- الاستاذ سعيدي عبدالرحمن برلماني سابق وسياسي
بعد الانتخابات التشريعية الإسرائيلية الأخيرة تغيرت الخريطة السياسية للكيان مما جعل الصهيوني بنيامين نتنياهو يتحالف مع اليمين المتطرف دينيا برومزه بن غفير سليل منظمة "كاخ " المتطرفة والإرهابية لمؤسسها الحاخام مائير كاهانا تأسست عام ١٩٧١ وتهدف إلى توسيع اراضي الكيان لتشمل ارض اسرائيل التاريخية حسب نصوص الدينية وكذلك ونقل جميع سكان العرب خارج حدود هذه الأرض لأنهم لا حق لهم فيها كما صرح مؤخرا وزير المالية سمورتيش
أما الهدف الثاني لهم هو تحويل النظام السياسي للكيان إلى نظام ديني تطبق فيه أحكام الشريعة اليهودية تطبيقا كاملا لكن منظمة كاخ ركزت على الهدف الاول وتركت الهدف الثاني لعلمهم أن اغلب سكان الكيان يفضلون بقاء النظام الحكم علماني
ومع انقلاب الموازين داخل الساحة وصعود الدينيين والمتطرفين منهم وشكلوا حكومة بوزارات سيادية ومؤثرة منها الأمن والداخلية والمالية والعدالة والقضاء والإعلام والخارجية انتقلوا إلى تجسيد الهدف الثاني ليضعوا له اللبنات التأسيسية وهي الدولة الدينية والشريعة اليهودية فكانت خلفية هذا المشروع والهدف في مشروع إصلاح القضاء والتعديلات التي أدخلت على النظام القضائي مع هذه الخطوة تفجرت الأوضاع وادركت الصهيونية العلمانية أنها مهددة وكل الكيان الصهيوني مهدد في وجوده
الصهيونية العلمانية منذ احتلالها الأرضي الفلسطينية عملت على توظيف وترويض اليهودية ومختلف مدارسها وأسست كيانها على اساطير ومزاعم دينية وهمية ومستعملة ماهو مقدس عند اليهود لتستميل الطوائف اليهودية المختلفة نحو مشروع الارض والوطن والميعاد والعودة إلى أرض الأجداد ونشبت حينها انتقادات حادة وجدل كبير في دعم الحركة الصهيونية بين اليهود في الشتات وهناك من اليهود والحاخامات والطوائف المذهبية فيهم من كان يرفض بشدة منطلقات وأسس الصهيونية واعتبروها خطرا على اليهود فالكثير من المتدينين اليهود والمتشددين منهم يروون في الفكر الصهيوني خطر على دينهم و مصالحهم من البداية حاربوا الصهيونية محاربتهم لم تكن على أساس أنها مؤسسي الصهيونية علمانيون بل على أساس علمانيتهم توظف الديانة اليهودية لأغراض مشبوهة تضر بالدين اليهودي ومصلحة الشعب اليهودي في الشتات
لان السائد في المعتقد اليهودي أن تأسيس مملكتهم اليهودية تأتي منحة من الإله كما وعد الماشيح المنتظر
أمام هذا الجدل استطاعت الحركة الصهيونية بتحالفها مع القوى الاستعمارية الغربية من خلال وعد بلفور عام ١٩١٧ ودعم الحلفاء الغربيين لهم خاصة الدولة الراعية للمشروع بريطانيا من تنظيم هجرات سرية وبأعداد كبيرة وتم شحن اليهود عبر رحلات العودة إلى ارض الميعاد من مطلع القرن التاسع العشر إلى غاية تسليم بريطانيا فلسطين لليهود هام1948 مع قرار التقسيم المشؤوم
ومع هذا الاحتلال والعدوان على أرض فلسطين والمقدسات الاسلامية والمسيحية انتقل اليهود من الشتات وبكل خلافاتهم وطوائفهم فاستقر فيها المتدينون وغير المتدينين من العلمانيين واليساريين
وقدموا من كل الشتات من أوروبا الغربية والشرقية ومن الدول العربية والإسلامية ومن روسيا وأوكرانيا حتى من اثيوبيا الهجرة الرابعة "طائفة فلاشا ,"
وعملت الحركة الصهيونية على دمجهم في سياق دولة وشعب بقوانين ونظام سياسي مبني على الديموقراطية والانتخابات والمؤسسات الدستورية وكانت الصهيونية تسوق للعالم أنها نجحت في إرساء دولة ديموقراطية وافضل نظام في المنطقة مع أنها تمارس ابشع صور وانتهاكات في حق الشعب الفلسطيني لتسلب حقه في الأرض والحياة والوجود
وظلت الخلافات الوجودية للكيان قائمة وهي خلافات جوهرية وعميقة حاول الكيان الصهيوني تجاوزه لكن لم يفلح لن الحركة اليهودية الدينية لم تتعايش مع نظام الكيان واستغلت الوضع الديموقراطي لتأخذ حجما يسمح بالانقلاب على النظام السياسي للكيان الذي هو علماني واستبداله بنظام ديني وتطبيق الشريعة اليهودية
وما زاد في إخراج الخلاف إلى السطح هو فقدان الصهيونية مبررات السيطرة على التيارات الدينية اليهودية وأظهرت التيارات الدينية اليهودية وأحزابها مرونة وصمودا وقدرة على ابتلاع الصهيونية بفرض منطقها على المشهد السياسي ومسار الدولة ككل
وما زاد الصهيونية ضياعا هو حجم المقاومة ونموها التي أظهرها الشعب الفلسطيني وفقدان مفعول تحجيم المقاومة الفلسطينية والسيطرة على الأمن وتحقيقها للمستوطنين
وكل هذا جعل الحركة الدينية اليهودية تسارع الخطوات في عملية تهويد الدولة ومختلف مؤسساتها وتنافس الحركة الصهيونية العلمانية التي بدأت تفقد صناعة المشهد ومستقبل الدولة الإسرائيلية
والحركة اليهودية المتطرفة تعتبر الحركة الصهيونية استغلالية مكيافيلية لا تخدم الشعب اليهودي
فكل النزاعات السياسية والاجتماعية والأمنية تدو حول هذا الجوهر في الخلاف الوجودي
وما تعيشه إسرائيل في هذه الأيام هو وجه كبير من أوجه هذا النزاع بين الحركة الدينية اليهودية والصهيونية العلمانية
مدخله القضاء و الإصلاحات القضائية التي اعتمدها التحالف اليهودي لكسر شوكة الصهيونية ونزع يدها وسيطرتها على القضاء والحركة الصهيونية تدرك تمام الإدراك أن التغييرات في جهاز القضاء هو نهاية نفوذ وسيطرة الصهيونية العلمانية
فالحركة اليهودية. تريد أن تدخل من باب الإصلاحات القضائية لتحكم قبضتها على الدولة ومؤسساتها وبلع الصهيونية من الداخل من خلال التحالف اليميني المتطرف وتدخل إلى مرحلة التهويد وتهجير الفلسطينين وطبيعة محاربتهم
وهناك ارهاصات نهاية مبررات قيام دولة إسرائيل بالظروف السابقة وما تمر به اليوم هي تحولات على مستوى الوجود والكينونة
قد تعصف بمقومات الدولة ولكن الغرب بقيادة امريكا يسارع لإنقاذ إسرائيل وإخراجها من أزمتها ويحاول تخفيف حدة الخلاف والنزاع بين اليهودية والصهيونية في الأشهر القادمة
لان التحديات كبيرة منها المقاومة داخل الأراضي الفلسطينية والتهديد الإيراني والتقارب السعودي الإيراني وانفتاح المجموعة العربية على سوريا والنزاع العالمي بين الصين وروسيا وامريكا على ريادة العالم
الاستاذ سعيدي عبدالرحمن برلماني سابق وسياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت