- معتز خليل
بات واضحا إن هناك عدد من الأهداف الاستراتيجية التي يرغب الرئيس محمود عباس أبو مازن في تحقيقها من وراء الزيارة التي قام بها اليوم إلى مخيم جنين ، خاصة في ظل حساسية التوقيت ودقته والأهم وجود عدد من العوامل السياسية المهمة التي سبقت وتزامنت مع هذه الزيارة.
ما الذي يجري ؟
خلال الساعات الماضية أعلن الرئيس محمود عباس أبو مازن عن زيارته إلى مخيم جنين ، وهي الزيارة التي تأتي تزامنا واستباقيا مع :
1- حملة عسكرية إسرائيلية في المخيم ، وهي الحملة التي أسفرت عن استشهاد ١٢ فلسطينيا
2- إصابة ١٢٠ آخرين الأمر الذي يعكس شراسة الحملة الإسرائيلية ودقتها
3- تعرض عدد من قيادات حركة فتح مثل محمود العالول وعزام الآحمد إلى اعتداء في مخيم جنين
4- ألغى أبو مازن لقاءاته مع ممثلي التنظيمات والسكان في جنين لأسباب وصفتها دوائر إسرائيلية بالشخصية، وبالتالي فقط اقتصرت الزيارة على التواجد في المقابر وإجراء جولة سريعة في المخيم
5- تزامن هذه الزيارة مع تصريحات أطلقها نائب رئيس المكتب السياسي في حركة حماس صالح العاروري الذي أعلن عن مواصلة المقاومة ضد الاحتلال وسط صدور تقديرات موقف غربية الكثير منها يزعم ويحذر من قوة العاروري وسعيه إلى السيطرة على الوضع في الضفة الغربية لخدمة مصالح محور حزب الله وإيران.
6- تصاعد حده ما يمكن وصفه بالمناوشات السياسية بين السلطة وبعض من الفصائل على هامش قضايا سياسية ، وهي القضايا التي تطرح قضية إثارتها الكثير من التساؤلات بشأن التوقيت والسبب ولماذا تثار عقب عملية جنين مثلا؟
7- تزامن كل هذه التطورات أيضا مع دعوة القاهرة لاجتماع تعقده الفصائل الفلسطينية لوضع حد للكثير من الأزمات والمشاكل ومحاولة الوصول إلى حل سياسي للصراع المشتعل الآن سياسيا.
تقدير استراتيجي
الواضح ومن خلال ما سبق أن الرئيس الفلسطيني ومن خلال هذه الخطوة المتمثلة في زيارة المخيم يرغب في :
1- اثبات قوة الشرعية السياسية التي يستمدها الرئيس محمود عباس من منصبه كرئيس ، فالشرعية السياسية تفرض عليه التصدي لإهانة قيادات كبيرة بحجم أبو جهاد ، وللعلم هو والد شهيد، وهو موقف يسعى الرئيس عباس إلى ترسيخه في الشارع الفلسطيني له وللقيادات السياسية الفلسطينية
2- تمثل هذه الزيارة المواجهة الأبرز مع الجيل الثائر في جنين ، وهو الجيل المولود بعد حقبة أوسلو والذي لا يعترف الكثيرين منه بهذه الاتفاقية ويرفضون حتى الإملاءات السياسية والاستراتيجية التي تفرضها على السلطة
3- التأكيد على أن السلطة لها واجبات على الشعب ، ويحصل الشعب في المقابل على حقوقه وفقا للطبيعة السياسية المفروضة في ظل المصاعب الاقتصادية والسياسية التي تعيشها السلطة يوميا.
بالطبع فإن هناك بعض من التغيرات التي حصلت في برنامج الزيارة والتي تعكس تطورا مهما ، منها إلغاء الاجتماع مع القيادات الشعبية والسياسية بالمخيم ، وهو أمر يأتي في النهاية لعدم الخوض في غمار الكثير من الجدال الشعبي الذي يمكن استغلاله بصورة سلبية خاصة مع تربص الكثير من القيادات الفصائلية للسلطة في هذا الوقت الحساس.
مناوشات
عموما بات واضحا أن هناك حملة غير طبيعية تسيطر عليها مناوشات سياسية ، وهي المناوشات التي تسمح بها جهات في السلطة بل وتمررها ومن السهل تفسير ذلك بأن السلطة مستفيدة من كل هذه المناوشات، لأنها تحمل ضمنيا ثقة في قدراته وعدم اكتراثه بالنيل منه تلميحا أو تصريحا، وتنطوي على إشارات جيدة بأن الفضاء الفلسطيني العام يستوعب جميع الأطياف بلا تمييز بين توجهاتها السياسية، ولا يوجد ما يزعج السلطات جديا، لأنه يمكن نكء أي ملف من ملفات البعض ممن يزعمون المقاومة رغم وجود ملفات لهم تنتقدهم السلطة بموجبها وترى إن الإعلان عنها يكفي للإعلان عن إنهاء مستقبل بعض الساسة بل والفصائل نهائيا.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت