المرأة الإسرائيلية في ظل حكومة اليمين المتطرف

بقلم: مراد أبو الرب

مراد ابو الرب.jpg
  • بقلم الأسير :- مراد ابو الرب

على مدار عقود والمرأة الاسرائيلية تناضل من أجل نيل حقوقها ومساواتها مع الرجل ، ففي الوقت الذي تقاتل فيه المرأة من أجل ذلك وحتى ربما وصلت إلى مستوى مقبول بعيداً عن المجتمعات المنغلقة (الدينية) التي لا تستطيع المرأة فيها النيل من حقوقها ... فإذا مررت في البلدات المحسوبة على الحراديم ( حريديم) فإنك ستشعر بأنك تسير في أفغانستان ... وإن لم يكن أكثر !! وستصاب بصدمة حيث أن البنت ذي ثمانية سنوات عليها أن ترتدي البرقع حتى عيناها لا تظهر من خلفهِ !!! .
وللنساء شوارع خاصة وممرات لا يسمح للرجل المرور بها حتى ذلك في الحافلات أيضا ، فعلى المرأة الصعود من الباب الخلفي والجلوس في المقاعد الخلفية ، يعني الرجال في المقدمة والنساء في مؤخرة الحافلة ... وكذلك التمييز بين الاشكنازية و الشرقية ، واليهودية والعربية أو من الطوائف الأخرى ... إذن كل أشكال التمييز موجودة إضافة إلى ما تتعرض له من تحرش جنسي و لفظي وبالذات داخل مؤسسات الجيش التي تخدم فيها خدمة إجبارية...
ما زالت المرأة الإسرائيلية تعاني من التمييز والتعذيب والتغييب والتعنيف في العمل ، وفي الحافلات ، وفي الأماكن العامة أيضاً .. وفي ظل عودة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو وبن غفير و سموتريتش فإن مخاوف المرأة الإسرائيلية قد زادت في ظل سن هذه الحكومة قوانين تضعف القضاء ، والذي هو الملجأ الوحيد للمرأة لنيل حقوقها ؛على الرغم من أن اسرائيل وقعت على اتفاقية (سيداو) القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة إلا أنها گعادتها لا تأبه للقوانين الدولية !! .
فقبل أيام احتفل العالم باليوم العالمي للمرأة إلا أن الفجوة آخذة بالاتساع بين الرجل والمرأة في اسرائيل ، وبالذات في ظل الحكومة الحالية .
تقول هاداس دانيئيلي مديرة الحركة النسوية في إسرائيل:
فقط في السنة الأخيرة تلقينا ما يقارب 1400 توجه للخط المفتوح الخاص بنا ، بخصوص حقوق النساء في سوق العمل ، وهذه زيادة كبيرة مقارنة بالسنوات الماضية .
وبرأيي دانيئيلي :
فإنه بجانب التمييز فإن النساء يشعرن أيضاً بفقدان الأمان في الأماكن العامة.. ثماني نساء قتلن منذ بداية العام الحالي و اثنان وعشرون امرأة في العام المنصرم !!
العنف ضد المرأة تحول إلى جائحة هكذا تقول دانيئيلي .. اي انه اصبحت ظاهرة ممارسة العنف ضد المرأة لا تقتصر على فئة من الفئات ، فالعنف والقتل ليس لهما دين أو عرق .. وبالتالي فإن المرأة بغض النظر عن دينها تتعرض للاضطهاد وهذا ليس غريب عن الثقافة المتدنية في المجتمع الاسرائيلي !!
نيتان شبيرة المستشارة القضائية لي لوبي المحارب للعنف الجنسي تقول :
أن الاماكن العامة هي اماكن غير محمية بحق النساء و بحق المعنفات جنسياً ، هو مكان مهمل بالكامل يعمل به المعتدين تقريبا دون أي مضايقة بتجاوزات ( جنسية صعبة ) .. وهذا يتضح لكل متابع للشأن الإسرائيلي حجم الاغتصاب والتحرشات الجنسية وبالذات في الأماكن المغلقة . ومن قبل المتدينين أيضا.. فهنالك أعداد كبيرة بدأت تظهر بشكل علني لكن ما مصير الضحايا !!!! وكم من مدان بقضية تحرش يقبع في السجن لينال عقابه !!! .... ناهيك عن الذين لا يتم اعتقالهم أصلا !!!
كذلك تتعرض المرأة في اسرائيل للتمييز بينها وبين الرجل في ميدان العمل من ناحية الاجر المدفوع ، وكذلك تتعرض المرأة للتمييز في الكثير من الأمور ... وكذلك القوانين التي تسلب المرأة حقوقها گقانون التقاعد و غيرها من القوانين المجحفة في ميدان العمل ، گإجازة الحامل والتي قد تسبب في بعض الأحيان الفصل من العمل ... وقليلةٌ هي المراكز القيادية التي تسيطر عليها المرأة في اسرائيل.
و بالسنوات الأخيرة تم تسجيل الكثير من التحرشات الجنسية وحالات الاغتصاب من قبل أرباب العمل للموظفات وابتزازهن عن طريق تهديدهن بالفصل وهنا وجب عليهن الانصياع للأوامر !!
ولا تتوقف المعاناة فقط في ميدان العمل ... إذ أن العنف الأسري الممارس من قبل الذكور على الإناث يؤثر على الحالة النفسية ، وهنا وجب التنويه لأمر ألا وهو أن العنف ليس شرطاً بأن يكون على الشخص بشكل مباشر وإنما من خلال ممارسة العنف على المحيط ... على سبيل المثال :
_ اذا قام الرجل بضرب ابنائه فهذا تعنيف للمرأةالأم .
وفي حالة أخرى
_ اذا كانت المرأة مطلقة ولديها اولاد ، و تزوجت مرة أخرى فإذا مارس الرجل التمييز بين اولادها وأولاده منها أو منه فهذا عنف أسري ، واذا لم يتقبلهم فهذا أيضا عنف أسري .
_ و كذلك محاولة تغييب المرأة في الأماكن العامة والتعامل معها گأنها غير موجودة سواء في سياسة الفصل بين الرجال والنساء في المناسبات أو تحديد مكان جلوسها في الحافلات !!
وهذا يحصل وليس افتراء .
شيبي وهي الآن ناشطة وتحارب تغييب المرأة في الأماكن العامة ، تقول :
عند خروجي في نهار السبت ، ركبت الباص متوجهة من القدس إلى تل أبيب حيث كان بِرفقتي ابني الصغير الذي اختار أن يجلس في المقعد الأمامي خلف السائق ، جلسنا . وحين صعد عدد من المتدينين بدأوا بمضايقتي وطلب مني أحدهم أن أقف وانتقل إلى المقاعد الخلفية وسط عبارات ( بذيئة و مسيئة) .
لذا قررت أن تحارب هذا النوع من التمييز !! وحتى داخل المؤسسات الحكومية بما فيها الكنيست ، حيث أن نسبة تمثيل المرأة ضئيلة ، حتى أنه في أحد السنوات تم تحديد اللباس الذي يجب أن ترتديه المرأة أثناء دخولها إلى الكنيست ، وهذا يعد إعتداءاً على خصوصية المرأة.
و كذلك الهجمة في المجتمع العربي ، رنا بنت الثامنة والثلاثين لديها ثلاثة أولاد , تقول :
كنت أعمل في وظيفة دوام كامل ووصلت إلى مرحلة أنني بدأت أنهار جسدياً و ذلك بسبب الضغط ، وأنني لم استطيع الجمع بين هذين العملين!! إذ أنه في مجتمعنا العربي الاعتناء بالبيت و الاولاد لا زال حتى الآن مسؤولية المرأة ، ومن ناحية اقتصادية ( العائلة اليوم تقريبا لا تستطيع العيش اذا كان الزوج وحده يعمل ) ، وكأن عمل المرأة في البيت ليس عمل !! فلو افترضنا أن المرأة ستطلب أجراً مقابل عملها في المنزل ، فكم ستستحق ؟؟ مع العلم أنه لا يوجد إيجاز بمعنى أنها تعمل على مدار أربع وعشرين ساعة وسبعة أيام في الأسبوع!!
وبعد ذلك كله ... يقول أنها لا تعمل ؟؟!! وتضيف أنه منذ ست سنوات أقمت بمقر المسؤولة وهي مؤسسة هدفها تنظيم القوة من نساء عربيات ممنوع التنازل اذا اردنا التغيير ، نحن سنقود ذلك بقوة گنساء و گعربيات وهذا هو هدفنا ولكن الأكثر صعوبة هو تغييب العربيات و توسع العربي الحقيقي داخل الحكومة وكل من هو في مركز القرار السياسي يريد التقدم في مصالحه الشخصية ( المجتمع الذي جاء منه ) ... وهذا يوضح الفجوة الكبيرة التي تعاني منها النساء العربيات داخل إسرائيل كونها درجة ثالثة أو رابعة في المواطنة !!! .. هذا إن كانت محسوبة أصلا مواطنه !!
وفي موضوع التحرش الجنسي لا يقتصر الأمر عن الخوف وانما تخطى ذلك بكيفية التغلب على الاعتداء الجنسي ، فنظرة المجتمع للمعتدى عليها يضعها دائما في موضع الشك والاتهام ، فهي المسؤولة والمذنبة ، والجاني هو البريء !! .... إيفا أحد ضحايا العنف الجنسي وهي ابنه التسع سنوات آنذاك ، تعرضت حسب قولها للإعتداء من قبل ولد قريب لها في العائلة ، وتقول :
قررت عدم الذهاب إلى المحكمة ، وذلك بسبب عدم ثقتي في القضاء ولذلك قلت ما هو الهدف الذي سأحصل عليه في هذه التجربة ( من خلال القضاء والسير في جهنم ) !!!
وهذا أيضاً خطأ تقع فيه الكثير من النساء المعنفات فعدم لجوئها إلى القضاء خوفا من عدم إنصافها أو خوفها من المجتمع ونظرته إليها تعطي دافع للجاني بالاستمرار بنهجه وأسلوبه و الواجب هنا على المرأة المعتدى عليها أن تحارب بكل الوسائل من أجل نيل حقوقها ، أما التخوف الحالي عند النساء في ظل حكومة نتنياهو المتطرفة فهو من خلال قيامها بسن قوانين من شأنها عدم إنصاف المرأة بما أن أغلبية الحكومة من الطبقة المتدينة ( الحريديم) التي تنادي بتطبيق الشريعة اليهودية و القضاء كان هو الفصل في كثير من القضايا ، لكن في حال تم إضعاف القضاء فإن حكم الأغلبية هو الذي سيسود و بما أن الأغلبية من الذكور من الطائفة المتدينة فبالتالي ستكون المرأة اول ضحايا هذه القوانين گمنعها من العمل و التجنيد وعدم تواجدها في الأماكن العامة بل و حتى تحديد الملابس التي سترتديها في الشارع .
إن المرأة الإسرائيلية ستعود إلى سابق عهدها في ظل حكومة ترى المرأة استثناءً أي أنها مواطنة من الدرجة الثانية ولكن للعلم أنه في الديانة اليهودية من يحدد جنسية الولد أمه ، فإذا كانت أمه يهودية بإمكانه الحصول على الجنسية الإسرائيلية ، ولكن ماذا بعد الحصول على الجنسية ؟! واذا كانت هي فعلا من تحدد فلماذا لا يتم اعطائها حقوقها كاملة !!؟
و السؤال الأهم :
اذا تم تطبيق الشريعة وبنفس الوقت إضعاف القضاء ما هو مصير المرأة في اسرائيل ؟!!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت