العيد الفلسطيني

بقلم: أسامة خليفة

اسامة خليفة.jpg
  •     أسامة خليفة
  •   باحث في المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات «ملف»

العيد الفلسطيني صمود ونضال وتمسك بالتقاليد ودفاع عن المقدسات، يذكرنا هذا العيد، ومازال الاحتلال يمارس عدوانيته، بمعركة سيف القدس التي دارت مواجهاتها في أيام العيد بعد أن تفجَّرت الأحداث في المسجد الأقصى مساء يوم الجمعة في 7 أيار/مايو 2021 الموافق 25 رمضان 1442 باقتحام آلاف من جنود الاحتلال الإسرائيلي باحات المسجد الأقصى، واعتدوا على المصلين فيه، ما أدى إلى إصابة أكثر من 205 فلسطينياً في المسجد الأقصى وباب العامود والشيخ جراح، ونتيجة لاستمرار الاعتداءات على المصلّين في المسجد الأقصى، أمهلت المقاومة الفلسطينية الاحتلال حتى السادسة مساءً من يوم 10 أيار/مايو 2021، لتُطلق سراح المعتقلين، لكن إسرائيل لم تكترث للتحذير، واستمرت في الاعتداءات حتى انتهاء المهلة، فأُطلقت المقاومة الفلسطينية رشقات صاروخيّة، لتكون بداية معركة سيف القدس، صادف أول أيام العيد في فلسطين ذلك العام يوم الخميس13 أيار 2021 رابع أيام المواجهات، رغم عنف العدوان الاسرائيلي على غزة، تفوقت أجواء العيد على واقع القتال الأليم والدامي، ولم تمنع الحمم النارية التي تنهمر على قطاع غزة من الطائرات الحربية ومن كل آلات القتل والفتك الإسرائيلية، أهالي القطاع من التزاور في أيام العيد، كأحد طقوس العيد التي لا بد منها، عدوان إسرائيلي مستمر وحصار على مدى 15 عاماً، ويصر أبناء القطاع على الحياة رغم القصف والدمار، وقد أدى القصف الإسرائيلي العنيف والمتصاعد والمستمر طوال أيام العيد وبعده، إلى دمار واسع في القطاع وأدى إلى ارتقاء نحو 200 شهيداً، وقال أحد أبناء القطاع الصامد: "نحن أبناء الشعب الفلسطيني، نعشق الحياة، وهذا العدوان لا يرهبنا، وسنفرح ونفرح الجميع رغم أنف الاحتلال". هذا تحد بل ونصر على إرادة العدو في أن يترك أثراً مدمراً على العيد وفرحته، العيد في فلسطين فرصة للتمسك بالعادات والتقاليد، يقضى الناس الأجواء كما هي العادة، بتبادل التهنئة في العيد، وصلة الأرحام، وزيارات للجيران والأصدقاء، وترافقت تكبيرات العيد في المساجد بالتكبيرات في ميادين القتال، ليخرج الفلسطينيون من المنازل قاصدين صلاة العيد، بداية للاحتفال بالعيد والقيام بطقوسه وشعائره، وكان أجمل طقوسه وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة نضاله في الضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948 والشتات، حيث واجه الاحتلال في مختلف الساحات بالشكل النضالي الذي يتناسب مع كل ساحة، وظهر الشعب الفلسطيني موحداً، والمقاومة هي التي بدأت أول ضربة، وأنهتها بآخر ضربة.

كما يذكرنا العيد بمعركة أطلق عليها جيش العدو الإسرائيلي «عملية الجرف الصامد»، وأطلقت عليها كتائب عز الدين القسام معركة «العصف المأكول»، وسمتها حركة الجهاد الإسلامي عملية «البنيان المرصوص»، التي بدأت أحداثها يوم 8 تموز/يوليو 2014، الذي يصادف يوم الثلاثاء 11رمضان، أما أول أيام العيد فصادف يوم الاثنين ٢٨ يوليو ٢٠١٤، في 2 تموز/يوليو 2014 أقدم مستوطنون على خطف وتعذيب وحرق الطفل محمد أبو خضير من شعفاط، وقامت قوات الاحتلال بإعادة اعتقال العشرات من محرري صفقة شاليط، وتصدت بعنف لاحتجاجات واسعة في القدس، والداخل الفلسطيني في أراضي الـ 48، وكذلك مناطق الضفة الغربية، ودهس إسرائيلي اثنين من العمال العرب قرب حيفا، ردت المقاومة على كل ذلك بقصف محيط غزة، ثم القيام بعدة عمليات عسكرية منها عملية ناحل عوز التي قامت بها كتائب القسام خلف خطوط العدو وقتلت العشرات من جنود الاحتلال، وعملية العاشر من رمضان حيث تمكنت مجموعة مقاتلة من التسلل إلى موقع «أبو مطيبق» الإسرائيلي خلف «خطوط العدو»، وتمكنت من مهاجمة دورية مكونة من أربع جيبات وقتلت ستة جنود.

كان العدوان على شعبنا في شهر رمضان ومن بعده العيد إجرامياً غير مسبوق في عنفه ووحشيته، في محاولة لكسر صمود الشعب ومقاومته، لكن الصمود كان أسطورياً، وتحققت وحدة المقاومة والشعب في الميدان، وسجل ذاك العيد بطولات ومآثر كفاحية ستبقى خالدة في مسيرة الشعب الفلسطيني من أجل الاستقلال والعودة وحق تقرير المصير، تمكن شعبنا البطل من اجتراحها عندما حضن الصمود الشعبي الأداء العسكري المتقدم، وعززته وحدة القوى في الميدان.

ذلك ما كان في أعياد الأرض المحتلة، أما في الشتات، شعار عيدنا يوم عودتنا يتجدد مع كل عيد، مع كل نص يتحدث عن أعياد الفلسطينيين، منذ أن أطلقه شعبنا الفلسطيني بعد نكبته عام 1948، وعاد بقوة في المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، ليؤكد المؤكد أن الشتات الفلسطيني مهما حصل سيبقى متمسكاً بحق العودة ومهما طال الزمن وكثرت الخطوب، فيكتبون ليوم العيد:

العيـد يـوم إنّـا نعـود .. و تـرجـع فلسـطينــا

و نبنـي مجـد الأحـرار .. و نـزرع أراضينـا

و نكتـب تـاريـخ الأمـّـة .. و نتـذكّر ماضينـا

و نفتـح أبـواب الأقـصى .. لكـل المصلينــا

إن شاء الله العيد القادم نعيّد في القدس أو بالبلاد أو بالديار، عبارات التهاني التي يتبادلونها كخصوصية فلسطينية، وتقليد راسخ بالأعياد، يترافق مع العبارات الوطنية التي وجدت طريقها عبر مواقع التواصل بمنشورات مزينة بإعلام فلسطين وصور القدس والأقصى وقبة الصخرة وبمختلف الرموز الفلسطينية الأخرى،  فالعيد الحقيقي بالنسبة للفلسطينيين هو يوم النصر على الصهيونية، يوم يعود اللاجئون إلى قراهم ومدنهم التي هجّروا منها، وهذا العام يأتي العيد في ظروف الدفاع عن المقدسات وسط هجمة صهيونية شرسة عسكرية بوليسية استيطانية يسيل فيها الدم الفلسطيني غزيراً، اقتحامات للمدن والقرى والمخيمات والبلدات الفلسطينية، واعتقالات واغتيالات، وهجمات المستوطنين على الممتلكات والبيوت و وحرق الحقول، محاولاً حرمان أطفال فلسطين من بهجة وفرحة العيد، لتملأ العيون دموع حزن وبكاءً على مآس تصنعها آلة دماره، تريد أن تنال من فرحة العيد التي لن تغتالها فاشية العدو رغم الدم الذي يسيل لأن فرحة الأمل بالنصر إرادة فلسطينية، تبرز عقب كل جولة صراع لما يتمكن المقاومون والمنتفضون من التصدي لقوات الاحتلال باقتدار وشجاعة محبطين ما يرمي له العدو.

في أول يوم عيد كان الزجال الشعبي راجح السلفيتي داخل زنزانته يروح ذهاباً وإياباً، وقف قرب باب الزنزانة وتشبث بقضبانها، قال أحد زملائه ( بكره العيد يا أبو أحمد) وخرجت من فمه كلمة «أووف» طويلة ومؤثرة، ومعبرة عن مدى الوجع الذي يحسه بهذهِ المناسبة وهو بعيد عن أسرته، وتساءل:  دخلك شو العيد؟. وراح الراجح يدندن، وأحد زملائه يسجل على الورق، ومن هذه الأهزوجة:

العيد بكـره العيـد طـل العيـد .. كلمة على لسان الزغابـة والكبـار

شو العيد شو بتعنوا بكلمـة عيـد ... الهـا تفاسيـر ومعـانـي كـثـار

العيـد للأطفـال ثـوب جديـد ... لعب هدايا ضحـك ملـو الـدار

العيد عيد النصر عالباغـي البليـد ... يحطم قيوده بانعتاقه مـن الإسـار

عيد الفدائي المؤمن ببـذل المزيـد ... هدفه الشهادة أو بلـوغ الانتصـار

العيـد لفلسطيـن عهـد جديـد ... وتجمـع شعبهـا بعـد الانتشـار

وتوحيد شعوب العرب أكبر عيـد ... ونعيش فـي أجمـل وطـن أحـرار

لو يسألو شو العيد يـا إم الشهيـد ... بتسمع جواب وصدى يهدر من بعيد

وكذلك هم الأسرى الذين يقضون العيد خلف قضبان السجن بعيدين عن الأهل والأحباب والأبناء، ويأتي زمن العيد، يتخيل الأسير صورة أطفاله وهم ينتظرونه في ليلة العيد، والدمع ينهمر من أعينهم شوقاً إليه، فكيف تكون فرحة الأطفال بالعيد؟.‍ فهذا الشاعر عمرو خليفة النامي الذي كتب قصيدته (يا ليلة العيد) وهو بين قضبان السجون يصوّر فيها ما يعانيه هو وأحباؤه من مأساة الظلم والطغيان:

يا ليلة العيد كم أقررت مضطربًـا.. لكن حظي كان الحــزن والأرق

أكاد أبصرهم والدمع يطفر مـن  .. أجفانهم ودعاء الحـب يختنـق

يا عيد، يا فرحة الأطفال ما صنعت .. أطفالنا نحن والأقفـال تنغلـق

ما كنت أحسب أن العيد يطرقنا .. والقيد في الرسغ والأبواب تصطفق

أرق المشاعر وأنبلها مشاعر معتقل في سجون الاحتلال يسمع تكبيرات العيد، تثور في أعماقه ذكريات الطفولة وفرحتها بالعيد، فكيف لشاعر أسير مرهف الإحساس يتصور أطفاله ينتظرونه ليعايد عليهم ولا يستطيع والقيود في يديه؟. يقول الشيخ إبراهيم عزت في يوم العيد:

اليومَ عيد

قد عشتُ فيه ألفَ قصةٍ حبيبةِ السِّمات

أردِّدُ الأذانَ في البُكور

أراقبُ الصغارَ يمرحونَ في الطريقِ كالزُّهور

وهذه تحيةُ الصَّباح

وهذه ابتسامةُ الصديقِ للصديق

الكلُّ عائدٌ بفرحةٍ تطلُّ مشرِقة

من الشفاهِ والعيون

ودارُنا ستنتظر

صغيرتي ستنتظر

والشُّرفةُ التي على الطريقِ

تسمَعُ الصدور

تعزفُ الأشواقَ

تعصِرُ الأسى

هشامُ لن ينام

قد كان نومه على ذراع والده

نهادُ لن تذوقَ زادَها

لأنها تعوّدتْ أن تبدأَ الطعامَ من يدِ الأسير

شريكةُ الأسى بدا جناحُها الكسير

تُخَبِّئُ الدُّموعَ عن صغارِها

وحينما يلفُّها السُّكون

سترتدي الصَّقيع

كي تقدّمَ الحياةَ للرضيع

 ومهما تحدثنا عن فرحة العيد أنها صلابة وتحد للاحتلال، تبقى فرحة أهل الأسير منقوصة لغياب أسيرها يستشعرون معاناته خلف القضبان، ولاسيما أم الأسير بحنانها المعهود، يصف الطاهر إبراهيم ذلك حين يقول:

يا رب هذا العيد وافى والنفوس بها شجون

لبس الصغار جديدهم فيه وهم يستبشرون

بجديد أحذية وأثواب لهم يتبخترون

ولذيذ حلوى العيد بالأيدي بها يتخاطفون

وهناك خلف الباب أطفال لنا يتساءلون

أمي صلاة العيد حانت أين والدنا الحنون؟

إنا توضأنا -كعادتنا - وعند الباب (أمي) واقفون

زفرت تئن وقد بدا في وجهها الألم الدفين

ورنت إليهم في أسى واغرورقت منها العيون

العيد ليس لكم أحبائي فوالدكم سجين

عبر ناجي العلي من خلال رسومه الناقدة، عن العلاقة بين العيد والثورة، فقيام الاحتلال بهدم بيوت الفلسطينيين لن يقتل الأمل في نفوسهم الأبية ولن تصمت الأغاني، فأغنية العيد ترتبط بالوطن وبيوته الصامدة في وجه الدمار، كان حنظلة يكتب على تلك اللوحة:

اليوم الوقفة وبكره العيد.. وبدنا نعمِّر بيت جديد

بنكتب صَمَدَ على الباب..وع الجدران نرسم بواريد

قبل النكبة الفلسطينية كانت فرحة أطفال فلسطين بالعيد لا تكتمل إلا بالاستهزاء من المندوب السامي البريطاني في فلسطين، أغنية طالما رددها أطفال غزة وهم على الأرجوحة:

طيري وهدي .. يا وزة

ع بلاد غزة .. يا وزة

قطف العنب.. بالسلة

مقطوف مقطوف ..

آمنة يا معطارتي ... بنت حارتي

آمنة دقت الكبة ..

آمنة انزلت على الشركة البركة.. يا خالو

لقيت خواتي الستة .. يا خالو

لقيت مندوب الازعر .. يا خالو

عما يمشي او بتكعور ...يا خالو

وتتذكر الشاعرة فدوى طوقان العيد أيام الطفولة في يافا وغيرها من مدن فلسطين التي استولى عليها المحتل الغاصب، وعمل على حرمان أهلها من الابتسامة وفرحة العيد:

أترى ذكرتِ مباهج الأعياد في (يافا) الجميلهْ؟.

أهفت بقلبك ذكريات العيد أيام الطفولهْ؟.

إذ أنت كالحسون تنطلقين في زهوٍ غريرِ

والعقدة الحمراء قد رفّتْ على الرأس الصغير

والشعر منسدلٌ على الكتفين, محلول الجديلهْ

إذ أنت تنطلقين بين ملاعب البلد الحبيبِ

تتراكضين مع اللّدات بموكب فرح طروبِ

طوراً إلى أرجوحة نُصبت هناك على الرمالِ

طوراً إلى ظل المغارس في كنوز البرتقالِ

والعيد يملأ جوّكن بروحه المرح اللعوبِ

رغم ظروف الاحتلال وممارساته العدوانية تستمر تقاليد العيد التي تدخل البهجة إلى النفوس، ومنها العيدية التي تدخل الفرحة لقلوب الجميع، ولا تترك أحداً يستعد للفرح ولا ينال نصيبه، هذا حال العيدية في أغنية العيد روّح ع حيفا:

والعيد رَوّح ع حيفـا ... جاب الخُرج مليانّه

فرّق على بَنَاتُه ... وخلّى العروس زعلانَه

لا تزعلي يا عروس ... بَعْدَه الخُرج مليانّه

وإحنا بنات العيد ... والعيد أبونا

أجو شباب البلد ... تـَ يخطبُونا

ويطرح زجّال وجهة نظره، في فرحة العيد وحقيقتها لمن وقعت بلاده تحت الاحتلال، ولاسيما أنه محتل من نوع فريد، عنصري وفاشي ودموي إحلالي يقتل ويدمر ويهجّر السكان من بيوتهم: 

قالوا اجا العيد

قلت العيد لعوادو

شو بينفع العيد للي محتلة بلادو

العيد يا يُما لما بلادنا بتعود

وأرجع ع أرض الوطن

ويفرح ولادو

تجمعنا مع الشعوب العربية وحدة المصير والهدف المشترك، لكن حال العيد ومشاعر العيد في فلسطين تختلف من حيث التفاؤل والأمل والرغبة في الحياة رغم الدمار، قد لا يشبه الحالة العربية المتضامنة مع نضال الشعب الفلسطيني، وهم بعيدون يستشعرون حزن المدينة المقدسة تحت الاحتلال، يقول الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي:

من أين والمسجد الأقصى محطمة

آمالـه وفؤاد القـدس ولهـا؟

من أين نفرح يا عيد الجراح وفي

دروبنا جدر قامـت وكثبـان؟

وكلما عاد العيد يتذكر بعض الشعراء عار الأمة، ورمز ضعفها، بقاء القدس تحت الاحتلال، ينتهك المحتلون حرماتها، لذلك يكون طعم حلوى العيد مراً، يقول الشاعر عمر بهاء الدين الأميري:

يمـرُّ علينا العيـدُ مُـرَّا مضرَّجـاً .. بأكبادنا والقدسُ في الأسْـرِ تصـرخُ

عسى أنْ يعـودَ العيـدُ باللهِ عـزّةً .. ونَصْـراً، ويُمْحى العارُ عنّا ويُنْسَـخُ

ويشكو الشاعر عمر أبو الريشة ضعف الأمة ويتمنى أن ينجلي ليل الاحتلال عن المدينة المقدسة لتنتهي أحزانها ويعود للمجد ابتسامته:

يا عيـدُ ما افْتَرَّ ثَغْرُ المجدِ يا عيد .. فكيـف تلقاكَ بالبِشْـرِ الزغـاريـدُ؟

يا عيدُ كم في روابي القدسِ من كَبِدٍ .. لها على الرَّفْـرَفِ العُلْـوِيِّ تَعْييــدُ؟

سينجلـي لَيْلُنا عـن فَجْـرِ مُعْتَرَكٍ .. ونحـنُ في فمـه المشْبوبِ تَغْريـدُ

على أن اليأس من حال الأمة قد بلغ حد الحسرة من التفرق والخصام والتشتت التي أورثت الضعف، ومكّن الاحتلال من البقاء جاثماً فوق الصدور، ومادام الأمر كذلك فالأحزان مقيمة لا ترحل ولا مكان لفرحة العيد، والأفضل أن يرحل ولا يأتي إلا بعد جلاء المستعمر، فيخاطب الشاعر محمد المشعانُ العيد يدعوه للرحيل قائلاً:

ماذا تقول لهذا العيد يا شاعر؟ .. أقول: يا عيد ألق الرحل أو غادر

ما أنت يا عيد والأتراح جاثمـة .. إلا سؤال سخيف مرَّ بالخاطـر

ما أنت يا عيد والعربان قد ثكلوا .. جمالهم والمراعي وانتهى الماطر ؟

ما أنت يا عيد في قوم يمر بهـم  ..ركب الشعوب وهم في دهشة الحائر

والفرحة عند حسن البحيري أن يرى وطنه سعيداً معافى من الجراح عند ذاك يقبل التهاني بالعيد:

يُهنئِّنُي بالعيدِ منْ ظنَّ أنَّ لي...سوى برءِ أوطاني الجريحةِ عيدا

أَرَى الشَّرقّ مَطْوِيَّ الفُؤادِ عَلى الأسَى...فَلا عيدَ إلَّا أنْ أراهُ سَعيدا

أن تكوم فلسطينياً يعني أن تعتاد الموت، ارتقاء قوافل الشهداء والجرحى والتعرض للاعتقال، والحصار، والحواجز، وهدم البيوت، وتخريب الممتلكات؛ وعليه فإنه فرحة العيد مزيج من مشاعر الحزن والغضب والأمل، ولا تصفو الفرحة من شوائبها إلا بزوال الاحتلال ورحيله لنحتفل ببهجة كاملة بعيد الأعياد، لذلك يرد الضيف من اللاجئين الفلسطينيين في الشتات على تقديم ضيافة العيد وحلواه بالقول: بالعودة، وفي الأراضي المحتلة، يقولون: بالنصر.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت