ذكرت صحيفة "هآرتس" بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي سمحت بإقامة ست بؤر استيطانية عشوائية في منطقة مسافر يطا، جنوب جبل الخليل، بعد أن صادقت المحكمة العليا على طرد السكان الفلسطينيين الأصلانيين من هذه، بذريعة أنها منطقة تدريبات عسكرية وإطلاق النار الحي.
والبؤر الاستيطانية العشوائية هذه على شكل مزارع يوجد في كل واحد منها قطيع من المواشي على الأقل، وأقيمت بالقرب من البؤر الاستيطانية العشوائية "متسبي يائير" و"أفيغيل" و"حَفات ماعون"، وفق ما اليوم، الجمعة.
ونقلت الصحيفة عن مستوطن في مسافر يطا قوله إن مستوطنين وضباط في جيش الاحتلال قالوا له إنه تم منح أصحاب قطعان المواشي الإسرائيليين تصريحا بالرعي في مسافر يطا. ورفضت وحدة "منسق أعمال الحكومة في المناطق" التابعة لجيش الاحتلال التعقيب على السماح للمستوطنين برعي المواشي في هذه المنطقة.
وأقيمت اثنتين من البؤر الاستيطانية العشوائية قبل مصادقة المحكمة العليا على طرد الفلسطينيين من مسافر يطا، في أيار/مايو العام الماضي، بينما أقيمت ثلاثة من البؤر الاستيطانية الأخرى على الأقل بعد قرار المحكمة.
وزعم "مكتب منسق أعمال الحكومة في المناطق" أنه لا يعلم بوجود هذه البؤر الاستيطانية العشوائية. إلا أن الصحيفة أفادت بأن وحدة "الإدارة المدنية"، التي تخضع لـ"مكتب منسق أعمال الحكومة في المناطق"، أصدرت أوامر بوقف أعمال المستوطنين وأوامر هدم في هذه البؤر الاستيطانية. كما أن سلطات الاحتلال فككت إحدى البؤرة الاستيطانية في الماضي، لكن المستوطنين أعادوا بناءها.
ورغم الأوامر العسكرية المزعومة ضد هذه البؤر الاستيطانية، إلا أن فلسطينيين في مسافر يطا وناشطي حقوق إنسان إسرائيليين يؤكدون وجود أعمال نشطة ومتواصلة في هذه البؤر الاستيطانية، وأنه تدخل إليها شاحنات تنقل أشياء إليها وشاحنات الباطون ومركبات تدخل إليها وتخرج منها، وكذلك دراجات نارية رباعية وخيالون.
وبالإمكان رؤية الحظائر والخيام القديمة والجديدة في هذه البؤر الاستيطانية من مسافة بعيدة. وفي إحدى هذه البؤر الاستيطانية يربون جمال. ويصل إلى هذه البؤر جنود الاحتلال للتحدث مع المستوطنين ومن أجل مرافقتهم.
واستولت إحدى البؤر الاستيطانية على مغاور يسكنها فلسطينيون منذ عشرات السنين، واستولت بؤرة استيطانية أخرى، أقيمت في عمق "منطقة إطلاق النار" المزعومة، على موقع أقام فيه سكانه الفلسطينيون جدران حجرية وتوجد فيه مغاور سكنية منذ سنوات طويلة جدا.
وأفاد الفلسطينيون والناشطون الإسرائيليون بأنه يتواجد في هذه البؤر الاستيطانية شبان وفتية متدينين، الذين يمكثون فيها في الليل ويخرجون لرعي المواشي في النهار. ويسكن المستوطنون الأكبر سنا والمعروفين بين المستوطنين ولدى جيش الاحتلال في البؤر الاستيطانية المقامة منذ سنين، ورجحت الصحيفة أنهم المسؤولون عن البؤرة الاستيطانية الجديدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا النمط الاستيطاني معروف في مزارع استيطانية أخرى في أنحاء الضفة الغربية، وأن ظاهرة رعي المستوطنين الأبقار والأغنام اتسعت بشكل كبير في السنوات العشر الأخيرة. وتوجد 23 بؤرة استيطانية عشوائية على شكل مزارع مواشي في منطقة جنوب جبل الخليل وحدها.
ويمارس المستوطنون الرعاة العنف من أجل إبعاد وطرد الرعاة الفلسطينيين من السكان الأصلانيين عن مناطق الرعي التي يرعون مواشيهم فيها منذ عشرات السنين. ويرسل المستوطنون مواشيهم إلى حقول الفلسطينيين المزروعة بالشعير والأشجار المثمرة من أجل تدمير المحاصيل فيها.
وقالت المحامية روني بلي، من جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، إن "الوثائق التاريخية تدل على أنه منذ أربعين عاما، كانت غاية الإعلان عن مناطق إطلاق نار طرد سكان المكان، وبعد قرارات المحاكم شدد الجيش قبضته وجعل حياة سكان القرى لا تحتمل. وأقيمت بؤر استيطانية في هذه المنطقة مؤخرا، وعنف المستوطنين يتصاعد"، وفق ما نقلت عنها الصحيفة.
وأضافت المحامية أنه "كما هو الحال في أماكن أخرى في الضفة، يواجه سكان مسافر يطا مصيرهم لوحدهم ولا يفعل الجيش شيئا من أجل الدفاع عن حياتهم وأملاكهم. والفرق بينهم وبين أماكن أخرى هو أن لا أحد يحاول إخفاء النية بطردهم من المنطقة، وكافة الوسائل من أجل تنفيذ ذلك مشروعة. وطرد السكان المحميين محظور ويمكن أن يشكل جريمة حرب".