أفادت جمعية أطباء لحقوق الإنسان إلى حصول قفزة بلغت عدة عشرات في المائة في عدد المرضى الفلسطينيين الذين وصلوا خلال الأسابيع الأخيرة إلى العيادة المتنقلة التي تديرها الجمعية في الضفة الغربية، كما أشارت إلى زيادة حادة في الطلب على الأدوية. وتعزو الجمعية هذا الارتفاع إلى الأزمة الاقتصادية الحادة التي عصفت بالسلطة الفلسطينية خلال الشهور الأخيرة، وهي أزمة تحول بينها وبين شراء الأدوية والمعدات الطبية بانتظام، وتقصر قدرتها على شراء الأدوية للعيادات في المدن الكبرى فقط. هذا، بالإضافة إلى إضراب الصيادلة الفلسطينيين وإغلاق عيادات أونروا في جميع أنحاء الضفة الغربية بسبب الإضراب المستمر للعاملين في وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
وبحسب الجمعية، فإن العديد من المرضى يتخلون عن العلاج الطبي وشراء الأدوية بسبب القيود المفروضة على حرية التنقل التي تفرضها إسرائيل في حالات الدخول والخروج من المدن الكبرى، التي تحولت إلى المركز الوحيد الذي يمكن شراء الأدوية منه هذه الأيام.
هذا، وتقوم أطباء لحقوق الإنسان في كل يوم سبت بتشغيل عيادة متنقلة في أرجاء الضفة الغربية، حيث يقوم طاقم من الأطباء والممرضات، ممن يتطوعون ويتطوعن في الجمعية، بتوفير العلاجات الطبية، وتوزيع الأدوية على المرضى الفلسطينيين. هؤلاء الأطباء يأتون من خلفية واسعة من التخصصات، ومن ضمنها طب العظام، طب العيون، طب الأطفال والعائلة، طب الأعصاب والقلب.
يذكر أن معدل المرضى الذين تلقوا خدمات من العيادة المتنقلة على مدار السنوات الماضية، كان يراوح الـ 250 مريضا في كل يوم طبي. وخلال الشهور الثلاثة الماضية، ارتفع عدد هؤلاء بعشرات النسب المئوية. فمثلا، خلال السبت الماضي، وصل 10% من سكان قرية مادما الفلسطينية (251 من أصل 2500 نسمة) للعيادة المتنقلة لكي يتلقوا علاجات طبية وأدوية. أما في اليوم الطبي الذي أقامته الجمعية في قرية بيتا في محافظة نابلس بتاريخ 13 أيار (مايو)، الماضي، فقد وصل 405 مريضا، وهو رقم يبلغ نحو ضعف عدد المرضى الذين اعتادو على تلقي الخدمات من هذه العيادة خلال السنوات الماضية. وبعد ذلك بأسبوع، أي في 20 أيار (مايو) الماضي، وصل إلى العيادة المتنقلة 406 مريضا من قلقيلية، أي بعدد أكبر بمرة ونصف من العدد المعتاد.
إلى ذلك، تشير الجمعية إلى ارتفاع في عدد الطلبات المقدمة إليها على مدار الأسابيع الماضية من جهات طبية فلسطينية ورؤساء بلديات ومجالس محلية في الضفة الغربية، طلبا لتوزيع الأدوية والمعدات الطبية، بسبب النقص الحاد فيها. ويشمل هذا النقص من ضمن ما يشمله: الأدوية الخاصة بمرضى الكلى، السكري، وضغط الدم.
وتعزو الجمعية هذا الارتفاع الحاد في عدد المرضى، إلى الأزمة المادية التي أصابت السلطة الفلسطينية على مدار الشهور الماضية. وتحول هذه الأزمة ما بين السلطة وبين قدرتها على شراء الأدوية والمعدات الطبية بالكميات اللازمة. وإلى جانب ذلك، فإن وزارة الصحة الفلسطينية لا تسمح بشراء الأدوية في العيادات الواقعة في المناطق القروية الفلسطينية، وتقصر ذلك على المدن الكبرى وحدها. وإلى ذلك أيضا يضاف إضراب الصيادلة الفلسطينيين المستمر منذ نحو شهر، إلى جانب الإضراب الذي أعلنه موظفو الأونروا، مما أدى إلى إغلاق عيادات وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في أرجاء الضفة الغربية، ناهيك عن القيود التي تفرضها إسرائيل بواسطة الحواجز العسكرية على السكان الذين يسعون للوصول إلى مراكز المدن، حيث أن هذه المراكز قد تحولت إلى الموقع شبه الحصري لشراء الأدوية، وبناء عليه، فإن الكثير من المرضى يتنازلون مسبقا عن تلقي الرعاية الطبية.
د. جاي شاليف، المدير العام لجمعية أطباء لحقوق الإنسان: "ليس نقص الأدوية والمعدات الطبية مجرد أزمة داخلية فلسطينية. فبالإضافة إلى ضلوع إسرائيل طويل الأمد في الأزمة الاقتصادية في مناطق السلطة الفلسطينية، والحواجز التي تضعها إسرائيل، وسياساتها في إخضاع حرية الفلسطينيين للتنقل في جميع أرجاء الضفة الغربية لإرادتها، تجعل حياة المرضى، وخصوصا أولئك الذين يعيشون في القرى، حياة مستحيلة. إن إسرائيل، بصفتها قوة محتلة، مسؤولة عن صحة الفلسطينيين، وبالنظر إلى الوضع الحالي، فيجب عليها توفير الاحتياجات الطبية لسكان الضفة الغربية، أو على الأقل عدم الإضرار بمحاولتهم في ممارسة حقهم في الصحة".