- المحامي علي ابوحبله
وسط مئات المبادرات والاجتماعات التي قادتها الكثير من الدول العربية، باءت كل محاولات التوصل إلى حل يرأب الصدع وينهي الانقسام الفلسطيني بالفشل، على مدى ما يقارب ستة عشر عاما
لا تزال هناك تساؤلات مطروحة على الساحة الفلسطينية عن المستفيد الأول من انقسام فتح وحماس، وفشل جهود تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام وآخر تلك المحاولات اجتماع الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحماس في تركيا برعاية الرئيس التركي أردفان
ويبقى السؤل ؟؟؟؟؟ لماذا لم تنجح الجهود كافة في وضع حد لهذه القضية، ويختلف المراقبون كل حسب انتمائه، في تحليل أسباب استمرار الانقسام، كما يلقِ كل طرف اللوم على الطرف الآخر، لكنهم اتفقوا جميعًا على أن إسرائيل المستفيد الأول من هذه الحالة، وشددوا على ضرورة رأب الصدع وتحقيق الوحدة الداخلية كطريق واحد لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وضرورة الانتقال من السلطة إلى ألدوله وفق قرارات الشرعية الدولية
الانقسام في محصلته وتداعياته يصب لمصلحة الاحتلال الإسرائيلي، وسبق أن تحدث نتنياهو بأن تكريس الانقسام إستراتيجية تهدف إلى منع إقامة دولة فلسطينية، بل والوصول إلى انفصال ما بين الضفة وقطاع غزة، لضرب المشروع الوطني وإنهاء أي أمل لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، مؤكدًا أن الانقسام يعطي جوائز مجانية لإسرائيل من خلال إضعاف الموقف الفلسطيني.
ومنذ بداية الانقسام، بل وقبله، كانت هناك محاولات من قبل مصر من أجل الوصول إلى ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني بما ينسجم مع التأكيد على ثوابت الشعب وحقوقه، المتمثلة بحق عودة اللاجئين وتقرير المصير وإقامة دولة مستقلة على قاعدة الشرعية الدولية والقانون الدولي، للوصول الى حق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطين مستقلة على قاعدة قرارات الشرعيه الدولية وقرار التقسيم 1947 والذي اكسب ألدوله الفلسطينية شرعيه على اثر اغتصاب فلسطين ومنح الكيان الصهيوني صفة دوله على الأرض الفلسطينية بموجب وعد بلفور المشئوم
المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام تتطلب جديه حقيقية وإرادة جادة وقرار سيادي ، يفضي إلى إنهاء كل ما له علاقة بتغليب المصالح الفئوية الحزبية والفصائلية و الشخصية والذاتية الضيقة على المصلحة الفلسطينية، وهذا يتطلب من كافة القوى الارتقاء لمستوى مسؤولياتهم للوصول إلى مرحلة تحصين الحقوق وحماية القضية الفلسطينية من محاولات تذويبها والانقضاض عليها والتنكر لكافة الحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني
إسرائيل حقيقة تدرك أن وحدة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال يؤلمها ويدفعها للتخلي عن طموحها ألتهويدي والاستيطاني للضفة الغربية ، ما يدفعها للعمل على ضمان استمرار الانقسام وعدم تحقق الوحدة، كما أن هناك أطرافا عربية تستفيد من الانقسام كونها تسير في فلك القضية الفلسطينية، وتريد ترتيب علاقاتها مع أمريكا والاحتلال والغرب، من أجل الحفاظ على مكاسبها الشخصية، حيث تشكل وحدة الشعب الفلسطيني خطرًا على استمرارهم في الحكم.
كانت التطلعات إلى اجتماع الأمناء العامين للقوى والفصائل الفلسطينية في العلمين في القاهرة للوصول للحد الأدنى من التفاهمات والقواسم المشتركة ، لكن للأسف الاجتماع بحد ذاته ومخرجاته استنساخ لاجتماعات سابقه وسياسة مكانك سر دون الأخذ بعين الاعتبار لأيا من تلك المبادرات السابقة واللاحقة أو الاهتمام بها ولا حتى وضعها على جدول اجتماع الأمناء العامين وكانت جلسة الاجتماع بحيثياتها ومخرجاتها بروتوكوليه ولم يعرض سوى التكرار لاجتماعات سابقه مما يعمق الخلافات ويزيد في حدة الانقسام
كل المبادرات لمحاولات الإنقاذ الوطني ليست سوى سلسلة مبادرات سبق وأن أطلقت من قبل قوى وفصائل ومؤسسات مجتمع مدني منذ الانقسام الفلسطيني 2007 ولغاية اليوم حيث يزداد النظام السياسي الفلسطيني سوءا على سوء دون أن نلمس موقف جدي من الجهات المسؤوله والمتنفذه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وخاصة من قبل حماس وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية وعلى رأسها الحركة الأم " فتح " حتى بات الخلاف يضرب الفصيل الواحد والتنظيم الواحد دون أن نلمس جديه لتوحيد الصف الفلسطيني والخروج من مأزق المعاناة
إن أجندة إصلاح جذري من الداخل هذه، من نوع "السهل الممتنع" كما يقال. فهي منطقية وعقلانية وملحة، وفيها مصلحه وطنيه ملحه تقتضيها مقتضيات المرحلة ألراهنه ومفصلية تاريخيه للحفاظ على ديمومة القضية الفلسطينية وتصويب أولوية الصراع مع الاحتلال ، ولكن إمكانية الانتقال بخطة وطنيه من القول إلى العمل عصية على ضوء ما ندركه من واقع، وما نعهده من إرادة وعزيمة ضعيفة للإصلاح. ولذلك فأجندة إصلاح جذري من الداخل، أجندة طموحة بالرغم من كونها مستحقة منذ زمن. وهي اليوم مخرج وطني من مسار الضياع الذي بتنا عليه من صراع على المصالح ضمن الأجندات ألمصلحيه التي تبعدنا عن الصالح العام الفلسطيني ، كما أنها السبيل لمواجهة المشكلات والإشكاليات المزمنة والمتزايدة والتي أصبحت تهدد استقرار الوضع الداخلي الفلسطيني وتنذر بتفكيك النظام السياسي إذا استمرت تلك الحالة التي بتنا عليها وتداعيات مسارها تقودنا للخطر
الحركة الوطنية الفلسطينية في أزمة. فالدولة الفلسطينية السيادية المستقلّة التي كانت هدف هذه الحركة منذ أكثر من ثلاثين عاماً قد لا تنشأ أبداً ونهائياً في ظل تعنت وتعصب وحقد اليمين الصهيوني الفاشي وتنكره لكافة الحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني . وبفعل سياسات وممارسات حكومة اليمين الفاشية التي يرئسها نتني اهو والتنكر لكل الاتفاقات والمعاهدات مع منظمة التحرير أصبحت اتفاقيات أوسلو من الماضي ، وأن مجموعة الاتفاقات الفاشلة المصمَّمة لتسهيل تحقيق سلام عن طريق التفاوض أصبحت عبئاً ضخماً ومصدر التباس، إذ حجزت المؤسّساتِ الفلسطينية في نظام من التعاون مع عملية مختلّة الوظيفة تسمح بنزع ملكيات شعبها تدريجياً. وعلى الرغم من التحديات المتزايدة والمتضافرة التي تولّدها الحكومات الإسرائيلية اليمينية المتعاقبة، والآن مع إدارة بايدن والدعم الذي تقدمه لإسرائيل ، يبقى الكيان السياسي الفلسطيني ضعيفاً ومُنقسماً جداً ليواجه هذه التحديات ويعيد توجيه نفسه لإتباع أجندة وطنية جديدة. بالتالي، على الفلسطينيين ترتيب أمورهم الداخلية فوراً. ويبدأ ذلك عبر التخلّص من الالتباس الذي يلفّ المؤسّسات والتمثيل والعلاقات الفلسطينية نتيجة اتفاقيات أوسلو. وهنا لابد من مبادرة لإنقاذ الوضع الفلسطيني تقودها حركة فتح وكل القوى الوطنية والاسلاميه لإعادة تنشيط الحركة الوطنية كي تخدم الصالح العام ووضع رؤية واضحة جامعة للمستقبل تقود للخروج من السلطة إلى ألدوله ضمن رؤيا استراتجيه جامعه لمواجهة حكومة اليمين الفاشية والاشتباك السياسي مع هذه الحكومة عبر كافة المحافل
وأي خطة وطنيه جامعه تتطلب الوضوح المؤسّساتيّ: فصْل السلطة الوطنية الفلسطينية عن منظّمة التحرير الفلسطينية؛ منع المسئولين من تبوء منصب قيادي في كلتا المؤسّستَين؛ توضيح أدوار السلطة الفلسطينية ومنظّمة التحرير الفلسطينية ووضعهما، واستعادة منظّمة التحرير الفلسطينية الأسبقية في مجال السياسة الوطنية وصنع القرارات.
والمصالحة بين الفصائل الفلسطينية على مستوى منظّمة التحرير الفلسطينية من خلال إصلاح النظام السياسي ويشمل الانتخابي وإجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن؛ إعادة هيكلة منظّمة التحرير الفلسطينية لتكون أكثر تمثيلاً؛ إنشاء مساحة عامة لتبادل الأفكار والبرامج السياسية.
ومن خلال منظّمة التحرير الفلسطينية، إجراء إعادة تقييم وموضعه للعلاقة الفلسطينية مع إسرائيل خارج إطار عمل أوسلو بالارتكاز على عدم التعاون؛ التفكير في إعادة تحديد طبيعة النظام الإسرائيلي والموقف الفلسطيني ضمنه.
نعم هناك خطر وجودي يهدد القضية والشعب والأرض، وهو يوفر قاسمًا مشتركًا أعظم لتوحيد الفلسطينيين وتوحيد جهودهم والتوصل لقاسم مشترك وبرنامج وطني وحدوي وهذا لا يتحقق إلا إذا توفرت الإرادة اللازمة، ولن يختفي هذا الخطر إذا سقطت حكومة نتني اهو الفاشية الحالية ، حكومة الحسم والضم السريع للضفة وتصفية القضية، وحلت محلها حكومة برنامجها الضم والقضم المتدرج، وتسعى أيضًا بشكل آخر إلى تصفية القضية الفلسطينية من مختلف أبعادها، لمجرد أنها تتحدث عن انفصال سياسي عن الفلسطينيين ضمن صيغة حكم ذاتي مع استمرار التحكم فيهم فوق الأرض وتحت الأرض وعلى الحدود وفي كل شيء.
وهذا يتطلب من كل الحريصين على الوحدة الوطنية والقضية الفلسطينية ضرورة التحرك الجاد والفعلي وعلى قاعدة التعددية والشراكة السياسية لإنهاء الانقسام واعتماد رؤيا استراتجيه وطنيه تخرج القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني من حالة الجمود بفعل الانقسام
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت