أبرم رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، صفقة مع وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، تقضي بموافقة الأخير على تعليق تشريعات خطة الحكومة لإضعاف جهاز القضاء، مقابل موافقة نتنياهو على إقامة "حرس قومي" يخضع لوزارة بن غفير.
وأصدر حزب "عوتسما يهوديت" وثيقة جاء فيها أنه "سيتم إجراء التعديلات القانونية المطلوبة من أجل إقامة الحرس". ووقع نتنياهو وبن غفير على الوثيقة التي يتعهدان من خلالها بإقامته.
وذكرت القناة 12 ، يوم الثلاثاء، أن أحد التخوفات المركزية هو استخدام "الحرس القومي ضد خصوم سياسيين ولمصلحة مؤيدين، فيما أشارت صحيفة "ذي ماركر" إلى أن وزارة الأمن القومي حصلت على زيادة في ميزانيتها بمبلغ 9 مليارات شيكل، وأن معظم هذا المبلغ سيرصد لصالح إقامة "الحرس القومي"، وستكون هذه الزيادة لمرة واحدة وليست دائمة، أي للسنة الحالية والمقبلة فقط، وهي ليست في إطار ميزانية الدولة، التي صادقت عليها الهيئة العامة للكنيست بالقراءة الأولى، أمس.
ونقلت القناة 12 عن ضابط في الشرطة الإسرائيلية قوله إنه "يوجد حرس قومي يخضع للشرطة وتحت قيادة الكولونيل نير إلياهو، وهو ضابط كبير في حرس الحدود. وهذا الحرس ينفذ مهمات عديدة، بتعزيز قوات (في الضفة الغربية) وتعزيز القوات خلال المظاهرات وتعزيز القوات عند الحدود الشمالية. إنهم قوة مسانِدة خاصة وقتالية ومدربة بمستويات عالية جدا".
وأضاف الضابط أنه ليس واضحا إذا كانت هذه القوة "المساندة" هي "الحرس القومي" التي يقصده بن غفير، "إذ لم تجر مداولات حول الموضوع. وأنا مقتنع بأنه ستجري في الأيام المقبلة مداولات بين الوزير والمفتش العام وقائد حرس الحدود، وبعدها سنعرف، لكني لا توجد لدي أي فكرة حول ما إذا سيقول الوزير إن الحرس القومي سيخضع للمفتش العام أو قائد حرس الحدود. وبرأيي أنه في وزارة الأمن القومي لا يعلمون أيضا".
وقال مصدر في الشرطة إن "بن غفير يريد إقامة قوة منفصلة، وليس أن يأخذ قوات من الشرطة وإنما إقامة قوة جديدة. وهذان أمران مختلفان. وحاليا، قوة الحرس القومي هي من داخل حرس الحدود. فإذا عندما يقيمون حرسا قوميا جديدا ستعود هذه القوة إلى حرس الحدود وتطلق عليها تسمية أخرى. فقد أخذوا أفرادا من مهمات مختلفة ومن وحدات نخبة في حرس الحدود".
وأضاف المصدر أن "هذا نموذج لحرس قومي يخضع لوزارة الأمن القومي. وأهداف هذا الحرس هي مكافحة الإتاوة، العائلات الإجرامية، الجرائم الخطيرة والجريمة الزراعية. وتوجد ميزانية لتمويل رواتب 1825 مقاتلا في الحرس، وتوجد ميزانية تزيد عن مليار شيكل. وسيقدم الوزير يوم الأحد المقبل مشروع قرار في اجتماع الحكومة".
ونفى المصدر الانتقادات التي تقول إن هذه ليست "سرايا بن غفير". وأضاف أن "هذا ليس خاضعا للوزير وإنما لوزارة الأمن القومي. ومصلحة السجون تخضع للوزارة، وكذلك سلطة حماية الشهود. وهذا بموجب القانون وستكون له معايير وسيتم قبول الأفراد بموجب معايير".
وقال الخبير في القانون والأمن القومي في "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية"، بروفيسور عَميحاي كوهين، إنه "لا شك في أنه ينبغي إجراء تنظيم قانوني لإطار عمل الحرس القومي"، لكنه أشار إلى أن "ثمة مسألتين من شأنهما أن تثيران مسألة دستورية. الأولى تتعلق بالصلاحيات التي ستمنح لأفراد الحرس الثوري هؤلاء، وكلما كانت الصلاحيات الشخصية والتنظيمية أوسع، فإنها ستصبح قوة شرطة حقيقية. وليس واضحا كيف ينشئون قوة شرطة أخرى في دولة إسرائيل".
وأضاف كوهين أن "المسألة الثانية الدستورية هي مسألة التبعية: هل هذا إطار يخضع لإطار الشرطة الموجودة؟ لقواعدها، لطريقة إدارتها ولكل ما هو مقرون بذلك؟ وإذا ستكون قوة خاضعة للشرطة وقريبة مما كان في الماضي الحرس المدني، فإن هذا أقل إشكالية. وكلما يحولون هذا إلى إطار منفصل بالمطلق ويخضع مباشرة للوزير مع قدرات وصلاحيات، فإنه سيكون أكثر إشكالية".
وتابع كوهين أنه "على سبيل المثال، ما هي حدود الوزير في تفعيل قوة شرطية تجاه مواطنين؟ وهذه مسألة كبيرة ينبغي وضع حل دستوري لها. وحتى الآن، حاذرت إسرائيل جدا من منح قوات وسيطرة تشغيلية وقوات شرطة لوزير. وهاتان علامتا التحذير المركزيتان التان أراهما".
وبحسب كوهين فإن "القوة العسكرية تخضع لوزير الأمن بالكامل، وهذا شرعي. فالجيش يعمل ضد أعداء الدولة. والمستوى السياسي ينبغي أن يسيطر على المستوى العسكري. ولدى الحديث عن قوات شرطة لديها صلاحيات ضد مواطنين، فهذا أمر مختلف تماما. لأنه تتعالى تخوفات من أن السياسي، أي سياسي وليس بن غفير حصرا، رغم أن أثبت أن لديه ميْل معين باستخدام قواته ربما أكثر مما ينبغي، قد يستخدم القوات ضد خصومه السياسيين ولصالح مؤيديه".
وأشار كوهين إلى أنه "لدى الحديث عن الشرطة فأنت تفترض وجود أفراد مؤهلين ويخضعون لسلسة قيادية واضحة، التي تجعل (سطوة) الوزير أكثر اعتدالا. (لكن) لدى الحديث عن مواطنين، فإنه ليس لديهم هذه الحمايات التنظيمية. وعندها يكون التخوف من قوة سياسية أكبر".
وأوضح أنه "فلنفترض أنهم سيمنحون صلاحيات اعتقال لأشخاص لم يخضعوا لتأهيل ملائم. وصلاحيات الاعتقال هي صلاحيات دستورية، أي صلاحية المس بالحرية وهذا حق محمي. وإذا خصخصوا صلاحية الاعتقال فهذا سيكون مسا بكرامة الإنسان. وتمارس هنا صلاحيات قد تؤدي إلى مس بحقوق، وهذا يسري على حرية التعبير أيضا".