خمسة ايام من الحرب على غزة ...ماذا حقق نتنياهو؟

بقلم: هاني العقاد

هاني العقاد.jpg
  • د. هاني العقاد

اغتيال مفاجئ في ساعات الفجر الاولي لثلاثة أعضاء كبار في المجلس العسكري لسرايا القدس  التابع لحركة الجهاد الإسلامي  انهت شيئا اسمه تفاهمات وقف اطلاق النار الذي كانت قد توصلت اليه مصر بعد جولة مواجهة قصيرة علي  اثر اغتيال الشهيد( خضر عدنان) في الاسر , هذا الاغتيال كان متوقعا وكنا نحذر منه باستمرار , لم يكن متوقعا بهذه الصورة وان تقدم دولة الاحتلال على استهداف الشقق السكنية التي يقيم فيها هؤلاء القادة وعائلاتهم وبالتالي القضاء عليهم هم وعائلاتهم من نساء وأطفال , جريمة مخططة ومدروسة جيداً لكن لم يعتقد الاحتلال ان الجهاد الإسلامي سيؤخر ردها ل 34ساعة وكان يتوقع ان يرد في حينها وتستمر المواجهة بضع ساعات وتنتهي ككل مواجهة قصيرة في غزة وما اكثر تلك المواجهات القصيرة فقد فاقت الخمسة عشرة مواجهة قصيرة خلال العامين . خاب الاحتلال في تقديراته وانتظر قادته في (الكرياه) 32 ساعة رد الجهاد الإسلامي بكثير من التساؤلات عن سبب تأخر الرد، لم يصل الخبراء العسكريين الي إجابة ما أربك حساباتهم، لكن الجهاد الإسلامي اعتمد تكتيك جديد في الرد وهو اللعب بأعصاب المحتل قبل الرد الذي جاء مكثفا ونوعيا وعلى مديات مختلفة بقرار من غرفة العمليات المشتركة للمقاومة الفلسطينية ما أربك حسابات الاحتلال من جديد وشكل صدمة لمنظومته العسكرية.

أراد نتنياهو خلال عملية الرد على قيام المقاومة  بقصف العديد من مستوطنات غلاف غزة في التجمعات الاستيطانية المختلفة وتل ابيب وضواحيها  ان يكرس سياسة الاغتيالات وتثبتها كمعادلة في هذه المواجهة وكان تركيز جيش الاحتلال على اغتيال المزيد من قيادات حركة الجهاد الإسلامي من الصف العسكري الاول فاغتال ثلاثة اخرين على مدار الخمس أيام وكل اغتيال جديد كانت حركة الجهاد ترد بصليات صاروخية مختلفة المديات بين قصيرة ومتوسط لتطال حتي مناطق في (عتصيون) جنوب بيت لحم وكان قد اعطي التوجيهات لقواته باستهداف بيوت رجال حركة الجهاد الإسلامي في محاولة منه لتحقيق عدة اهداف أولها , تقليم اظافر الجهاد الإسلامي واضعافها واجبارها على وقف التحريض علي تنفيذ مزيد من العمليات الانتقامية باعتبارها حركة يصعب احتوائها وانصياعها لاي تفاهمات لوقف التهدئة في غزة هذا بالإضافة الي محاولة  نتنياهو تحييد حركة الجهاد عبر تصفيه الحساب مع من يتهمهم بإمداد كتائب المقاومة في بجنين ونابلس وطولكرم ومخيم بلاطة والخليل بالمال والسلاح.

اما على المستوي الداخلي الاسرائيلي فان نتنياهو اعتقد انه بالحرب على غزة واستهداف حركة الجهاد الإسلامي وقتل العديد من قادتها انه يستطيع ترميم ائتلافه المتصدع واقناع المعارضة بالالتفاف حول هذا الائتلاف وبالتالي انهاء احتجاجات الشارع الإسرائيلي التي باتت تقلق ائتلافه وتهدد حكومته اليمينية المتطرفة.  اما على المستوي السياسي في شؤون الصراع الفلسطيني الإسرائيلي فان نتنياهو كان ومازال يخطط  بتفتيت جبهة المقاومة في غزة وتحيدها بالكامل عما يجري في الضفة تهيئة لحسم موضوع القدس بالتهويد والاستيطان وتهجير المواطنين الفلسطينيين بأحياء القدس الشرقية هذا بالإضافة لفرض السيادة الإسرائيلية على مناطق واسعة من الضفة الغربية والاغوار وبالتالي يحدث مزيد من الضربات لخطة حل الدولتين التي تلفظ أنفاسها الأخيرة لا سيما ان الولايات المتحدة الأمريكية والدول المركزية والأمم المتحدة لم تقدم أي مبادرات حتي الان لإنقاذ حل الدولتين في  ذات الوقت يشن هجوما سياسيا واقتصاديا على السلطة الفلسطينية الجسر الحقيقي الموصل للدولة ويظهرها للشعب الفلسطيني بوجه اسود بتصويرها بانها أداة بيد الاحتلال ليس اكثر.

فشلت حملة نتنياهو على الجهاد الإسلامي بغزة وبالتالي لم يحقق منها سوي الفشل وسارع بالخروج بعد خمسة أيام بأقل الخسائر بعد مفاوضات شاقة وحثيثة من قبل الوسطاء للحيلولة دون تفجر المشهد وتدحرج الحرب لتصبح حرب شاملة يضطر فيها نتنياهو لمواجهة عسكرية على أكثر من جبهة. الان نستطيع ان نؤكد بان نتنياهو كان يخطط لهذه الجولة من القتال بان تكون عملية عسكرية قصيرة تأتي بنتائج هامة على صعيد استعادة الهدوء وبالتالي يقول لخصومة ومعارضة وللشعب الإسرائيلي انه تمكن من اضعاف حركة الجهاد الإسلامي المحرض على الإرهاب حسب زعمه والتالي تستعيد دولته الهدوء لوقت طويل، لكن اعتقد ان هذا لن يتحقق حسب تصورات نتنياهو فلم يتمكن من تحييد حركة الجهاد الإسلامي ومنعها من اسناد المقاومة في الضفة الغربية والاستمرار في مقاومة المحتل. نعم يمكن ان يخرج نتنياهو في اليوم التالي لوقف إطلاق النار الهش ليقول انه صفي حساباته مع قادة عسكرين في الجهاد يقفوا وراء العمليات العسكرية الاخيرة في الضفة وان حركة الجهاد الإسلامي تحتاج الى وقت طويل حتى تعيد ترتيب صفوفها وتعوض خسارتها وهذا ما سيشغلها عن الاهتمام بملف المقاومة في الضفة حسب اعتقاده.

 اليوم التالي لوقف العملية العسكرية على غزة سيكتشف الجمهور الإسرائيلي والمعارضة كم كان حجم الكذب الذي مارسه نتنياهو ليصور للإسرائيليين انه حقق نتائج كبيرة من وراء هذه الحرب لكن على ما يبدوا ان الجمهور الاسرائيلي لا ينطلي عليه مثل هذه الأكاذيب فهو يعرف ان نتنياهو كان سببا في تدمير العديد من المباني في المستوطنات امتدادا من مستوطنات حواف غزة حتي ( حولون وجبال القدس) وكان سببا في شل نصف دولته من الجنوب حتي الوسط لخمس أيام متتاليه بالإضافة للجوء اكثر من 4.5 مليون مستوطن للملاجئ وتعطل الحركة التجارية والقطارات والمواصلات بشكل تام. الحقيقة ان نتنياهو بعمليته العسكرية هذه على غزة خسر الكثير واول خسارته انه اصبح اضحوكة لكثير من القادة ورجال المعارضة ,وثانيها انه لم يرمم منظومة الردع التي يعرف الخبراء العسكريين انها زادت تصدعاً بفعل حنكة إدارة الجهاد الإسلامي لهذه المعركة على الأرض وتحقيق ردع للاحتلال ستعرف نتائجه بعد أي عمليه اغتيال لاي من قيادات الحركة في المستقبل , وسيعرف بالمقابل  ان عمليه اضعاف الجهاد فشلت وانه فشل أيضا في ابعاد رجال الحركة من تبني المقاومة ودعمها واسنادها في مدن الضفة الغربية كجبهة فلسطينية مهمة على خطوط ودوائر الاشتباك مع الاحتلال الإسرائيلي.

[email protected]

 

 

 

 

 

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت