السلاح الذي تخشاه إسرائيل

بقلم: حمزة جمال حماد

مقاعد الدراسة في جميع محافظات قطاع غزة.jfif
  • حمزة حماد
  • صحفي من غزة

في هذا الصباح ذهب الآلاف من الطلبة إلى مدارسهم التعليمية احتفاءً بالعام الدراسي الجديد، انطلاقًا نحو حياة مشرقة يسودها الطموح والجد والاجتهاد والمثابرة على طريق الفوز بمستقبل أفضل. هذا الصباح الذي تجددت فيه روح الأمل والتفاؤل، ورفعت فيه الروح المعنوية، وشحذت فيه الهمم، للحصول على أعلى المستويات والدرجات العلمية.
فلا يسعني إلا أن أهنئ طلابنا في غزة، والضفة، والقدس العاصمة الأبدية، الذين أصروا أن يصنعوا فجرًا جديدًا مع بداية عامهم الدراسي، لينتصروا إلى حقهم في التعليم، رغم كل الظروف والتحديات الصعبة التي تواجههم في حياتهم العامة لا سيما اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي وفاشيته التي طالت المدارس وحق أبنائنا في التعليم.
طلابنا الذين سلكوا دروب العلم، يدركون تمامًا أنهم ماضون في مشوار مليء بالصعوبات إزاء الواقع المعاش، إلا أن الأعداد الكبيرة من الطلبة التي افتتحت هذا العام الدراسي والتي تقدر مليون وأربعمائة ألف طالب وطالبة من رفح إلى جنين وفي العاصمة القدس، تؤكد أن الإنسان الفلسطيني قادر أن يحقق نجاحًا مبهرًا. حيث توزعت هذه الأعداد، 915 ألفا و327 طالبا/ة في المدارس الحكومية، و342 ألفا و955 طالبا/ة في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».
يستهدف العدوان الإسرائيلي المتواصل على شعبنا، المدارس الفلسطينية في رسالة مقصودة لإضعاف التعليم، باعتباره سلاحًا تنهض به الدولة والأمة، وهنا استحضر مقولة مشهور لأحد الأساتذة الجامعيين في إحدى جامعات جنوب أفريقيا: «تدمير أي أمة لا يحتاج إلى قنابل نووية أو صواريخ بعيدة المدى.. لكن يحتاج إلى تخفيض نوعية التعليم». فتشمل ممارساته الإجرامية: (عدوان متكرر على قطاع غزة يتم خلاله قصف المدارس بشكل متعمد، والاقتحامات اليومية للمدارس وهدمها خلال اقتحام المدن والقرى بالضفة بذريعة عدم الترخيص وغيرها من الحجج الواهية، وتهويد النظام التعليمي بالقدس من خلال منع ميزانيات عن مدارس تُدرس المنهاج الفلسطيني، وإلغاء المواصلات المدرسية فيها، وسحب التراخيص من بعض المدارس بزعم احتواء مناهجها التدريسية على «تحريض خطير». وفق وصفه
أصبح مُعلوم لكل الأطراف الراعية والداعمة لحق التعليم في الأراضي الفلسطينية أن الاحتلال يقصد بممارساته تعطيل الحياة العامة على الفلسطينيين وتضييق الخناق عليهم في مناحي حياتهم المختلفة، كما أن استهداف حق التعليم لم يكن بمعزل عن العدوان الفاشي والعنصري الفاضح الذي يمارسه بحقه شعبنا، وبالطبع تحقيق هذا الهدف للاحتلال ينسجم مع خططه الاستعمارية في الأرض الفلسطينية التي تقوم على الضم والحسم وفرض السيادة الإسرائيلية.
ورغم كل شعاراته، إلا أن الاحتلال أصبح مكشوفًا أمام العالم بمواصلة دمويته بحق الأطفال الفلسطينيين، حيث أعلنت اللجنة المشتركة للاجئين صباح اليوم أنه منذ بداية العام قد استشهد 42 طفلًا فلسطينيًا، منهم 35 في الضفة والقدس، و7 آخرين في قطاع غزة، لذلك هنا الحرمان لم يكن في حق التعليم فقط، إنما في حقهم في الحياة أيضًا. فهذا العدوان منافيًا لكل قوانين البشرية، وكل معاني الإنسانية، حيث تنص المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد عام 1948 على أن «لكل شخص الحق في التعليم». ومنذ ذلك الحين أقر الحق في التعليم في عدد من المعاهدات الدولية مثل: اتفاقية اليونسكو لمكافحة التمييز في مجال التعليم (1960)، والعهد الدولي الخاص بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (1965). فلا يكتفي القانون الدولي في منع الاحتلال من القيام بأعمال الاعتداء على المؤسسات الخاصة بالرعاية أو التعليم، بل إنما وجوب حسن تشغيل المنشآت المخصصة لهذا الأمر.
فالمدارس التعليمية سواء الحكومية أو التابعة لوكالة الغوث، فجميعها بحاجة إلى اهتمام وحماية ورعاية حقيقية، وتوفير الدعم المادي والمعنوي الكافي لها لتحقيق نتائج مرضية بما يعزز من قدرات طلابنا ويحفظ حقهم في التعليم النوعي والمجاني، والإجباري في ظل الصراع المفتوح مع الاحتلال، أسوة بباقي الحقوق الأخرى التي يحاول الاحتلال قتلها وسرقتها بسياساته العنصرية والفاشية.
ولطالما نتحدث عن انطلاقة جديدة، فالتعليم مسؤولية وطنية وأخلاقية، أقترح أن تركز الحكومة على الدراسة في الجانب التعليم المهني والتقني وتعزيز فكرة أهميتها وتسويقها في المجتمع تمهيدًا للدراسة الجامعية، وذلك لعدم الاصطدام بالواقع، وتحقيق انجاز يلاءم سوق العمل، والثورة التكنولوجية التي نواكبها تدريجيًا، ودعمه بتخصصات مناسبة ومطلوبة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت