- بقلم علي بدوان ... عضو اتحاد الكتاب العرب
جادة (عين كرش) الواقعة وسط مدينة دمشق تقريباً، والتابعة لـ (حي ساروجا)، ومبناها الرئيس الواقع خلف مدرسة (اللاييك/الحرية)، تُشَكِّلُ منذ أكثر من سبعين عاماً موقع تلاقي فلسطيني إجباري، لعموم الناس. ففيها مركز التسجيل المدني والنفوس ودوائر الهجرة ومكان إستصدار وثائق السفر، وغيرها من القضايا المدنية المُتعلقة بفلسطينيي سورية، وحتى عموم الفلسطينيين ممن يأتون لسورية.
وباتت تلك المنطقة في الأعوام الأخيرة، بعد محنة فلسطينيي سورية، مكاناً للتواصل، فكل من يريد ان يَشُمَ رائحة فلسطين وأبنائها، ويريد أن يرى وجوه الفلسطينيين ووجوه أبناء مخيم اليرموك وغيره من المخيمات وعموم التجمعات الفلسطينية فوق الأرض السورية، عليه ان يذهب الى (عين كرش) حيث مبنى الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين ودائرة النفوس المركزية والهجرة والجوازرات وغيرها مما يَخُصُ الفلسطينيين من أمورٍ مدنية. ففي عين كرش يتوافد المئات من أبناء فلسطين على المبنى إياه بشكلٍ مُتواصل طوال أيام العمل في اليوم الواحد حتى في أيام العطل الرسمية حيث يتم إنجاز المعاملات أيضاَ من قبل المناوبين في تلك الدوائر.
تُشرف الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب التابعة لوزارة الشؤون الإجتماعية على أعمال تلك الدوائر التابعة لها، ومعها وزارة الداخلية التي تَعني بالأمور المدنية، فضلاً عن وزارة الدفاع حيث يوجد في المبنى أيضاً، شعبة تجنيد فلسطين المركزية، والتي يُقَدَر لكل شاب فلسطيني ان يَمُرَ عبرها خلال التحاقه بخدمة العلم، وبعد إنتهاء خدمته العسكرية.
كان موقعها الرئيسي عام 1949 قرب مسجد (بعيرة) على الطريق الصاعد من ساحة السبع بحرات مقابل المبنى القديم لرئاسة مجلس الوزراء في سوريا، في المكان الحالي الذي يَضُمُ معهد الفنون النسوية التابع للهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب في سورية، وكان ذاك المكان معروفاً بجمعية تحرير فلسطين الى حين تأسيس الهيئة العامة بمرسومٍ رئاسي الرقم 450 الصادر في تاريخ 25/1/1949 الذي أقر إحداث الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب التي ترتبط بدورها بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية، فتم نقلها من مكانها المؤقت بعد عدة سنوات من مبنى جمعية تحرير فلسطين الى مكانها الحالي عام 1955. بينما أصبح موقع الرئاسة للهيئة في منطق الجسر الأبيض.
في مبنى (عين كرش)، نجد آلاف الوثائق والمُستندات، والأوراق الخاصة بفلسطينيي سورية، ومنها الأوراق التي حَمَلَها أجدادنا وابائنا من فلسطين (قيد نفوس، وكواشين، وجوازات سفر وغيرها) مختومة بخاتم سلطات الإنتداب وخاتم حكومة فلسطين، واوراق الطابو وملكية الأرض في المدن والقرى والأرياف الفلسطينية. إن لتلك الوثائق قيمة كبيرة، ملموسة ومحسوسة، معنوية، سياسية، تاريخية، وإنسانية. وعليه يترتب إعادة توظيبها وصيانتها وحفظها وحمايتها من الإهتراء والتأكل بفعل الزمن.
ونُشير بأن الهيئة العامة لها أيضاً دوائر فرعية في مُختلف المحافظات والتجمعات الفلسطينية على إمتداد الأرض السورية، وقد رأسها خلال السنوات الطويلة المتعاقبة، عدد من الشخصيات الوطنية التي ساعدت ومازالت على تقديم الخدمات والمساعدات لعموم فلسطينيي سوريا، ويحضرني بعضاً من تلك الأسماء : رشدي الجابي (سوري)، أديب الداوودي (سوري)، محمد طلس (سوري)، أحمد المرعشلي (فلسطيني من مدينة صفد والأمين العام الأسبق لجبهة التحرير العربية وعضو القيادة القومية لحزب البعث وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير سابقاً)، أميل صبيح (فلسطيني من مدينة غزة والأساس من يافا، ومن مؤسسي منظمة الصاعقة)، صبحي أبو خليل (فلسطيني من مدينة بيسان)، أحمد عبد الهادي (فلسطيني من بلدة إجزم قضاء حيفا)، محمد أبو زرد (فلسطيني من بلدة إجزم قضاء حيفا)، الأستاذ علي مصطفى (أبو فراس) (فلسطيني من مدينة ام الفحم) وعضو القيادة القطرية الفلسطينية، والحالي قاسم حسين من (القباعة قضاء صفد).
أخيراً، نشير بان معظم كتاب العرائض ومتابعة المعاملات جوار الهيئة في عين كرش هم من الفلسطينيين الذين توارثوا المهنة عن أبائهم، ومنهم أبناء المرحوم سليم سلامة جار عائلتنا في حيفا قبل النكبة، ومنهم ايضاً أبو جوزيف الفلسطيني اللاجىء من مدينة اللد.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت