الاقتطاعات الإسرائيلية تفاقم عجز الموازنة الفلسطينية وتنذر بعواقب اجتماعية
قال وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة، إن " الاقتطاعات الإسرائيلية من المقاصة، تفاقم العجز في الموازنة الفلسطينية"، مطالبا المجتمع الدولي بالضغط على حكومة إسرائيل للإفراج عن أموال فلسطينية بدأت باحتجازها منذ عام 2019، وتبلغ حاليا نحو 800 مليون دولار.
جاء ذلك في مداخلة لوزير المالية خلال اجتماع لجنة تنسيق المساعدات للشعب الفلسطيني، الذي عقد في العاصمة البلجيكية بروكسل، يوم الأربعاء.
وتوقع بشارة ارتفاع العجز هذا العام إلى 609 ملايين دولار حال استمرت الاقتطاعات الإسرائيلية غير القانونية، وبدون هذه الاقتطاعات يكون العجز 359 مليونا، بفارق 46%.
وحذر بشارة من أن عجز الموازنة يشكل خطرا على الاقتصاد الفلسطيني، ويطال الاستقرار الاجتماعي في فلسطين، لانعدام وجود عملة وطنية وبنك مركزي لإعادة تمويل الدين وتغطية كافة الالتزامات المترتبة على الحكومة، علاوة على أن القطاع المصرفي معرض لمخاطر عدم توفر السيولة النقدية والتقلبات السياسية الكامنة في النظام الفلسطيني بسبب الاحتلال.
وبين بشارة أن الحكومة أقرت الموازنة العام الجاري موازنة طوارئ، وسط استمرار الأزمة المالية بسبب الاحتلال، موضحاً أن الموازنة للعام الجاري تعكس ايرادات بمقدار 5.38 مليار دولار، أي بزيادة 6٪ عن العام السابق والتي حققت 5.04 مليار دولار، مقابل ذلك سنشهد زيادة في النفقات بنسبة 12٪، من 5.53 مليار دولار إلى 6.18 مليار دولار جراء الزيادة في فاتورة الرواتب.
كما دعا بشارة المجتمع الدولي إلى "الانخراط في حوار دولي جاد لتعديل الشروط غير المنصفة في بروتوكول باريس الاقتصادي، والتي تمس كافة القطاعات الاقتصادية الفلسطينية الحيوية وسد الفجوة الكبيرة بين الحقوق المالية التي ضمنتها الاتفاقية والتي خرقتها إسرائيل مرات عديدة".
وأضاف: لقد مر أكثر من ربع قرن على توقيع بروتوكول باريس الاقتصادي، والذي ينص على مواءمة ضرائب الاستيراد والرسوم الجمركية لكلا الطرفين مع انحراف بسيط نسبته 2٪ فقط على الواردات المتجهة إلى فلسطين، لكن الوضع تغير بشكل جذري منذ ذلك الحين، فقد نما الاقتصاد الإسرائيلي إلى اقتصاد ضخم بقيمة 400 مليار دولار، واقترب دخل الفرد الإسرائيلي الآن من 50 ألف دولار، وهو 17 ضعف دخل الفرد الفلسطيني".
وتابع: وعلى الرغم من ذلك، ترفض إسرائيل رفضا قاطعا إعادة النظر في بنود وشروط بروتوكول باريس الاقتصادي وتعديلها، لتعكس بشكل عادل وعقلاني هذا التباين الكبير بين الاقتصادين والاختلاف في الظروف الاجتماعية.
وتطرق بشارة لجملة من الممارسات الإسرائيلية، منها اقتطاع فوري من أموال المقاصة لتغطية تكاليف جميع الخدمات التي تزود بها الضفة الغربية وقطاع غزة، مثل الكهرباء والطاقة والمياه ومعالجة مياه الصرف الصحي، وتبلغ قيمة هذه التكاليف 45 مليون دولار شهريا، نصفها مخصص تكاليف المرافق والخدمات المختلفة في غزة.
وأشار بشارة الى فرض سلطات الاحتلال نسبة رسوم 3% مقابل استرداد الأموال الفلسطينية، حيث وصلت الرسوم إلى حوالي 100 مليون دولار سنويا.
وقال: رغم الواقع المالي الصعب بسبب التحديات السياسية والاقتصادية، إلا أن وزارة المالية نجحت في زيادة الإيرادات العامة حيث شهدت نموًا بنسبة 14٪ في 2022 في أعقاب زيادة أخرى بنسبة 22٪ في عام 2021، ما ساهم في تعويض الزيادة الحاصلة على التكاليف التشغيلية والانخفاض الحاد في الدعم الدولي للموازنة، علاوة على نجاحنا في تقليص العجز في الموازنة إلى أكثر من النصف.
وأوضح أنه تم تخفيض العجز من 971 مليون دولار في عام 2021 إلى 416 مليون دولار في عام 2022، ولولا وجود الاقتطاعات الإسرائيلية غير القانونية لكان العام قد انتهى بعجز قدره 242 مليون دولار فقط.
وطالب بشارة المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل لتحقيق السيادة الفلسطينية على جميع الاراضي الفلسطينية لا سيما المناطق المسماة "ج"، حيث ان عدم السيطرة عليها يحرم السلطة من البناء والتطوير والعمل في هذه المناطق ويلحق بالاقتصاد الفلسطيني خسائر كبيرة، مؤكدا أيضا أهمية الالتفات لدعم مدينة القدس والنشاط السياحي فيها لزيادة الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني وعدم تركزه في مناطق محددة بسبب الإجراءات الإسرائيلية التي تحول دون أي استقرار مالي قادم للحكومة الفلسطينية