أكّد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، مسؤول فرعها في قطاع غزّة، محمود الراس، أنّ "لقاءات قادة المقاومة لم تنقطع يومًا، واللقاء الذي جرى بين قادة حماس والجهاد والجبهة الشعبيّة في بيروت يأتي في سياقه الطبيعي، والعمل المشترك والتنسيق المتواصل لقوى المقاومة الفلسطينيّة".
وخلال حوارٍ مع صحيفة "عرب جورنال" تطرّق خلاله الراس إلى عدّة ملفات، رأى أنّ "لقاء بيروت الثلاثي يحمل العديد من الدلالات المكانية والزمانية والميدانية حيث جاء الاجتماع في بيروت عاصمة المقاومة من حيث خطت المقاومة أولى خطواتها نحو التحرير كمنجزٍ ملموس ونتيجة حتمية للمقاومة، وأيضًا جاء في الوقت الذي يتعرض أبناء شعبنا لهجمة احتلالية واسعة ضمن الهجمات المستمرة على شعبنا منذ أن وطأ أوّل إرهابي صهيوني أرض فلسطين والتي تتصاعد بهذا التوقيت مع توهم حكومة الإجرام الصهيوني بأنها تملك القدرة والصمت الدولي الذي يرى به العدو فرصة متاحة لتمرير مخططات الصم والتهويد وممارسة كل أشكال هلوساتهم التلمودية للإجهاز على الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم مع ما يمثله سوائب التطبيع من محلل عربي لهذه الممارسات الإرهابية الإجرامية".
ومن الدلالات أيضًا، بحسب الراس، أنّ "هذا اللقاء يأتي في ظل تصاعد عمليات المقاومة النوعية في عموم الضفة المحتلة، وفشل الاحتلال في كسر إرادة وعزيمة المقاومين والثوار في الضفة، ويأتي في ظل احياء شعبنا لذكرى محرقة ومجزرة صبرا وشاتيلا وأحداث مخيم عين الحلوة ليقول المجتمعون في هذا اللقاء المهم بأن المقاومة مسار آمن للوحدة والحياة وحفظ الوجود لشعبنا، وأنّ شعبنا يقاوم وعصي على التصفية والاقتلاع، وأمام ما تشهده مدن ومخيمات وقرى أهلنا بالضفة المحتلة من هجمات صهيونية إرهابية متصاعدة وسياسات تؤشّر لتصاعد هذه الهجمات استنادًا لطبيعة هذا العدو الفاشي ومخططاته الهادفة لحسم الصراع بالضفة المحتلة لصالح مشروعه الاستيطاني الإرهابي".
وأشار الراس، إلى أنّ "هذا اللقاء يأتي أيضًا في ظل مستجدات راهنة متسارعة على الصعد المحلية والعربية والدولية، أهمها قرب الوصول إلى اتفاق تطبيع معلن بين النظام السعودي والكيان الصهيوني"، مُؤكدًا أنّ "الاجتماع يؤكّد أنّ المقاومة جاهزة وموحدة في الميدان، ويشكّل الاجتماع استجابةً من المجتمعين لإرادة شعبنا في تأسيس جبهة مقاومة فلسطينية موحّدة، تقود نضالات شعبنا ومقاومته، وهي من أجل ذلك تتداعى وتلتقي بشكلٍ مستمر في إطار تعزيز التنسيق".
وبحسب الراس، فإنّ "هذا اللقاء وجه رسائل قوية بأنّ المقاومة محط إجماع شعبي ووطني، وأنّ القوى الثلاث من خلال هذا الاجتماع استجابت إلى نبض الشارع، الذي يجمع على خيار المقاومة وهو الطريق الوحيد لانتزاع حقوقنا، ووجه هذا اللقاء رسالة واضحة للاحتلال بأنّ عدوانك وجرائمك لن تمر ولن يقابلها شعبنا سوى بالمزيد من المقاومة، كما وجه اللقاء رسالة إلى المطبعين محذرًا النظام السعودي بأن تطبيع علاقاته مع الاحتلال سيكون مضيعة للوقت وربح صافي للاحتلال لن يجني من خلالها النظام السعودي إلا الويلات والخراب".
وحول التحديات التي تواجهها المقاومة الفلسطينية اليوم، قال الراس، إنّ "أولى التحديات وأخطرها التي تواجهها المقاومة الفلسطينية هي الحالة الشاذة التي نعيشها كشعب يرزح تحت الاحتلال وهي حالة الانقسام وتمسك جماعات المصالح من موقعي باتفاق أوسلو، هذا الاتفاق المشؤوم الذي لم يجلب لشعبنا سوى الانقسام والاستيطان وتجريف المشروع الوطني الفلسطيني من الداخل، وهذا الاتفاق الذي أجهزت عليه جرافات الاحتلال ومدرعات وآليات الاحتلال والمستوطنين، ولا زالت جماعات المصالح التي ارتبطت ونمت على ضفاف هذا الاتفاق تتمسك بالتزاماته الأمنية، وتمارس التنسيق الأمني والاعتقال والملاحقة لرجالاتها وشباب المقاومة طريقًا لحفظ مصالحهم، وباتت تمارس دور المحلل لسوائب المطبعين بحثًا عن مكاسب اقتصادية ومالية من هذه الاتفاقات، أما التحدي الثاني فهو مسارعة سوائب المطبعين إلى قطار التطبيع في عدوان علني على حقوق وثوابت شعبنا في محاولته لضرب العمق العربي للقضية ومقاومته، والتي تضرب الأمن القومي العربي للشعوب العربية وتجلب الإرهاب الصهيوني إلى داخل كل بيت ومدينة وقرية عربية بنفس الوتيرة التي تضرب أمن وحق شعبنا في مقاومة الإرهاب الصهيوني، لكننا نراهن على شعوبنا العربية، فمن يتغطى بالإرهاب الصهيوني والرضا الأمريكي عريان، وحتمًا ستقول الشعوب كلمتها وستكنس كل المطبعين المتساوقين مع الإرهاب الصهيوني تسولاً للرضى الأمريكي، ولنا بالشعب الليبي بالأمس مثل قريب".
أما التحدي الثالث، يكمل الراس: "هو السطوة والسيطرة الأمريكية بما ساهم في محاصرة القضية الفلسطينية وشرعنة جرائم الاحتلال، وهو ما اكتوى به شعبنا كما اكتوى به كل جموع المستضعفين حول العالم والشعوب المقهورة، وهذا أيضًا بات اليوم يشهد بدايات أفله مع ما تشهده من اهتزازات السطوة والسيطرة الأمريكيّة على العالم، والتحولات الجارية الساعية للتحرر من الأحادية القطبية نحو عالم متعدد الأقطاب"، مُشيرًا إلى أنّ "المقاومة الفلسطينية اليوم تعزز وجودها وعلاقاتها مع كل الشعوب العربية، وتملك ظهيرًا قويًا وفاعلاً وهو محور المقاومة الممتد من طهران مرورًا بالعراق واليمن وبيروت إلى القدس مركز الصراع وهوية المحور".
وحول التغيرات الدولية التي تشهدها في العالم، رأى الراس، أنّها "تمثّل رصيدًا إضافيًا لهذا المحور، كما قوى المقاومة، وما تشهده من اهتزاز إستراتيجي لمكانة وهيمنة أمريكا في المنطقة والعالم وإرهاصات تحرّر العالم من أحادية القطبية إلى عالم متعدد الأقطاب، يعطي قوى المقاومة الفلسطينيّة كما قوى محور المقاومة مساحات أوسع تؤسّس لمرحلة الزوال الحتمي لهذا الكيان، كما أنّ هذه التحولات كفيلة بإعادة من توهم بأنه يتغطى بالرضا الأمريكي إلى رشده، وإزاحة الفيتو الأمريكي عن طاولة المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، وما اجتماع القادة أبو طارق النخالة وأبو وديع وأبو محمد، إلّا خطوة على هذا الطريق، فأنتم تعلمون بأن شعبنا يقترب من الوحدة بقدر اقترابه من خطوط الاشتباك والمقاومة، حيث بحث القادة تشكيل جبهة مقاومة فلسطينية موحدة توحد جهود المقاومين في ميادين وساحات الاشتباك على طريق وحدة عمادها المقاومة".
أمّا بشأن تركيز الاحتلال عدوانه على جنين، أكَّد الراس، أنّ "جنين على الدوام شكّلت كابوسًا دائمًا للعدو الصهيوني ومن قبله راعيه الانتداب البريطاني منذ ثورة القسام، وعززه الصمود والفعل النوعي والكمي للمقاومة إبّان انتفاضة الأقصى، ورغم مجزرة جنين في عملية السور الواقي الإرهابية إلّا أن هذا المارد المقاوم بقى يخرج للعدو في كل ساحة وزمان، في زمن الفعل الذي استند لمبادرات الشباب الثائر زمن العمليات الفردية وصولاً لتمكن قوى المقاومة من إعادة بناء وتشكيلاتها المقاومة من كتائب ومجموعات ضاربة، وهو تحد دائم ومستمر للاحتلال خصوصًا مع تنامي هواجسه الوجودية مع ما باتت تمثله جنين من نموذج يتمدد لباقي المدن والمخيمات والقرى الفلسطينيّة ومع ما تشهده المقاومة هناك من تطور للأدوات والأداء والبنى المقاومة، وغزة لم تكن يومًا خارج معادلة الصراع، كما لم تكن يومًا خارج دائرة الاستهداف الصهيوني المستمر لشعبنا، وما تشهده هو تحرك طبيعي للشباب الثائر في شراكة أهلنا بالقدس ومدن ومخيمات وقرى الضفة في مواجهة الإرهاب الصهيوني المتصاعد، وهو الدور المكان الطبيعي لغزة، الذي يستوجب من قوى وفصائل المقاومة التوافق على الأشكال التي يمكن أن تشكّل إسنادًا وشراكة لأهلنا وشعبنا، وتجسد وحدة الساحات، ووحدة المقاومين في ميادين المواجهة والاشتباك".
وبالانتقال إلى ملف التطبيع السعودي، أشار الراس، إلى أنّ "مسلسل التطبيع المتواصل ما هو إلّا إخراج للعلاقات السرية لهذه الأنظمة مع الكيان الصهيوني من حيز السرية إلى العلن في إطار تسول هذه الأنظمة للرضا الأمريكي، وهذه الاتفاقات ترى بها الإدارات الأمريكية المتعاقبة ترياقاً تقدمه مع عبيدها بالمنطقة لمعالجة التشققات والأزمات التي بات يعانيها هذا الكيان الصهيوني بفعل مقاومة شعبنا ومقاطعة الشعوب العربية له، والتي أدت لتنامي هواجسه الوجودية، ومشاريع هذا الكيان وسياساته وهويته الإرهابية العنصرية بالمنطقة، ولم تكن تصريحات ولي العهد السعودي خارج هذا السياق، بل جاءت لتوسع دوائر إرهاب التطبيع وفتح أبواب العالم الإسلامي أمام هذا الكيان بما تمثله السعودية من مكانة دينية وبوابة للعالم الإسلامي".
وشدّد الراس، أنّ "كل ما جرى ويجري من اتفاقات تطبيع، ورغم ما تشكله من طعنة في خاصرة الشعب الفلسطيني وتشريع للإرهاب الصهيوني فإن مروحة أهدافه كانت على الدوام تهدف لفرص الاستسلام على شعبنا وهو هدف كان ولازال وسيبقى عصي على التحقق أمام مقاومة شعبنا وإصراره على انتزاع حقوقه وفكفكة وإزالة هذا الكيان عن أرضه. نعم تحدث بن سلمان عن تقدم بهذه المفاوضات التي تهدف لإيجاد المحلل الفلسطيني لهذا الاتفاق وضمان رضى ومظلة أمريكية لوصول بن سلمان لكرسي الحكم بالمملكة، وهذا استقواء على الداخل السعودي وشراء رضى البعض منه بملف النووي السلمي، ولكن كلما تصاعدت المقاومة وأدمت وجه كيان الإرهاب الصهيوني وحققت الانتصار بإلحاق الخسائر بمعداته العسكرية والتكنولوجية كلما اهتزت ثقة هؤلاء المطبعين بقدرة هذا الكيان على حمايتهم من شعوبهم وتعززت مناعة وثقة الشعوب بقدراتها على مواجهة آفة التطبيع".
وبيّن الراس، أنّ "هذه الاتفاقات جزء من العدوان على شعبنا ومقدساته وحقوقه، وما فشلت في تحقيقه آلة الإرهاب الصهيوني لن تستطيع آفة التطبيع تحقيقه مهما بلغت مكانة البلد الذي يسطو عليه المطبعون".
أمّا بشأن الحملة العربية والأوروبية لكسر الحصار عن قطاع غزة، قال الراس، إنّ "أيّة جهود على كافة المستويات تساهم في كسر الحصار على قطاع غزة، مهمة ومشكورة، رغم قناعتنا بأن مستوى التعاطي مع هكذا حملات في ظل الحصار الخانق المفروض على القطاع بشكل خاص وشعبنا بشكل عام ليس بالمستوى المطلوب، إضافةً إلى أن نفوذ الإدارة الأمريكيّة والكيان الصهيوني وسطوتهم على العالم والمؤسسات الدولية هو عامل إحباط تلك الجهود، ولكن أعتقد أن توسيع هذه الحملات وتبني أنشطة وفعاليات متنوعة ضاغطة على الاحتلال يمكن أن تؤدي إلى خلخلة الحصار رويدًا رويدًا، وتحقيق بعض الانفراجات، وفضح عنصرية وفاشية كيان الاحتلال، ولكن هذا الحصار لن يكسر إلا بزوال الاحتلال، وكنس آخر مستوطن عن أرضنا الفلسطينية، وبرأيي أن شعبنا وكل المتضامنين الناشطين في موضوع كسر الحصار عن شعبنا، بحاجة إلى ابتداع أشكال وأساليب ناجعة ضاغطة على الاحتلال، نستطيع من خلالها إحداث اختراق حقيقي في موضوع الحصار".