أفاد موقع "عرب 48" بأن جهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك)، يشارك في التحقيقات حول استهداف منزل رئيس بلدية الطيبة، شعاع منصور، بإطلاق النار، الليلة الماضية، الأمر الذي أسفر عن مقتل حارس أمنه، أدير غانم (25 عاما) من بلدة المغار، فيما حاول وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، استغلال الجريمة في الطيبة، للترويج لمساعي الحكومة إلى تشكيل "حرس قومي".
وأكد وزير الأمن القومي الإسرائيلي لاحقا، التقارير التي أفادت بأن "الشاباك" انضم إلى جهات التحقيق في الجريمة، فيما أظهر مقطع فيديو يوثق مقتل غانم في الطيبة، أن الجناة الذين أطلقوا النار على حارس الأمن، سرقوا سلاحه بعد ارتكاب الجريمة قبل فرارهم من المكان.
وفي تصريحات لموقع "عرب 48"، قال رئيس بلدية الطيبة إنه لا يعرف على وجه التحديد خلفية الجريمة وهوية من يقف خلفها، مشيرا إلى أن الشرطة فشلت في محاربة الجريمة واستهداف منظمات الإجرام التي باتت تتربص بالسلطات المحلية وتسعى للسيطرة عليها.
من جانبه، وصل وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، إلى موقع الجريمة في الطيبة، واجتمع بقائد الشرطة في المدينة لتقييم الأوضاع الأمنية، وفي تصريحات صدرت عنه من موقع الجريمة، حاول بن غفير الترويج لمساعيه إلى تشكيل "حرس قومي"، وادعى أن الطيبة تشهد "تحسنا كبيرا" في ما يتعلق بمعدل الجريمة.
واجتمع بن غفير برئيس بلدية الطيبة، منصور، في جلسة مغلقة، بحسب مراسل "عرب 48"، ضياء حاج يحيى، الذي أفاد بأن مشاركة الشاباك في التحقيقات بالجريمة التي أسفرت عن مقتل الشاب غانم، تأتي بإيعاز من بن غفير.
وكان منزل رئيس بلدية الطيبة، قد تعرض قبل حوالي شهر ونصف لإطلاق نار من قبل مجهولين، غير أن الجريمة حينها لم تسفر عن وقوع إصابات. وتعززت الحراسة الشخصية لمنصور خلال الأشهر الأخيرة، عقب تهديدات على أمنه وحياته.
وقال بن غفير، في تصريحات صحافية من موقع الجريمة، إنه يعتقد أن الشرطة والشاباك "سيصلون إلى القاتل"، وأطلق بن غفير وعودا بـ"بذل قصارى الجهد للقبض على القتلة"، مدعيا أن الطيبة تشهد "تحسنا كبيرا" في ما يتعلق بمعدل الجريمة، واستدرك بالقول: "لكن ما زلنا بحاجة إلى السعي لحل جميع حوادث القتل وبالطبع حادثة القتل هذه التي تعتبر حادثة خطيرة".
وزعم بن غفير أن الجريمة في الطيبة تبرر مساعيه لتشكيل "الحرس القومي" الذي بات يوصف بميليشيا خاصة للوزير المتطرف الذي ينتمي لتيار "الصهيونية الدينية" والذي كان قد أدين بتأييد تنظيم إرهابي؛ وقال إن الجريمة "تثبت سبب إصراري الشديد على زيادة ميزانية الشرطة وتجنيد 3,225 عنصرا إضافيا، وتشكيل ‘الحرس القومي‘".
وادعى أنه "يجب أن يكون لدينا ‘حرس قومي‘ قوي، سيتواجد أيضًا في الطيبة وفي وادي عارة واللد وعكا والنقب والجليل، وسيستجيب لاحتياجات السكان الذين يعيشون هنا، وسوف يستجيب لمن يفرض عليهم دفع الإتاوة، ويلبي احتياجات الواقع العنيف الذي يمتد من الوسط العربي إلى الوسط اليهودي ويضر بالأمن الشخصي لنا جميعًا".
وتابع أنه "قبل بضعة أشهر، اتفقت مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، على أن الشاباك سوف يشارك في أحداث من هذا النوع، وأعتقد أن الشرطة مع الشاباك، سيصلون إلى القاتل"، كما حاول بن غفير استغلال الجريمة للترويج للقانون الذي سنه الكنيست مؤخرا ويشرعن التفتيش دون أمر قضائي بحجة محاربة السلاح غير القانوني.
وأضاف بن غفير أنه "يعطي الأدوات اللازمة للشرطة"، وقال: "أتوقع (من الشرطة) الوصول إلى نتائج وأعتقد أيضًا أننا سنصل إلى القتلة بسرعة كبيرة، ونفك رموز هذه الواقعة، ونحل الجرائم الأخرى، وننقل رسالة واضحة جدًا، سواء في الوسط العربي أو في جميع أنحاء دولة إسرائيل"، على حد تعبيره.
وتأتي الجريمة التي ارتكبت في الطيبة عشية عيد الفطر، في ظل التصاعد المستمر لأحداث العنف والجريمة في المجتمع العربي، في الوقت الذي تتقاعس فيه الشرطة عن القيام بعملها للحد من هذه الظاهرة، وسط مؤشرات تؤكد على تواطؤ أجهزة الأمن مع منظمات الإجرام.
بدوره، شدد رئيس بلدية الطيبة، في حديث لموقع "عرب 48"، على أن "هناك محاولات للتسلط على السلطات المحلية"، وقال إنه لا يستبعد أن تكون "السلطة بين يدي منظمات الإجرام والعصابات خلال 10 أعوام"، مشيرا إلى أن "هناك سلطات محلية بالفعل باتت رهينة لعصابات الإجرام".
وعن اجتماعه بوزير الأمن القومي، أشار منصور إلى "الفوروقات السياسية الشاسعة" مع بن غفير، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن "بن غفير هو الوزير المسؤول عن أمن منتخبي الجمهور وأمن كل مواطن عربي في هذه الدولة"، وأوضح أنه قال لبن غفير إن السلطات "فشلت فشلا ذريعا في ملف محاربة الجريمة".
وبحسب منصور، فإنه شدد خلال حديثه مع بن غفير أن "المجتمع العربي لا يريد سماع شعارات رنانة، بل نريد نتائج على الأرض"، مشيرا إلى أن "يكون رئيس بلدية مهدد 24 ساعة لمجرد قيامه بعمله يعتبر تجاوزا لكل الخطوط الحمر"، وقال إنه "لن أسكت حتى حل هذه الجريمة وغيرها من الجرائم التي ارتكبت في الطيبة".
وعن إطلاق النار الذي استهدف منزله قبل نحو شهرين، قال منصور إنه قدم اسم الشخص الذي يعتقد أنه الفاعل للشرطة، لافتا إلى أن "الجريمة ارتكبت في أعقاب إصداره أمرا بهدم لشخص تسلط على الحق العام"، موضحا أن الشرطة "لم تقم بأي اعتقال"، واكتفت بتعزيز حراسته الشخصية.
وفي بيان صدر عنها صباح اليوم، أدانت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، "جريمتي إطلاق النار على بيت رئيس بلدية الطيبة، شعاع منصور، ومقتل الحارس الشاب أدير وهيب غانم من المغار"، وحمّلت المتابعة "حكومة إسرائيل وأجهزة المخابرات وتطبيق القانون، المسؤولية الكاملة عن استفحال الجريمة في مجتمعنا العربي".
ولفتت المتابعة إلى أن الجريمة في المجتمع العربي "تسجل حتى الآن زيادة بنسبة 50% عما كانت عليه في عام الذروة، في العام الماضي"، مشيرة إلى جوالي 50 ضحية في جرائم القتل التي ارتكبت في المجتمع العربي منذ مطلع عام 2023 (إحصائية لا تشمل القدس المحتلة).
واعتبرت المتابعة أن استهداف منزل رئيس بلدية الطيبة و "إطلاق النار على بيوت منتخبي الجمهور، هو خط أحمر إضافي، وتهديد أشد للسلم المجتمعي والأمن والأمان"، وأوضحت أنه "حينما نحمّل المسؤولية لحكومات إسرائيل ولأجهزة المخابرات وتطبيق القانون، أولها الشرطة، فإن هذا يستند إلى اعترافات مباشرة من وزراء وقادة شرطة".
وأشارت إلى أن مسؤولين في الشرطة "أكدوا أن الشاباك يحمي عصابات الإجرام، ويعرف تماما حركة انتشار السلاح في مجتمعنا العربي، الذي بغالبيته الساحقة يأتي من الجيش الإسرائيلي؛ إذ تسارع الشرطة في العديد من الحالات، إلى ذكر خلفية عدد من الجرائم، وكأنها صراع بين عصابات، وتسميها باسمها".
وقالت المتابعة إنه "في حالات أخرى يتم فيها استخدام السلاح، ويطاول المجتمع اليهودي، فإننا نرى سرعة حركة الشرطة في وضع اليد على الجناة والمنفذين، ما يؤكد أن أجهزة الشرطة والمخابرات قادرة تماما على وضع حد لهذه الظاهرة، لكنها ظاهرة معنية بها المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة".
وبلغت حصيلة ضحايا جرائم القتل في المجتمع العربي، منذ مطلع عام 2023 نحو 50 قتيلا. وخلال عام 2022، بلغت حصيلة ضحايا جرائم القتل في المجتمع العربي، 109 قتلى بينهم 12 امرأة؛ وفي عام 2021، تم توثيق أكثر من 111 جريمة قتل في حصيلة قياسية غير مسبوقة.
وتحولت عمليات إطلاق النار وسط الشوارع والقتل إلى أمر معتاد خلال السنوات في المجتمع العربي، الذي يجد نفسه متروكا لمصيره ورهينة للجريمة المنظمة في ظل ارتفاع معدلات الجريمة بشكل كبير ومتصاعد.
يأتي ذلك وسط تعزز شعور المجرمين بإمكانية الإفلات من العقاب، حيث يعتقد منفذو إطلاق النار أن كل شيء مباح بالنسبة لهم، علما بأن معظم الجرائم مرتبطة بالعمل في الربا والسوق السوداء وتصفية الحسابات بين عصابات الإجرام.