علي الشهابي (أبو محمد) ... رحيل شاهد أخر

بقلم: علي بدوان

علي الشهابي.jpg
  • علي بدوان

يَصعُبُ عليي، أن أدوّن كلمات وعبارات الوداع في رحيل الصديق الوفي، ابن مخيم اليرموك، الفلسطيني حتى نخاع العظم، على الشهابي (أبو محمد)، أو كما نُطلق عليه علي العبدو (أبو يعرب)، لأن مخيمنا يضم بين ثناياه أكثر من علي الشهابي.

علي الشهابي (أبو محمد)، الذي صُعقنا قبل ظهر اليوم 12 حزيران/يونيو 2023 برحيلة المفاجئ، لم نستطع أن نَشُدَ اعصابنا مع وطأة وثقل الخبر، فضعفنا في اللحظات الأولى، لكنها مشيئة الله.

على الشهابي من ذاك الصنف الذي يُشبه كل شعبه، من أجيالنا التي نمت وترافقت معاً بين حارات وشوارع مخيم اليرموك وعموم مناطق اللجوء والتهجير، وكَدَّت مع بعضها البعض في مسيرة الحياة الشاقة المليئة بالإلتواءات والمصاعب بعد فقدان الوطن، والولادة في منافي دياسبورا الشتات، وهو ما يوسم بـــ "الجهاد الأكبر" :

جهاد الحياة، والبناء واكتساب المعرفة والعلم، والسعي وراء لقمة الخبز والورد والزهور.... وقبل كل شيء في الإلتزام بالرسالة الوطنية من أجل وطن أسمه فلسطين، كان وسيبقى سيد الأوطان، وله عائدون وإن طال الفراق واتَّسعت المحن.

علي الشهابي، من هذا الصنف من الأصدقاء من الناس، خير من كان على الدوام في صفوف حملة الراية الوطنية، منذ حوادث معينة كانت له المحك في الصمود والمثابرة، من مسيرة (معالوت) عام 1974 بغض النظر عن تفاصيلها ومواقف مختلف الأطراف، وماجرى خلالها، ورأينا الشخصي بها... وماوقع معه من توقيفات عدة في زمنٍ غابر نسبياً... على الشهابي، الذي عمل طوال عمره في دائرة التربية في منظمة التحرير الفلسطينية، كان خدوماً للناس وودوداً مع الجميع، والبسمة لاتفارقه.  

وفي محنة مخيم اليرموك، في زمن الكارثة التي وقعت على سورية ونال شعبنا قسطاً وافراً من تداعياتها، كان علي الشهابي ومعه الأعداد المتتالية من أبناء شعبنا، على رأس المبادرات المجتمعية في بلسمة جراح الناس، وفي تأمين الحاجات، خاص مادة الخبز لمن بقي في مخيم اليرموك ومحيطه، وفي تجمعات التهجير التي ضمت عدد كبير من أبناء شعبنا في مسارات المحنة الأليمة في وطنٍ لم نشعر به إلا جزءاً من الوطن الكلي لنا : سورية الطبيعية وفي القلب منها فلسطين ودمشق الشام.

برحيل علي الشهابي، ابن مخيم اليرموك، يرحل شاهد أخر، مُعتّق من شواهد مرحلة صعود الثورة والمقاومة والكفاح الوطني الفلسطيني منذ ولوجه سنوات يفاعته في دقاتها الأولى حتى لحظاته الأخيرة وأخر نبضٍ أطلقه قلبه المتعب والمنهك بعد محنة مخيم اليرموك وعموم تجمعات شعبنا.

لن انسى ابن شعبي الصديق علي الشهابي، صاحب الإتصال الدائم معي، للإطمئنان على صحتي واحوالي، والإهتمام أمور شعبه. له الرحمه والمغفرة عند رب العالمين جلا وعلا. ولتبقى ذكراه عطره وطيبه.

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت