كشفت تقارير عبرية عن خططا يضعها مسؤولون أو باحثون سياسيون في إسرائيل لمستقبل قطاع غزة بعد تحقيق تل أبيب أهداف الحرب الدائرة، مِن بينها خطّة للسيطرة الأمنية على القطاع، وترك الإدارة المدنية للسلطة الفلسطينية.
ذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، في تقرير نُشِر يوم الإثنين، أن هناك خطة وضعتها الحكومة الإسرائيلية لما بعد الحرب، وأن الولايات المتحدة تبحث الآن معها إمكانية حل الدولتين (دولة فلسطينية مستقلّة بجانب إسرائيل) إذا استطاعت القضاء على حماس.
ممّا جاء في التقرير العبري:
- مضى أسبوع ونصف الأسبوع على الدخول البري إلى قطاع غزة، لكن لا توجد آلية لإنهاء الحرب.
- من الضروري أولا وقف القتال في القطاع بأكمله، وليس في الشمال فقط، وبناء على النتائج على الأرض، ستُقرّر إسرائيل مع الأميركيين والأمم المتحدة الترتيب الأوّلي للسيطرة على القطاع.
- وفي إسرائيل، من الواضح أن مثل هذا الترتيب يجب أن يشمل ليس فقط شمال قطاع غزة حتى وادي غزة، بل أيضا القطاع الجنوبي بأكمله، بما في ذلك منطقة رفح ومحور فيلادلفيا.
- يخطئ مَن يتصوّر أنّ الاحتلال والسيطرة وتقويض حُكم حماس وقوتها العسكرية في شمال غزة سيُحقق الهدف الأساسي لأمن إسرائيل.
- جنوب قطاع غزة يُمثّل مشكلةً في حد ذاته، والتي لا يزال يتعيّن على الجيش الإسرائيلي أن يأخذها في الاعتبار.
- تنظيم الحكم في غزة سيكون على أساس مسؤولين محليين وأفراد غير مرتبطين بحماس.
- في المرحلة الأولى، سيواصل الجيش الإسرائيلي والشاباك (جهاز الأمن العام) السيطرة على الأمن في قطاع غزة، لكن إسرائيل ليس لديها أي نيّة للسيطرة على القطاع، وطموحها هو الخروج من غزة في أسرع وقت ممكن، لكن بعد تحقيق الأهداف.
- ووفقا للفكرة الناشئة، ستكون هناك مرحلة أخرى أو مرحلتان من التسوية الدائمة في قطاع غزة تستمر لعدة أشهر.
- ستكون للسلطة الفلسطينية سيطرة مدنية على غزة، لكن "الشاباك" والجيش الإسرائيلي سيُسيطران على القطاع، ولديهما حرية العمل في مجالَي الاستخبارات والردع، كما هو الحال في منطقة (ب) في الضفة الغربية.
- يقترح الأميركيون أن تكون في هذه المرحلة قوة شرطة دولية غير أميركية في القطاع.
- على أطراف القطاع، ستكون هناك مناطق أمنية يمكن للفلسطينيين أن يُوجدوا فيها للعمل الزراعي، لكنهم لن يتمكّنوا من البقاء هناك لفترة طويلة، وبالتأكيد لن يتمكّنوا من حمل السلاح أو إقامة نقاط مراقبة.
- المرحلة الأخيرة ستكون مفاوضات سياسية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ربما في إطار مؤتمر دولي، هدفها التوصل إلى وضع وجود دولتين لشعبين، مع وجود ممر يربط بين غزة والضفة الغربية.
خطة واقعية؟
لا يثق المحلل الفلسطيني، نذار جبر، في مساعي إسرائيل لحل الدولتين، خاصة وهي ترهن ذلك بالقضاء على "حماس".
يقول نذار جبر لموقع "سكاي نيوز عربية" إن حديثها عن هذا الأمر "أعتقد أنه مقترح تشجيعي لتحصل على دعم دولي في حربها على غزة، وبعد تحقيق ما تريد تتنصل وتهرب".
يرى المحلل الفلسطيني أنها حتى لو صدقت في موافقتها على حل الدولتين، فالطريق لذلك وفق خطتها المطروحة سيفرغه من مضمونه على الأرض، مُستشهدا بهذه النقاط:
- حماس ليست منظّمة يمكن حلها أو القضاء عليها؛ فهي متوغلة بقوة داخل الشعب الفلسطيني.
- ومع ذلك، أتوقع أن "حماس" إذا رأت أن إسرائيل جادة في مقترح حل الدولتين بشكل عادل ستحل نفسها بنفسها.
- في تفاصيل التقرير المنشور، نرى أن إسرائيل ستكون لها سيطرة أمنية، إذًا أين حل الدولتين؟! الدولة المستقلة يجب أن تكون لها سيادة، وبالسيطرة الأمنية الخارجية أنت تنسف سيادة الدولة.
- الفلسطينيون سيرفضون بالتأكيد هذا المقترح؛ فهو غير واقعي، وإذا حاولت إسرائيل فرضه بالقوّة ستتفاقم الأوضاع.
- فكرة سيطرة إسرائيل على قطاع غزة ستكون صعبة ومهمة طويلة الأمد، والتغيّرات على الأرض ستُغيّر الأفكار بالتأكيد.
نتنياهو: إسرائيل ستتولى المسؤولية الأمنية لقطاع غزة "لفترة غير محددة"
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، نية تل أبيب تولي "المسؤولية الأمنية الشاملة لفترة غير محددة" على قطاع غزة عقب الحرب.
جاء ذلك خلال مقابلة تلفزيونية بثتها مساء الاثنين، شبكة "أيه بي سي نيوز" الأمريكية، علق نتنياهو خلالها على الدور الذي ستلعبه إسرائيل في قطاع غزة، بعد إعلان انتهاء الحرب المتواصلة على غزة منذ 32 يوما.
وقال: "أعتقد أن إسرائيل ستتحمل لفترة غير محددة المسؤولية الأمنية الشاملة، لأننا رأينا ما يحدث عندما لا نكون، عندما لا نتحمل تلك المسؤولية الأمنية يندلع إرهاب حماس على نطاق لا يمكننا أن نتخيله"، وفق تعبيره.
وكان وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت، كشف في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أن الحرب ضد غزة تتكون من 3 مراحل، تنتهي بـ"إنشاء نظام أمني جديد في قطاع غزة، وإزالة مسؤولية إسرائيل عن الحياة اليومية فيه، وخلق واقع أمني جديد لمواطني إسرائيل والمنطقة المحيطة بقطاع غزة"، دون تحديد نطاق زمني لإتمام هذه المراحل.
وعلى صعيد آخر، جدد نتنياهو رفض حكومته الالتزام بأي وقف لإطلاق النار في غزة، حتى للسماح بدخول المساعدات الإنسانية، ما لم تفرج حركة "حماس" عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها منذ 7 أكتوبر الماضي.
وقال: "لن يكون هناك وقف عام لإطلاق النار في غزة دون إطلاق سراح الرهائن لدينا"، معتبرا أن أي وقف لإطلاق النار "سيعيق المجهود الحربي، ويعيق جهودنا لإخراج الرهائن".
وفي السياق، زعم نتنياهو أن حكومته "منحت فترات توقف تكتيكية صغيرة لإيصال المساعدات، تتراوح بين ساعة وبضع ساعات"، دون تحديد متى تمت هذه الهدنات لتسهيل وصول المساعدات.
وتابع: "سوف نتحقق من الظروف من أجل تمكين دخول البضائع والسلع الإنسانية، أو رهائننا، ولكنني لا أعتقد أنه سيكون هناك وقف عام لإطلاق النار".
يذكر أن الرئيس الأمريكي جو بايدن رفض عدة مرات دعوات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وأغلبية المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار على نطاق واسع، وبدلا من ذلك دعا إلى "وقف إطلاق نار إنساني" على نطاق أضيق.
وفي وقت سابق، قال متحدث مجلس الأمن القومي الأمريكي إن الولايات المتحدة "تدعم فكرة أن قطاع غزة لن يكون تحت سيطرة حماس بعد الآن".
ويقول الجيش الإسرائيلي إن هناك 241 من مواطنيه أسرى في غزة منذ يوم 7 أكتوبر الماضي.
وبدورها تقول "حماس"، إنها على استعداد لإطلاق الأسرى مقابل إخلاء سبيل الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
ومنذ 32 يوما، يشن الجيش الإسرائيلي "حربا مدمرة" على غزة، استشهد فيها 10 آلاف و22 فلسطينيا، منهم 4104 أطفال و2641 سيدة، وأصاب أكثر من 25 ألفا آخرين، كما قتل 160 فلسطينيا واعتقل 2150 في الضفة الغربية، بحسب مصادر رسمية.