بحسب القناة 12، وذكرت أن نتنياهو يعقد مداولات مع قادة الكتل الائتلافية في مكتبه لبحث "تعليق التشريعات"، في حين نقلت هيئة البث الإسرائيلية "كان 11" عن مقربين من ليفين، أن "لن يتم وقف التشريعات القضائية".
وفي حين قال حزبا "شاس" و"يهدوت هتوراه" الحريديان إنهما يدعمان أي قرار يتخذه نتنياهو بشأن التشريعات القضائية، فيما شدد ليفين على رفضه لوقف التشريعات التي تدعمها كذلك كتلة "الصهيونية الدينية" و"عوتمسا يهوديت". أعلن رئيس لجنة الدستور البرلمانية، سيمحا روتمان، أن اللجنة ستجتمع صباح الإثنين.
الهستدروت تنضم للاحتجاجات
وقررت نقابة العمال الإسرائيلية (الهستدروت) الانضمام إلى الحركة الاحتجاجية المتصاعدة على خطة حكومة نتنياهو لإضعاف جهاز القضاء، بحسب ما أشارت تقارير عبرية، وقرر رئيس الهستدروت، أرنون بار دافيد، عقد مؤتمر صحافي مشترك، يوم الإثنين، مع رؤساء الشركات الأكثر تأثيرا في الاقتصاد الإسرائيلي.
وبحسب التقارير، فإن رئيس الهستدروت "سيدلي بتصريح دراماتيكي" خلال المؤتمر الصحافي، وأشارت إلى أنه قد يعلن عن تعطيل الاقتصاد الإسرائيلي وانضمام الاتحاد العام لنقابات العمال الإسرائيلية، رسميا، للاحتجاجات على خطة إضعاف القضاء. وبحسب المصادر فإن رئيس الهستدروت اجتمع مساء الأحد مع كبار رجال الأعمال في إسرائيل.
وأضافت التقارير أن بار دافيد "تلقى بذهول نبأ إقالة غالانت".
الجامعات تعلن تعليق الدراسة حتى إشعار آخر
وفي ختام اجتماع عقده رؤساء الجامعات الإسرائيلية، تقرر "توقف الجامعات البحثية في إسرائيل عن الدراسة" ابتداء من صباح الإثنين وحتى موعد غير محدد "على خلفية استمرار العملية التشريعية التي تقوض أسس الديمقراطية الإسرائيلية وتعرض استمرارها للخطر".
ودعا رؤساء الجامعات نتنياهو وأعضاء الائتلاف إلى "وقف التشريع فورا والدخول الفوري إلى حوار واسع للوصول إلى مخطط توافقي" لإصلاح جهاز القضاء في إسرائيل.
من جانبهم، قرر رؤساء سلطات محلية، من بينهم رئيس بلدية كفار سابا، ورئيس بلدية هرتسليا، ورئيس المجلس الإقليمي في الجليل الأعلى، ورئيس المجلس الإقليمي "شاعر هنيغف" ورئيس بلدية "زخرون يعكوف"، الاعتصام أمام مكتب رئيس الحكومة في القدس، والشروع بالإضراب المفتوح عن الطعام.
استقالة القنصل الإسرائيلي العام في نيويورك
وأعلن القنصل الإسرائيلي العام في نيويورك، استقالته، مساء الأحد، احتجاجا على إقالة غالانت. وقال آساف زمير في تغريدة على "تويتر": "لم يعد بإمكاني الاستمرار في تمثيل هذه الحكومة. أعتقد أن من واجبي ضمان بقاء اسرائيل منارة للديمقراطية والحرية في العالم".
غانتس ولبيد يتوجهان لأعضاء الليكود
وفي بيان مشترك، توجه رئيس المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، ورئيس حزب "المعسكر الوطني"، بيني غانتس، إلى أعضاء الكنيست عن اللكيود، مطالبين بعدم "مد يد العون لسحق الأمن القومي" الإسرائيلي، واعتبرا أنه "لا يمكن أن يكون أمن الدولة ورقة في اللعبة السياسية"، مشيرين إلى أن "نتنياهو تجاوز خطا أحمر الليلة".
كما طالبا من قياداة الليكود بعد قبول منصب وزير الجيش خلفا لغالانت، واعتبرا أن "من يتولى منصب وزير الجيش يجلب العار على نفسه"، وأضافا مخاطبان قيادات أعضاء الكنيست عن الليكود أن "عيون الجماهير تنظر إليكم بأمل لا يزال بالإمكان التوقف".
نتنياهو يوجه تحذيرات لمعارضيه
وتعتبر خطوة نتنياهو إنذارًا واضحا لجميع الوزراء وأعضاء الائتلاف وكذلك قادة الأجهزة الأمنية الذين يرون ضرورة في وقف الخطة الرامية لإضعاف جهاز القضاء، بسبب تأثيرها السلبي على الجيش الإسرائيلي، وذلك مع اتساع دائرة رافضي الخدمة العسكرية من ضباط في قوات الاحتياط وتسرب حالة الرفض هذه إلى القوات النظامية.
وتثير خطوة نتنياهو مخاوف الأوساط الأمنية في إسرائيل، خصوصا أن المخاوف التي عبّر عنها غالانت والتي دفعته للمطالبة بتعليق تشريعات إضعاف القضاء، تعبّر كذلك عن موقف قادة الأجهزة الأمنية في إسرائيل، بمن فيهم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، ورئيس الموساد، دافيد برنياع، ورئيس الشاباك، رونين بار.
وكانت مصادر مقربة من نتنياهو، الذي عاد فجر الأحد من لندن ولم يتطرق إلى تصريحات غالانت الذي طالب وقف دفع تشريعات خطة إضعاف القضاء وإجراء حوار مع معارضيها، قد أفادت بأنه في حال صوّت غالانت ضد التشريعات فإنه لن يتمكن من البقاء في منصبه.
ولم يذكر البيان الصادر عن مكتب نتنياهو سبب الإقالة؛ في حين قال مقربون من نتنياهو إنه أقال غالانت بسبب "تعامله الضعيف" مع رافضي الخدمة العسكرية، احتجاجا على خطة إضعاف الجهاز القضائي؛ وغرد نتنياهو في أعقاب الإقالة على تويتر قائلا: "يجب علينا جميعًا أن نقف بقوة ضد الرفض" في إشارة إلى رفض الخدمة في صفوف الجيش الإسرائيلي.
والسبت، دعا غالانت، نتنياهو إلى وقف خطة إضعاف القضاء، معتبرا أنها "تسببت بانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي، ما يشكل خطرا مباشرا وملموسا على أمن الدولة". وحذّر من أن الاحتجاجات على الخطة القضائية، والتي انضم لها عدد متزايد من جنود الاحتياط، تؤثر على عمل القوات النظامية وتهدد الأمن القومي الإسرائيلي.
وأيد أعضاء الكنيست من حزب الليكود، يولي إدلشتاين وآفي ديختر ودافيد بيتان، غالانت وطالبوا بوقف التشريعات. إلا أن ديختر وبيتان سيصوتان ويؤيدان تشريعات الخطة القضائية، وأبلغا بذلك مكتبي نتنياهو ووزير القضاء، ياريف ليفين، فيما يرجح ألا يؤيد غالانت وإدلشتاين الخطة.
ونقلت وسائل إعلام عبرية عن مسؤولين في الليكود تقديراتهم بأن إدليشتاين سيقال قريبا من منصبه رئيسا للجنة الأمن والخارجية في الكنيست، في ظل تلميحاته بأنه قد يصّوت ضد قرار الائتلاف على تشريعات خطة إضعاف القضاء، مشددين على أن الائتلاف لديه أغلبية في تشكيلة اللجنة.
ودعا إدلشتاين إلى عقد جلسة للجنة الأمن والخارجية البرلمانية للاستماع إلى موقف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، وغيره من المسؤولين الأمنيين، بشأن التشريعات القضائية، وأشارت تقارير إلى أن غالانت سيشارك في الجلسة، علما بأن إقالته تدخل حيّز التنفيذ بعد 48 ساعة من إبلاغه رسميا بها.
وصباح الأحد، أعلن إدلشتاين تأييده لموقف غالانت، ودعا إدلشتاين، في تصريح لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، إلى وقف تشريعات الخطة القضائية، وألمح إلى أنه لن يدعم التصويت على تغيير تشكيل لجنة تعيين القضاة. وقال إنه لم يتفاجأ من أن يكون غالانت هو الذي دعا إلى محاولة الوصول إلى اتفاق واسع وحوار مع المعارضة "لأن الصورة التي يراها معقدة".
وذكرت وسائل إعلام عبرية بأنه تم اقتراح منصب وزير الجيش على آفي ديختر، رئيس الشاباك الأسبق، بهدف ضمان تأييده للخطة القضائية. وأفادت صحيفة "يسرائيل هيوم" بأن غالانت طالب نتنياهو بعقد اجتماع للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) من أجل استعراض "المخاطر الأمنية" في حال المصادقة على الخطة القضائية.
ونفى مكتب نتنياهو أن يكون غالانت قد طالب بعقد اجتماع للكابينيت، قي المقابل، قرر أن نتنياهو عقد اجتماع لرؤساء أحزاب الائتلاف، بعد ظهر الأحد؛ وفي وقت لاحق، تقرر تأجيل الاجتماع إلى يوم غد، الإثنين.
ودعا وزير الزراعة، ديختر، إلى وقف مساعي إقرار خطة "إصلاح القضاء" إلى ما بعد الأعياد اليهودية القريبة. وقالت تقارير إسرائيلية إن ديختر أبلغ نتنياهو ووزراء الليكود، خلال الأيام الأخيرة، بأن "الخلاف عميق" و"لن يكون هناك طريق للعودة"، إذا لم يوقفوا حزمة التشريعات المثيرة للجدل.
ومعلقا على تصريح غالانت، قال عضو الكنيست دافيد بيتان أنه "كما قلت قبل أسابيع، يجب وقف التشريع والتوصل إلى مفاوضات فورية واتفاقات واسعة النطاق"، بحسب موقع "والا" العبري.
والأسبوع الماضي، دعا عضو الكنيست إيلي ديلل (الليكود) إلى وقف الخطة الحكومية والبدء في حوار موسع. ووفقا لصحيفة "يسرائيل هيوم" توجد أصوات أخرى في الليكود ترى أنه من الأفضل وقف خطة نتنياهو بشأن القضاء، لكنها غير مستعدة للحديث علنا للإعلام.
في المقابل، طالب نواب من الليكود بإقالة الوزراء المعارضين لخطة إضعاف جهاز القضاء، وقال رئيس الائتلاف، أوفير كاتس، في مقابلة مع القناة 14 الإسرائيلية: "مَن لم يصوت للإصلاح (القضائي) هذا الأسبوع، فقد انتهت مسيرته السياسية في الليكود".
كما قال وزير الاتصالات، شلومو كرعي، ردا على تصريح غالانت: "إسرائيل على مفترق طرق تاريخي بين الديمقراطية والديكتاتورية ووزير أمنها يختار الديكتاتورية ويعطي دفعة لرفض الخدمة والانقلاب العسكري".
فيما طالبت وزيرة ال"الهسبراه" غاليت ديستيل أتفيريان، بإقالة غالانت بقولها في تصريح صحافي: "أعتقد أن نتنياهو يجب أن يقيله اليوم. على وزير الحيش واجب حماية سكان إسرائيل، والخيار الذي اتخذه غالانت أمس يضر أكثر مما يفيد".