وجّه نائبُ الأمين العام للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين جميل مزهر، التحيّةَ إلى" شهداء فلسطين"؛ وذلك خلال الإفطار الجماعي الذي نظّمته الجبهةُ لعوائل الشهداء في مدينة غزّة يوم الثلاثاء.
وقال مزهر: "باسمي وباسم الأمين العام للجبهة الشعبيّة الرفيق القائد أحمد سعدات، وأعضاء اللجنة المركزيّة والمكتب السياسيّ؛ أُرحب بكم جميعًا في هذا الإفطار الجماعي الذي نقيمه لعوائل الشهداء، تكريمًا لهم واعتزازًا وافتخارًا منا بالتضحيات التي قَدموّها، وتجسيدًا لقيم التكافل والتلاحم، لما قَدمّوه من عطاءٍ وبذلٍ ومثاليةٍ عالية. وهي مناسبةٌ مهمّةٌ تحمل في طياتها معاني الوفاء لقيم التضحية والبطولة للشهداء".
وحيّا مزهر في هذه المناسبة الكريمة شهداء فلسطين والجبهة "الذين رووا بدمائهم الطاهرة ثرى فلسطين، وجادوا بأرواحهم دفاعًا عن الوطن والكرامة والهوية، وأسهموا في إعلاء راية الوطن، وجسّدوا بتضحياتهم أعظم معاني التفاني والعطاء، فسطروا أعظم ملاحم البطولة والفداء"؛ مؤكّدًا على "عهد الجبهة لجميع الشهداء بأن تبقى تضحياتهم الكبيرة نبراسًا يضيء لنا طريق التحرير والعودة. "
كذلك وجّه مزهر التحيّة إلى" الأسيرات والأسرى البواسل في السجون، الذين ما زالوا يلقنون العدو الصهيوني دروسًا في العزيمة والصبر وقوة التحمل، وهم يتصدون ويفشلون سياسات المجرم الفاشي بن جفير وإجراءاته؛ سلامٌ للأسير القائد وليد دقة الذي يعاني من أوضاعٍ صحيّةٍ خطيرةٍ جرّاء سياسة الإهمال الطبي التي انتهجها الاحتلالُ بحقّ عشرات الأسرى المرضى".
وأضاف نائبُ الأمين العام للجبهة في كلمته: "نُحيّي أسر شهداء الجبهة وعوائلهم الذين قَدمّوا للوطنِ والقضيّة فلذة أكبادهم، وشَكّلوا دومًا للجميع قدوةً ونموذجًا مشرّفا ومَثالًا حيًّا على عظمة التضحية والثبات والصبر، ومصدر إلهامٍ لنا جميعًا للاستمرار في طريق المقاومة والفداء، وحتى تبقى راية المقاومة خفاقةً حتى تحقيق أهدافنا المنشودة. فقد أعطى عوائل الشهداء للتضحية قيمةً ساميةً، فلا مكانة تضاهي من عاش هذه التجربة بكلّ آلامها ومعانيها وواقعها ودروسها، فأنْ يُقدم الإنسان أغلى ما يملك من روحه ودمائه وفلذات أكباده في سبيل هدفٍ سامٍ هو قمّةُ العطاء ونموذجٌ تضحويٌّ كبيرٌ يبعث للفخر والاعتزاز والثقة بأن شعبًا يُقدم أغلى ما يملك من أجل وطنه عصيٌّ على الانكسار، ولا يعرف الهزيمة أو التراجع".
ووجّه مزهر رسالةً لعوائل الشهداء قال فيها: "ستظلّ سيرة كل شهيد قَدمته تلك العائلات ماثلةً نموذجًا مضيئًا وقدوةً لنا، مشددًا على عهد الجبهة لعوائل الشهداء والأسرى باستمرار التواصل الدائم معهم، وتقديم كل أشكال الدعم اللازم في أوجه الرعاية كافةً تجسيدًا منا لمعاني التلاحم، وباعتبار عوائل الشهداء عنوان وفاءٍ وواجب وطني. وهي دعوةٌ مفتوحةٌ لأبناء شعبنا لتعزيز حالة التكافل، ومساعدة العائلات الفقيرة والمحتاجة بكل أشكال الدعم والإسناد، خصوصًا في ظل شهر رمضان.
كما أكّد مزهر على" أنّ الجبهة ستواصل النضال إلى جانب عوائل الشهداء من أجل انتزاع حقوقها المسلوبة، فليس هناك ظلم أبشع من أن تُترك هذه العوائل التي قَدمتّ أبنائها فداءً للوطن فريسةً للجوع والفقر، نتيجة سياسة المماطلة والتسويف التي تُنتهج بحقهم. "
وأشار مزهر إلى أنّ "العدوان الصهيوني يتصاعد على شعبنا بعد صعود القوى الأكثر فاشيةً وعنصريةً على سدة الحكم في الكيان الصهيوني، حيث كثف العدو الصهيوني من جرائم القتل والملاحقة والاعتقال وارتكاب المجازر البشعة بحق أبناء شعبنا، خصوصًا في الضفة والقدس، وتوسيع الاستيطان، والمُضي في سياسة التهويد، وإقرار مجموعة من القوانين والإجراءات العنصرية التي تستهدف الإنسان والوجود الفلسطيني، وتطال أبناء شعبنا في الداخل المحتل، والأسرى الأبطال. في الوقت الذي تستمر فيه معاناة شعبنا من الانقسام وتداعياته الكارثية في ظل تردي الواقع الاقتصادي والمعيشي الذي يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، حيث غلاء الأسعار، ومحدودية الدخل، وازدياد نسبة البطالة، واستمرار السياسات، التي ضاعفت من معاناة أبناء شعبنا، وفشل خيار التسوية واستمرار مراوحة القيادة الفلسطينية في خيار التسوية العبثي".
وتابع مزهر: "علينا قراءة جملة من التحولات المهمة والتطورات المتصاعدة خاصةً في داخل الكيان الصهيوني، التي تصب معظمها في خدمة القضية الفلسطينية، فالكيان الصهيوني يعيش الآن في أزمةٍ وجوديةٍ ظهرت معالمها واضحةً بعد تشكيل الحكومة الجديدة، حيث أظهرت التظاهرات غير المسبوقة التي شهدها الكيان بأنه يسير تجاه مزيدٍ من التأزم والانقسام والتخبط، وفي ظل افتضاح وعمق ووقاحة الانحياز الأمريكي للكيان الصهيوني، وانكشاف درجة الاندماج بين السياسة الإمبريالية في المنطقة والمشروع الصهيوني، وما يعطي الأمل أكثر بأن المقاومة متصاعدة، وأثبتت من خلال عملياتها الجريئة والمباغتة والمستمرة أنها قادرةٌ أن تردع العدو، وأن ترد على عدوانه بعملياتٍ جريئةٍ ومنظمةٍ واحترافيةٍ كما حدث مؤخّرًا في عملية حوارة البطولية. كما وأكدت بأن شعبنا يمتلك مخزونًا نضاليًّا كبيرًا لا يمكن تطويعه أو كسره أو هزيمته. كما أن محور المقاومة يزداد تطوّرًا وتوسّعًا، بما يُشكل قلقًا للكيان الصهيوني. كما أن العالم يعيش جملةً من التحولات المهمة، في ظل انحسار نفوذ الإمبريالية الأمريكية في العالم، بما يقرب من حدوث تحوّلٍ مهمٍّ في الساحة الدولية من عالمٍ أحادي القطبية إلى عالمٍ متعدد القطبية، والمنطقة تخرج رويدًا رويدًا من منطقة النفوذ الأمريكي. كل ذلك يبعث الأمل بالتغيير، وانعكاساته الأكيدة على القضية الفلسطينية".
وشدّد نائبُ الأمين العام للجبهة على "أن تصعيد خيار المقاومة وتصعيد الكفاح ضد الاحتلال بكل الوسائل والأشكال والأساليب سيبقى خيارًا ثابتًا وأصيلًا على رأس أولويات الجبهة الشعبية، وسنبقى نناضل من أجل تشكيل القيادة الوطنية الموحدة لإدارة المقاومة في الميدان وتنظيمها، بما يسهم في إلحاق أكبر قدرٍ ممكنٍ من الخسائر في صفوف الجنود والمستوطنين الصهاينة، وبما يقلّص الخسائر الفلسطينيّة لأقلّ قدرٍ ممكن. وفي هذا السياق رسالتنا للعدو بأن أي محاولةٍ صهيونيةٍ للتصعيد في القدس أو استباحة المسجد الأقصى وذبح ما يُسمى بالقرابين ستكون بمثابة شرارة انفجارٍ شاملٍ للأوضاع".
وبيّن أنّ "حراك الجبهة مستمرٌّ من أجل استعادة الوحدة الوطنية وترتيب البيت الفلسطيني، وستقوم في المرحلة القادمة بتوسيع الحراك السياسي مع مختلف القوى الوطنية والشعبية والشخصيات الاعتبارية من أجل خلق أوسع اصطفافٍ وطنيٍّ وشعبيٍّ خلف رؤيتها الاستراتيجية التي قدمتها من أجل استعادة الوحدة والتصدي للاحتلال. وهي دعوةٌ مفتوحةٌ للجميع بأن يسهموا مع الجبهة في تشكيل حالةٍ ضاغطةٍ من أجل إنجاز المصالحة واستعادة الوحدة"."
وطالب مزهر القيادة الفلسطينية أن" تحسم أمورها وخياراتها تجاه تصويب البوصلة، والاتجاه إلى خيارٍ سياسيٍّ يقوم على أساس خيار المواجهة والمقاومة ضد الاحتلال، وبالقطع النهائي مع اتفاقية أوسلو والتزاماتها الأمنية والسياسية والاقتصادية، وفي المقدمة منها التنسيق الأمني. على هذه القيادة أن تتوقف عن المراهنة على مسار التسوية العبثي، خاصةً أن الاحتلال قد حسم خياره تجاه مخطط حسم الصراع بالكامل، وإدامة احتلاله وعدوانه."
وختم جميل مزهر كلمته بالقول: "سنواصل النضال جنبًا إلى جنب الجماهير العربية والقوى والأحزاب العربيّة من أجل انطلاق مشروعٍ نهضويٍّ عربيّ، يضع على رأس أولوياته قضية فلسطين، ومواجهة التطبيع، فالتحولات المهمّة التي يشهدها العالم والتطورات في المنطقة تأتي في مصلحة إعادة الاعتبار للوحدة العربية، قوّةً مهمّةً في مواجهة التحديات التي تعصف بالمنطقة".